«كتائب حزب الله» تقود حرباً بطائرات مسيرة داخل العراق
تستخدم «كتائب حزب الله» قدرات متطورة لطائرات بدون طيار ضد القواعد الجوية الأمريكية في العراق، مما يعكس التكتيكات والأنظمة المستخدمة في اليمن.
رغم أن "عصائب أهل الحق" هي التي شنت في البداية هجمات غير مباشرة بالأسلحة النارية على منشآت أمريكية في الفترة بين تشرين الثاني/نوفبمر - كانون/ديسمبر 2020 ومن ثم في شباط/فبراير 2021، إلّا أن "كتائب حزب الله" انضمت متأخرة "إلى الحفلة". ففي 7 آذار/مارس 2021، أشار مشروع "الأضواء الكاشفة للميليشيات" [التابع لمعهد واشنطن] إلى أن «كتائب حزب الله» كانت تحُوّل خطابها بسرعة من الهدنة إلى مرحلة جديدة من الصراع مع القوات الأمريكية في العراق. وتتم الآن ترجمة هذا التحوّل بهجمات بطائرات بدون طيار.
وبرز المؤشر الأول في 3 آذار/مارس، عندما أطلقت «كتائب حزب الله» صواريخ على "قاعدة الأسد الجوية" (الشكلان 1 و 2)، مما أسفر عن مقتل مقاول مدني أمريكي، من دون أن يتسبب برد انتقامي من قبل الولايات المتحدة. وبعد ذلك، نشرت قناة الحملات الدعائية "الوحدة 10000" الخاضعة لسيطرة «كتائب حزب الله» بأن "المعادلة قد تغيرت. الوساطة السياسية لن تنجح... إنه تحوّل جديد في مواجهة [العدو]". وبعد مرور شهرين، برزت العديد من المؤشرات على أن ما استقته «كتائب حزب الله» من حادثة الثالث من آذار/مارس هو أنه بإمكانها اختبار عتبة ردّ واشنطن بأمان، رغم أنها تجنبت إيقاع المزيد من الضحايا الأمريكيين حتى الآن.
ومن خلال الجماعة الواجهة التابعة لها، "قاصم الجبارين"، واصلت «كتائب حزب الله» زرع عبوات ناسفة على جوانب الطرق تستهدف شاحنات الإمدادات العراقية التي تخدم قوات التحالف، وهي طريقة لا تنطوي على خطر وقوع ضحايا أمريكيين و(بشكل واضح) لا على خطر أي ردّ انتقامي من الولايات المتحدة. وكانت جماعة «قاصم الجبارين» قد أعلنت مسؤوليتها عمّا لا يقل عن 13 تفجيراً مماثلاً منذ الثالث من آذار/مارس، مع تبني جماعتيْ واجهة تابعتين لـ «عصائب أهل الحق» هما "أصحاب الكهف" و"سرايا أولياء الدم"، 13 هجوماً إضافياً. ورغم أن هذه الجماعات تنشر في بعض الأحيان أدلة بالصور والفيديو على هذه الهجمات، إلا أن العديد من هذه المزاعم لم يتمّ التحقق منها. وتجدر الإشارة إلى أن هجمات «قاصم الجبارين» على القوافل قد أظهرت تركيزاً خاصاً على عرقلة حركة نقل التحالف لمعدات ضبط الحدود إلى الأنبار، حيث تحرص «كتائب حزب الله» على إبقاء قوات الأمن العراقية بعيدة عن حدودها في البوكمال والتنف في سوريا.
وبالتوازي مع هذه الهجمات على القوافل، استأنقت «كتائب حزب الله» شنّ هجمات غير مباشرة بالأسلحة النارية (بطائرات مسيّرة وصواريخ) على نقاط تواجد أمريكية، وهو أمر كان قد توقف خلال الهدنة التي أعلنتها مع القوات الأمريكية في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2020. وقد تمّ إطلاق صواريخ على "قاعدة الأسد" (بشكل غير معتاد بالنسبة لـ «كتائب حزب الله») وعلى "قاعدة بلد" الجويتين في الثالث من أيار/مايو (كشفت القنوات الإعلامية التابعة لـ «كتائب حزب الله» عن صور الصواريخ التي استهدفت "قاعدة بلد" قبل الهجوم تحت شعار "حصرياً"، انظر الشكل 3). بالإضافة إلى ذلك، تميزت الفترة منذ الثالث من آذار/مارس بموجة من الهجمات غير المسبوقة بطائرات بدون طيار داخل العراق:
- 4 آذار/مارس 2021: شهدت مواقع تابعة للحكومة العراقية وقيادة «إقليم كردستان» تحليقاً منخفضاً لطائرات بدون طيار مجهولة الهوية في إطار عمليات ترهيب ظاهرة. وتجدر الإشارة إلى أنه لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن أي من الحادثتين - تماشياً مع التحوّل الواضح في استراتيجية وسائل إعلام الميليشيات - ولكن تم الإقرار بالحوادث ضمن دوائر الحكومتين العراقية والكردية.
- 14 نيسان/أبريل 2021: ضربت طائرة بدون طيار ذات أجنحة ثابتة حظيرة طائرات تابعة للتحالف في مطار أربيل.
- 28 نيسان/أبريل 2021: زعمت القنوات الدعائية التابعة للميليشيات أن طائرات مسيّرة قصفت مواقع التحالف في "قاعدة بلد". وفي 15 أيار/مايو، أعلنت جماعة الواجهة "لواء خيبر" (التي ظهرت لأول مرة في 17 آذار/مارس) مسؤوليتها عن الهجوم من خلال مقطع فيديو نشرته على حسابها على "تلغرام"، زُعم أنه يُظهر عملية إطلاق الصاروخ. وفي اليوم التالي، أعادت "صابرين نيوز" نشر الفيديو مع ملاحظة [تمّ حذفها الآن] زُعم فيها "أن «صابرين نيوز» وحدها نشرت الخبر في 28 نيسان/أبريل حول استهداف الجناح العسكري الأمريكي في "قاعدة بلد"، وتحديداً شركة "لوكهيد مارتن"، بواسطة طائرة بدون طيار".
- 8 أيار/مايو 2021: ضربت طائرة بدون طيار عنبراً في "قاعدة الأسد الجوية".
- ربما تعرضت مواقع قواعد جوية أخرى لهجمات بواسطة طائرات مسيّرة في أيار/مايو.
وفي وقت سابق، شنّ المتمردون الحوثيون في اليمن حملة شرسة لمهاجمة حظائر الطائرات السعودية، وربما تستخدم «كتائب حزب الله» الخطة نفسها في العراق. واستناداً إلى صور طائرة بدون طيار محطمة من إربيل وأوصافها (الشكل 4)، ترسل الميليشيات العراقية حالياً طائرة بدون طيار يبلغ طول جناحيها اثني عشر قدماً مماثلة لطائرة "صماد-1" الإيرانية التصميم التي يصل مداها إلى 300 ميل/500 كلم، ويستخدمها الحوثيون و«حزب الله» اللبناني على حد سواء.
وتجدر الإشارة إلى أن الحوثيين انتقلوا بسرعة من تسيير هذه الطائرات بدون طيار البسيطة إلى استخدام أنظمة "صماد-3" طويلة المدى (750-930 ميلاً / 1200-1500 كيلومتر) في 2018-2019، مما يشير إلى أنه بإمكان الجماعات العراقية المدعومة من إيران تحقيق قفزة مماثلة بسهولة. وقد سبق لـ"ألوية الوعد الحق"، الجماعة الواجهة لـ «كتائب حزب الله»، أن تبنت ضربة بطائرة بدون طيار على الرياض في 23 كانون الثاني/يناير 2021، بمدى يناهز 650 ميلاً/950 كلم. كما تم توثيق قيام «كتائب حزب الله» بمساعدة «الحرس الثوري الإسلامي الإيراني» في إطلاق طائرات بدون طيار من العراق نحو السعودية في مناسبة واحدة على الأقل (14 أيار/مايو 2019).
ومنذ أن أعلنت «كتائب حزب الله» أن "المعادلة قد تغيرت"، بدأ مشغّل من قبل إحدى الميليشيات مجهول الهوية وبشكل غير مسبوق باستخدام أنظمة دقيقة للطائرات بدون طيار داخل العراق، ومن ثم استخدامها ضد مجموعة من الأعداء الداخليين والخارجيين. ولم يواجه ذلك المشغل أي رد انتقامي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أنه قرر - حتى الآن - عدم استهداف أمريكيين بهذه الأنظمة.
وتشير مجموعة كبيرة من الأدلة إلى أن «كتائب حزب الله» هي مشغلة الطائرات بدون طيار، نظراً لعلاقتها الوثيقة بشكل فريد مع مشغلين أجانب معروفين لهذا النوع من الأنظمة، هم: «الحرس الثوري الإيراني» و«حزب الله» اللبناني. وكما أشرنا أعلاه، ساعدت "كتائب حزب الله" "الحرس الثوري" على إطلاق طائرات بدون طيار باتجاه الأراضي السعودية في 14 أيار/مايو 2019، وادعت «ألوية الوعد الحق» التي هي واجهة تابعة لـ «كتائب حزب الله» [مسؤوليتها] عن ضربات بطائرات مسيّرة خارج حدود العراق على مدى 650 ميلاً/950 كم. وإذا ما تم قتل أفراد أمريكيين بواسطة أنظمة الطائرات المسيرة الجديدة في العراق وعندما يحدث ذلك، فلا يجب أن يكون من الصعب معرفة الفاعل بشكل خاص.