يبدو أن أبو آلاء، أحد كبار قادة الإرهابيين العراقيين، يحاول الاستجابة لدعوة إيران لفرض حصار بحري على إسرائيل. فهل هذه محاولة يائسة لإظهار التأثير الاستراتيجي قبل انتهاء الحرب في غزة، أم أنها تشكل تهديداً حقيقياً؟
في 24 كانون الثاني/يناير 2024، نشر قائد "كتائب سيد الشهداء" أبو آلاء الولائي (إسمه الحقيقي هاشم بنيان السراجي) بياناً أعلن فيه بدء المرحلة الثانية من عمليات "المقاومة" العراقية في مرحلة ما بعد نزاع 7 تشرين الأول/أكتوبر "المتضمنة إطباق الحصار على الملاحة البحرية الصهيونية في البحر الأبيض المتوسط، وإخراج موانئ الكيان عن الخدمة، واستمرار ذلك حتى فك الحصار الظالم عن غزة، وإيقاف المجازر الصهيونية المروعة بحق أهلها" (الشكل 1).
وهذه إشارة إلى أن الميليشيات العراقية بدأت باستهداف السفن والموانئ التي تعتبر أنها مرتبطة بإسرائيل في البحر الأبيض المتوسط. وقبل ساعات قليلة من إعلان أبو آلاء، أعلنت جماعة "المقاومة الإسلامية في العراق" مسؤوليتها عن هجوم بطائرة بدون طيار ضد ميناء أشدود. (الشكل 2).
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها "المقاومة الإسلامية في العراق" مسؤوليتها عن هجوم على هدف بحري. على سبيل المثال، في 22 كانون الأول/ديسمبر 2023، أعلنت "المقاومة الإسلامية في العراق" مسؤوليتها عن هجوم بأسلحة غير محددة ضد "هدف حيوي في البحر الأبيض المتوسط". ولكن يبدو أن أبو آلاء الولائي يشير إلى حملة أكثر تكثيفاً تستهدف على وجه التحديد الأصول المرتبطة بإسرائيل في البحر الأبيض المتوسط بواسطة صواريخ كروز طويلة المدى أو طائرات مسيّرة يتم إطلاقها من العراق أو سوريا.
الاستجابة لنداء خامنئي
جاءت هذه التطورات بعد يوم واحد فقط من دعوة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في خطابه أمام "منظمي المؤتمر الوطني لإحياء ذكرى 24 ألف شهيد من محافظة طهران" إلى "قطع شرايين الحياة الحيوية للنظام الصهيوني" (الشكل 3).
ووجه خامنئي دعوة مماثلة في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، في خطابه أمام الطلاب الإيرانيين، مطالباً "الحكومات الإسلامية" بـ "منع صادرات النفط إلى النظام الصهيوني ووقف التعاون الاقتصادي مع ذلك النظام" (الشكل 4).
وبعد فترة وجيزة من دعوة خامنئي، بدأ الحوثيون إلى جانب أعضاء آخرين من "محور المقاومة"، وهي التسمية التي يطلقونها على أنفسهم، حملة لمقاطعة المنتجات الأمريكية والإسرائيلية (الشكل 5). ولاحقاً، في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أعلن الحوثيون أنهم سيستهدفون بعد ذلك أي سفن مرتبطة بإسرائيل تبحر في البحر الأحمر.
المرحلة الأخيرة من خطة "المقاومة" للصراع في غزة
في نزاع غزة، تفوَّق الحوثيون بشكل كبير على من يطلقون على أنفسهم تسمية "المقاومة العراقية" من ناحية اتخاذهم إجراءات زادت فعلياً من الضغوط الرامية إلى إنهاء حرب غزة من خلال عولمة النزاع. وقد تحتاج الميليشيات العراقية إلى إظهار مساهمتها الاستراتيجية في هذه الأزمة، مثل حدوث تغيير ملحوظ فعلياً في وضع "قوات الولايات المتحدة وقوات التحالف في العراق"، أو بروز أدلة ملموسة نوعاً ما على أن الميليشيات العراقية أثرت على إسرائيل بكل ما تحمله الكلمة من معنى، الأمر الذي لم يحصل حتى الآن.
ربما ينفد الوقت لإبراز هذا التأثير قبل انتهاء العمليات البرية الكبرى في غزة، وسوف يتخذ من يُعرفون بالجهات الفاعلة في "المقاومة العراقية" (وبقية محور "المقاومة") مواقف تهدف إلى إظهار أنه كان لهم، وليس لمجرى الأحداث الطبيعي، دور في إنهاء القتال في غزة. وبالتالي، قد نشهد ضربات متسارعة تنفذها الفصائل العراقية على إسرائيل، ويكون الهدف المحدد منها هو إنهاء عملياتها المتعلقة بغزة بشكل مدوٍّ.
وقد يتم أيضاً تسريع الجهود الرامية لدفع الولايات المتحدة إلى شن ضربات انتقامية في العراق، وهو ما يتجلى على ما يبدو في الطريقة التي واصلت فيها "كتائب حزب الله" استفزاز الولايات المتحدة من خلال الضربات التي وجهتها على قاعدة "عين الأسد" في الأيام الأخيرة عندما بدت الولايات المتحدة غير راغبة في الانتقام من الهجوم الصاروخي الكبير على قاعدة "عين الأسد" في 20 كانون الثاني/يناير. وقد تبرز حاجة لتوجيه ضربات أمريكية مكثفة على قيادة "المقاومة" في وسط بغداد لدفع الحكومة العراقية والقادة السياسيين العراقيين إلى الحافة للمطالبة رسمياً بتغيير الوضع أو إخلاء القوات الأمريكية. وتريد الولايات المتحدة التحكم بشروط أي نقاش حول الانسحاب وقد لا تعطي الميليشيات ذريعة واضحة لمحاولة اتخاذ إجراء جديد في مجلس النواب.