شاهد أو اقرأ محادثة مع مسيح علي نجاد، ناشطة إيرانية أمريكية في مجال حقوق الإنسان وشخصية شرف الباحث العلمي لمعهد واشنطن لعام 2022.
إنقر هنا لتنزيل نسخة الـ "بي. دي.إف" باللغة الانكليزية
"في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، كرم معهد واشنطن الناشطة الإيرانية الأمريكية في مجال حقوق الإنسان مسيح علي نجاد بجائزة "سكولار-ستيتمان" في حفل أقيم بمدينة نيويورك. خلال البرنامج، أجرى روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي للمعهد ورئيس كرسي "هوارد پ. بركويتس" لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مقابلة مع علي نجاد. وفيما يلي نص الحوار الذي تم تحريره مراعاةً لأسلوب العرض وقواعد اللغة ولدواعي توضيحية".
روبرت ساتلوف: سيداتي وسادتي، أقدم لكم مسيح علي نجاد.
مسيح علي نجاد: شكراً جزيلاً لكم. بصراحة، أنا جد متأثرة. أولاً، اسمحوا لي أن أهدي هذه الميدالية إلى نساء إيران الشجاعات، إلى أبطالي، إلى القادة الذين يعيشون داخل إيران ويواجهون البنادق والرصاص كل يوم. إنهم يرددون شعارات بسيطة: "المرأة، الحياة، الحرية"، كما أنهم لا يقاتلون من أجل أنفسهم فقط، بل من أجل الديمقراطية والكرامة والحرية. إنهم يقاتلون من أجل العالم بأسره. لذلك أهدي هذه الميدالية إلى النساء والرجال في إيران. شكراً جزيلاً لكم. شكراً لمعهد واشنطن.
لساني يعجز عن الكلام. في العام الماضي، منح معهد واشنطن هذه الجائزة لأغنى رجل في العالم. أما هذا العام، فلا أعرف كيف اختاروا أفقر ناشطة في العالم. شكراً جزيلاً لكم. أنا لست معتادة على الحصول على هذا القدر من الحب. أنا معتادة فقط على تلقي تهديدات بالقتل، والتعرض للشتم والترهيب من قبل الملالي.
شكراً جزيلاً لكم لكونكم بمثابة العائلة لي. عندما رأيت الزهور، التي لن أحكي قصتها، دخل السرور إلى قلبي في وقت كنت بأمس الحاجة إليه، لا سيما في هذه الأيام ونحن نتابع الأخبار الواردة من إيران. [ملاحظة المحررين: وُزعت زهور على جميع الحاضرين في الحفل ليضعوها فوق رؤوسهم أو على طية سترتهم، تماماً كالزهرة التي تضعها علي نجاد في شعرها والتي أصبحت رمزا خاصا بها.] الناس يُقتلون. الأطفال يُقتلون. المراهقون يُقتلون. كل يوم أخلد إلى فراشي ودموعي لا تفارقني، لقد اسعدتموني. شكراً جزيلاً لكم. شكراً.
ساتلوف: إن هذا الحوار من أصعب الحوارات، لكن قبل أن نبدأ، أود أن أحيي شخصين. أولاً، أعلم أن مسيح قالت للتو إنها لا تحصل على ما يكفي من الحب، لكنني متأكد من أن هناك شخص واحد على الأقل في هذه الغرفة يعترض على قولها هذا، وهو الشخص الذي رأيتموه في الفيديو، زوجها كامبيز فروهر. لا أعرف ما إذا كان بإمكانكم رؤية كامبيز، ولكنه هنا، ها هو. وهناك رجل شهم آخر رأيتموه في الفيديو أيضاً. وقد قام بعمل رائع من خلال التعليق على هذا الفيديو وهو خبير متعمق في الشؤون الإيرانية. يسعدني تواجده معنا الليلة، كريم سجادبور.
علي نجاد: رفيقي في النضال!
ساتلوف: مسيح، لدينا الكثير من المواضيع التي يجب أن نتطرق إليها ولدي الكثير من الأسئلة التي أريد طرحها فيما يتعلق بكِ. لكن أولاً، أريد أن أتحدث عما يجري [في إيران]. لديك مصادر لا يملكها أي منا. ما هي آخر المستجدات؟
علي نجاد: لا بد من الإشارة إلى أن إيران تشهد ثورة، وهي ثورة تاريخية تقودها النساء ولكنها تحظى بدعم الرجال. منذ سنوات وأنا أحذر من خطر شرطة الأخلاق وقوانين الحجاب، لكن القتل الوحشي لمهسا أميني، وهي امرأة كردية تبلغ من العمر عشرين عاماً، أثار غضباً عارماً لأنها لم تكن جزءاً من احتجاجات العصيان المدني، حتى أنها لم تكن غير محجبة، بل كانت ببساطة ترتدي حجاباً "غير لائق". هل يمكنك أن تصدق ذلك؟ إلى جميع النساء هنا، لقد اهتممتنّ كثيراً بشعركنّ لتبدين جميلات قبل القدوم إلى هنا، أليس كذلك؟ لمجرد قيامهنّ بذلك، تُقتل النساء في إيران. هذا ما يحدث في إيران الآن. إنها ثورة.
نعم، بدأ الأمر بسبب الاحتجاج على قوانين الحجاب الإلزامي والاحتجاج على القتل الوحشي لمهسا أميني، لكن المسألة برمتها تتعلق بالتخلص من نظام الفصل العنصري بين الجنسين. فالحجاب الإلزامي ليس مجرد قطعة قماش صغيرة عندما يكون في أيدي الجمهورية الإسلامية أو "طالبان" أو "داعش"، بل يصبح أحد أبرز صور الاضطهاد والركيزة الأساسية للديكتاتورية الدينية. لهذا السبب يُقتل الإيرانيون كل يوم: لقد اتخذوا قرارهم، وهم يعودون إلى الشارع كل يوم لإنهاء هذا النظام الهمجي.
هذا كل ما يمكنني قوله لك. فقد قتل أكثر من 300 شخص واعتقل 15000 آخرين. سُجنت تلميذات. سُجن مراهقون. لكن كلما زاد عدد من يُقتلون على يد النظام الإيراني، كلما زاد تصميم الشعب على إنهاء هذا النظام. هذه مجرد بداية النهاية، نهاية أحد أخطر الأنظمة التي تعرف بـ "الجمهورية الإسلامية".
لا بد من أن أشير إلى نقطة. اليهود والإيرانيون أصدقاء قدامى عبر التاريخ. قدم اليهود إلى إيران قبل آلاف السنين من وصول الإسلام إلى إيران. لدينا أصدقاء مشتركون، كورش الكبير، كورش العظيم. نحن جميعاً نكافح من أجل الهدف ذاته. نريد بلداً يتمتع فيه البهائيون واليهود والأقليات والرجال والنساء والأكراد والأتراك والبلوش والجميع بالكرامة والحرية. هذا ما يحدث في إيران الآن.
ساتلوف: سمعت أنك تستخدمين التعبير المجازي بحيث تشبّهين الحجاب بجدار برلين. ما الذي تقصدينه بذلك؟
علي نجاد: لست الوحيد الذي سمع ذلك يا روب.
[ضحك]
ساتلوف: بالطبع.
علي نجاد: المرشد الأعلى - أنا أكره كلمة "الأعلى" - علي خامنئي، سمع ذلك أيضاً. منذ سنوات وأنا أقارن الحجاب الإلزامي بجدار برلين وأؤمن بذلك بشدة. إذا استطاعت النساء رفض الانصياع لمن يملي عليهنّ ما الذي يجب أن يرتدينه، فيمكنهنّ رفض الانصياع لكبار الديكتاتوريين كذلك. أعتقد أننا إذا نجحنا في هدم هذا الجدار، فستزول الجمهورية الإسلامية. مؤخراً، أشار علي خامنئي في الواقع إلى مقارنتي بين الحجاب الإلزامي وجدار برلين أمام "الحرس الثوري". بالتأكيد لم يأتِ على ذكر اسمي لأنه يخاف من اسمي ويخاف من النساء، ولكنه قال [للحرس الثوري] إن العميلة الأمريكية التي قارنت الحجاب الإلزامي بجدار برلين، "عليكم أن تتخذوا موقفاً منها. عليكم أن تتخذوا إجراءات ضدها". كنت في الواقع سعيدة جداً في مخبأي وأنا أصرخ: "نعم، لقد أشار إليّ. وأخيراً!" لكن زوجي قال: "ألا تفهمين؟ قال للحرس الثوري: "اتخذوا إجراءات ضدها"".
بالتالي، نقلنا مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى مخبأ آخر. لكن ذلك يعني فعلياً أننا ربحنا المعركة. [خامنئي] يعرف في الواقع أن الحجاب الإلزامي هو جدار برلين وأننا سننهي الجمهورية الإسلامية. لذلك هم يخشون فعلاً النساء الإيرانيات في البلاد. إنهم لا يخشونني أنا شخصياً. صدقوني، وظيفتي هي أن أعكس أصوات النساء الإيرانيات ولهذا السبب يبذلون قصارى جهدهم لإسكاتي، من خلال قتلي، اغتيالي، اختطافي. ذلك لأنني أعكس صوت القادة والنساء الأقوياء الذين يحاولون هدم هذا الجدار، كما قال الرئيس ريغان.
ساتلوف: لا بد من متابعة الكلام عن هذه النقطة. أنت هنا، في الولايات المتحدة.
علي نجاد: لست كذلك، جسدي هنا. الإيرانيون هنا!
[بالفارسية للجمهور: كم منكم قلبه في إيران الآن؟ كلنا!]
كم منكم يبكي كل يوم؟ كم منكم يشعر أنه هناك كل يوم عندما يهتف الناس: [بالفارسية: المرأة، الحياة، الحرية]؟
لذا، روب، جسدي هنا ولكن أفكاري وروحي وكل أحاسيسي هناك. عندما كنت طفلة صغيرة، أتذكر أنني كنت شقية، كما تعلمون جميعاً، عندما أثير المشاكل، كان والدي يطردني من الغرفة. كانت أمي تخبرني أنني كنت أتمكن من العثور على نافذة للتسلل مجدداً إلى الغرفة ذاتها. لذا، صحيح أن النظام الإيراني طردني من وطني الحبيب، إلا أنني تمكنت من العثور على نافذتي الخاصة للتسلل إلى وطني. نوافذي هي وسائل التواصل الاجتماعي: "تويتر" و"فيسبوك" و"اينستغرام". لدي أكثر من 10 ملايين متابع. لست ممثلة ولست عارضة أزياء. لدي متابعين أكثر من متابعي الملالي وآيات الله مجتمعين. لذا فأنا هناك [في إيران] كل يوم.
ساتلوف: هذا هو الجواب على السؤال الذي كنت سأطرحه عليكِ... من الصعب أن يكون لكِ كلمة هنا، أليس كذلك؟
[ضحك]
علي نجاد: لا، لكن صدقني، لقد أعطيت الكلمة للرئيس ماكرون!
ساتلوف: لمَ يطاردونكِ حتى هنا؟ لمَ يرسلون عملاءهم آلاف الأميال من أجل إسكاتكِ؟ لا بد أنكِ قد أثرت غضبهم حقاً. أنتِ بالطبع تنجحين في إيصال صوتكِ وإحراز تقدم فعلي داخل إيران.
علي نجاد: أعتقد بشدة أنهم يخافون من النساء اللواتي يتجرأن على إرسال مقاطع فيديو لي ويتجرأن على التحدث ضد نظام الفصل العنصري بين الجنسين. اسمحوا لي أن أعطيكم مثالاً حتى تفهموا ما يخشونه حقاً.
لقد فعل النظام الإيراني كل ما بوسعه لإسكاتي وإبقائي صامتة. أولاً، ذهبوا إلى النساء اللواتي أرسلن لي مقاطع فيديو. اعتقلوا 29 امرأة من حملة "الأربعاء الأبيض" في يوم واحد فقط، وهو أمر أشعرني بالذنب. كنت سأوقف الحملة. اعتقلوا صبا كرد أفشاري وياسمين أرياني، اللتين تبلغان من العمر عشرين عاماً واثنين وعشرين عاماً. حكم [النظام الإيراني] على [صبا] بالسجن لمدة أربعة وعشرين عاماً، وهي مدة تفوق عمرها، وحكم على [ياسمين] بالسجن لستة عشر عاماً. على الفور، انضمت أمهاتهن إلى الحملة. نزلن إلى الشارع وقلن: "الآن، نحن صوت بناتنا". هؤلاء هنّ روزا باركس إيران. [النظام الإيراني] لم يوقفني، وطالما أن [الشعب الإيراني] يرفع صوته، علي أن أكون صوته. هذا لم يوقفني ولم يوقف الحملة.
لذلك قرر النظام الإيراني ملاحقة عائلتي. سجن أخي لسنتين. وأحضر أختي إلى التلفاز لتندد بي علناً، حتى أنه أرسل أشخاصاً [إلى الولايات المتحدة] لاختطافي. قبض مكتب التحقيقات الفيدرالي على رجل يحمل مسدساً محشواً أمام منزلي قبل ثلاثة أشهر فقط. ووضع [النظام الإيراني] قانوناً ينص على أن أي شخص يرسل مقاطع فيديو إلى مسيح علي نجاد يمكن أن يُحكم عليه بالسجن لمدة تصل إلى عشر سنوات.
أيمكنك أن تصدق ذلك؟ لكن ها أنت ذا. أرسلت ناهد الشربيشة [والدة أحد المتظاهرين] الذي قُتل في احتجاجات إيران، وهو بويا بختياري، مقطع فيديو إليّ على الفور وقالت: "إيران هي سجن بالنسبة لي، وأنت تخشين ذهابي إلى السجن؟" تلك الأم أصبحت صوت ابنها، بل وصوت الشعب الإيراني أيضاً. وهي مسجونة الآن. انضمت إليها أمهات أخريات قائلات: "لسنا خائفين منك [النظام]". إذاً كما ترى فالأمر لا يتعلق بي، بل بنساء شجاعات داخل إيران أصبحن قائدات التغيير. هذا يخيف النظام. لولا ذلك، يمكنهم قتلي، لكنهم يعرفون أن الأمر لا يتعلق بي. هناك ملايين المناضلات مثلي ممن هن أشجع مني في إيران.
إنهم خائفون من "المرأة، الحياة، الحرية". لذلك، يريدون أن يجعلوا مني عبرة، من خلال قتلي، يريدون قتل الأمل. الآن، المرأة الإيرانية لا تعرف الخوف. لمدة أربعين عاماً، زرع [النظام] الخوف في داخلنا. الآن النظام الإيراني يخشى نساءه. صدقني.
ساتلوف: مسيح، أريد أن أطرح عليكِ سؤالين جديين للغاية. تضم هذه الغرفة أشخاصاً ناشطين ومتفاعلين، يتابعون الأخبار ويدركون الخطر الذي تمثله إيران. أريدكِ أن تتخيلي أنكِ تتوجهين إلى نوع مختلف من الحضور، مثلاً، أمريكيين لا يتابعون أخبار العالم، أمريكيين عاديين في كانساس وآيوا وميسوري وحتى نيو جيرسي. لماذا عليهم أن يهتموا بهذا الأمر؟ لماذا عليهم أن يهتموا بكِ وبمَ يجري في إيران؟ لماذا عليهم أن يدعموا حراكا يسعى لإحداث التغيير في بلدكِ؟
علي نجاد: بصراحة، هذا سؤال جيد حقاً. لم يطرح أي من الصحفيين هذا السؤال عليّ. كما ترى، في هذه الأيام أنا في كل مكان. الإيرانيون لا يقاتلون من أجل أنفسهم، بل يحاولون إنقاذ العالم كله من أحد أخطر الأنظمة. في الوقت الحالي، بينما أتحدث إليك، يرسل النظام الإيراني طائرات بدون طيار إلى بوتين لقتل الأوكرانيين الأبرياء. عندما ذهب بوتين إلى جورجيا، قال الأمريكيون: "لسنا جورجيين". وعندما ذهب بوتين إلى سوريا، ربما قال بعضكم: "لسنا سوريين". منذ سنوات، يحذر النشطاء المناهضون لبوتين من خطر بوتين، أليس كذلك؟ الآن، بوتين في قلب أوروبا، في أوكرانيا، لكن بوتين ليس لوحده وخامنئي يساعده. الطغاة من حول العالم يساعدون بعضهم البعض. صدقوني، الطغاة أكثر اتحاداً من الدول الديمقراطية. من روسيا إلى الصين إلى إيران إلى فنزويلا، وفي كل مكان. لكن الآن [بينما] أتحدث إليكم، هناك مواطنون أمريكيون في السجن [في إيران]. يُستخدم مواطنون بريطانيون وسويديون وفرنسيون وألمان جميعاً كأوراق مساومة للحصول على صفقة نووية.
إذاً هل فهمت؟ تخيل أن تتحد جميع الدول الديمقراطية يوما ما وتخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية وتطلب منهم إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين الأبرياء. إذا لم تتحد الدول الديمقراطية لإنهاء الإرهاب الإسلامي، صدقني، فإن الإرهابيين الإسلاميين سوف يتحدون. سوف يتحد الديكتاتوريون وسوف ينهون الديمقراطية. سوف يقضون علينا. وسيقضون على كل واحد منكم. ولهذا السبب يجب أن تكترثوا لهذا الأمر. عندما فُرض حظر البوركيني في فرنسا، اتحدت النسويات في جميع أنحاء العالم. عندما قُتل جورج فلويد بوحشية، اتحد العالم بأسره. حصلت مسيرات نسائية في كل مكان، [تهتف] "جسدي، خياري". ما الفرق بين نساء إيران ونساء الغرب؟
أخيراً، لدي سؤال بسيط أريد منك أن تجيب عليه. لو لم تكن نساء إيران هن المعنيات، لو كانت النساء في أمريكا هن من يُطردن من الملعب، ما هو رد الفعل الذي كنت لتقوم به؟ الغضب. لو لم تكن الفتيات الأفغانيات [بل] الفتيات الأمريكييات هن من يُطردن من المدارس لمجرد كونهنّ فتيات، ما هو رد الفعل الذي كنت لتقوم به؟ ما هو الفرق؟ ما الفرق بين الفتيات في أفغانستان أو إيران والفتيات والنساء هنا في الغرب؟ هذا غير مقبول.
حقوق المرأة وحقوق الإنسان هي قضايا عالمية. لا أوافق على ما يقوله السياسيون في الغرب: "لا نريد التدخل في شأن داخلي". من خلال التزام الصمت أو إرسال مليارات الدولارات إلى النظام الإيراني أو التفاوض معه، فأنتم تتدخلون فعلياً لأن النظام الإيراني يفرض حرباً على النساء والرجال في إيران. عندما تذهبون وتتفاوضون مع دعاة الحرب، فإنكم تنحازون إلى جانب معين وتتدخلون في الشؤون الداخلية. أريدكم أن تبقوا على الجانب الصحيح من التاريخ مع الشعب الإيراني. شكراً على طرحك هذا السؤال.
ساتلوف: لقد أخذتِنا للتو إلى عالم السياسة. لذا اسمحي لي أن أسألكِ: قالت حكومة الولايات المتحدة مؤخراً إنها بصدد تغيير نهجها. لم تعد تؤكد على سعيها للتوصل إلى اتفاق نووي. لم تقل إنها ستتوقف عن ذلك، بل إنها ببساطة تبتعد عنه.
علي نجاد: نحن نسير في ذلك الإتجاه.
ساتلوف: وقد قابلتِ كبار المسؤولين في الحكومة الأمريكية، لذا دعيني أسألكِ: هل تشعرين أنكِ تحصلين على القدر المناسب من الدعم؟ هل تشعرين أن حكومة الولايات المتحدة تتبنى السياسة الصحيحة، وما الخطوات الإضافية التي تريدين من إدارة بايدن اتخاذها لدعم قضية الحرية في إيران؟
علي نجاد: بمساعدتكم، سنصل إلى هناك. أولاً، يجب أن أوضح للحكومة الأمريكية ولإدارة بايدن أنه عندما نتحدث عن الإرهاب الإسلامي، أو الجمهورية الإسلامية، أو نظام الفصل العنصري بين الجنسين، يجب أن تكون قضية يُجمع عليها الحزبان. لا يهم ما إذا كنتم تدعمون الجمهوريين أو الديمقراطيين. أنتم تؤمنون بحقوق المرأة، أليس كذلك؟ أنتم تؤمنون بالديمقراطية، أليس كذلك؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فأنتم تهتمون بسلامة الأمريكيين، أليس كذلك؟ لهذا السبب، علينا أن ننظر إلى هذه القضية على أنها قضية تتطلب إجماع الحزبين.
لقد كنت في باريس حيث التقيت الرئيس ماكرون. وقد أوضحت له فعلياً أن الانتفاضة ثورة. أنا لا أقول إن ذلك سيحدث بين ليلة وضحاها، فهذا ماراثون. أمامنا طريق طويل وصعب، لكن هذه ثورة. نحن بحاجة إلى أفعال. يستطيع [الغرب] أن يقول: "نعم، لن نتفاوض مع الجمهورية الإسلامية إلى أن تتوقف عن قتل الناس"، لكننا لسنا بحاجة إلى كلمات رنانة، بل إلى أفعال.
أولاً، اعترفوا بالثورة.
ثانياً، اتصلوا بحلفائكم لاستدعاء سفرائهم.
ثالثاً، نريد من قادة مجموعة الدول السبع طرد جميع الدبلوماسيين ومسؤولي الجمهورية الإسلامية الذين يقتلون المراهقين والأطفال الإيرانيين في الشوارع. هل نطلب الكثير؟
كان الرئيس بايدن في الواقع (مؤيداً) لحظر جنوب أفريقيا، هل تتذكر ذلك؟ الجمهورية الإسلامية هي نظام فصل عنصري بين الجنسين أيضاً، لذلك يجب أن يدعو الرئيس حلفاء [أمريكا] إلى حظر الجمهورية الإسلامية من كافة الأمكنة لأن الجمهورية الإسلامية هي نظام فصل عنصري بين الجنسين.
في الوقت الحالي، أصبح عمال النفط عاطلين عن العمل. المدرسون وأساتذة الجامعات يدعمون هذه الثورة فعلياً، لكننا بحاجة إلى المساعدة والدعم من الدول الغربية. نحن بحاجة إلى أفعال وليس كلمات رنانة.
بصراحة، سأكرر ذلك مرة أخرى. يسأل الكثير من الأشخاص: "إذاً أنتِ تطلبين من حكومتكِ الأمريكية أن تنقذ الإيرانيين؟" كلا، أريدها أن تتوقف عن إنقاذ الجمهورية الإسلامية.
ساتلوف: يمكن القول على ما أعتقد إنكِ النموذج المثالي للعقار المنشط "آديرال". أنت فعلياً كتلة طاقة لا تعرف الكلل.
[ضحك]
علي نجاد: روب، النظام الإيراني وصفني بالعميلة الأمريكية. كم هم أغبياء! إذا كنت عميلة أمريكية، فعليّ تأييد اتفاق نووي، أليس كذلك؟
ساتلوف: هل فكرتِ يوماً باحتمال أن تنجحي في مسعاكِ؟ وأن تسقط الجمهورية الإسلامية؟
علي نجاد: لقد نجحنا أصلاً. أعني، هل تمازحني؟ الحكومة الإيرانية تخاف مني ووزني لا يبلغ سوى خمسة وأربعين كيلوغراماً.
ماذا يعني ذلك؟ ليس لدي سلاح ولا بنادق ولا رصاص. [النظام] يغتال ويقتل ويعدم الأشخاص، لكنه يخاف من المراهقين في إيران. يخاف من تلميذات وتلاميذ المدارس في إيران. يعني ذلك أننا ربحنا المعركة أصلاً، لسنوات وسنوات. كفتاة قادمة من عائلة تقليدية جداً من قرية صغيرة، كملايين الطلاب الآخرين، قيل لي بأن عليّ أن أهتف "الموت لإسرائيل" بصوت جد عالٍ حتى يصل الصوت إلى تل أبيب. قيل لي بأن علينا أن نهتف "الموت لأمريكا" بصوت جد عالٍ حتى يصل الصوت إلى البيت الأبيض. والآن الإيرانيون يهتفون "الموت لخامنئي" بصوت جد عالٍ لدرجة أن خامنئي يستطيع سماعهم. هذا يعني أننا ربحنا المعركة.
منذ سنوات ونحن نتعرض لغسيل دماغ مفاده أن عدونا هو في الخارج: أمريكا وإسرائيل. لكن الآن نسمع الناس في الشوارع يقولون بصوت عالٍ وواضح إن [الحكومة الإيرانية] تكذب علينا بقولها إن عدونا أمريكا وعدونا إسرائيل. عدونا هنا وهو الجمهورية الإسلامية. سننهي هذا النظام سواء ساعدنا الغرب أم لا. عاجلاً أم آجلاً، سننهي الجمهورية الإسلامية.
ساتلوف: إذاً، أيها الأصدقاء، إليكم نسخة من "الريح في شعري: كفاحي من أجل الحرية في إيران الحديثة". إنها مذكرات رائعة للغاية. ليست كل المذكرات رائعة. بعض المذكرات عبارة عن تهنئة ذاتية وهي مملة ببساطة. أما هذه المذكرات فهي مشوقة وآسرة ومؤثِرة، وهي متاحة أيضاً للجميع بعد مغادرتهم برنامجنا الليلة.
علي نجاد: رائع.
ساتلوف: ننتظركم بالخارج في الردهة.
علي نجاد: صدقني، لم تعد الريح في شعري بعد الآن، بل هي عاصفة في إيران. وهي ثورة شعر ضد نظام الفصل العنصري بين الجنسين.
ساتلوف: أود أن أشكركِ على كل ما تقومين به، على تفانيك أنتِ وزوجك. أود أن أشكركما على كل ما تقومان به لتحقيق إنجازات رائعة في هذا العالم، لتمكين النساء والرجال في إيران ودعمهم في التعبير عن صوتهم حتى يتحرروا. ما تفعلانه هو بمثابة هدية-
علي نجاد: شكراً لك. هل يمكنني توجيه رسالة للجيل الشاب أيضاً؟
ساتلوف: كلا، دعيني أنهي الجملة أولاً. رباه!
[ضحك]
علي نجاد: كم أحبه!
ساتلوف: كامبيز، أنا متعاطف معك كثيراً.
[ضحك، تصفيق]
علي نجاد: لا يمكنه أن يطلقني.
ساتلوف: حسناً، تفضلي، قولي ما تريدين قوله.
[ضحك]
علي نجاد: أحبكم. شكراً جزيلاً. لم أتمكن من معانقة عائلتي منذ ثلاثة عشر عاماً. لكن الليلة عانقت الجميع. وأرجو ممن لم أعانقه أن ينتظرني كي أعانقه لاحقاً. شكراً جزيلاً.
لكنني أريد أن أتوجه برسالة [لجيل الشباب] لأنني أرى الكثير من الشباب والشابات هنا. أنا بحاجة إليكم. منذ سنوات، يقول النظام الإيراني إن أمريكا هي الشيطان الأكبر والعدو الأكبر. تلقيت تهديدات بالقتل. قام أحد عناصر "البسيج" المشهورين، الذي ظهر في صحيفة "نيويورك تايمز"، بتهديدي فعلياً. يا إلهي، لقد كان على الهواء مباشرةً على "بي بي سي" الناطقة باللغة الفارسية وقال: "سأقطع لسانك وصدرك وأرسله إلى عائلتك، وسأكلف شخصاً بالقيام بذلك في أمريكا". لذلك، ذهبت إلى مكتب رعاية المصالح الإيرانية، الذي هو بمثابة سفارة إيران في واشنطن العاصمة، لتقديم شكوى رسمية بشأن عنصر "البسيج" هذا. احزر ما حدث؟ لم يسمحوا لي بالدخول. قالوا: "غطِ نفسك أولاً".
قلت: "أنتم تمزحون، أليس كذلك؟ أنا أتلقى تهديدات بالقتل بسبب كفاحي ضد الحجاب الإلزامي. الآن تقولون لي أن أغطي نفسي ثم أتقدم بشكوى رسمية بشأن التهديدات بالقتل؟" لم أمتثل لأوامرهم، فمارست عصياني المدني في مكتب رعاية المصالح الإيرانية. احزر ما حدث؟ اتصلوا بالخدمة السرية الأمريكية لإنقاذ أنفسهم من امرأة إيرانية غير محجبة.
[ضحك]
يقولون إن أكبر أعداء إيران هو إسرائيل أو أمريكا، لكنهم يخافون من النساء غير المحجبات. أريدكنّ أن تؤمنّ بأنفسكنّ أيتها الشابات. ادعوا إلى تنظيم مسيرة نسائية دولية من أجل نساء إيران وأفغانستان. اخلعن حجابكنّ، اذهبن إلى السفارة، واذهبن إلى أي مكان تستطعن فيه إيصال صوت أخواتكنّ. كنّ صوت المرأة الإيرانية. يمكننا أن نفعل الكثير، ولا تنسَين أننا أقوى معاً. شكراً جزيلاً.
ساتلوف: سيداتي وسادتي، إليكم مسيح علي نجاد.