تم شن هجوم بطائرتين بدون طيار من معقل «كتائب حزب الله» على قاعدة "التنف" الأمريكية في سوريا باستخدام طائرتين مسيّرتين متفجرتين من طراز "كي أي أس-04"، كانت إيران قد زودتها لميليشياتها في المنطقة.
في 15 آب/أغسطس، تعرضت قاعدة "التنف" الأمريكية في سوريا إلى هجوم بطائرتين بدون طيار تمكّنت "القيادة المركزية الأمريكية" من تحديد نوعهما على أنهما من أنظمة " كي أي أس-04"، وهي التسمية الأمريكية المعتمدة للطائرات المسيرة ذات الرؤوس الحربية المتفجرة والأجنحة الثابتة الإيرانية الصنع من طراز "صماد". وكانت "الأضواء الكاشفة للميليشيات" قد أشارت في وقتٍ سابق إلى وجود طائرات مسيرة من نوع " كي أي أس-04" (التي تُطلق عليها الميليشيات العراقية تسمية "سحاب") في مَسيرة عرض قامت بها «قوات الحشد الشعبي» كجزء من "قيادة عمليات الجزيرة" التابعة لـ "كتائب حزب الله". وتم استخدام هذا النوع من الطائرات لمهاجمة قواعد أمريكية في "مطار أربيل الدولي" و"قاعدة حرير الجوية" و"قاعدة الأسد الجوية".
وفيما يتعلق بالهجوم الذي وقع في 15 آب/أغسطس، أكدت "القيادة المركزية الأمريكية" أيضاً أن الطائرتين اتجهتا نحو قاعدة "التنف" من منصة إطلاق في محافظة بابل في العراق (الشكل 1). وتكتسي هذه المحافظة أهمية في الدوائر الأمريكية لأنها اختصارٌ لمجمع "جرف الصخر" الذي تديره "كتائب حزب الله" المصنفة من قبل الولايات المتحدة كجماعة إرهابية. وتُعتبر "جرف الصخر" منطقة عسكرية مغلقة حيث تمنع «كتائب حزب الله» لأي [قوة كانت]، حتى الحكومة العراقية الاتحادية، من النفاذ الكامل إليها. وفي 13 آذار/مارس 2020 أمطرت الولايات المتحدة المنطقة بغارات جوية حيث ألحقت أضراراً بمجموعة من منشآت تصنيع وتخزين واختبار الذخائر التابعة لـ «كتائب حزب الله» رداً على قيام هذه الجماعة بقتل أمريكي وبريطاني في قاعدة "التاجي" في 11 آذار/مارس.
ووفقاً لبعض التقارير، تحطمت طائرة مسيرة ذات رأس حربي متفجر وأجنحة ثابتة إيرانية الصنع من طراز "قاصف-2 كاي" في محافظة ذي قار في جنوب العراق في 23 آب/أغسطس (الشكل 2)، غير أنه من غير الواضح ما إذا كان قد تمّ إطلاق الطائرة المسيرة من إيران أو العراق. وكان أحد الأهداف المحتملة لتلك الضربة الفاشلة هو قاعدة "علي السالم" الكويتية، التي تضم أكبر حامية أمريكية على مقربة من العراق وإيران. وفي 12 آب/أغسطس، زعمت قناة "تيليغرام" تابعة لميليشيا عراقية تطلق على نفسها اسم "الوارثون" أنها شنت هجوماً بطائرة مسيرة على قاعدة "علي السالم"، إلا أن "القوات الجوية الأمريكية" لم ترصد أي هجوم في تلك الفترة. (تم الكشف عن اسم جماعة "الوارثون" للمرة الأولى في تقرير "الأضواء الكاشفة للميليشيات" الذي نُشر في تشرين الأول/أكتوبر 2021 في مجلة "سينتينيل" ((Sentinel التابعة لـ "مركز ويست بوينت لمكافحة الإرهاب".)
وحتى قبل تبيان حقيقة ما حصل في حادثة تحطم الطائرة المسيرة في ذي قار، يُعتبر تأكيد الجيش الأمريكي على إطلاق الطائرتين المسيرتين من نوع "كي أي أس-04" من محافظة بابل دليلاً آخر من مجموعة أدلة تربط سيطرة «كتائب حزب الله» على "جرف الصخر" بضربات الطائرات المسيّرة المدعومة من إيران على النطاق الدولي. وتشير كثرة الأدلة من عامَي 2021 و 2022 إلى استخدام جماعة الواجهة "ألوية الوعد الحق" المرتبطة بـ «كتائب حزب الله» لـ "جرف الصخر" كمنصة لإطلاق عمليات ضد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. يُذكر أن "جرف الصخر" هي مقر قيادة «كتائب حزب الله» ومراكز الاستخبارات والاتصالات الآمنة التابعة لها التي يرسل إليها «الحرس الثوري الإسلامي» إحداثيات أهداف الطائرات المسيرة والتي تتمّ برمجتها ضمن مخططات المهمات، لتحميلها على أنظمة الطائرات المسيرة التي توفرها إيران مثل طائرات "كي أي أس-04".
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تفضل حالياً الرد على ضربات «الحرس الثوري الإسلامي» و «كتائب حزب الله» داخل سوريا، إلّا أنه يمكن إصابة العديد من أهداف القيادة والتحكم في "جرف الصخر" بشكل فعال رداً على الاستفزازات المستمرة من قبل هاتين الجماعتين. وتشمل هذه أهداف لم تمسها العمليات الأمريكية منذ وقت طويل مثل حملة الضربات الجوية في آذار/مارس 2020.