- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
نواب حركة تشرين من الشباب يزاحمون أحزاب السلطة
في ظل وجود عدد كبير من المستقلين في البرلمان العراقي المقبل، يأمل النواب العراقيون من الشباب في دفع الحكومة العراقية للوفاء أخيرا بمطالبهم الاحتجاجية منذ عام 2019.
يدخل العراق الآن مرحلة ما بعد الانتخابات، حيث يبدو الجو مشحونا وغير مستقر نتيجةالصراعات التي تخوضها الأحزاب الخاسرة من أجل الظفر بمقاعد لها في البرلمانالقادم، في الوقت نفسه، ثَمة وجوه شبابية جديدة وُلِدت من نبض الشارع العراقيوانبثقت من حراك تشرين نجحت في الوصول إلى البرلمان ومزاحمة الأحزاب السياسيةالتي تبدو غير قادرة على إدارة البلاد منذ عام 2003.
بالنسبة لهؤلاء النواب الجدد، هناك مجموعة من القضايا التي يتعين عليهم معالجتها، فعدا الانتخابات المبكرة وتغيير قانونها، كان لدى شباب الاحتجاج ثمة مطالب أخرى لم تلتزمالحكومة العراقية بتحقيقها، منها: توفير فرص العمل، القضاء على الفساد الماليوالإداري، وتحسين البنية التحتية، ومحاسبة قتلة المتظاهرين وكشف مصير المغيبين، ومنعتدخلات دول الجوار. وفي حين قاطع البعض الانتخابات نتيجة هذا الإحباط، اعتبر آخرون المشاركة في العملية السياسية ضرورة ملحة للأخذ بتحقيق مطالبهم.
وقد أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النتائج النهائية للانتخابات مساء يوم الأحد17 (أكتوبر/ تشرين الأول )وسط إجراءات أمنية مشددة فرضتها السلطات في بغدادومحافظات جنوبية، بعد أن هدّدَ أشخاص ينتمون إلى أطراف ينتمون إلى "محورالمقاومة" بالاعتصام المفتوح في مدن عراقية عدة إن لم يحصلوا على مقاعد فيالبرلمان، متهمين مفوضية الانتخابات بتزوير النتائج. وفي 21 تشرين الأول/ أكتوبر، أعلنتالمفوضية استلامها 181 طعنًا، تم رد 174 طعنًا وقبول 7 منها، على ضوء ذلك، سيتم فتحالمحطات المطعون بها وفقا للمادة 38 من قانون الانتخابات، وفرز الأصوات وعدها يدويًا.
وفي حين تم فرز الأصوات المتنازع عليها، فإن نتائج الانتخابات في هذه المرحلة واضحة بشكل عام. وفي هذا الصدد، فازت "حركة امتداد" التي يتزعمها الناشط البارز فيتظاهرات تشرين الدكتور علاء الركابي بتسعة مقاعد، بعدما قرر جمهور الحراك الشعبيمنح أصواتهم إلى المستقلين الذين يطالبون بحقوق العراقيين التي حرموا منها على مرحكومات متعاقبة. وتعمل الحركة إلى ضم نواب أخرون مستقلين من أجل تشكيل جبهةمعارضة في داخل البرلمان، ورسم خط جديد للعملية السياسية وممارسة الديمقراطيةفي العراق.
ويعتقد الناشط المدني، مهدي صلاح، 29 عامًا، أن وجود شخصيات شبابية ومستقلة فيداخل البرلمان خطوة إيجابية من أجل التغيير وسن قوانين بإمكانها توفير حياة كريمةيطالب بها المواطنين على مر سنين. وأكمل مهدي حديثة إلى الكاتب قائلًا: "أن دخولالشباب إلى البرلمان كان خطوة جريئة وإيجابية، لكن يحتاج منهم الصبر لوقت طويل منأجل تحقيق التغيير الذي كانوا يسعون إليه، سيما أن هناك تراكمات سياسية خاطئة جاءتبها الأحزاب السياسية من عام 2003 تحتاج إلى إزاحتها عن الطريق، والبدء بعمليةسياسية جديدة تلبي طموح الشعب، ونحن داعمون إلى السياسيين الشباب الذين جاءوامن خط الاحتجاج أو المستقلين في مسيرتهم القادمة داخل البرلمان."
مع ذلك، يخشى الناشط مهدي بأن تكون الحكومة القادمة مبنية على أساس التوافقاتالسياسية، مشيرًا إلى إن ذلك خلاف ما طالب بي الشعب العراقية، وسوف يعيد البلاد إلىنقطة البداية.
ويرى مهدي أن على الأحزاب الخاسرة من الكتل الشيعية، مثل حركة الفتح، وحركةحقوق، وتحالف العقد الوطني وتحالف النهج الوطني، أن تعيد حساباتها في الشارعالعراقي بدلًا من الاعتراض على نتائج الانتخابات بصورة غير سلمية وتعطيل العمل فيالمؤسسات وحرق الإطارات في الشوارع وإغلاق الطرق، كما أن هناك طرق قانونيةبإمكان الأحزاب الخاسرة اللجوء إليها للاعتراض على نتائج الانتخاب وترك الأساليب التيتهدد السلم المجتمعي في البلاد".
وقد فتحت مفوضية الانتخابات الباب أمام المرشحين المعترضين على نتائج الانتخاباتلتقديم الطعون والنظر فيها وإعلان نتائجها خلال 20 يوما، بعدها، سيتم إعلان أسماءالنواب الفائزين في الانتخابات وعددهم 329 نائبًا. فيما شدّد مصطفى الكاظمي، رئيسالوزراء العراقي، على أن يكون الاعتراض على النتائج وفقًا للإجراءات القانونية المعمولبها.
وبالرغم من الدعوات للجوء إلى الطرق القانونية للاعتراض، تواصل جماهير فصائلالمقاومة بالتظاهر في العاصمة بغداد ومدن جنوب العراق، فيما قامت القوات الأمنيةبغلق مداخل المنطقة الخضراء لمنع اقتحامها من قبل جماهير الكتل الشيعية الخاسرةفي الانتخابات.
بالنسبة للفائزين في الانتخابات، تصدرت "الكتلة الصدرية" التي يتزعمها رجل الدين مقتدىالصدر، المرتبة الأعلى بحصولها على 73 مقعد، يليها في المرتبة الثانية تحالف "تقدم" بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بواقع 38 مقعد، ثم تحالف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي بواقع 35 مقعدًا، فيما حصل "الحزب الديمقراطي الكردستاني" على 33 مقعدًا، وذهبت نحو 40 مقعدًا للمرشحين المستقلين الذي فازوا كأفراد غيرمنضوين تحت كتل أو تحالفات سياسية.
وجاءت نسبة المشاركة في الانتخابات، التي يعتبرها كثير من المراقبين جيدة، نتيجةمشاركة فئة الشباب في التصويت، بعد مطالبتهم بإجرائها بصورة مبكرة قبل 6 أشهر منموعدها الدستوري، والمقرر إجراؤها منتصف عام 2022، لكن الإرادة الشعبية فيتحقيق هذا المطلب قادت لذلك، إضافة إلى تعديل قانون الانتخابات بالاعتماد على نظامالدوائر الانتخابية، وهو نظام مغاير للقوانين الانتخابية التي أقرّها العراق بعد عام 2003.
ومع ذلك، لا تزال هناك مخاوف من أن الخسائر في صفوف الميليشيات العراقية والتي قد تؤدى إلى اندلاع اضطرابات. وفي هذا الإطار، يحذر المحلل السياسي العراقي عليالبيدر، من اتجاه العراق إلى حرب أهلية نتيجة الاحتكاك المسلح بين الجماعات المسلحةنفسها أو مع المؤسسات الأمنية العراقية بسبب رفضهم لنتائج الانتخابات التي أم تكنمرضية لهم. ويرى أن على السيد مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء العراقي، أن يتصدىوبقوة لأي خطوة قد تُشعل فتيل الصراع المتوقع الذي يصعب إخماده، وأن يؤدي إلىانهيار المنظمة السياسية بالكامل.
ويقول البيدر: "أن نواب تشرين سيكون لهم دور كبير في المرحلة القادمة وبإمكانهم قلببعض موازين المشهد السياسي ويجعل بقية الأطراف ملزمة باحترام رغباتهم، ولكنفكرة أو ثقافة تشكيلهم لمعارضة سياسية صعب تحقيها في ظل طمع الأطراف السياسيةالأخرى بالسلطة، كما أن النضج المعارضة تتطلب إلى نضج سياسي عميق، وهذا ماينقص النواب السابقين أو الشباب الجدد، ولكن حقًا أن وجود شباب تشرين داخلالبرلمان سيؤدي إلى حصول إزاحة جيلية قادرة إلى إحداث طفرة في إدارة المرحلةالقادمة للبلاد.
ويبقى العراقيين بانتظار تشكيل الحكومة الجديدة المرتقبة غير المشروطة والمبنية علىأساس التوافقات السياسية لا مصالح الشعب، والتي تعمل في خدمة مصالح العراقوقادرة على بناء علاقات خارجية، وتعزيز الاستقرار الداخلي، وهذا ما يأمله العراقيونمن الشباب الذين أصبحوا جزءًا من تشكيلة الحكومة القادمة.