- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
عرض فلسطيني للمشاركة في القدس
17 يناير/كانون الثاني 2018
لا تزال عملية السلام العربية-الإسرائيلية متعثرةً أو حتى مشلولةً بحيث تستدعي رعايةً شديدة وشاملة على الفور من قبل الولايات المتحدة كونها وسيطها الوحيد. فقد فاجأ الرئيس ترامب جميع الأوساط بإعلان القدس عاصمةً لإسرائيل، منتهكًا بذلك الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة التي كانت الولايات المتحدة ترعاها وتدعمها حتى الآونة الأخيرة.
والجدير بالذكر أنّه لدي العرب قول مأثور "صديقك من صدَقَك وليس من صدَّقك"، بمعنى أنّ صديقك الحقيقي هو من كان صادقًا معك ونصحك ونبّهك على زلاّتك وليس من أثنى على رأيك أو أفعالك ولو كنت على خطأ. وأنا آمل شخصيًا ألّا تضل عملية السلام طريقها، فمن الحكمة اليوم تحويل عملية السلام غير المثمرة إلى عملية ناجحة ومثمرة بدلًا من إفشالها. وبصراحة تامة، أؤمن شخصيًا بأن الجهود الصادقة قد تحوّل هذه المشكلة إلى فرصة لتمهيد الطريق أمام الأطراف للدخول في مفاوضات جدية مع صلاحيات واضحة المعالم وإطار زمني محدد في الميزانية.
وفي هذا السياق، وتحديدًا في ما يتعلق بالقدس، أؤيد وأنا مرتاح الضمير وثيقة 17 كانون الثاني/يناير 2000 التي تتضمن مجموعةً من المبادئ، حيث كنت شخصيًا وبصفة فردية، الطرف الأساسي في التفاوض عليها على مدى عامين تحت إشراف "مؤسسة روكفلر" مع مجموعة من الأكاديميين والممارسين الدوليين، بما فيهم إسرائيليين وفلسطينيين وأردنيين ومصريين وأمريكيين وغيرهم ممن قاموا، بعد وضع الصيغة النهائية لها، بتكليف مجموعة أصغر (السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة ومدير مركز البرامج الدولية في جامعة أوكلاهوما الأستاذ إدوارد بيركنز، والدكتور جوزيف جينات والجنرال شلومو غازيت من إسرائيل، والدكتور مانويل حساسيان ونفسي، الدكتور تيسير عمري من فلسطين) لتسليم المبادئ لرئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك والرئيس ياسر عرفات.
لقد سمعنا من كلا الطرفين ملاحظات وآراء مشجعة على العمل الجدير بالثناء الذي قمنا به من خلال معالجة مشكلة شائكة مثل مشكلة القدس والاتفاق على جعل القدس الغربية عاصمةً لإسرائيل والقدس الشرقية عاصمةً لفلسطين. وبالتالي، قد يكون من المجدي أن نقتبس في هذه المرحلة المبدأين الرئيسيين الأولين لتلك الوثيقة على أمل أن نبني عليها وألّا نعود إلى نقطة الصفر:
1. لا يخدم فرض الضم ولا تقسيم القدس كأساس لوضع المدينة النهائي. وعلى القدس أن تكون عاصمةً لكل من إسرائيل وفلسطين في الغرب اليهودي والشرق العربي للمدينة على قدم المساواة.
2. على الفلسطينيين والإسرائيليين أن يمارسوا سيادتهم كل في عاصمته على النحو المنصوص عليه في المبدأ الأول أعلاه.
وتماشيًا مع الشرعية الدولية، ينصّ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 63/30 لعام 2009 أنّ (أي إجراءات تتخذها إسرائيل، قوة الاحتلال) لفرض قوانينها وولايتها وإدارتها على مدينة القدس الشريف هي غير قانونية وبالتالي لاغية وباطلة وغير سارية المفعول؛ ويدعو القرار إسرائيل إلى وقف جميع هذه التدابير الانفرادية وغير المشروعة. وقد أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ستة قرارات لمجلس الأمن متعلقة بإسرائيل في هذا الشأن، بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 478 الذي أكّد أنّ قانون القدس الأساسي الذي تمّ سنّه عام 1980 والذي أعلن فيه أن القدس الموحدة عاصمةً أبديةً لإسرائيل يعدّ انتهاكًا للقانون الدولي.
وباختصار، أكّد مجلس الأمن بشكل خاص، وكذلك أجهزة الأمم المتحدة الأخرى بشكل عام، على أن القدس الشرقية أرض محتلة تخضع لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة. وقد صدر عن محكمة العدل الدولية عام 2004 رأيًا استشاريًا وُصفت فيه القدس الشرقية بأنها أرض فلسطينية محتلة. ولذلك، ضمّ الفلسطينيون صوتهم إلى صوت المجتمع الدولي في رفض حركة ترامب بوضوح تام، وفي رفض أي محاولة لتمويه الحقيقة، وقد ظهر ذلك جليًا من خلال رفضهم استقبال نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس.
وقد بدأ الفلسطينيون في عملية جدية وسريعة لإعادة تقييم المسائل كلها داخليًا وخارجيًا. كما أنّ المجلس المركزي التابع لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" على أبواب عقد جلسة من شأنها الكشف عن استراتيجيات وتدابير جديدة للحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وإبطال جميع التدابير الانفرادية وتجسيد المبدأين السابق ذكرهما اللذين يعترفان، بالتزامن وبالتساوي، بالقدس الغربية عاصمةً لإسرائيل والقدس الشرقية عاصمةً لفلسطين. فهذا هو السبيل الوحيد لتعزيز حقوقنا الوطنية ولإحلال السلام الدائم مع إسرائيل والمنطقة.