- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 2834
ما يمكن توقعه من التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية حول مكافحة الإرهاب
في 19 تموز/يوليو، من المتوقع أن تنشر وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي لمكافحة الإرهاب الذي سيراجع التهديدات الإرهابية في العالم وردود المجتمع الدولي في عام 2016. وإذا كانت التقارير السابقة مرجعاً، فسوف يشمل تقرير هذا العام أقسام عن الحوادث الإرهابية في جميع أنحاء العالم، وكيف استجابت فرادى البلدان لهذه التهديدات، وأقسام مواضيعية حول الملاذات الإرهابية الآمنة، ومكافحة تمويل الإرهاب، ومكافحة التطرف العنيف. وشكّل عام 2016 نقطة تحوّلٍ في مجال مكافحة الإرهاب، وجاء ذلك في أعقاب التصاعد الكبير في أعمال الإرهاب الدولي من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية» («داعش») في أوروبا على وجه الخصوص. ونتيجة لذلك، هددت جهود التحالف المناهض لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» ما يسمى بـ قدرة تنظيم «داعش» على "البقاء والتوسّع". وكان سجل تنظيم «القاعدة» متفاوتاً في عام 2016، لكنه أظهر أنّ التنظيم لا يزال يشكّل خطراً محدقاً على المدى الطويل. وفي الوقت نفسه، كانت إيران ووكلاؤها - الذين يشار إليهم غالباً باسم شبكة التهديد الإيرانية - ناشطين بشكلٍ خاص طوال عام 2016.
تنظيم «الدولة الإسلامية» الواقع تحت الضغط لا يزال يمثل تهديداً
في عام 2016، بنى التحالف لمكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» قوة دفعٍ لا يستهان بها في حربه على "نواة" التنظيم في العراق وسوريا. وفي أعقاب وصول «داعش» إلى ذروته في عام 2014، فقد تنظيم «الدولة الإسلامية» أكثر من نصف الأراضي التي كان يسيطر عليها سابقاً في العراق و 30 في المائة من أراضيه في سوريا. وخلال النصف الثاني من عام 2016، عملت قوات التحالف في العراق على عزل الموصل. وفي سوريا، استعاد المقاتلون المدعومون من الولايات المتحدة مدينة منبج في أواخر الصيف. ومع الجهود التركية لتأمين حدودها، تمّ بذلك قطع نقطة نقلٍ أساسية لوصول السلع والمقاتلين إلى الرقة - العاصمة الحالية لـ تنظيم «الدولة الإسلامية». وقد تدهور الوضع المالي للجماعة الجهادية أيضاً، ويعود ذلك جزئياً إلى الضربات الجوية التي استهدفت مخازن النقد ورؤوس الآبار وقوافل النفط التي بدأت في أواخر عام 2015. ولعلّ التأثير الأكبر على أسس تنظيم «الدولة الإسلامية» قد جاء نتيجة خسارة الأراضي، مما يعني تراجع الموارد المحلية - ومنها البشرية - التي يمكن استغلالها.
وفي حين واجه المقاتلون الأجانب صعوبةً متزايدة في السفر إلى العراق وسوريا، دعاهم المتحدث السابق باسم تنظيم «الدولة الإسلامية» أبو محمد العدناني، الذي قتل في آب/أغسطس 2016، إلى شنّ هجماتٍ أينما تواجدوا. وفي الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا، شهد عام 2016 زيادةً في الهجمات الموجهة والمستوحاة من تنظيم «الدولة الإسلامية»، ومنها عملية إطلاق النار الجماعي التي شنها عمر متين في الملهى الليلي "Pulse" في أورلاندو في حزيران/يونيو بعد أن كان قد أعلن الولاء لـ تنظيم «الدولة الإسلامية»، وتفجيري المطار والميترو في بروكسل في آذار/مارس، وعمليتي الدهس في نيس وبرلين في تموز/يوليو وكانون الأول/ديسمبر، والهجوم الموجه من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية» على ملهى "رينا" الليلي في اسطنبول في كانون الأول/ديسمبر.
وفي ظل الضغوط في العراق وسوريا، زاد تنظيم «الدولة الإسلامية» أيضاً من نشاطاته في مختلف "المحافظات". فبعد معركة استمرت ستة أشهر، تم طرد مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» من مطالبتهم الإقليمية الأخيرة في سرت، ليبيا، مما بدّد المخاوف من احتمال أن تصبح ليبيا خياراً احتياطياً بعد خروج التنظيم من العراق وسوريا. وفي مصر، أثارت سلسلةٌ من الهجمات خارج شبه جزيرة سيناء، حيث كانت تعمل «ولاية سيناء» التابعة لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» في البداية، القلق من توجيه تنظيم «داعش» اهتمامه نحو البر الرئيسي المصري. وكانت أعنف الهجمات هي الاعتداء [الانتحاري] الذي وقع في 11 كانون الأول/ديسمبر واستهدف كنيسة قبطية في القاهرة مما أسفر عن مقتل اكثر من 25 شخصاً. كما زاد تنظيم «الدولة الإسلامية» نشاطه في جنوب شرق آسيا، بادعائه القيام بهجمات في إندونيسيا وماليزيا والفلبين، من بينها التفجير الذي وقع في جاكرتا في كانون الثاني/يناير 2016، والتفجير في بار "موفيدا" بالقرب من كوالالمبور في تموز/يوليو 2016، وقصف سوق في مدينة دافاو في أيلول/سبتمبر 2016.
السجل المختلط لـ تنظيم «القاعدة»
نظراً للتركيز الدولي الكبير على تنظيم «الدولة الإسلامية»، سعى تنظيم «القاعدة» في عام 2016 إلى الحفاظ على أهميته، وبناء قدراته، والاستفادة من الخسائر الإقليمية المتزايدة لـ تنظيم «داعش» في العراق وليبيا وسوريا. وعلى الرغم من النجاحات الواضحة التي شهدها تنظيم «القاعدة» في عام 2016، وخاصة من ناحية الهجمات الإرهابية الإقليمية، إلّا أنه عانى أيضاً من انتكاسات في أماكن مثل سوريا واليمن.
وقد أظهرت فروع تنظيم «القاعدة» في المنطقة بشكلٍ خاص قدرتها المستمرة على شنّ هجمات إرهابية قاتلة. فعلى سبيل المثال، هاجم تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» في 15 كانون الثاني/يناير فندق "سبلنديد" في مدينة واغادوغو في بوركينا فاسو وأخذ رهائن وقتل في النهاية ما لا يقل عن ثلاثين شخصاً وجرح نحو ستة وخمسين آخرين. وبعد أشهر قليلة، عمد مقاتلون من تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» إلى قتل تسعة عشر شخصاً وجرح ثلاثة وثلاثين آخرين في عملية إطلاق نار جماعي في منتجع "إيتوال دو سود" السياحي في مدينة غران باسام في ساحل العاج. أما في الصومال، فقد فشلت "حركة الشباب المجاهدين" في محاولة تفجير رحلة طيران شركة "دالو الجوية" رقم 159 بعد أن أقلعت من "مطار آدم عدي الدولي" في مقديشيو في 2 شباط/ فبراير. وذكّرت هذه الحادثة المسؤولين بضرورة الأمن المكثف على الطيران، وهو واقعٌ تعزز في عام 2017 مع إنذارات وزارة الأمن الداخلي حول إمكانات قنابل أشد تطوراً من صنع تنظيمي «القاعدة» و «الدولة الإسلامية» اختراق أمن المطارات. وحتى في الدول الأقل أهمية مثل بنغلاديش، نفذ فرع «القاعدة» المعروف باسم تنظيم «القاعدة في شبه القارة الهندية»عدداً من الاغتيالات ضد ما يسمى بالمرتدين المسلمين والغربيين.
وفي بقاع أخرى من العالم، عانت فروع تنظيم «القاعدة» في سوريا واليمن من خيباتٍ كثيرة - على الرغم من بقائها ذات أهمية وكونها تنظيمات خطرة. ففي الیمن، في نیسان/أبریل 2016، فقد تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» میناء المکلا بعد سیطرته علیه لمدة عام. وفي أواخر تموز/يوليو، اندمج الفرع السوري لـ تنظيم «القاعدة» [الذي كان يُعرف باسم] «جبهة النصرة» مع فصائل جهادية أصغر حجماً لتشكيل «جبهة فتح الشام»، التي ادّعت أنه لم يعد لديها أي علاقات خارجية مع تنظيم «القاعدة». وفي حين اعتبر بعض المحللين أن هذه المزاعم هي تضليلٌ يهدف إلى إخفاء الروابط المستمرة مع تنظيم «القاعدة»، ظهر خلاف آخر بشأن التخفيف المتصور لإيديولوجية تنظيم «القاعدة» ومنهجيته عندما نتج عن عملية الدمج الثانية في كانون الثاني/يناير 2017 تشكيل «هيئة تحرير الشام». وعلى وجه التحديد، أحدثت هذه الخطوة شرخاً بين المسؤول الشرعي السابق لـ «جبهة النصرة» سامي العريدي والشيخ أبو محمد المقدسي، حيث تساءل الأخير عما إذا ما زال بالإمكان اعتبار التنظيم الجديد حقاً جزءاً من الإطار الجهادي العالمي.
وتُبيّن هذه الأمثلة كيف كانت سنة 2016 عاماً اتسم بالتفاوت بالنسبة لـ تنظيم «القاعدة». ومع ذلك، فتحت المصائب المتنامية لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» فرصاً مستقبلية لـ تنظيم «القاعدة» لتغيير الصراعات في أفغانستان ومالي والصومال وسوريا واليمن.
شبكة التهديد الإيرانية فيما بعد «خطة العمل المشتركة الشاملة»
كان 16 كانون الثاني/يناير 2016، يوم تنفيذ «خطة العمل المشتركة الشاملة»، كما يُعرف الاتفاق النووي مع إيران. وعلى الرغم من أن الاتفاق لم يشمل الأنشطة الإرهابية الإيرانية أو غيرها من الأنشطة الإقليمية الخبيثة، أصر المسؤولون الأمريكيون على أنهم سيحمّلون إيران المسؤولية عن مثل هذه الأعمال. وكما تعهد وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جون كيري في 21 كانون الثاني/يناير، "إذا ما ثبت لدينا أنهم يمولون العمليات الإرهابية فسيواجهون مشكلة مع الكونغرس الأمريكي، ومع شعوب أخرى كما هو واضح". ومع ذلك، ففي العام الذي مضى منذ توقيع الاتفاقية، لم يتقلص السلوك التهديدي لإيران وعملائها.
وفي شباط/فبراير 2016، عندما أدلى مدير المخابرات الوطنية الأمريكية في ذلك الحين جيمس كلابر، بشهادته أمام الكونغرس، قال، إن "جمهورية إيران الإسلامية تشكل تهديداً دائماً للمصالح الوطنية الأمريكية بسبب دعمها للجماعات الإرهابية والجماعات المسلحة في المنطقة ونظام الأسد، فضلاً عن تطويرها قدرات عسكرية متقدمة". وعلى وجه التحديد، أضاف قائلاً: "لا تزال إيران - الدولة الأولى الراعية للإرهاب - تمارس نفوذها في الأزمات الإقليمية في الشرق الأوسط من خلال «قوة القدس» التابعة لـ «فيلق الحرس الثوري الإسلامي»، وشريكها الإرهابي «حزب الله» اللبناني والجماعات التي تعمل بالوكالة عنها. كما تقدم مساعدات عسكرية واقتصادية لحلفائها في المنطقة. ولا يزال كل من «حزب الله» وإيران يشكلان تهديداً إرهابياً مستمراً لمصالح الولايات المتحدة وشركائها في جميع أنحاء العالم". وبعد شهر، قدّم قائد "القيادة المركزية الأمريكية" ("سينتكوم") الجنرال جوزيف فوتل شهادة مفادها أن ايران أصبحت "أكثر عدوانية مع الأيام منذ الاتفاقية".
أما دول الخليج فقد أدانت عدد من الأفراد زُعم أنهم تابعون لـ «حزب الله». وفي كانون الثاني/يناير 2016، حكمت محكمة كويتية على مواطن كويتي وآخر إيراني بالإعدام بتهمة التجسس لصالح إيران و «حزب الله». وفي حزيران/يونيو، وجدت محكمة في أبوظبي زوجة "مسؤول إماراتي بارز" مذنبة بتهمة التجسس لصالح «حزب الله».
والبحرين هي إحدى الدول الخليجية التي أصبحت فيها إيران ووكلائها أكثر عدوانية. ففي كانون الأول/ديسمبر 2016، وقبل أيام قليلة من هروب عدة أشخاص متهمين بالإرهاب من سجن بحريني، تمكنت مجموعة من الرجال المسلحين برشاشات من نوع "AK-47" من الفرار من قوات الأمن بعد أن نُقلوا إلى البحرين عن طريق القوارب. وتمّ تعقّب السيارة التي هربوا فيها إلى عنوانٍ وجدت فيه السلطات معدات للتفجير وصنع القنابل. بالإضافة إلى ذلك حمل مركباً مسجّلاً تحت العنوان نفسه، جهاز نظام تحديد المواقع الذي أظهر قيامه بالعديد من الرحلات إلى المياه الإيرانية تعود إلى شباط/فبراير 2015.
وفي آذار/مارس 2016، ضبطت السلطات الفرنسية زورق إيراني آخر كان يتجه إلى اليمن، ووجدت على متنه "عدة مئات من البنادق الهجومية من طراز "AK-47" ومدافع رشاشة وأسلحة مضادة للدبابات". وبعد بضعة أيام، أوقفت البحرية الأمريكية شحنة أسلحة إيرانية في طريقها إلى اليمن وصادرت "آلاف الأسلحة وبنادق "AK-47" وقاذفات قنابل صاروخية". وفي ذلك الشهر أدرج «مجلس التعاون الخليجي» «حزب الله» [على لائحة] منظماته الإرهابية بسبب "الأعمال العدائية التي تقوم بها هذه الميليشيا التي تجنّد الشباب (في دول الخليج) للقيام بأعمال إرهابية". وفي غضون أسابيع حذت "الجامعة العربية" و"منظمة التعاون الإسلامي" حذو «مجلس التعاون الخليجي».
وإلى جانب أنشطتها في اليمن، ما زالت إيران ووكلائها يشكلون تهديداً إرهابياً كبيراً في بلدان المشرق العربي. وعلى الرغم من أن إيران و «حماس» قد تجادلتا في بعض الأحيان على رفض الأخيرة دعم نظام الأسد في سوريا، إلا أنهما جددتا علاقاتهما المنهارة في عام 2016. ووفقاً لتقرير صادر عن "دائرة أبحاث الكونغرس" الأمريكية، "يبدو أن إيران سعت إلى إعادة بناء علاقاتها مع «حماس» من خلال توفير تكنولوجيا الصواريخ التي تستخدمها «حماس» لبناء صواريخها، ومساعدتها على إعادة بناء الأنفاق التي دُمرت في الصراع مع إسرائيل [عام 2014]". وفي الوقت نفسه، واصلت «حماس» تخطيط هجمات إرهابية. ففي كانون الأول/ديسمبر 2016، أحبطت "وكالة الأمن الإسرائيلية" أو "الشين بيت" مخططاً لـ «حماس» لتنفيذ سلسلة من عمليات إطلاق النار والتفجيرات الانتحارية التي تستهدف الإسرائيليين. وعلى الرغم من تقاربها مع «حماس»، واصلت إيران رعايتها لحركة "الصابرين"، وهي جماعة مسلحة وكيلة أخرى في غزة. وأفادت بعض التقارير أن "الصابرين"، التي يتزعمها قائد سابق لـ حركة "الجهاد الإسلامي الفلسطيني"، تتلقى 10 ملايين دولار سنوياً من طهران.
ويظل «حزب الله» اللبناني الوكيل الإرهابي الرئيسي لإيران. ففي حزيران/ يونيو 2016، أعلن الأمين العام للحزب حسن نصر الله صراحة أن "«حزب الله» يحصل على أمواله وأسلحته من إيران، وطالما تملك إيران المال، فكذلك «حزب الله» أيضاً". ومنذ التوقيع على «خطة العمل المشتركة الشاملة»، شارك الحزب الذي أدرجته الولايات المتحدة على قائمة منظماتها الإرهابية في العديد من المؤامرات الإجرامية والإرهابية ومؤامرات التجسس.
وفي كانون الثاني/يناير 2016، اعتقلت السلطات الإسرائيلية خمسة فلسطينيين لتخطيطهم هجوم "نظّمه وموّله «حزب الله»". وقال مسؤولون إسرائيليون أن نجل نصر الله،جواد، قام بتجنيد زعيم هذه الخلية في الضفة الغربية. وقام «حزب الله» بتدريب الخلية وتوجيهها لمراقبة الأهداف الإسرائيلية، ومنح مبلغ 5000 دولار لرجالها لتنفيذ تفجيرات انتحارية وغيرها من الهجمات. واستناداً إلى هذه الحالات وغيرها، حذر مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى في شباط/فبراير 2016 من أن إيران "تقوم ببناء شبكة إرهابية دولية" تشمل خلايا يمكنها الحصول على أسلحة ومعلومات استخبارية وعناصر للقيام بهجمات في الغرب. وفي الشهر التالي، هرّب «حزب الله» كيس ممتلئ بالمتفجرات إلى شمال إسرائيل لاستخدامه في هجوم إرهابي. واعتباراً من حزيران/يونيو 2017، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين، كانت إيران تعمل أيضاً خلال العام الماضي على "إنشاء مرافق مستقلة لإنتاج الأسلحة الدقيقة في لبنان واليمن".
وعلى الرغم من الخطر متعدد الأوجه الذي يشكله «حزب الله»، واجه هذا الأخير عدة ضرباتٍ كبيرة في عام 2016. ففي شباط/فبراير، أعلنت "إدارة مكافحة المخدرات" الأمريكية عن كشفها شبكة كبيرة للاتجار بالمخدرات وغسل الأموال تابعة لـ«حزب الله» في تحقيقٍ متعدد الدول. وعلى وجه الخصوص، حددت "إدارة مكافحة المخدرات" أنّ "مكوّن الأعمال التجارية" في "منظمة الأمن الخارجي" التابعة لـ «حزب الله» هو المستفيد الأول من هذه الشبكة التي جمعت ونقلت "الملايين من اليورو من عائدات المخدرات". واستُخدمت هذه الأموال بدورها لشراء أسلحة لمقاتلي «حزب الله» في سوريا. وقد جرت اعتقالات في الولايات المتحدة وأوروبا وأمريكا الجنوبية، مما أعاق بشدة عمليات جمع الأموال والمشتريات والعمليات اللوجستية لـ «حزب الله» في العالم. ثم، في أيار/مايو، فقد «حزب الله» أبرز شخصياته العسكرية، مصطفى بدر الدين، الذي قُتل في انفجار وقع في دمشق أثناء عمله كرئيس "منظمة الأمن الخارجي" والقوات التابعة لـ «حزب الله» في سوريا. وبذلك أصبح أكبر مسؤول في «حزب الله» قتل منذ أن لقى "رئيس هيئة الأركان" عماد مغنية حتفه في عام 2008.
وفي أيار/مايو، أدّت الضربة الجوية الأمريكية بطائرة بدون طيار إلى مقتل قائد حركة "طالبان" الأفغانية الملا أختر محمد منصور على بعد حوالى مائتي ميل من الحدود الايرانية الباكستانية. وقد تعقبته السلطات الأمريكية خلال زيارته لأفرادٍ من عائلته في إيران وشنّت ذلك الهجوم أثناء عودته إلى باكستان. وبعد ذلك قال المتحدث باسم حركة "طالبان" ذبيح الله مجاهد أن منصور كان فى احد "رحلاته غير الرسمية" التى قام بها إلى إيران بسبب "التزامات المعركة الجارية".
الخاتمة
إذا عُدنا بالذاكرة إلى عام 2016، نرى أنه سوف يتعين على "التقارير القُطْرية" أخذ عددٍ كبير من العناصر في عين الاعتبار، بدءً من المؤامرات الموجهة والمستوحاة من تنظيم «الدولة الإسلامية» وخطر عودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وإلى الصمود الصلب لتنظيم «القاعدة» والتهديدات الإرهابية المستمرة التي تشكلها إيران ووكلائها. وتختلف هذه الشبكات الإرهابية، التي غالباً ما تتعارض بشكلٍ مباشر بين بعضها البعض، من نواحٍ كثيرة. وسوف يركّز التقرير أيضاً على المواضيع التشغيلية العابرة للإيديولوجيا والجغرافيا، مثل: (1) كيفية قيام الجماعات الإرهابية بجمع الأموال ونقلها وتخزينها والوصول إليها، وماهية الإجراءات التي يمكن اتخاذها لمكافحة التمويل الإرهابي؛ (2) أفضل الممارسات لمكافحة الإيديولوجيات المتطرفة العنيفة من مختلف الأنواع، بما فيها الإيديولوجيات الطائفية العنيفة التي أذكت نيران الصراع في الشرق الأوسط في عام 2016 وما زالت تشعله في الوقت الحالي؛ و (3) الحاجة إلى اتخاذ المزيد من الخطوات لمنع الجماعات الإرهابية من الوصول إلى الملاذات الآمنة في المساحات ذات الحوكمة الضعيفة. وفي جميع هذه المجالات، لا يزال يتعين اتخاذ الكثير من الخطوات في المستقبل.
ماثيو ليفيت هو زميل "فرومر- ويكسلر" ومدير برنامج "ستاين" للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن. كاثرين باور هي زميلة "بلومنستين كاتس" في برنامج مكافحة الإرهاب في المعهد. وكلاهما مسؤولان سابقان بوزارة الخزانة الأمريكية. هارون زيلين هو زميل "ريتشارد بورو" في المعهد ومؤسس موقع Jihadology.net.