- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
استطلاعٌ جديد للرأي العام المصري يكشف عن عدم الرضا المستمر عن أداء الحكومة، ورفض نحو نصف المشاركين الاحتجاجات الجماهيرية، وآراءٍ متباينة حول العلاقات الخارجية
تُشير نتائج الاستطلاع الأخيرة في مصر إلى وجود فجوة بين الرأي العام والسياسة العامة، خاصة في ما يتعلق بالمخاوف الاقتصادية والعلاقات مع إسرائيل.
أظهر استطلاعٌ جديد للرأي العام المصري أجرته إحدى الشركات التجارية الإقليمية بتفويضٍ من "معهد واشنطن" في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 أن أكثر من نصف المصريين يعطون الأهمية نفسها للعلاقات مع الولايات المتحدة وروسيا، في حين أعربت الغالبية العظمى عن آراءٍ سلبية حول العلاقات مع إيران.
على الساحة المحلية، أدت على الأرجح الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في مصر إلى زيادة نسبة المصريين غير الراضين عن أداء حكومتهم في ما يخص المسائل الاقتصادية الرئيسية. إلا أن نصف المصريين المشاركين في استطلاع الرأي لا يؤيدون احتجاجات الشوارع. وتجدر الإشارة إلى أنه في إطار هذه المسألة، كما في المسائل الأخرى التي تطرّق إليها هذا الاستطلاع، لم تسجَّل أي اختلافاتٍ مهمة إحصائيًا بين ردود المصريين من الراشدين ما دون سن الثلاثين، وردود الجيل المصري الأكبر سنًا.
المصريون منقسمون بشدة في الآراء حول أهمية العلاقات مع الولايات المتحدة وروسيا، ويعتبرون العلاقات مع إيران غير مهمة
بالتوافق مع نتائج الاستطلاع الأخير الذي أُجري بين تموز/يوليو وآب/أغسطس 2022، أعرب المصريون عن آراءٍ متباينة حول أهمية العلاقات الخارجية. ويبدو أن الولايات المتحدة احتلّت الصدارة في هذا المجال، إذ أشار 57% من المستجيبين إلى أن هذه العلاقات مهمة "جدًا" أو "إلى حدٍ ما." وفي حين اعتبر نحو ثلاثة أرباع المصريين أن العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا سلبية "إلى حدٍ ما" على الأقل، ويعود ذلك جزئيًا إلى الأثر الذي تخلّفه هذه الحرب على حياتهم اليومية من خلال ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لا يزال 50% من المصريين يعتبرون أن العلاقات مع روسيا مهمة.
وتبرز هذه الآراء المتباينة أيضًا في موافقة 49% من المصريين المشاركين في الاستطلاع "إلى حدٍ ما" على الطرح التالي: "لا يمكننا الاعتماد على الولايات المتحدة في هذه الأيام، لذا علينا أن نتطلّع إلى الشراكة مع دولٍ أخرى مثل الصين أو روسيا." في المقابل، وبالتوافق مع الاستطلاع السابق، اعتبرت الغالبية العظمى من المشاركين (87%) أن العلاقات الجيدة مع إيران "ليست مهمة جداً" أو "غير مهمة على الإطلاق."
وعلى المنوال نفسه، وافق أكثر من ثلث المستجيبين (38%) على الطرح التالي: "بما أن إيران أوشكت اليوم على حيازة قنبلة نووية، فقد حان الوقت لتحذو دولة عربية حذوها أيضًا." والجدير بالملاحظة أن أكثر من نصف المصريين (60%) عارضوا هذا الطرح. وقد تعتمد ردود الفعل على هذا البيان على الخلفيات السياسية للمستجيبين، إذ يعتبر البعض أنه من الخطير حيازة تكنولوجيا مماثلة، في حين يرى البعض الآخر أن امتلاك القنبلة النووية ضرورةٌ أمنية وطنية.
آراءٌ سلبية حول اتفاقيات إبراهيم والعلاقات مع الإسرائيليين والانتخابات الإسرائيلية، وبعض الدعم لاتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل
مع أن مصر كانت الدولة العربية الأولى التي أقامت علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، ما زال المصريون يعارضون بشدة العلاقات مع إسرائيل أو الإسرائيليين. فلدى السؤال عن رأيهم إزاء اتفاقيات إبراهيم التي أبرمتها إسرائيل مع كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان، لم يعتبر إلا 12% من المستجيبين المصريين أن هذه الاتفاقيات خلّفت آثارًا إيجابية على المنطقة. وتوازي هذه النسبة تقريبًا تلك المسجلة في استطلاع تموز/يوليو وآب/أغسطس، في حين اعتبر 82% أن هذه الاتفاقيات خلّفت آثارًا سلبيةً "إلى حدٍ ما" على الأقل. وتعكس هذه المواقف الفجوة الكبيرة القائمة بين آراء الشعب المصري وسياسات حكومته في هذا الصدد. وفي المقابل، اعتبر عددٌ أكبر من المصريين أن اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي أُبرم مؤخرًا بين إسرائيل ولبنان أمرٌ إيجابي. فلدى السؤال عن هذا الاتفاق، اعتبر 57% من المصريين أنه سلبي، في حين اعتبره نحو ثلث المستجيبين إيجابيًا.
في السياق عينه، لم يبدِ الشعب المصري دعمًا يُذكر لأي شكلٍ من أشكال "التطبيع" مع الإسرائيليين. فلم يوافق إلا 11% على أن "الأشخاص الذين يرغبون في إقامة علاقات تجارية أو رياضية مع الإسرائيليين يجب أن يُسمح لهم بذلك." ويتعارض هذا الموقف المصري الشعبي مع نسبة 40% تقريبًا المسجّلة في دول الخليج العربي على غرار المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين التي تؤيد حاليًا هذه العلاقات. وعلى المنوال نفسه، لم يعرب إلا 5% من المصريين المشمولين في الاستطلاع عن آراءٍ إيجابية حيال نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة. فقد عبّر 73% من المستجيبين عن مشاعر "سلبية جدًا" حول النتيجة، في حين اعتبر 16% أن النتيجة "سلبية إلى حدٍ ما."
ازدياد عدم رضا المصريين عن أداء حكومتهم، ولكن النصف يرفض الاحتجاجات الجماهيرية
في ظلّ تردّي الوضع الاقتصادي المستمر في مصر، عبّر المواطنون المصريون عن مستوياتٍ عالية من عدم الرضا عن أداء حكومتهم. فقد أشار أكثر من ثلثَي المستجيبين (69%) إلى أن الحكومة "لا تبذل جهودًا تُذكر لتلبية احتياجات الشعب من أجل تأمين ظروف حياةٍ كريمة." وتسجّل النسبة الحالية ارتفاعًا حادًا بالمقارنة مع استطلاع الرأي السابق الذي سجّل انقسامًا أكبر في صفوف المصريين، إذ قال 47% منهم إن الحكومة لا تبذل جهودًا تُذكر، في حين اعتبرت النسبة المتبقية أن الدولة كانت تبذل "جهودًا حثيثة" أو "الجهود الكافية."
ولدى السؤال أيضًا عما إذا كانت الحكومة توزّع الأعباء الضريبية والواجبات الأخرى بصورةٍ عادلة، اعتبر 58% من المستجيبين أنها لا تبذل جهودًا تُذكر في هذا الصدد. بالإضافة إلى ذلك، أعربت الغالبية الساحقة من المصريين المشمولين في الاستطلاع (76%) عن وجود أزمة مشاركة في مصر وأشارت إلى أن الحكومة لا تتنبه كما يجب لآراء المواطنين العاديين.
وعلى الرغم من الوضع الاقتصادي المتردي وتداعياته على حياة المواطنين اليومية، رفض نحو نصف المصريين اللجوء إلى الاحتجاجات الجماهيرية. فلدى السؤال عما إذا كان "من الجيد أن بلادنا لا تشهد احتجاجات شوارع جماهيرية ضد الحكومة كما يحصل مؤخرًا في بعض البلدان"، وافق نحو نصف المشاركين (49%) على هذا الطرح. ويتماشى هذا الرأي أيضًا مع إجابات المصريين حول الاحتجاجات المعادية للحكومة التي تشهدها إيران، إذ عارضها 54%.
بطولة كأس العالم تحظى بتأييدٍ أكبر من مؤتمر المناخ لدى المصريين، مع رفضٍ عام لقرار الأوبك
على غرار الدول العربية الثلاثة الأخرى التي أُجريت فيها استطلاعات الرأي هذا الشهر (أي لبنان والسعودية والإمارات)، أعربت الغالبية الكبرى من المصريين عن آراء مؤيدة لبطولة كأس العالم التي تستضيفها قطر. فقد اعتبر 86% من المصريين المستطلَعين أن بطولة كأس العالم الأخيرة خلّفت أثرًا إيجابيًا "إلى حدٍ ما" أو إيجابيًا "جدًا" على المنطقة. ويعكس انتشار هذا الموقف الإيجابي في مصر كما في الدول الثلاثة الأخرى المذكورة أهمية هذا الحدث وشعبيته في صفوف المواطنين العرب.
إلا أن المفاجأة كانت في التأييد المحدود الذي ناله "المؤتمر السابع والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ" (COP27) لدى المصريين بالمقارنة مع بطولة كأس العالم. ففي حين اعتبر أكثر من نصف المستجيبين المصريين (55%) أن المؤتمر كان إيجابيًا، رأى 38% أنه كان سلبيًا.
اعتبرت الغالبية الساحقة من المصريين المستطلَعين، بالتوافق مع نظرائهم اللبنانيين، أن قرار الأوبك بلس الأخير القاضي بخفض الإنتاج خلّف آثارًا سلبيةً على المنطقة. فاعتبر أقل من ربع المستجيبين (19%) أن هذا القرار كان إيجابيًا، في حين رأى 72% أن القرار يخلّف آثارًا سلبية "إلى حدٍ ما" أو سلبية "جدًا" على المنطقة. وتشير هذه المواقف العامة السائدة في كلٍ من مصر ولبنان، اللذين يواجهان تحدياتٍ اقتصاديةٍ خطيرة، إلى وعي المواطنين بشأن التداعيات المحتملة لقرار الأوبك بلس على أسعار النفط المحلية.
ملاحظة منهجية
يستند هذا التحليل إلى نتائج استطلاع قائم على المقابلات الشخصية لعينة تمثيلية على المستوى الوطني من 1000 مواطن مصري، أجرته شركة تجارية إقليمية مستقلة وذات خبرة عالية في تشرين الثاني/نوفمبر 2022. أُخذت العينات وفقًا لإجراءات الاحتمالية الجغرافية القياسية، ما أسفر عن هامش خطأ إحصائي يبلغ حوالي 3 في المئة. وتم توفير ضوابط صارمة للجودة وضمانات للسرية طوال تلك الفترة. يمكن الاطلاع على نتائج الاستطلاع الكاملة على منصة بيانات الاستطلاعات التفاعلية لمعهد واشنطن. وتتوفر عند الطلب تفاصيل منهجية إضافية، بما في ذلك التصنيفات الديموغرافية وغيرها من المعلومات ذات الصلة.