- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
كيفية الخروج بنسبة من الأمن من الصفقة الفاشلة مع إيران
لا تجلس إسرائيل إلى طاولة المفاوضات حول الاتفاق [الذي يجري التفاوض حوله] بشأن برنامج إيران النووي، إلا أن الأمن القومي لإسرائيل، ربما أكثر من أي دولة أخرى، سيتأثر بهذا الاتفاق. فإسرائيل ومعظم جيرانها العرب، الذين تهددهم الطموحات النووية والهيمنة الإيرانية، يشككون فيما إذا كان الاتفاق المتوقع سيحد من الطموحات والهيمنة على حد سواء.
ولا يكمن الخيار بين اتفاق جيد واتفاق سيئ. فالاتفاق الجيد، أي الحد بشكل دائم من قدرة إيران النووية، كما حدث مع ليبيا، لم يعد ممكناً. والسؤال الذي يطرح نفسه هو إذا كان الاتفاق مقبولاً أم لا، نظراً للحدود التي وضعها اتفاق الإطار الذي تم التوصل إليه في نيسان/إبريل.
وفي الواقع، يمنح اتفاق الإطار الشرعية لإيران كدولة على حافة العتبة النووية، ويركز على منعها من عبور هذه العتبة. ففي العقد الأول يحد الاتفاق من قدرة إيران على صناعة ما يكفي من المواد النووية لإنتاج سلاح بشكل سريع. ولكن في العقد الثاني يُسمح لإيران بخفض فترة تجاوزها للعتبة النووية إلى الصفر تقريباً، مع انتهاء القيود المفروضة على تخصيب اليورانيوم وتخزينه.
إن وضع إيران كدولة على حافة العتبة النووية قد يؤدي إلى الانتشار النووي. فالمنافسون في المنطقة، لاسيما السعوديون، قد يتسابقون للِحاق بإيران. ويمكن لهذا الوضع أيضاً أن يشجع الإيرانيين على تعزيز أجندتهم المتطرفة والطائفية. ففي إطار التصدي لهذه المخاطر، لا يقل سياق الصفقة أهمية عن تفاصيلها الصغيرة.
من هنا، لا بد للقوى العالمية الست التي تتفاوض مع إيران من أن تصرّ على بعض العناصر الهامة وهي: التفتيش والتدقيق في أي وقت، وفي أي مكان؛ تحويل فائض المواد المخصبة في إيران بشكل لا رجعة فيه؛ وضع قيود كبيرة على أنشطة البحث والتطوير المتعلقة بأجهزة الطرد المركزي؛ ومسار واضح وملزم لمعالجة المخاوف التي أعرب عنها المفتشون الدوليون حول الأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامج إيران النووي. يتعيّن تخفيف العقوبات على مدى سنوات ويجب أن يكون ذلك مشروطاً بوفاء طهران بهذه المتطلبات.
إلا أن هذا الأمر ليس كافياً، فالمفتاح لمنع إيران من تجاوز العتبة النووية في وقت قصير هو الردع. والأهم من ذلك، على الولايات المتحدة أن توضح أن أي انتهاكات ستقابلها إجراءات عقابية. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على المجتمع الدولي أن يؤكد رسمياً تصميمه على منع إيران من الحصول على ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح، حتى بعد انتهاء القيود المفروضة [بموجب الاتفاق]. كما يجب على الولايات المتحدة أن تتبنى موقف صارم ضد طموحات الهيمنة الإقليمية الإيرانية لطمأنة الحلفاء التقليديين الذين فقدوا الثقة في الإرادة السياسية الأمريكية حول ضمان أمنهم.
وللأسف، تآكل الردع الأمريكي بشدة في الآونة الأخيرة، سواء بسبب تردد الولايات المتحدة في إظهار قوتها في المنطقة، أو من جراء مقاربتها المتحمسة جداً للتفاوض مع إيران. إن إصرار الإدارة الأمريكية على أن هناك خيار ثنائي بين التوصل إلى اتفاق في المستقبل القريب وبين اندلاع حرب لم يؤدِ سوى إلى زيادة الشكوك حول الردع الأمريكي، علماً أن هذا الخيار الثنائي هو إثبات انهزامي يعني ضمناً أن البيت الأبيض، وليس طهران، هو الذي سيرتدع على الأرجح عن مواصلة أهدافه بسبب احتمال نشوب حرب.
وعند رؤية الأمور من المنطقة، هناك شيئاً واحداً يبدو جلياً وهو: أن أفضل فرصة لمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية تكمن في إعادة تأكيد الولايات المتحدة على استعدادها لاستخدام القوة العسكرية. ففي حين لم يكن لدى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي أي تردد في وضع خطوط حمراء خاصة به، لم يكن من الواضح ما هي العوامل التي قد تُبطل الاتفاق بالنسبة إلى الذين يتفاوضون معه. ومع ذلك، إذا تم وضع مثل هذه القيود، يمكن الإصرار عليها. ونظراً إلى ضغط العقوبات وموقف الردع الذي تقوده الولايات المتحدة، يمكن للمفاوضين الغربيين أن يوضحوا فعلاً أنهم حازمون وصبورون ولن يقبلوا اتفاقاً إذا لم تتحقق شروطهم.
وحتى مع استمرار المفاوضات، شهد الإسرائيليون خامنئي وهو يغرد على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بنشره تسع "أسئلة أساسية حول القضاء على إسرائيل" (وكان السؤال الثالث: ما هي الطريقة المناسبة للقضاء على إسرائيل؟). وإذا لم تتمسك الولايات المتحدة وشركاؤها بموقف ثابت في الأيام والسنوات المقبلة، سيشعر الإسرائيليون بأنهم قد يُتركون وحدهم في مواجهة الإيرانيين من أتباع آية الله، وهم الأعداء الذين قد يستخدمون يوماً ما السلاح الأقوى.
مايكل هيرتسوغ هو عميد (متقاعد) في "جيش الدفاع الإسرائيلي" وزميل ميلتون فاين الدولي في معهد واشنطن. وقد شغل سابقاً منصب رئيس "قسم التخطيط الاستراتيجي" في "جيش الدفاع الإسرائيلي" ورئيس ديوان مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي.
"فايننشال تايمز"