- تحليل السياسات
- منتدى سياسي
دور الأمم المتحدة في الرد على التهديد الإرهابي العالمي
Part of a series: Counterterrorism Lecture Series
or see Part 1: U.S. Efforts against Terrorism Financing: A View from the Private Sector
"فيما يلي ملاحظات معدة سلفاً من قبل مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، السيدة ميشيل كونينكس، المديرة التنفيذية لـ "المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب" التابعة للأمم المتحدة".
صباح الخير سيداتي وسادتي، اسمحوا لي أن أبدأ بالشكر لـ "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" على دعوتي للتحدث إليكم اليوم. كما أود أن أشكر المعهد على تعاونه الطويل الأمد مع "المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب" من خلال "شبكة البحوث العالمية" التابعة لـ "المديرية".
في هذا الصباح، أود أن أتحدث عن دور الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب والتصدي للتطرف (مكافحة التطرف) العنيف، وبشكل خاص دور المكتب الذي أرأسه، "المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب" ("المديرية التنفيذية") التابعة لمجلس الأمن. بعد ذلك، سأشارككم بعض الأفكار حول أثر "كوفيد-19" على المشهد العالمي الحالي لمكافحة الإرهاب والإرهاب.
1. مشهد التهديدات
لطالما شكّلت مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف تحدياً معقداً وعابراً للحدود. لكن هذه العملية تصبح أكثر تعقيداً على خلفية بيئة أمنية عالمية متقلبة على نحو متزايد. فنحن نواجه عدداً من التهديدات المنتشرة والمتنوعة - التي غالباً ما تُسرعها التقنية - إلى جانب التحديات المتزايدة لمبادئ تعددية الأطراف والتعاون الدولي.
يستمر الإرهابيون والجماعات الإرهابية في التطور وتكييف تكتيكاتهم لمواجهة ردودنا على مكافحة الإرهاب. وعلى الرغم من انهيار ما يسمى بـ"خلافة" تنظيم «الدولة الإسلامية» («داعش») ومقتل زعيمه أبو بكر البغدادي، إلّا أن التهديد الذي يشكله التنظيم [من خلال عملياته] خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية لا يزال عالمياً وقوياً على حد سواء. ويساورنا قلق متزايد بشأن التهديد الذي تشكله الفروع الجديدة لتنظيم «داعش» في أجزاء من أفريقيا - تشمل جمهورية الكونغو الديمقراطية وموزامبيق -إلى جانب التهديدات المحتملة التي يشكلها المقاتلون الإرهابيون الأجانب الذين عادوا أو انتقلوا من مناطق الصراع في الشرق الأوسط.
كما يواصل تنظيم «القاعدة» وفروعه استغلال الظروف المؤدية إلى الإرهاب في عدد من الدول التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي و /أو نزاعات مسلحة مستمرة أو لم يتمّ تسويتها. وشهدنا أيضاً زيادة في هجمات واسعة النطاق نفذها إرهابيون يمينيون متطرفون. (شملت هجمات في كرايستشيرش، نيوزيلندا، في آذار/مارس 2019؛ وفي إل باسو، الولايات المتحدة، في آب/أغسطس 2019؛ وفي مدينتي هاله وهاناو الألمانيتين، في تشرين الأول/أكتوبر 2019 وشباط/فبراير 2020، على التوالي). وقد سلّطت "المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب" الضوء على التهديد المتنامي والعابر للحدود على نحو متزايد الذي يشكله الإرهاب اليميني المتطرف، وذلك في نسختها من مقالات "التحذير بشأن الاتجاهات السائدة" (Trends Alert) لشهر نيسان/أبريل، وكذلك في التحليل الذي أجرته مؤخراً حول السبل التي تسعى من خلالها مثل هذه الجماعات إلى استغلال جائحة "كوفيد-19".
وتعكس أنشطة مختلف الجهات الفاعلة في مجال التهديد العديد من التحديات أو الاتجاهات المشتركة التي تُعتبر من أبرز مصادر قلق "المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب". أولاً، تميل هذه الجهات الفاعلة إلى تنفيذ هجمات على ما يسمى بالأهداف الناعمة، وهي الأماكن العامة أو غيرها من المواقع (بما فيها أماكن العبادة والمواقع الدينية الأخرى) المزدحمة، ولكن عادة ما يكون الأمان فيها محدوداً. وأصبحت هذه المواقع هدفاً جذاباً للإرهابيين والمتطرفين العنيفين. ولا تتطلب حمايتها تطبيق إجراءات حماية جسدية فحسب، بل تطوير مجتمعات قوية ومقاومة أيضاً بالإضافةً إلى مشاركة وثيقة مع المجتمع المدني والقيادة المحلية، بما في ذلك الزعماء الدينيون.
ثانياً، لا يزال منع أو تقييد استخدام الإنترنت لأغراض الإرهاب أو التطرف العنيف مصدر تركيز رئيسي للعديد من الدول الأعضاء التي تعمل في شراكة وثيقة مع القطاع الخاص. وفي هذا السياق، تحسّن الكشف عن المحتوى الإرهابي وإزالته من منصات كبيرة لوسائل التواصل الاجتماعي بشكل ملحوظ. ومع ذلك، فإن الجماعات الإرهابية والأفراد المرتبطين بها يتخطون بشكل متزايد القيود التي تفرضها منصات أكبر من أجل استغلال المنصات الصغيرة الأقل قدرة على اكتشاف المحتوى وإزالته.
ثالثاً، تعكس أنشطة هذه الجهات الفاعلة الأدوار البارزة على نحو متزايد التي تلعبها النساء في الجماعات الإرهابية وجماعات التطرف العنيف. فقد سافر عدد غير مسبوق من النساء للانضمام إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» في مناطق النزاع في الشرق الأوسط، وسافرن من جميع مناطق العالم. كما رأينا أدلة متزايدة على قيام النساء بأدوار عملياتية، بما في ذلك كمهاجمات. ويقدم لنا هذا الاتجاه مجموعة من التحديات السياسية الجديدة.
وكان مجلس الأمن قد دعا الدول إلى تطوير مجموعة من التدابير التي تراعي الفوارق بين الجنسين، مثل استراتيجيات المقاضاة، وإعادة التأهيل، وإعادة الإدماج المصممة وفقاً لكل حالة؛ وكذلك أدوات تقييم المخاطر؛ والسرديات المضادة؛ وبرامج مكافحة التطرف العنيف. يجب علينا العمل من أجل ضمان أن تأخذ مثل هذه التدابير في الحسبان الأدوار المتعددة والمتداخلة في كثير من الأحيان والمحفزات وتجارب النساء المرتبطات بالجماعات الإرهابية.
وغالباً ما تتجاوز هذه الأنشطة الإرهابية السلطات القضائية والحدود، من بينها الحدود الرقمية. وفي عالم العولمة الذي نعيش فيه، قد تتحول إخفاقات دولة واحدة وبسرعة إلى تهديد لجميع الدول. لذلك يجب أن يشكّل تعزيز التعاون الوطني والإقليمي والدولي أولوية بصورة دائمة، وقد عملتُ طوال مسيرتي المهنية لدعم الدول في مساعيها للقيام بذلك.
2. دور "المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب" ومزاياها الفريدة والنسبية
كانت الأمم المتحدة في طليعة الجهود العالمية الجماعية لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف منذ عام 2001. ومباشرة بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر ضد الولايات المتحدة، تبنى مجلس الأمن القرار 1373 وأنشأ "لجنة مكافحة الإرهاب". وفي عام 2004، أنشأ "المديرية التنفيذية للجنة مكافة الإرهاب" لمساعدة اللجنة في عملها.
أ. التقييمات
كانت المهمة الرئيسية الأولية لـ "المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب" هي تقييم مدى تطبيق الدول الأعضاء لقرارات مجلس الأمن بشأن مكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف العنيف ضمن إطار يصون حقوق الإنسان ويراعي الفوارق بين الجنسين. وبموافقة "لجنة مكافحة الإرهاب"، أجرت "المديرية التنفيذية" أكثر من 100 تقييم متخصص للدول الأعضاء ورفعت إلى "لجنة مكافحة الإرهاب" مجموعة من التوصيات حول سبل تحسين رد كل دولة على مكافحة الإرهاب.
نحن الهيئة الوحيدة التابعة للأمم المتحدة المكلفة بتقييم تطبيق الدول الأعضاء لقرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب. ومن خلال عملية التقييم الرسمية هذه، وعبر حوارنا المستمر مع كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة، ومشاركتنا المنتظمة مع الفرق القطرية والمنسقين المقيمين، تكوّنت لدينا نظرة عامة لا مثيل لها بشأن التحديات العالمية لمكافحة الإرهاب.
وتمنح هذه الحوارات والمشاركات "المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب" مكانة فريدة تخوّلها فهم القضايا المتعلقة بمكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف العنيف في كل واحدة من الدول الأعضاء. كما تزوّدنا بتحليل للأوضاع بشأن قدرة الدول على الرد على التهديدات الإرهابية، مما يمكننا ليس فقط من استهداف الثغرات والتحديات الخاصة التي تواجهها، بل تسليط الضوء أيضاً على ممارساتها الجيدة. ويمنحنا هذا القرب من كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ميزة فريدة لا تمتلكها أي هيئة أخرى، سواء ضمن منظومة الأمم المتحدة أو خارجها.
ب. تسهيل المساعدة التقنية
هذا يعني أيضاً أن "المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب" في وضع فريد لتسهيل تقديم المساعدة التقنية وبناء القدرات. ونشارك توصياتنا بشكل روتيني مع الدولة العضو التي تمّ تقييمها ومع "لجنة مكافحة الإرهاب" (والعديد من أعضائها من الجهات المانحة المحتملة للمساعدة التقنية). ولكننا نشاركها أيضاً - حيثما أمكن - مع مجموعة كبيرة من شركاء الأمم المتحدة، بمن فيهم شركاؤنا المقربون في "مكتب مكافحة الإرهاب" التابع للأمم المتحدة و"مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة" و"برنامج الأمم المتحدة الإنمائي". ويتيح لنا ذلك توجيه دفة تطبيق قرارات مجلس الأمن ونشر الممارسات الجيدة على نطاق عالمي عبر منظومة الأمم المتحدة الأوسع.
كذلك، يشكّل "اتفاق الأمم المتحدة العالمي لتنسيق مكافحة الإرهاب" المبرم حديثاً والذي تولى تنسيقه "مكتب مكافحة الإرهاب" التابع للأمم الأمتحدة، ركيزة أساسية في هذا الجهد. فإبرام الاتفاق قد عزز بشكل ملحوظ شفافية برامج بناء القدرات التي ترعاها الأمم المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف ودعم تنسيقها والإشراف عليها ومكونات تقييمها.
ج. الخبرة التقنية والتحليل
على الرغم من أن عملية المساعدة التقنية محددة بعملية التقييم، إلا أن كلتا العمليتين تسترشد أيضاً بالعنصرين الآخرين لولاية "المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب" - خبرتنا التقنية وتحليلنا للاتجاهات والتطورات الرئيسية لمكافحة الإرهاب.
الخبرة التقنية. نحن نعمل على مجموعة واسعة من القضايا المواضيعية، بما فيها إنفاذ القانون وإدارة الحدود؛ ومكافحة تمويل الإرهاب؛ والمسائل القانونية والعدالة الجنائية؛ ومكافحة التطرف العنيف؛ ومكافحة السرديات الإرهابية؛ ومواجهة استخدام الإرهابيين للإنترنت. كما نقوم بتعميم كل من حقوق الإنسان والنوع الاجتماعي في كافة أعمالنا. ومن خلال الانخراط مع خبراء من الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، يمكننا تعزيز تطبيق قرارات مجلس الأمن وتحديد الاتجاهات والتحديات الرئيسية.
إن عملنا على هذه القضايا أوسع من أن تتم تغطيته هنا بالكامل. ومع ذلك، أود أن أؤكد أن الشراكات والتعاون هما عنصران أساسيان لكافة أعمالنا. فمن خلال العمل بشكل وثيق مع شركائنا في الأمم المتحدة، نستمر في دعم الدول لاعتماد نظام سجلات أسماء الركاب وتطبيق أنظمة معلومات الركاب وأنظمة المقاييس الحيوية المتقدمة، مع ضمان أن تصون هذه التدابير (التي غالباً ما تكون متطفّلة) متوافقة مع حقوق الإنسان وتُستخدم بشكل مسؤول. كما نشجع الدول على بناء شراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال الاستخبارات المالية وفي جهودها للتصدي لخطر الهجمات الإرهابية في البيئات الحضرية. ونحن نتعاون مع شركائنا في الأمم المتحدة لتطوير رد شامل على التحديات المرتبطة بآلاف النساء والأطفال المرتبطين بتنظيم «الدولة الإسلامية» العالقين حالياً في شمال سوريا.
علاوةً على ذلك، نتعاون بشكل وثيق مع قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الجهود التي يبذلها، مثل "منتدى الإنترنت العالمي لمكافحة الإرهاب"، لمواجهة سوء استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لأغراض الإرهاب والتطرف العنيف. ومن الأمور المركزية في هذا العمل هي مبادرة "التكنولوجيا في مواجهة الإرهاب" التي طورتها "المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب"، والتي تدعم قطاع التكنولوجيا في مواجهته لاستخدام منصاته لأغراض إرهابية بطريقة تصون حقوق الإنسان. ومن الضروري على جميع التدابير التي تقيّد الحق أن تلتزم في حرية التعبير بمبادئ الشرعية والضرورة والتناسب؛ وأن تخدم هدفاً مشروعاً؛ وأن تضمن استخدام مقاربة تتسم بأقل قدر من التدخل لتحقيق الغاية المطلوبة.
وتشدد العديد من قرارات مجلس الأمن بما فيها القرار رقم 1624 (2005) والقرار 2354 (2017) على الدور المهم الذي يضطلع به الشركاء غير التقليديين الآخرين - مثل المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام - في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف بشكل فعال. وتتعاون "المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب" بانتظام مع المجتمع المدني بشأن مجموعة من القضايا، بما فيها عند إجراء زيارات إلى الدول بالنيابة عن "لجنة مكافحة الإرهاب" وتشجيع الحكومات على القيام بالمثل في إطار مقاربة شاملة تطال المجتمع بأسره لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
تحليل الاتجاهات. من المجالات الأخرى التي تُعتبر فيها الشراكات غير التقليدية أساسية بالنسبة إلى "المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب" هو تحديد وتحليل الاتجاهات والممارسات الجيدة والتحديات المرتبطة بتنفيذ الدول لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. فنحن نعمل مع جميع شركائنا في هذا المجال، بمن فيهم الأعضاء في المجتمع البحثي والأكاديمي، ولا سيما من خلال "شبكة البحوث العالمية" التي أُطلقت في شباط/فبراير 2015.
وقد خوّلتنا "شبكة البحوث العالمية" تطوير علاقات تعاونية مع أكثر من 100 مؤسسة بحثية - من بينها "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" - مما ساعدنا على جمع المعلومات والرؤى المعمقة واستحداث منصة فريدة للحوار بين مجتمع المؤسسات البحثية، ومجلس الأمن و"لجنة مكافحة الإرهاب"، والدول الأعضاء. كما نشارك تحليلنا للاتجاهات من خلال مجموعة من المنشورات، من بينها "تقارير بشأن الاتجاهات السائدة" (Trends Reports)، و"تحذيرات بشأن الاتجاهات السائدة" (Trends Alerts) و"ملخصات بحثية" (Research Digests).
وتعمل العناصر الثلاثة التي تشكل محور مهمة "المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب" - تقييماتنا وخبرتنا وتحليلاتنا - أيضاً على تحديد مسار تطوير السياسة. فقد تعاونْنا في إعداد مجموعة من الأدوات المرجعية ومستندات السياسة لإطار يصون حقوق الإنسان ويراعي النوع الاجتماعي لمساعدة الدول الأعضاء في ردودها، ويشمل ذلك:
- موجز بشأن البنية التحتية الأساسية والقياسات الحيوية
- الدليل العملي لطلب الأدلة الإلكترونية عبر الحدود
- المبادئ التوجيهية بشأن جمع الأدلة العسكرية واستخدامها
- الدليل التقني لتطبيق القرار 1373 (2001) وغيره من القرارات
كما تساهم "المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب" في إعداد وثائق توجيهية مماثلة من قبل أقسام أخرى ضمن منظومة الأمم المتحدة. ويساعد ذلك على ضمان إدراج متطلبات قرارات مجلس الأمن ذات الصلة في تلك الوثائق.
كما تواصل "المديرية التنفيذية" دعم "لجنة مكافحة الإرهاب" في الترويج لـ "المبادئ التوجيهية المتعلقة بالمقاتلين الإرهابيين" الأجانب الصادرة عن مجلس الأمن التي تشمل "مبادئ مدريد التوجيهية" لعام 2015 والملحق لعام 2018. وتُعد المبادئ التوجيهية أداة عملية تم تطويرها لمساعدة الدول الأعضاء على مواجهة التهديد المتطور الذي يشكله المقاتلون الإرهابيون الأجانب، ولا سيما أولئك العائدون والمنتقلون إلى أماكن جديدة وأفراد أسرهم (مع التركيز، ضمن أمور أخرى، على معلومات مسبقة عن المسافرين / سجلات أسماء الركاب، وقوائم المراقبة، والقياسات الحيوية، ومكافحة الروايات الإرهابية، وتقييم المخاطر وبرامج التدخل، واستراتيجيات الملاحقة، وإعادة التأهيل، وإعادة الإدماج). وأخيراً، نساعد "لجنة مكافحة الإرهاب" على تنظيم سلسلة من الفعاليات بما فيها جلسات إحاطة مفتوحة واجتماعات خاصة، التي تساعد على تعزيز متطلبات قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وتوجيهات سياسة "لجنة مكافحة الإرهاب".
3. تأثير "كوفيد -19" على مكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف العنيف
غني عن القول إن جائحة "كوفيد-19" هي من أبرز التحديات التي يواجهها العالم في التاريخ الحديث. وهي تفاقم أساساً الأوضاع الأمنية في بعض أنحاء العالم، ومن المرجح أن تستمر في ترك تداعيات اجتماعية واقتصادية وسياسية عميقة، بما في ذلك في مجال السلام والأمن الدوليين لسنوات عديدة قادمة.
ويسعى الإرهابيون والمتطرفون العنيفون من مختلف أرجاء الطيف الإيديولوجي إلى استغلال حالة عدم اليقين التي أوجدتها المخاوف والمظالم المتعلقة بـ "كوفيد-19"، بما في ذلك من خلال إدراج الجائحة وتأثيراتها ضمن حملاتهم الدعائية الإلكترونية. ومن خلال زرع بذور الانقسام وتعزيز الكراهية تجاه جماعات معينة عبر الإنترنت، فقد سعوا إلى زيادة أنشطة التطرف والتجنيد وجمع الأموال.
ومع ذلك، فإن العلاقة بين نسبة مشاهدة حملات الدعاية الإرهابية عبر الإنترنت والعمل الإرهابي على الأرض ليست واضحة تماماً. وينبغي أن نكون حذرين أيضاً عند ربط الجائحة بالاختلافات في النشاط الإرهابي، التي هي على نحو ثابت نتيجة لاتجاهات وظروف معقدة ومترابطة. ومع ذلك، من الواضح أن هذه الزيادة في النشاط الإلكتروني تشكل مصدر قلق محتمل، خاصة أن جزءاً كبيراً من سكان العالم كانوا يلزمون منازلهم ويمضون أوقاتهم على الإنترنت خلال الأشهر الأربعة الماضية.
وثمة أيضاً مخاوف من أن يسعى الإرهابيون إلى نشر المرض بشكل خبيث أو ربما استغلال الجائحة لإحياء الجهود الرامية إلى الحصول على أسلحة كيمائية وبيولوجية وإشعاعية ونووية في المستقبل. ومع ذلك، لا يوجد دليل يذكر على مثل هذا النشاط حتى الآن. وهذا يعني، أن حملة الدعاية الإرهابية عبر الإنترنت، ولا سيما رسائل تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، شجعت بشكل واضح أتْباع هذه الجماعات على استخدام الفيروس كسلاح وتنفيذ هجمات ضد أعدائهم. ونخشى أيضاً من أن الصعوبات في السيطرة على انتشار "كوفيد-19" قد سلّطت الضوء على نقاط الضعف المحتملة التي قد يحاول الإرهابيون استغلالها في المستقبل.
وأدت التطورات التكنولوجية السريعة إلى العديد من الابتكارات التي غيّرت المجتمع الحديث بشكل أساسي، ولكن يجب علينا أيضاً التنبّه إلى سوء الاستخدام المحتمل للذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات الناشئة، بما في ذلك تحويلها إلى أسلحة. يجب أن نولي اهتماماً خاصاً إلى استخدام الجهات الفاعلة من غير الدول للذكاء الاصطناعي والتهديدات التي تشكلها، لأن الذكاء الاصطناعي قادر على تمكين هذه الجماعات من تهديد الأمن بطرق كانت غير عملية أو مستحيلة سابقاً. ومع تزايد انتشار الذكاء الاصطناعي والتقنيات المبتكرة الأخرى، من المرجح أن تبحث الجماعات الإرهابية عن سبل لتكييف واستغلال التقنيات الجديدة والناشئة. وفي هذا السياق، يجب نكون على وعي مستمر بأن الذكاء الاصطناعي، عند استخدامه كسلاح، قد يمثّل تهديداً خطيراً. كما أن استخدام الفيديوهات "المزيفة بشكل كبير" وغيرها من أشكال وسائل الإعلام المزيفة ،المصممة لنشر المعلومات المضللة، قد أدى إلى تغيير المشهد السياسي العالمي.
ويرتبط مصدر قلق آخر باستخدام أنظمة الطائرات بدون طيار. فقد ذكر "تحذير بشأن الاتجاهات السائدة" (Trends Alert) نشرته "المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب" لعام 2019 بشأن المخاطر المحتملة التي يشكلها الاستخدام الإرهابي لأنظمة الطائرات بدون طيار، أن الجهات الفاعلة الإرهابية قد تستخدم هذه التكنولوجيا بطريقة تخريبية، مما يتسبب في آثار نفسية واقتصادية كبيرة. وبسبب الأطر التنظيمية والأمنية للدول الأعضاء الخاصة بكافة أشكال منظومات الطائرات بدون طيار وافتقار الجماعات الإرهابية الحالي للقدرات اللوجستية والعملياتية في هذا المجال، لا يزال استخدام الطائرات بدون طيار لأغراض إرهابية في مراحله الأولى، ومن غير المحتمل أن نشهد أي زيادة كبيرة في استخدامها في المستقبل القريب.
وعلى المدى القصير، سعى الإرهابيون والمتطرفون العنيفون إلى استغلال الإخفاقات الفعلية أو المتصورة لردود الدول إزاء جائحة "كوفيد-19"، بما في ذلك، زيادة تقديم الخدمات الأساسية وتعزيز الفعالية النسبية لجهودها الصحية والرعاية الاجتماعية الخاصة بها. علاوةً على ذلك، قد تتفاقم المظالم المحلية بسبب الانكماش الاقتصادي العالمي المتوقع، وأنظمة الرعاية الصحية المستنزفة، وزيادة الاستقطاب. وقد تقوض هذه العوامل أيضاً الحوكمة في بعض مناطق العالم.
كما تؤثر الجائحة على ردود الدول في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف. وقد استحدثت بعض الدول اتهامات إرهابية للأفراد الذين ينقلون الفيروس عمداً إلى الآخرين. واستخدم البعض الآخر المراقبة الرقمية الشاملة - بما في ذلك سلطات مكافحة الإرهاب - لتعقب الأفراد المصابين وتتبعهم. وسعت العديد من الدول إلى الحدّ من انتشار المعلومات المضللة أو الكاذبة بشأن الفيروس.
وعلى الرغم من أن هذه الردود مدفوعة بمخاوف تتعلق بالصحة العامة، إلا أن بعضها قد تكون قد صُبغت بطابع أمني مفرط أو تميل إلى التشدد، مما يثير مخاوف كبيرة بشأن حقوق الإنسان. وعلى الرغم من أن العديد من هذه الردود تهدف إلى أن تكون قصيرة المدى، إلا أن انعكاساتها على الإرهاب ومكافحته قد تكون طويلة المدى إذا كان تأثيرها سيسفر عن خلق مظالم جديدة أو دوافع جديدة للتطرف. وثمة دليل واضح على أن الحدّ من احترام حقوق الإنسان قد يؤدي إلى الشعور بالتهميش وإلى بروز مظالم جديدة، مما يؤدي إلى زيادة محتملة في أعمال العنف الإرهابية. لذلك من الضروري أن نطوّر سياسات وممارسات ومقاربات تصون حقوق الإنسان وتراعي النوع الاجتماعي والتي تتصدى للتهديدات الجديدة والناشئة المتعلقة بوباء "كوفيد-19" مع الأخذ في الاعتبار احتمال إساءة استخدام مثل هذه الردود واستغلالها.
ومن المرجح أيضاً أن تترك الجائحة أثراً كبيراً على جهود مكافحة الإرهاب التي تبذلها مختلف الجهات المعنية. ومن المرجح أن تمنح الدول الأعضاء الأولوية، وهي محقة بذلك، لإحياء اقتصادياتها ومجتمعاتها الخاصة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تراجع شامل في النفقات التي تتكبدها لمكافحة الإرهاب ومواجهة التطرف العنيف. وقد تؤدي الجائحة أيضاً إلى انخفاض التعاون الدولي (والذي يشمل التمويل والدعم في المساعدة التقنية)، وبالتالي يؤثر سلباً على الدول ذات القدرات المنخفضة الأكثر تضرراً من الأعمال الإرهابية. ولا شك في أن أي تراجع في التمويل سيؤثر على الجهات المعنية (بما فيها المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية) التي تُعتبر ضرورية لاعتماد مقاربة تطال المجتمع بأسره لمكافحة الإرهاب ومواجهة التطرف العنيف.
وعلى الرغم من التأثير العالمي لـ "كوفيد-19"، فقد واصلنا العمل مع العديد من شركائنا في الأمم المتحدة وغيرهم من الشركاء لمساعدة الدول في جهودها لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف. ويستمر التهديد الإرهابي العالمي في التنامي، وعلينا أن نحافظ على ردودنا الديناميكية والسريعة. يجب أن يواصل المجتمع الدولي التعاون مع أصحاب المصلحة المعنيين، بمن فيهم القطاع الخاص والمنظمات النسائية والأوساط الأكاديمية وجماعات دعم الضحايا والمجتمعات المحلية والدينية من أجل دمج جهود مكافحة الإرهاب بشكل فعال في التعافي العالمي من الوباء. ويجب أن تستند الجهود الأمريكية الجماعية على مقاربة متكاملة تطال المجتمع بأسره وتولي أهمية لحقوق الإنسان واعتبارات النوع الاجتماعي وتعزز المساواة والكرامة الإنسانية والتعددية.
شكرا لكم. أتطلع إلى الإجابة عن أي أسئلة قد تكون لديكم.
"جرى إقرار تعيين ميشيل كونينكس مديرة تنفيذية لـ "المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب" كمساعدة للأمين العام للأمم المتحدة في 11 آب/أغسطس 2017. وقبل ذلك، عملت كرئيسة لـ "يوروجست" (Eurojust)، وحدة التعاون القضائي في "الاتحاد الأوروبي"، حيث ترأست كل من فريق مكافحة الإرهاب و فرقة العمل على مستقبل "يوروجست". وعملت أيضاً كـ "مدعية عامة وطنية" في بلجيكا، وخبيرة في "منظمة الطيران المدني الدولي"، و "مرشدة في مكافحة الإرهاب" في الجو، مع تعيينها في "لجنة أمن الطيران الوطنية" البلجيكية".
أمكن تنفيذ سلسلة برامج منتدى السياسات بفضل سخاء "عائلة فلورنس وروبرت كوفمان".