- تحليل السياسات
- مقابلات وعروض تقديمية
لإسرائيل في الأمم المتحدة احترامٌ صامت وعدائيةٌ علنية مستمرة
في الخامس من كانون الأول/ديسمبر 2017، كرّم "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" ثلاثة سفراء إسرائيليين سابقين دافعوا عن العدالة والإنصاف في الأمم المتحدة وهم: دوري غولد ودان غيلرمان ورون بروسور. وجرى حفل التكريم، الذي أقيم في مدينة نيويورك، عشية الذكرى السبعين للمصادقة على خطة تقسيم فلسطين الصادرة عن الأمم المتحدة. وقد أجرى المدير التنفيذي للمعهد روبرت ساتلوف حديثاً ممتعاً مع السفراء الثلاثة غولد وغيلرمان وبروسور حول علاقة إسرائيل بهذه المنظمة العالمية، والتحيز المؤسسي ضد الدولة اليهودية، واحتمالات الاستفادة من العلاقات الثنائية المحسنة لخلق فرص تصب في مصلحة إسرائيل في المحافل المتعددة الأطراف.
ورداً على سؤال حول أهمية الأمم المتحدة بالنسبة لإسرائيل بعد مرور 70 عاماً على قرار التقسيم، قال غيلرمان: "لا أعتقد أن هناك ميداناً آخر في العالم يسمح لدبلوماسي إسرائيلي بنقل رسالة مماثلة إلى 193 بلداً عن واقع إسرائيل كدولة، وكم تختلف في الحقيقة عن التصوّر العام لها، ومدى جمالها وإبداعها وابتكارها وتعاطفها ومساهمتها في العالم. وإذا لا تعتذر، إذا لا تشعر بالخجل، إذا كنت فخوراً ببلدك وتحارب من أجله، فيمكنك تحقيق إنجازات عظيمة حتى في ذلك المبنى الزجاجي في الجادة الأولى".
ومن جهته، أوضح بروسور السبب الذي يدفعه إلى الاعتقاد بأن الأمم المتحدة "منحازة ضد إسرائيل من الناحيتين الهيكلية والمؤسسية"، بإشارته إلى عدم شغل أي مواطن إسرائيلي مناصب رفيعة المستوى [في المؤسسة الدولية]، واستثناء إسرائيل من عدة مجموعات ولجان إقليمية. غير أن العلاقات الثنائية تمنح إسرائيل الفرصة لتحسين مكانتها في الأمم المتحدة. وأردف في هذا السياق قائلاً، أنه "لا بدّ من التركيز على واقع أن إسرائيل تفتح عدة قنوات اتصال مع دول تقدّر العمل المذهل الذي نقوم به".
وكمثال على الثمار التي قد تأتي بها الدبلوماسية الثنائية الفعالة في المحافل المتعددة الأطراف، أشار بروسور إلى أنه حين احتاجت إسرائيل إلى تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إجراء ما واضطر وفد جمهورية السيشيل إلى مغادرة نيويورك مؤقتاً، فوضته الدولة الجزرية - التي تتلقى المساعدات من إسرائيل - ليكون ممثلها خلال ذلك اليوم وصوّت لصالح الاقتراح الإسرائيلي.
أما غولد، فأسهب في الحديث عن الارتباط بين علاقات إسرائيل الثنائية ومعاملتها في المحافل المتعددة الأطراف، قائلاً: "نشهد حالياً نهضةً على صعيد طريقة عمل إسرائيل في شرق المحيط الهادئ وفي أفريقيا وفي أمريكا اللاتينية وفي العالم أجمع عموماً حتى مع الأوروبيين الذين يخرجون بأفكار سيئة عندما يجتمعون سوية في بروكسل"، وأضاف "أما على المستوى الفردي، فالأمر مذهل. فتكمن المشكلة في أنه ما أن تَضع هذه العلاقات الجيدة للغاية في إطار متعدد الأطراف، حتى تنقلب ديناميكيات الدول التي تتعاون معاً ضدنا".
ونظراً إلى انحياز الأمم المتحدة على الصعيدين الهيكلي والمؤسسي، اتفق السفراء الإسرائيليون الثلاثة السابقون على أهمية علاقة بلادهم بالولايات المتحدة. وفي هذا الإطار، قال بروسور أنه "من دون الولايات المتحدة لكانت إسرائيل كَبَدْ مُقَطَّعْ (أي مهمشة) في الأمم المتحدة".
وقد شملت نقاط التوافق الأخرى بين السفراء رفض اضطلاع الأمم المتحدة بدور في عملية السلام الإسرائيلية- الفلسطينية والدعوة إلى إصلاح وتحسين "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى" ("الأونروا").
وفي إشارة إلى أن مقاعد الوفود الأعضاء في الأمم المتحدة تأتي بحسب الترتيب الأبجدي، حيث يجلس ممثلو إسرائيل على بُعد بضعة مقاعد فحسب من نظرائهم الإيرانيين، تحدث غيلرمان عن التطور البطيء لتواصله مع سفير طهران لدى الأمم المتحدة في ذلك الوقت قائلاً، "خلال العامين الأوّلين، كنا نتجاهل بعضنا البعض، في حين كانت تجمعني علاقات وثيقة جداً مع كافة السفراء باستثناء اثنين، هما السفيران السوري والإيراني. فمحمد جواد ظريف كان يرفض حتى الاعتراف بوجودي. وبعد حوالي عامين تقريباً، بدأنا نتبادل الابتسامات. وفي مرحلة ما، تبادلنا حتى أطراف الحديث في الرواق، حيث رآه أحد زملائه يبتسم لي وتمّ استدعاؤه إلى طهران لمدة ثلاثة أشهر لأنه، وأَقْتبِس: "لطيف جداً مع السفير الإسرائيلي". يُذكر أن ظريف يشغل حالياً منصب وزير خارجية إيران.
وإذ تحدث بروسور عن معنى دوره كسفير في الأمم المتحدة، قال "في كل يوم كنت آتي فيه إلى مقر المنظمة، كنت أرى 193 علماً، يحمل 25 منها إشارة الصليب، و15 إشارة الهلال، في حين لم أرَ سوى علم واحد يحمل نجمة داود. وعلينا جميعنا أن نعمل على إبقاء هذا العَلَم يرفرف عالياً وبفخر ضمن هذه المنظمة الجامعة للدول التي ينتمي إليها".