حشود الميليشيات تهاجم قناة "إم بي سي" السعودية في بغداد
دفعت التغطية الإعلامية الخليجية المستفزة بشأن مقتل قادة إرهابيين، "كتائب حزب الله" إلى إطلاق أعمال عنف غوغائية ضد مكاتب شبكة "إم بي سي" في بغداد.
في إطار حلقة من برنامجها "في أسبوع"، بثت قناة "إم بي سي" الفضائية الممولة من الدولة السعودية في 19 تشرين الأول/أكتوبر، فقرة بعنوان" ألفية الخلاص من الإرهابيين"، عرضت فيها صوراً لمقاتلين مدعومين من قبل إيران قتلوا على يد إسرائيل والولايات المتحدة. كما عرض البرنامج صور لزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، وقادة "حماس" إسماعيل هنية ويحيى السنوار، وقائد الميليشيات العراقية أبو مهدي المهندس وغيرهم، حيث علق قائلاً: "لقد تخلص العالم في هذه الألفية من العديد من الشخصيات الإرهابية التي روعت العالم وسفكت الدماء" (الشكل 1).
على الرغم من أن البث كان من خارج العراق ويستهدف الجمهور العربي العام، إلا أن المحتوى المثير للجدل سرعان ما لفت انتباه وسائل الإعلام المرتبطة بالمقاومة العراقية. وسرعان ما أصدرت حسابات على منصة "تلغرام" مرتبطة بهذه المنافذ الإعلامية دعوات لمهاجمة مقر قناة "إم بي سي" في بغداد، وأبرزها قناة "صابرين نيوز". ورغم أن حجم أعمال الشغب الناتجة كان محدوداً، وأن قوات الأمن العراقية كانت على علم مسبق بالحادث، إلا أن مقاتلي المقاومة تمكنوا من اقتحام مبنى "إم بي سي" وأضرموا النار فيه. وأثناء أعمال الشغب، شوهد أفراد يحملون أعلام "قوات الحشد الشعبي"، وميلشيا "كتائب حزب الله" المدعومة من قبل إيران.
جهود سعودية-عراقية رسمية لتهدئة الميليشيات
بعد ساعات فقط من بث المقطع، أصدرت "الهيئة العامة لتنظيم الإعلام" في السعودية بيان جاء فيه:" قامت الهيئة العامة لتنظيم الإعلام بإحالة المسؤولين في إحدى القنوات التلفزيونية للتحقيق بسبب تقرير إخباري مخالف للأنظمة والسياسة الإعلامية للمملكة العربية السعودية، وذلك لاستكمال الإجراءات القانونية اللازمة حيال هذه المخالفة. وتؤكد الهيئة أنها مستمرة في مراقبة مدى التزام وسائل الإعلام بالأنظمة الإعلامية للمملكة وضوابط المحتوى، ولن تتهاون في تطبيق النظام تجاه أي مخالفة ".
وبالمثل، اتخذت الحكومة العراقية خطوات لمحاسبة "إم بي سي"، حيث ذكرت شبكة الإعلام العراقي، التي تديرها الدولة، أن "مجلس مفوضي هيئة الإعلام والاتصالات أصدر قرارًا بإلغاء ترخيص قناة "إم بي سي" الفضائية، وأصدر توجيهات للجهاز التنفيذي للهيئة بإيقاف عملها في العراق" (الشكل 2). وعلى الرغم من أن مثل هذه القرارات عادةً ما تُنشر عبر وثائق هيئة الإعلام والاتصالات أو البيانات الرسمية، إلا أنه لم يتم نشر نسخة من هذه الوثيقة علنًا أو الإشارة إليها في حسابات الهيئة على مواقع التواصل الاجتماعي. وهذا قد يشير إلى أن قرار الإلغاء كان خطوة غير رسمية تهدف إلى تهدئة الغضب. ومع ذلك، استأنفت قناة “إم بي سي" العراق بث برامجها حتى وقت كتابة هذه السطور.
بالإضافة إلى ذلك، أصدرت عدة شخصيات سياسية عراقية تصريحات عقب بث برنامج قناة "إم بي سي"، أبرزهم النائب في البرلمان العراقي مصطفى سند، ذو الميول الكردية، الذي غرد قائلاً: " إلى قناة "إم بي سي" العراق المدعومة حكومياً: الموضوع لا ينتهي بالتكسير أو الحرق، لا مكان لكم في العراق، وسيتم العمل على إلغاء رخصتكم واسم العراق لا يتشرف بالعملاء" (الشكل 3)
مشاكل قناة "إم بي سي" السابقة في العراق
على الرغم من أن البرنامج تم بثه على قناة "إم بي سي" الرئيسية، إلا أن مصطفى سند ربطه بقناة "إم بي سي" العراق التي أُطلقت في عام 2019، مشيرًا إلى تركيز القناة على التأثير على الجمهور العراقي من خلال برامج تهدف إلى منافسة القنوات المحلية. ومن الجدير بالذكر أن قناة "إم بي سي" العراق واجهت منذ إطلاقها العديد من التحديات، حيث استهدفتها المقاومة بشكل متكرر، مدعية أنها صورت سكان العراق الشيعة في الجنوب على أنهم أقل تعليمًا.
في مايو/أيار 2020، بثت قناة "إم بي سي" العراق برنامجًا يستعرض حياة الشاعر العربي الشهير نزار قباني، الذي فقد زوجته في هجوم إرهابي مدعوم من إيران على السفارة العراقية في لبنان عام 1981. وقد أشارت قناة "إم بي سي" لأبو مهدي المهندس باعتباره الإرهابي الذي نفذ الهجوم (الشكل 4)، مما أدى إلى اندلاع أعمال شغب اقتحم خلالها مهاجمو المقاومة مبنى قناة "إم بي سي". وفي أعقاب ذلك الحدث، علقت قناة "إم بي سي" عملياتها في بغداد وأغلقت مكتبها هناك لمدة أربعة أشهر.
الميليشيات قادرة على تهديد أهداف دولية في بغداد
يعد الحادث الأخير تذكيرًا بأن الميليشيات والجماعات الإرهابية المدعومة من إيران قادرة على الوصول إلى العديد من الأهداف الدولية في العراق بسهولة نسبية، بما في ذلك المواطنين الأجانب والشخصيات الإعلامية ورجال الأعمال والممتلكات الاستثمارية. وهذه أهداف قد لا ترغب إيران و"حزب الله" اللبناني في مهاجمتها بشكل مباشر أو علني بأنفسهم، في حين أن وكلاء آخرين (مثل الحوثيين اليمنيين) قد لا يستطيعون الوصول إليها إلا بشكل محدود. وبالتالي، يلعب العراق دورًا استراتيجيًا كمكان لا تزال فيه المصالح الأجنبية موجودة ويمكن أن تكون مهددة ورهينة لشبكة التهديد الإيراني الأوسع نطاقًا.