هل يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأبيض المتوسط؟
Part of a series: Maritime Spotlight
or see Part 1: Tracking Maritime Attacks in the Middle East Since 2019
من غير المرجح أن تنفذ حركة الحوثيين ضربات مباشرة في الوقت الحالي، لكن إذا زاد "حزب الله" عدوانيته، فإن ذلك قد يغيّر صورة التهديد.
في الأسابيع الأخيرة، أطلق الحوثيون ادعاءات بشأن استهداف السفن التجارية في البحر الأبيض المتوسط، وشمل ذلك ميناء حيفا الإسرائيلي الرئيسي. لكن إسرائيل اعترضت حتى الآن صواريخ وطائرات بدون طيار تم إطلاقها من اليمن والعراق، وخاصة باتجاه إيلات، مما يعني أنه سيتم على الأرجح تدمير الأسلحة الجوية الحوثية قبل أن تصل إلى أهدافها في البحر المتوسط. وهذا هو أحد الأسباب التي تجعل مثل هذه الادعاءات، بناءً على المعلومات المتاحة، تبدو مجرد جزء من حملة الدعاية الحوثية في الوقت الحالي. والسبب الآخر هو أن شركة شحن واحدة على الأقل نفت ادعاء الحوثيين بشن هجوم على إحدى سفنها في البحر المتوسط.
وتتزامن الادعاءات المتكررة حول ضرب السفن القريبة من إسرائيل أو في إسرائيل مع تهديدات "حزب الله" باستهداف الموانئ الإسرائيلية وغيرها من البنية التحتية الحيوية في حالة نشوب حرب أوسع نطاقاً. ويبدو أن الحملة الإعلامية الحوثية تجري بالتنسيق مع جماعات أخرى تعتبر جزءاً من "محور المقاومة"، لا سيما وسط مخاوف من نشوب نزاع أكبر بين "حزب الله" وإسرائيل.
إبراز القوة من خلال المعلومات المضللة
في أيار/مايو، ادعى الحوثيون أنهم استهدفوا ناقلة الغاز النفطي المسال التي ترفع علم ليبيريا "إسيكس" (رقم تسجيل السفينة 9403877) في البحر الأبيض المتوسط. وترتبط هذه السفينة بشركة "زودياك ماريتايم" ومقرها المملكة المتحدة، والتي يتحكم فيها مالك السفينة الإسرائيلي المولد إيال عوفر. ومع ذلك، فوفقاً لبيانات الشحن من "مارين ترافيك" ومصادر أخرى، كانت الناقلة في مصر في الواقع في 23 أيار/مايو ويبدو أنها تستمر في الحركة والتنقل بشكل طبيعي. وفي ذلك الشهر أيضاً، ادّعى الحوثيون أنهم استهدفوا ناقلة النفط/المواد الكيماوية التي ترفع العلم اليوناني "مينيرفا أنتونيا" (رقم تسجيل السفينة 9380398) في البحر المتوسط، إلّا أن أي مصادر مستقلة لم تؤكد ذلك الحادث. واستناداً إلى بيانات "مارين ترافيك"، اعتباراً من 1 تموز/يوليو 2024، كانت هذه الناقلة تبحر في شمال البحر الأحمر متجهة إلى العين السخنة في مصر بعد زيارة ميناء ينبع السعودي على البحر الأحمر، وهي علامة على أن الناقلة كانت تستمر في الحركة والتنقل بشكل طبيعي.
وفي الشهر الماضي، أطلق الحوثيون المزيد من الادعاءات حول مهاجمة السفن في البحر المتوسط، بالتعاون مع الجماعات المسلحة العراقية كما زُعم. على سبيل المثال، في 22 حزيران/يونيو، ادّعى الحوثيون أنهم هاجموا أربع سفن في ميناء حيفا بالإضافة إلى ناقلة الثروة الحوانية التي ترفع علم لوكسمبورغ "شورثورن إكسبريس" (رقم تسجيل السفينة 9167318) في البحر المتوسط وهي في طريقها إلى حيفا. ونفت الشركة المالكة لناقلة "شورثورن إكسبريس"، "فرون" ومقرها هولندا، هذا الادعاء، قائلةً لـ "تريد ويندز": "تود الشركة التأكيد على أن الطاقم والسفينة وحمولتها آمنون ولم تتم ملاحظة أي إشارات على هجوم. وفي غضون ذلك، تتابع «شورثورن إكسبريس» رحلتها إلى ميناء وجهتها".
وكانت ناقلة الثروة الحوانية متواجدة فعلاً في ميناء حيفا، لكن بيانات الشحن من "مارين ترافيك" لا تظهر أي تحركات غير عادية. واعتباراً من 2 تموز/يوليو، غادرت السفينة إسرائيل وأبحرت باتجاه البحر الأيرلندي، في إشارة واضحة على أنها كانت تستمر في الحركة والتنقل بصورة طبيعية، كما هو موضح أدناه.
أما ادعاء الحوثيين باستهداف أربع سفن في ميناء حيفا، فلم تؤكده مصادر مستقلة، ويتم التشكيك في صحته. وبينما واصل الحوثيون إطلاق ادعاءات مماثلة هذا الشهر، فإن أي هجمات خطيرة على ميناء حيفا كانت ستؤدي إلى تعليق حركة المرور البحرية هناك لفترة طويلة وشعور بالذعر في قطاع الشحن، وهما أمران لم يحدثا حتى الآن.
وقد اكتسب الحوثيون أساساً سمعة سيئة بسبب مهاجمتهم السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، مما أدى إلى إغراق عدد قليل منها، وقتل وجرح البحارة، وتعطيل حركة الملاحة البحرية العالمية. وقد تشجعوا من خلال نجاحهم في هاتين المنطقتين منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023 وقدرتهم على استهداف سفينتين على الأقل في بحر العرب والمحيط الهندي، مما سهّل عليهم الادعاء بشن هجمات خارج منطقة عملياتهم المعتادة.
القدرات العسكرية ضد السفن
يمتلك الحوثيون مجموعة واسعة من الأسلحة، مثل الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز المتنفسة للهواء وطائرات مسيّرة، والتي يمكن أن تشكل تهديداً كبيراً لمنع الوصول/منع الدخول إلى المنطقة للشحن وللموانئ في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن وبحر العرب. ومع ذلك، وعلى الرغم من ادعاءات الجماعة بأن طائراتها المسيّرة من طراز "صماد-4" و"ويد" الهجومية أحادية الاتجاه (OWADs) يزيد مداها عن ألفي كيلومتر، فمن غير المرجح أن يكون لدى الحوثيين طائرات مسيّرة أحادية الاتجاه يمكن أن تصل إلى ما هو أبعد من ألف كيلومتر. وبناءً على المعلومات المتاحة، فمن غير المرجح أن يهاجموا منشآت ميناء حيفا أو أهدافاً بحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط مباشرةً من اليمن باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ مضادة للسفن.
وتبلغ المسافة من حيفا إلى مواقع إطلاق الطائرات المسيّرة الحوثية المعروفة ألفي كيلومتر في خط مباشر، وحوالي 2200 كيلومتر لمسار طيران أكثر واقعية على طول خط البحر الأحمر الوسطي وصحراء شرق سيناء.
وقد يستمر الحوثيون في محاولة إطلاق بعض صواريخ "قدر" الباليستية الأطول مدى، والتي بالكاد يمكنها الوصول إلى منطقة حيفا ولا يمكنها مهاجمة أهداف متحركة أو قابلة للنقل. ولكن بإمكانهم التعويض عن ذلك من خلال إطلاق الصواريخ من العراق بالتعاون مع الجماعات المسلحة العراقية، مما يقلل المدى المطلوب للوصول إلى حيفا إلى 500 كيلومتر أو أقل. ومن المتوقع أن يلعب "الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني دوراً تنسيقياً ولوجستياً رئيسياً في مثل هذه العملية لمنح الامتيازات.
ومع ذلك، فقد أثبتت الدفاعات الجوية والصاروخية الإسرائيلية وتلك الخاصة بدول أخرى في المنطقة، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، أنها قادرة جداً على اعتراض أي تهديدات صاروخية أو تهديدات متنفسة ضد إسرائيل. فهناك تعاون يشمل تبادل المعلومات الاستخبارية عبر روابط البيانات، ورسائل البريد الإلكتروني ذات الأولوية، والرسائل النصية، والخطوط الهاتفية الساخنة. وقد تواجه هذه الشبكة الدفاعية شبه المنسقة تحدياً جديداً إذا دخل "حزب الله"، بخط رؤيته غير المعوق، إلى مسرح شرق البحر المتوسط في إطار نزاع أوسع مع إسرائيل. ومن غير المعروف أن "حزب الله" يمتلك في ترسانته أكثر من صواريخ كروز الموجهة بالرادار من طراز "نور" (سي-802) و"نصر" (سي-704) المضادة للسفن، والتي يصل مداها الأقصى إلى 120 كيلومتراً. لكن من المرجح أنه يمتلك أساساً، أو قد يمتلك قريباً، أي أسلحة متواجدة تقريباً في ترسانات الحوثيين أو "قوات الحشد الشعبي" في العراق.