- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3972
بناء سوريا ما بعد الأسد: كيفية التأكد من أن العملية تعكس إرادة الشعب
شخصيات من المجتمع المدني السوري تنضم إلى مسؤول أمريكي سابق لمناقشة المشاعر المحلية على الأرض وتقييم التحديات الصعبة لبناء دولة أفضل.
"في 19 كانون الأول/ديسمبر، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي بمشاركة أندرو جيه. تابلر، وإبراهيم الأصيل، وفاروق حبيب (أبو فارس)، ورفيف جويجاتي، ومحمود المسلط. وتابلر هو "زميل مارتن جيه. غروس الأقدم" في المعهد والمدير السابق لشؤون سوريا في "مجلس الأمن القومي" الأمريكي. والأصيل هو زميل أقدم في "معهد الشرق الأوسط" ويتمتع بخبرة واسعة في منظمات المجتمع المدني السوري. وحبيب هو نائب المدير العام لمنظمة "الخوذ البيضاء" الإنسانية. وجويجاتي هي المسوؤلة الرئيسية في مشروع "ميثاق الحرية" السوري ومديرة "مؤسسة استعادة المساواة والتعليم" في سوريا ("سوريا الحرة"). والمسلط هو الرئيس المشارك لـ "مجلس سوريا الديمقراطية". وفيما يلي ملخص المقررة لملاحظاتهم".
أندرو جيه. تابلر
يواجه السوريون الآن مهمة شاقة لإعادة بناء دولتهم بعد سقوط بشار الأسد. وفي بلد منقسم منذ فترة طويلة، ستتنافس جهات فاعلة محلية ودولية مختلفة للسيطرة على البلاد، في حين أن فراغ السلطة، وانتهاكات حقوق الأقليات، والعنف الإرهابي ليست سوى بعض من العقبات التي قد يواجهها السوريون. ومن أجل إعادة بناء الدولة، يجب على دمشق أن تعالج التحديات الأمنية الوطنية وتبدأ عملية انتقال سياسي تعكس إرادة الشعب وتنوعه.
إبراهيم الأصيل
في جميع أنحاء سوريا، هناك شعور عميق بالارتياح. ومع ذلك، فإن تطبيق نموذج الحوكمة المستخدم في محافظة إدلب - التي كانت القاعدة الرئيسية السابقة لجماعة المعارضة المهيمنة "هيئة تحرير الشام" - وتوسيع نطاقه ليشمل بقية أنحاء البلاد سيكون تحدياً كبيراً. ومن المرجح وقوع أعمال عنف متفرقة، من بين عقبات أخرى. ويشعر النشطاء السياسيون وشخصيات المعارضة بالقلق إزاء الشمولية وتقاسم السلطة وغياب النقاش حول الانتخابات. لقد بدأ المجتمع المدني يستعيد نشاطه، مع احتجاجات في "ساحة الأمويين" بدمشق تدعو إلى حكم علماني. ولكن في الوقت الحالي، يجب على قادة سوريا التركيز على تحقيق الاستقرار والأمن.
وللمضي قدماً، يجب أن تكون الحكومة الجديدة شاملة. وينبغي إجراء حوار وطني يضم أصواتاً مختلفة. ويجب ضمان حرية التعبير، لا سيما من خلال وسائل الإعلام. إن قادة "هيئة تحرير الشام" هم الأصوات المهيمنة في تحالف المتمردين الحالي، لكن لا ينبغي السماح لهم بالسيطرة على المجال العام.
أما بالنسبة لدور الجهات الفاعلة الدولية في سوريا، فبإمكان الولايات المتحدة أن تكون وسيطاً بناءً بين القوات الكردية في شمال البلاد وتركيا. وتتمتع واشنطن بنفوذ على أنقرة من خلال وجودها العسكري. ويمكن للولايات المتحدة أيضاً تحفيز "هيئة تحرير الشام" للوفاء بمطالب معينة بشأن الأمن والحوكمة مقابل رفع العقوبات. ومع ذلك، يجب بالفعل رفع العقوبات لتسهيل التعافي الاقتصادي.
فاروق حبيب
في جميع أنحاء سوريا، يشعر الناس بالارتياح لسقوط نظام الأسد. ويتعين على القادة السياسيين الآن الاستفادة من الشعور السائد بالوحدة وضمان الاستقرار والاستمرارية في الخدمات الحكومية. وكانت القيادة المؤقتة تبث رسائل تطمين، لكن هذه التصريحات موجهة بشكل كبير إلى المجتمع الدولي وليست إلى السكان المحليين.
وفي الهيكل الجديد للحكم، ينبغي أن يكون لجميع السوريين دور. ويجب أن يكون النظام شاملاً وتمثيلياً وديمقراطياً، وأن يضم مسؤولين منتخبين. وينبغي أن تركز الجهود على المجالات التالية: إنشاء هيئة مستقلة للحقيقة والعدالة تقوم بالتحقيق في قضايا المفقودين؛ وتمكين المجتمع المدني من المشاركة في حكومة متنوعة؛ وضمان حرية التعبير. ولا تزال هناك مخاوف بشأن غياب رؤية سياسية واضحة وخارطة طريق لتحقيق هذه الأهداف.
ويأمل الناس أيضاً أن تنضم "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" إلى بقية البلاد. إن دعم "حزب العمال الكردستاني" في شمال شرق سوريا لن يعزز الاستقرار. علاوة على ذلك، أثارت حادثة إطلاق النار الأخيرة على الاحتجاجات في الرقة القلق في باقي أنحاء سوريا. وبشكل عام، لن تحقق الثورة السورية انتصاراً كاملاً إلا إذا قام الشعب ببناء أمة حرة وديمقراطية ومزدهرة.
وفي هذا السياق، يمكن للقوات الدولية أن تلعب دوراً في تحقيق الاستقرار في البلاد. يجب على المسؤولين العسكريين الأجانب التعاون مع بعضهم البعض ومع دمشق. ولا ينبغي لهم أن يدعموا الميليشيات، بل يجب عليهم بدلاً من ذلك تشجيع الشرعية الدولية للحكومة المركزية. وعلى وجه الخصوص، يجب على الولايات المتحدة التوسط بين القوات الكردية وتركيا. وبدورها، ينبغي على تركيا الضغط على دمشق لتشجيع تبني نظام ديمقراطي. ويجب على إسرائيل وقف غاراتها الجوية التي تستهدف أدلة الأسلحة الكيميائية التي حصل عليها نظام الأسد وأهداف أخرى. وفي نهاية المطاف، يجب أن تغادر القوات الأجنبية سوريا حالما تتمكن الدولة من توفير الأمن والاستقرار بشكل مستقل.
رفيف جويجاتي
إن النصر السوري على نظام الأسد لم يكن نتيجة لهجوم دام أحد عشر يوماً، بل من خلال أكثر من ثلاثة عشر عاماً من التضحيات والنضال. وقد توسع المجتمع المدني ونضج خلال الحرب، مما جعل السوريين الآن مستعدين ومهيئين لإعادة بناء وطنهم. ويتجلى ذلك في عودة ظهور لجان التنسيق المحلية وغيرها من منظمات المجتمع المدني. بالإضافة إلى ذلك، لم تعد الجماعات السياسية مضطرة للعمل في المنفى. وبطبيعة الحال، هناك سبب يدعو إلى الحذر، حيث يجب أن يخضع النظام السياسي لقيم الثورة السورية. ومع ذلك، فهو أيضاً وقت للتفاؤل.
وفي داخل سوريا، يجب أن تتركز الجهود على تحديث الدستور استناداً إلى "الميثاق الوطني" لعام 2012 و"ميثاق الحرية" لعام 2014. وعلى وجه الخصوص، يجب أن يتم تقنين الفصل بين السلطات، وحرية التعبير، واستقلالية وسائل الإعلام والقضاء، والتزام الحكومة بحقوق الإنسان. وتحتاج البلاد أيضاً إلى وكالة رقابية مستقلة يقودها السوريون.
يجب أن يقود السوريون عملية إعادة الإعمار أيضاً. علاوة على ذلك، يجب على المجتمع الدولي أن يدرك أن اللاجئين لا يمكنهم العودة إلا بعد تحسين البنية التحتية بشكل جذري. وستتطلب إعادة بناء الدولة الصبر ورفع العقوبات الدولية. وفي الواقع، فإن سوريا عالقة في حالة معقدة - حيث إن تخفيف العقوبات ضروري لإعادة الإعمار والتقدم، لكن الدول الأجنبية تستخدم العقوبات لتحفيز التقدم السياسي.
محمود المسلط
يشعر المسؤولون في "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" بالتفاؤل بشأن مستقبل البلاد. ويستحق السوريون أن يحتفلوا معاً، وهناك سبب يدعو إلى الأمل بشأن العلاقات بين "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" والحكومة الجديدة. لكن العدوان التركي يمثل تحدياً خطيراً يعكر صفو الاحتفالات في شمال شرق سوريا. لقد ضحى الأكراد من أجل البلاد ويسعون لتحقيق الوحدة والاندماج. ويجب أن يعكس الانتقال السياسي إرادة الشعب السوري، وسوف يتطلب ذلك حواراً سياسياً شاملاً وإصلاحاً دستورياً.
ومن جانبه، يجب على المجتمع الدولي دعم استقرار سوريا من خلال تواجده العسكري. ويفتقر الجيش السوري إلى التنظيم والتخطيط والقدرة على إدارة الأمن في جميع أنحاء البلاد. ويمكن لكل من التحالف الدولي وتركيا العمل كشركاء في مواجهة مثل هذه التحديات على المدى القصير، بما في ذلك تهديدات تنظيم "الدولة الإسلامية" وشبكات تهريب الكبتاغون. وفي المقابل، يجب أن تكون الحكومة السورية الجديدة منفتحة على إقامة علاقات إيجابية مع جميع الدول المجاورة. ويشمل ذلك إسرائيل وتركيا، على الرغم من هجماتهما الأخيرة في سوريا، والتي تهدد العلاقات الجديدة.
وأخيراً، لا يمكن أن تستمر العقوبات الدولية المفروضة على "هيئة تحرير الشام" وسوريا. إن إبقائها على ما هي من شأنه أن يعيق عملية إعادة الإعمار ويزيد من خطر تحول البلاد إلى دولة فاشلة، وهو ما يزال يشكل مصدر قلق بالغ. إن سوريا بحاجة ماسة إلى دعم دولي لتعزيز بنيتها التحتية وخدماتها ومواردها. والسوريون يعرفون كيف يحققون تقدماً إيجابياً نحو مستقبل سلمي وموحد، ولكن يجب على المجتمع الدولي أن يدعم جهودهم.
تم إعداد هذا الملخص من قبل أودري كوست.