- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
جبال الأطلس الكبير المهمشة وتحديات الحياة بعد الزلزال
في حين يقوم المغرب بإعادة إعمار منطقة جبال الأطلس الكبير، إلا أن فهم التاريخ المعقد للمنطقة والتحديات التي تواجهها تعتبر أمر أساسي لبناء مستقبل المنطقة.
في ليلة الجمعة 8 أيلول/سبتمبر ضرب زلزال مدمّر إقليم الحوز في المغرب عند الساعة 11:11 مساء ووصلت قوته إلى 7.2 درجات على مقياس ريختر وشعر به السكان في جميع أنحاء المغرب والدول المجاورة. ووفقًا للمؤرخين، لم يشهد المغرب مثل هذه الكارثة منذ زلزال أغادير عام 1960. وفي حين تضررت المدن الكبرى مثل مراكش من الزلزال، واجهت المجتمعات النائية في الأطلس الكبير أسوأ الدمار.
ضربت الكارثة معظم المناطق الوسطى والجنوبية من المغرب، بما في ذلك جهات مراكش آسفي ودرعة تافيلالت وسوس ماسة وبني ملال خنيفرة، لكن الحوز، حيث مركز الزلزال، والمناطق المحيطة بها وتشمل شيشاوة وتارودانت وورزازات وأزيلال، شهدت دمارًا كاملًا. وتتكون هذه الأقاليم تاريخيًا من مناطق ريفية ومجتمعات أمازيغية (بربرية) في الغالب، ويتحدث سكانها باللغات الأصلية مثل الأمازيغية في الأطلس المتوسط وتشلحيت في سوس.
أظهرت بيانات مرصد كوبرنيكوس الأوروبي من خلال إحصاءات خدمة إدارة الطوارئ لديه أن 1416 منزلًا تضرر، اعتبارًا من 12 أيلول/سبتمبر، في المناطق الثماني التي تمت دراستها. ووجد المرصد أن أكبر عدد من المنازل التي دمرها الزلزال بالكامل كان في تلات ن يعقوب وأمزميز، حيث تهدم 208 و121 منزلًا على التوالي. ووفقًا لآخر حصيلة رسمية، أسفر زلزال الحوز عن مقتل 2946 شخصًا وإصابة 5674 آخرين.
وكانت هذه المنطقة، بسبب موقعها الجغرافي المنعزل وغياب الخدمات المركزية، تواجه قبل الزلزال تحديات كبيرة جعلت الحياة فيها صعبة. ولكن الآن، وبعد أن أعيد تركيز الاهتمام عليها بسبب هذه الكارثة المأساوية، ثمة إمكانية لتوفير فرص جديدة لأهالي المنطقة الذين أثبتوا قدرتهم على الصمود مرارًا وتكرارًا، ولإعادة النظر في كيفية دعم هذا المجتمع الذي يُعتبر حارسًا لجانب أساسي من تراث المغرب.
الأطلس الكبير: هامش المغرب المنسي
يضم المغرب، البلد المتنوع جغرافيًا، مجموعة واسعة من السواحل والسهول والهضاب والجبال والصحاري. وُتعتبر منطقة الأطلس الكبير واحدة من سلاسل جبال الأطلس الثلاثة، التي تمتد في الاتجاه الجنوبي الغربي والشمالي الشرقي من المغرب. وتشكل هذه السلسلة حاجزًا جغرافيًا هائلًا طوله 750 كيلومترًا، يحده المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط من الشمال الغربي والصحراء من الجنوب الشرقي للبلاد.
تتكون السلسلة نفسها من ثلاثة أجزاء، ويُعتبر الأطلس الكبير الغربي أقدمها وأعلى كتلة صخرية فيها، بما في ذلك جبل توبقال، أعلى قمة في المغرب. وتشتهر هذه الجبال بهضابها العالية والأخاديد العميقة والقمم المذهلة. ومع أنه لا يمكن إنكار جمال المنطقة الوعر، فإن حياة سكان هذه الجبال قاسية جدًا. إن التضاريس الوعرة والظروف المناخية الصعبة، التي تفرضها الحياة، تشكل عادات وبنى المجتمع الأمازيغي الريفي هناك.
تُعتبر هذه المجتمعات تاريخيًا أكثر فقرًا بكثير وأقل تطورًا مقارنة بالمراكز الحضرية في المغرب. فدخل الأفراد فيها منخفض، وهناك نقص في الإنتاجية، ومعدلات الأمية مرتفعة، وكثير من السكان لا يكملون تعليمهم الثانوي. ويعود هذا التناقض الصارخ بين البيئات الحضرية والريفية في البلاد إلى قرون ماضية، عندما قسمت الإدارة الفرنسية المغرب، خلال عهد الحماية (1912-1956)، إلى قسمين: المغرب "النافع" الحضري والمزدهر اقتصاديًا، والمغرب "غير النافع" وهو منطقة أهملها المستعمرون الفرنسيون، والتي تمتد قطريًا، ومعظمها مناطق ريفية، من مدينة وجدة في الشمال الشرقي إلى أكادير على ساحل المحيط الأطلسي في الجنوب الغربي.
وينبع هذا الإرث من الإهمال التام والازدراء والتهميش للمناطق الأمازيغية النائية من السياسة الاستعمارية الفرنسية، التي ركزت جهودها على الساحل الذي كان أكثر إنتاجية على الصعيد الاقتصادي. ولكن في العقود التي تلت الاستقلال عن الحكم الاستعماري الفرنسي، لا تزال الفجوة بين الريف والمدن واسعة ولم تلحق مستويات الدخل في أطراف البلاد بالركب. ففي إقليم الحوز، على وجه الخصوص، يواجه السكان تحديات الدخل المنخفض إلى جانب محدودية الوصول إلى خدمات التعليم والرعاية الصحية. كما أن المباني السكنية لا تزال تُصمم على الطراز التقليدي، ما يجعلها تفتقر إلى صلابة المباني الأكثر حداثة في المدن. ومع أن الأنشطة السياحية، وخاصة البيئية منها، قد تطورت في السنوات الأخيرة، تبقى هذه المناطق بعيدة كل البعد عن كونها مراكز اقتصادية يمكن مقارنتها بمدينة مراكش الشهيرة.
إن البنية المؤسسية في الأطلس المغربي معقدة للغاية، إذ تخضع المسائل القانونية لمزيج من القواعد الرسمية والأعراف غير الرسمية، ويعمل بالتالي السكان الأمازيغ في ظل المؤسسات "الحديثة" للدولة ونظام مجتمعي مستقل نسبيًا في آن معًا. وتتسم معظم الجبال المغربية بتطبيق عدة نظم من القواعد القانونية معًا، بما في ذلك القانون الوضعي والقانون العرفي، إلى جانب وجود بعض الالتباس بشأن مسؤوليات المؤسسات المحلية.
يُعرف الأطلس الكبير، بشكل خاص، بمجتمعه الذي لا يزال قبليًا بطبيعته وفلسفته. على سبيل المثال، تستند إمكانية الوصول إلى الموارد المشتركة واستخدامها إلى الهيكليات الاجتماعية المكانية أو العرقية الإقليمية، الموروثة من الماضي القبلي. وتبقى هذه الهيكليات الراسخة محورية في بناء الهويات الفردية والجماعية، علمًا أن الدولة المغربية لم تنشط في تثبيط هذه الهياكل المجتمعية القائمة لصالح نظام أكثر ارتباطًا بالحكومة المركزية. وتحول المصالح المتضاربة والمنطق المتعارض داخل الحكومة المركزية نفسها دون انتهاج سياسة متماسكة تجاه هذه الهيكليات القبلية التقليدية: أولًا، المنطق الأمني الموروث من الماضي، والذي يهدف إلى الحفاظ على النظام المجتمعي التقليدي وإحكام السيطرة عليه (عبر وزارة الداخلية)، ثانيًا، منطق تدخلي تكنوقراطي مركزي يسعى إلى تعطيل هذه الهيكليات (عبر الوكالة الوطنية للمياه والغابات)، وأخيرًا، منطق ليبرالي (عبر جناح ليبرالي يتكون من وزراء أمازيغ) يسعى إلى فك ارتباط الدولة بالمنطقة وتعزيز المجتمع المدني والسلطات المحلية بدلاً منها.
وطوّر الشعب الأمازيغي، على الرغم من الظروف الصعبة للحياة الجبلية، شكلًا محليًا من الديمقراطية يقوم على الانتخاب السنوي لمجلس محلي يسمى "أيت ربعين" ويتولى التحكيم في النزاعات المحلية، والخلافات على الأراضي وحقوق المياه، كما يتولى الإدارة العامة المحلية. وتعمل هذه المؤسسات المحلية بالتوازي مع المؤسسات الحكومية وغالبًا ما تتمتع بقدر أكبر من الشرعية داخل المجتمع، كما تدعو السلطات الرسمية المجالس إلى التوسط في النزاعات وإدارة المواقف الصعبة.
وتشمل أيضًا المؤسسات الأمازيغية المحلية الفعالة في الأطلس الكبير مؤسسة "تويزا"، وهي في الواقع نوع من التضامن الجماعي الشائع بين الأمازيغ ويصوغ تقليديًا نهج الحكم المحلي. وساعدت هذه المؤسسة غير الرسمية بفعالية كبيرة في عمليات البحث والإنقاذ الفورية وتقديم الإسعافات الأولية للجرحى بعد زلزال 8 أيلول/سبتمبر قبل وصول المساعدات الحكومية.
الإمكانات والتحديات الاقتصادية
في حين تُعتبر المناطق الواقعة على المحيط والبحر الأبيض المتوسط القلب الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمملكة، فإن الأطلس الكبير هو مصدر الموارد الطبيعية للبلاد. فسلسلة الجبال هذه هي مورد 70% من مياه المغرب، و62% من غاباتها، وموطنًا بيولوجيًا لثمانين في المئة من الأنواع المستوطنة.
ولكن المنطقة تلعب دورًا محدودًا للغاية في التنمية الاقتصادية للبلاد، حيث لا تمثل أكثر من خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وعشرة في المئة من الاستهلاك الوطني. كما تفتقر المنطقة إلى اقتصاد صناعي رسمي، وغالبًا ما ينزح الشباب من الذكور إلى المدن للعمل وإعالة أسرهم بالأجور التي يرسلونها. أما السياحة فهي القطاع الرئيسي الآخر للاقتصاد المحلي، إذ توفر المجتمعات المحلية الإقامة والطعام والنقل للسياح المحليين والدوليين الذين تجذبهم السياحة البيئية الناشئة في المنطقة.
وتبرز في هذا السياق حالة أنركي، وهي واحدة من أفقر المناطق في كل المغرب، على وجه الخصوص. إن سكان القرى التي تتألف منها منطقة أنركي في إقليم أزيلال في الأطلس الكبير محرومون من البنية التحتية الأساسية اللازمة لتحسين ظروفهم المعيشية القاسية، كما هو الحال في الكثير من القرى الأخرى في هذه المنطقة الجبلية. ففي أنركي لا توجد طرق، بل مسارات وممرات، ولا توجد أيضًا كهرباء أو شبكات مياه صالحة للشرب. إن المبنى الذي يُستخدم كمستوصف طبي غير مجهز بشكل كاف، وأقرب مدرسة ثانوية تقع على بعد 56 كيلومترًا وتفتقر إلى مرافق الإقامة الداخلية، ويشكل هذا النقص وضعًا تعليميًا مستحيلًا لأطفال المناطق، وخاصة الفتيات. وتعرّضت أجيال من سكان الجبال الشباب للتمييز والتجاهل بعد مرور أكثر من ستين عامًا على استقلال المغرب. ففي هذه المناطق، يمكن أن يموت الإنسان من نقص الرعاية الطبية أو البرد القارس أو الفيضانات العنيفة.
تهديد لأنماط الحياة التقليدية
على الرغم من أن عادات أهل القرى قد صمدت على مر السنين، فإن الآفاق الاقتصادية الجديدة، على الرغم من إيجابيتها في بعض النواحي، تهدد بمحو الكثير من المهن التقليدية. فنشاط الرعي، مثلًا، يواجه منافسة من وظائف أخرى مرموقة ومربحة. فقد تسبب انتشار ما يسمى بأنماط الحياة الحديثة الناجمة عن تنمية قطاع السياحة، والعمل العام الذي توفره جمعيات تنمية الدوار (القرى الأمازيغية الصغيرة)، وربط القرى بشبكة الكهرباء وإمدادات المياه، وبناء الطرق بتقويض هذا العمل التقليدي. ويسعى سكان الأطلس الكبير إلى تطلعات جديدة ومبررة تمامًا، ويتوقون إلى الاستفادة من مشاريع التنمية البشرية هذه.
ومع ذلك، لا يزال عدد كبير من السكان يعتمد على تسريح المواشي، إما باختيارهم أو لعدم وجود البدائل. ومع أن أهالي هذه المناطق ما زالوا يتمسكون بطريقة الحياة التقليدية، فهم يواجهون عواقب الحداثة. فقد أرغمتهم آثار تغير المناخ وقيود السوق الجديدة، الناتجة من المناطق الحضرية والصناعية، على التكيف. ولكن إلى متى يمكن أن تحافظ هذه المجتمعات النائية على استمراريتها وأمنها الغذائي والبشري في ظل التهديد المتزايد؟ في الوقت الحاضر، لا تزال هذه الفئة من الرعاة حارسة لجزء مهم من تراث المغرب، وإذا زالت، سيتلاشى الكثير من جوانب الثقافة المحلية، كما حدث في بلدان أخرى.
على سبيل المثال، لا يزال الرعي في الأطلس الكبير يتسم بشكل أساسي بتنقل القطعان والناس من جهة، وبالإشراف على أراض شاسعة للاستخدام الجماعي من جهة أخرى. في كل ربيع، يترك البدو الرحل مراعيهم في منطقة صاغرو في جنوب شرق المغرب مع قطعانهم من الماعز والأغنام والإبل، إلى جانب أسرهم بأكملها، وتنطلق القافلة عبر سهل دادس وأعلى المنحدرات الجنوبية لجبال الأطلس على ارتفاع يزيد عن ثلاثة آلاف متر لتصل إلى بحيرة إيزورار وهضابها العالية. يستقر بعضهم هناك، بينما يواصل الآخرون صعودهم على المنحدرات الشمالية للأطلس. وتتم رحلة العودة في أيلول/سبتمبر متبعة نفس المسار.
وتقوّض التغييرات الأخيرة في أوضاع حيازة الأراضي أسس النظام الجماعي هذا الذي أثبت فائدته وتشجع بدلًا من ذلك الزراعة الفردية حيثما أمكن ذلك. وفي بعض المناطق المعزولة، مثل الأطلس الكبير، بدأت بالتالي المؤسسات التقليدية تختفي تدريجيًا. ومثل الكثير من المؤسسات المجتمعية المذكورة أعلاه، يخضع الرعي البدوي في الأطلس الكبير لمزيج من القوانين الرسمية والمؤسسات العرفية الأقل رسمية. وعلى الرغم من أن القوانين الرسمية مستوحاة من الممارسات المحلية، فهي منصوص عليها في ميثاق وتعمل كإطار قانوني للسلطات. وبالمقارنة، عادة ما تكون الأنظمة التقليدية غير معلنة أو تستند إلى اتفاقات طويلة الأمد بين الرعاة، وبالتالي تكون سلطات الدولة أقل دراية بها. إن هذه المؤسسات، مثل نظام "أكدال" الذي يسمح بالراحة الموسمية من الرعي للأراضي، بسيطة ولكن هشة، لأنها تستند إلى ترتيب لا يتسم بقدر كبير من المساواة.
ويعمل أهالي هذه المناطق في الزراعة التقليدية أو في الأنشطة الاقتصادية المحلية النادرة، أو أنهم يتنقلون إلى المدينة لكسب قوتهم اليومي. وفي الماضي القريب كانوا يهاجرون إلى أوروبا، خاصة إلى فرنسا وبلجيكا، للعمل في المصانع أو المناجم. ولكن السلطات الأوروبية سدت هذا المنفذ في عام 1990، تاركة الشباب المحليين، الذين لم يتلقوا قدرًا يذكر من التعليم أو أي تعليم، ليواجهوا مستقبلًا غامضًا وليكافحوا من أجل إطعام أسرهم. وللأسف، دفعت الآفاق الاقتصادية السيئة والإهمال المنهجي البعض إلى أحضان الإسلاميين ذوي الميول العنيفة.
لقد كرس الإصلاح الدستوري في عام 2011 مجموعة واسعة من الحقوق الجديدة للمواطنين المغاربة، وأرسى أسسًا تعتمد على الجهوية المتقدمة كرأس حربة للتنمية الإقليمية. وبالنظر إلى التفاوتات الاجتماعية والمكانية، لا سيما بين المناطق الحضرية والريفية، خاصة في المناطق الجبلية، ستحتاج السلطات العامة والقادة المحليون وغيرهم من الجهات الفاعلة المؤثرة إلى تركيز المزيد من الجهود لضمان حصول الجميع على الحقوق الأساسية الجديدة المنصوص عليها في المادة 31 من دستور المملكة. ووفقًا لهذه المادة، على الحكومة تخصيص أموال للمؤسسات الإقليمية المنتخبة الجديدة لتطوير المناطق الريفية من خلال بناء الطرق والمرافق الطبية والمدارس والاستثمار في إنشاء شركات تجارية محلية لتوفير فرص عمل لسكان القرى.
التكيف في مرحلة ما بعد الزلزال
لقد فتك الزلزال الأخير بسكان الأطلس الكبير قاتلًا أحباءهم، ومدمرًا منازلهم، ومعطلًا سبل الرزق وحياتهم المتسمة بالفعل بتحديات معقدة. ستكون عملية التعافي طويلة وشاقة، ولا يمكن التعويض عن الأرواح المفقودة. ومع ذلك، فقد غرست الحياة في الأطلس الكبير صلابة في المجتمعات المتضررة، التي تواجه الوضع الحالي بقدر مذهل من القدرة على الصمود. وفي حين أن الكثير من الجوانب المادية لهذه المجتمعات الريفية قد سويت بالأرض، فإن عناصر تراثها الثقافي لا تزال سليمة، وهذا سيكون مفيدًا لإعادة بناء مستقبل أفضل.
إن الثالوث الثقافي قد صمد أمام اختبار الزمن، وحافظ على استمراريته عبر قرون من التجارب والمحن. فاللغة الأمازيغية "أوال" لا تزال حية وماثلة، وأرضهم المقدسة "تامورت" لا تزال قائمة على الرغم من الزلزال، ومجتمعهم الأمازيغي المترابط لا يزال بقدرته توفير الدعم والتضامن للأهالي خلال أوقات الأسى هذه التي لا يمكن تصورها. إن هذه المرونة ستظهر بشكل كامل عندما تبدأ عملية إعادة البناء، وتشكل هذه اللحظة فرصة لدعم هذه المجتمعات ليس لمواجهة آثار الزلزال فحسب، بل لمعالجة بعض التحديات المنهجية التي تواجهها.
علاوة على ذلك، لم تُثبت هذه المؤسسات والمثل العليا المتجذرة فعاليتها في عملية التعافي فحسب، لكنها تُعتبر أيضا مظاهر حيوية للمجتمع الأمازيغي ينبغي الحفاظ عليها. وفي الوقت عينه، يجب العمل على دعم مجتمعات الأطلس الكبير التي تضررت من جراء الزلزال، ويجب أن تكون هناك استثمارات لدفع مسار التنمية في هذه المنطقة. لقد تركت أجيال من الإهمال والافتقار للبنية التحتية هذه المناطق عرضة لمثل هذه الكارثة وأعاقت جهود الإغاثة. ومن ثم، يمكن العمل على بناء مستقبل أفضل لهذه المنطقة فقط من خلال الاستثمار المدروس والهادف والشامل، مع احترام التقاليد التي تساعد في تحديد شكل الحياة في منطقة الأطلس الكبير.