"كتائب حزب الله" تسخر علناً من جبن "عصائب أهل الحق"
بعد أن سعت "عصائب أهل الحق" إلى وقف الهجمات الخطابية، ضاعفت "كتائب حزب الله" من لهجتها بتوجيهها إهانة علنية لاذعة
كما أوضحت "الأضواء الكاشفة للميليشيات" بالتفصيل في 26 تشرين الثاني/نوفمبر، استخدمت "كتائب حزب الله" وقف إطلاق النار بعد 23 تشرين الثاني/نوفمبر في غزة (كما هو الحال في العراق وسوريا) لتوبيخ "عصائب أهل الحق" بسبب عدم مشاركتها في هجمات "المقاومة" الحركية التي تم شنها ضد الولايات المتحدة في العراق وسوريا منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر. وفي أعقاب الغارات الأمريكية التي أسفرت عن مقتل نحو تسعة من عناصر "كتائب حزب الله" في 21 تشرين الثاني/نوفمبر، لمّح زعيم "حركة حزب الله النجباء" أكرم الكعبي في وقتٍ سابقٍ إلى خيبة أمله من "عصائب أهل الحق" في 23 تشرين الثاني/نوفمبر، مشيراً إلى أنها استخدمت "الأعذار" لعدم شن هجمات حركية على القوات الأمريكية حتى ذلك الحين. وبعد مرور فترة تجاوزت الشهر وقلّت فيها جداً التعليقات العامة التي أدلت بها "عصائب أهل الحق" ضد المصالح الأمريكية وتعرّضت فيها لاحقاً لمضايقات المقاومة، ردّ أخيراً المتحدث العسكري باسم "عصائب أهل الحق" جواد الطليباوي في 26 تشرين الثاني/نوفمبر، منتقداً (دون ذكر إسم) الأمين العام لـ"كتائب حزب الله" أحمد محسن فرج الحميداوي (المعروف أيضاً باسم أبو حسين) لإدراجه جماعات المقاومة ضمن قائمة استُبعدت منها عمداً "عصائب أهل الحق".
"كتائب حزب الله" ترد على الطليباوي والخزعلي و"عصائب أهل الحق"
ردّت "كتائب حزب الله" على الطليباوي من خلال أحد المتحدثين باسمها، هو جعفر الحسيني، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوباتٍ بالاسم في 17 تشرين الثاني/نوفمبر بتهمة "التنسيق مع مقاتلي «كتائب حزب الله» في معرض تخطيطهم لشن هجماتٍ ضد القادة العسكريين الأمريكيين في العراق". وقد تم تحديده سابقاً على أنه المتحدث العسكري باسم "كتائب حزب الله" وأحد عناصر جناح "أبو حسين" التابع لها. وسلّط جعفر الحسيني الضوء أولاً على صحة ادعاءات "المقاومة الإسلامية في العراق" بشأن الهجمات كما يبدو، مشيراً بفخرٍ إلى أنها تتطابق مع اعترافات الولايات المتحدة المتعلقة بالهجمات على قواعدها. ثم أشار جعفر الحسيني إلى أن عدد الهجمات ربما كان سيزداد "إذا انضمت فصائل جهادية أخرى للمعركة"، في انتقاد واضح لـ"عصائب أهل الحق" على ما يبدو.
واختتم جعفر الحسيني كلامه بسخرية مهينة قائلاً: "هذا الميدان يحميدان" (الشكل 2). وهذه الجملة الأخيرة من البيان هي تعبير عراقي يُستخدَم للتحدي والتهكم. وحميدان هو رجل خيالي يتفاخر بمدى قوته، إلى أن يأتي في يوم آخر رجلٌ أضخم منه وذو عضلات أكبر ليصارعه، حيث يبدأ حميدان عندئذٍ باختلاق الأعذار لكي لا يضطر إلى مقاتلة الرجل الأضخم منه. والتحدي الذي تواجهه "كتائب حزب الله" واضح: على "عصائب أهل الحق" إما أن تشارك (في مهاجمة القوات الأمريكية) أو تصمت.
رد المقاومة على المشادة، من على مواقع التواصل الاجتماعي
لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي التابعة للمقاومة متسامحة عموماً مع "عصائب أهل الحق". على سبيل المثال، اعتذرت قناة "تُرى نيوز"، التي يضم حسابها أكثر من 16 ألف متابع والتابعة لـ"حركة حزب الله النجباء"، عن نشر تعليقات جواد الطليباوي، وجاء في تصريحها ما يلي: "فريق عمل «تُرى نيوز»: نعتذر عن نشر التغريدة التي وصلتنا للمتحدث العسكري باسم أحد فصائل المقاومة. «تُرى نيوز» تتخذ الوقوف على مسافة واحدة من كافة فصائل المقاومة الشريفة ولا تندرج ضمن الهجمات التسقيطية وهجمات إذكاء الخلافات. ندعو الإخوة الكرام كافة لاتخاذ الاتزان والعقلانية كسلوك أساسي في التعامل وعدم التصعيد في هذا الظرف المهم".
كما وقفت منصتان من أبرز منصات المقاومة التي تطال عدداً أكبر من الأشخاص، وهما "صابرين نيوز" (365,000 متابع على "تيليجرام") وأحمد الذواق (166,000 على "تيليجرام" لكن 884,000 على "تويتر")، إلى جانب "كتائب حزب الله" في هذا الصراع على السلطة من خلال الإبلاغ عن تصريحات "كتائب حزب الله" وتبني وجهة نظرها فقط. وانتهجت قناة "صابرين" موقفاً سلبياً بشكل خاص تجاه "عصائب أهل الحق" منذ الحظر القصير الأمد الذي فرضته الحكومة على تطبيق "تيليجرام" في آب/أغسطس 2023، والذي اعتبرته القناة خطوة أنانية من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بعد أن دفعه إلى اتخاذها رجلٌ تابعٌ لـ"عصائب أهل الحق" في مكتب السوداني، هو المدير الإعلامي ربيع نادر. (وسابقاً كان نادر صحفياً في "قناة العهد الفضائية" التي تديرها "عصائب أهل الحق").
النتائج من المشاحنة
هذه ليست المرة الأولى التي تتجادل فيها "كتائب حزب الله" مع "عصائب أهل الحق"، إذ تحصل الجدالات بينهما دورياً كما يتضح في التغطية المتواصلة لـ"الأضواء الكاشفة للميليشيات" عن بيانات المقاومة. ومن الناحية التاريخية، تبدأ "كتائب حزب الله" هذه المشاحنات بصورة دائمة تقريباً، وتنتهي عندما ينبّه "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري الإسلامي الإيراني" "كتائب حزب الله". وفي هذه الحالة، سيكون من المثير للاهتمام معرفة إلى متى سيُسمح للجهات الفاعلة الأخرى في المقاومة بإذلال "عصائب أهل الحق" بسبب أدائها الضعيف الواضح كعضو في "محور المقاومة" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر. وحتى أن "منظمة بدر"، أي الجهة الأكثر تركيزاً على الصعيدين السياسي والاقتصادي في المقاومة، خاطرت أكثر من "عصائب أهل الحق" في هذه الأزمة من خلال تهديدها الولايات المتحدة علناً. وتشمل النتائج الأخرى بروز جناح "أبو حسين" شبه العسكري التابع لـ"كتائب حزب الله" بصورة أكثر وتعبيره عن آرائه أكثر فأكثر، إذ لم يكتفِ في هذه الحالة بمضاعفة قائمته للجماعات المسلحة النشطة في المقاومة، بل تحدث أيضاً بالنيابة عما يُسمّى "المقاومة الإسلامية في العراق"، وهو ما يلغي إلى حدٍ ما من أهمية استراتيجية الواجهة.