- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
ردود الفعل المغربية المتضاربة إزاء التطبيع مع إسرائيل
تنقسم ردود الأفعال المغربية حول التطبيع مع إسرائيل الى سرديتين متعارضتين، وذلك رغم أنه من غير المرجح أن تحدث المقاومة الشعبية للتطبيع أي تغيير حقيقي.
قبل بضعة أشهر فقط من إعلان تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل، كان رئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني قد استبعد هذا الاحتمال بشكل قطعي. كما أشار إلى أن موقفه هذا يعكس إجماع الدولة والحكومة والشعب المغربي، مشددًا على قناعات المغرب الأساسية الراسخة حيال حق الفلسطينيين بإقامة دولة قابلة للحياة في إطار حل الدولتين. وبالفعل، بالنسبة لبعض المغاربة، فإن القضية الفلسطينية تأتي خلف قضيتهم الأساسية، أي الصحراء المغربية. وفي ما بدا أنه خطاب لحملة انتخابية موجه للفئة الشبابية في "حزب العدالة والتنمية" في آب/أغسطس الفائت، قال العثماني إن حقوق الفلسطينيين ووضع القدس هما خطان أحمران بالنسبة للمملكة. واستنادًا إلى الموقف المعلن للحكومة المغربية بشأن استئناف العلاقات مع إسرائيل، ونظرًا إلى موقفها المتحفظ حيال "صفقة القرن" ومعارضتها العلنية لسياسات إسرائيل الاستيطانية، بدا في ذلك الوقت أن مسألة التطبيع غير مطروحة أبدًا.
وعليه، اعتبر العديد من المراقبين أن هذا الانقلاب اللاحق في الموقف هو بمثابة تغيير مفاجئ في الأحداث. وكما كان متوقعًا، قسّمت هذه الخطوة الدبلوماسية الآراء في البلاد وأثارت مجموعة متنوعة من ردود الفعل العامة في أوساط الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، تراوحت بين ترحيب حار بالخطوة واتهامات بالخيانة– التي انعكست عبر هاشتاغ حمل عنوان "#التطبيع_خيانة". وقد رسخ اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء، والذي تزامن مع التطبيع مع إسرائيل، السردية القومية (#المغرب_أولًا) في أوساط العديد من المغاربة، ولا سيما بعدما أطلق النظام والإعلام في الجزائر حملة انتقادية غير مسبوقة ضد "الاتفاق الشنيع". وردًا على ذلك، وجه المدافعون عن حقوق الفلسطينيين المشروعة وابلًا من الانتقادات لموقف الحكومة و"حزب العدالة والتنمية" المتناقض.
وينضوي تطبيع العلاقات بين الرباط وتل أبيب الآن ضمن النموذج الثنائي للسرديات السياسية المغربية، التي يجسدها هاشتاغ #المغرب_أولًا و#التطبيع_خيانة. ويتخذ المعسكر المؤيد للتطبيع موقفًا واقعيًا يتطلع إلى حماية سلامة الأراضي واكتساب مزايا اقتصادية ضخمة. لكنه واجه صعوبات لمواءمة هذه السرديات مع الخط التقليدي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين ومناهضة التطبيع. مع ذلك، تقوم هذه السردية أيضًا على السمات المتغيرة للهوية المغربية ؛ ففي استطلاع للرأي أجراه الكاتب في عام 2010، اعتبر 90 في المائة من المغاربة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و30 عامًا أنفسهم مغاربة أولًا ، مقابل 65 في المائة من الذين أكدوا على البعد العربي لهويتهم. ويبدو أن الانتقال من السردية العربية-القومية التي هيمنت على الخطاب السياسي العام بين خمسينيات وسبعينيات القرن الماضي إلى سردية وطنية مدحية تدعمها مسألة الصحراء كان جزئيًا سببًا رئيسيا وراء تأييد الكثير من المغاربة لمبدأ "المغرب أولًا".
المعسكر المؤيد للتطبيع: استذكار للإرث المغربي اليهودي
يقول الذين أثنوا على قرار النظام المغربي المدروس بتطبيع العلاقات مع إسرائيل إن موقف المغرب من القضية الفلسطينية ليس متضاربًا، وإن منح الأولوية لمسألة الصحراء ليس أبدًا على حساب حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة. في هذا السياق، يشير محللون سياسيون من أمثال الشرقاوي الروداني إلى أنه يجب النظر إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل على أنه خطوة ضرورية في مسار إحراز تقدم لصالح الدولة الفلسطينية والاستقرار في كافة أرجاء الشرق الأوسط، ولا سيما نظرًا إلى علاقات الرباط الإقليمية المهمة والمميزة. كما يشدد معظم مناصري التطبيع في الوقت نفسه على سردية مغربية موالية للفلسطينيين من خلال الإشارة إلى المكالمة الهاتفية التي أجراها الملك محمد السادس مع محمود عباس وطمأنه فيها إلى أن موقف المغرب ثابت إزاء القضية التي يضعها في المصاف نفسه مع قضية الصحراء الغربية.
وتحدّث آخرون عن العلاقات التاريخية والثقافية والشخصية والروحية الفريدة التي تجمع بين المغرب وإسرائيل. فوجود مجتمع مغربي يهودي كبير في إسرائيل والاعتراف الدستوري عام 2011 بالمكون اليهودي في الهوية المغربية هما عنصران أساسيان للتقارب بين المغرب وإسرائيل؛ فالبلدان يشكلان نموذجًا مثاليًا للعلاقات المثمرة والحوار بين الأديان والتعايش السلمي بين العرب المسلمين واليهود في المنطقة في أوقات تسودها الاضطرابات والصراعات على الصعيد العالمي. وقد أسفرت خسارة المغرب للعديد من مواطنيه اليهود منذ العام 1948 عن قيام مجتمع مغربي يهودي داخل إسرائيل، كان الملك الحسن الثاني قد وصف أفراده بأنهم سفراء المغرب.
ويزداد احتمال حملهم هذا اللقب فعليًا نظرًا إلى الدور الذي يلعبه اليهود المغاربة حاليًا في المشهد السياسي الإسرائيلي. وفي هذا الصدد، يذكر كريم بخاري (2021) أن عددًا أقل بقليل من ثلث أعضاء حكومة رئيس الوزراء في أيار/مايو 2020 لديه أصول مغربية. وما يثير الاهتمام هو أن اليهود المغاربة الإسرائيليين يحافظون على علاقات روحية وثقافية ووطنية (قومية) قوية مع بلدهم الأم. وقد استفاد المغرب كذلك من تصوير الإرث اليهودي على أنه إرث مغربي، وهو أمر أثنت عليه بالوما الباز بقولها إنه "البلد الوحيد في العالم، ناهيك عن إسرائيل، حيث يُعتبر القانون الأسري اليهودي ملزمًا قانونيًا باعتباره قانونًا وطنيًا لليهود في الزمن المعاصر". وبدوره، شدّد أندريه ليفي (2003) على الدور البارز الذي لعبته رحلات الحج والممارسات التقديسية اليهودية، التي بدلًا من تأجيج التوترات بين المسلمين واليهود، ساهمت في "الحفاظ على الروابط بين الجماعتين". وعلى نحو مماثل، لا تزال "آثار" الوجود اليهودي قائمة في أرجاء المغرب حتى في مناطق غادرتها المجتمعات اليهودية، ما يدفع بالأكاديميين من أمثال عمر بوم إلى الدعوة إلى الاهتمام بـ"ذكريات الغياب" هذه، مستندًا بشكل خاص إلى تجارب الأقليات في المغرب باعتبارها تدحض السرديات الاستشراقية والاستعمارية. في إشارة قوية إلى الأهمية الفريدة والغنية لكونه يهوديًا مغربيًا، يقول أندريه أزولاي، مستشار الملك محمد السادس، "أشعر وكـأن عمري أكثر من 2000 عام. بصفتي يهوديًا هنا، فأنا أنتمي إلى مجتمع وصل قبل الإسلام بوقت طويل. لدي شرعية كاملة في هذا البلد ... وحتى يتم منح الفلسطينيين الهوية والكرامة، تضعف يهوديتي. . . أنا مستشار لأمير المؤمنين وهو سليل مباشر للنبي محمد. . . ولا توجد دولة عربية أو إسلامية أخرى يوجد فيها شخص يهودي في مثل هذا المنصب. إن ذلك ليس مصادفة وليس له علاقة بـ [أنا كشخص]، لكنه استمرار لتقاليد طويلة ".
وغاليا ما يسلط المعسكر المؤيد للتطبيع الضوء على مشاريع الدولة والملك المتعلقة بإعادة تأهيل الإرث اليهودي المادي وغير المادي والحفاظ عليه، وتعزيز التنوع الثقافي المغربي وإدراج عملية التأهيل الكبرى لمواقع يهودية عام 2012. وقد بثت قنوات إذاعية وتلفزيونية مغربية بارزة عددًا غير مسبوق من برامج مثل "تامغربيت"، للاحتفال بالتعايش المشترك بين المسلمين واليهود في المغرب، ودعوة شخصيات مرموقة يهودية وغير يهودية من المقيمين والشتات للتحدث عن الثقافة اليهودية باعتبارها مكونًا أساسيًا من الهوية الثقافية المغربية. وتجدر الإشارة إلى أن المسلمين واليهود يتبركون بأكثر من مائة ولي صالح مشترك في المغرب، مما يشير إلى وجود تفاعل روحي قوي بين الطائفتين.
كما يتطرق بعض مناصري التطبيع إلى تصريح لا ينسى للملك محمد الخامس حيال اليهود المغاربة في لحظة مهمة عندما حاول نظام فيشي اعتقال وسجن يهود في معسكرات احتجاز: "لا يوجد مواطنون يهود ومواطنون مسلمون بالمغرب، بل يوجد مغاربة فقط. ". وبقيت هذه اللحظة نموذجًا منقطع النظير للتسامح والوجود السلمي لليهود في أرض مسلمة.
المعسكر المناهض للتطبيع: المطالبة بحقوق الفلسطينيين
في المقابل، اعتبر ناشطون في مجال حقوق الإنسان وعدد قليل من الشخصيات السياسية والمجتمع المدني وأصوات منادية عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن قرار استئناف العلاقات مع إسرائيل مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء غير أخلاقي. وكان رئيس "المرصد المغربي لمناهضة التطبيع" أحمد ويحمان من بين الذين أعربوا عن مواقف أكثر تشددًا إزاء التطبيع. فبرأيه، إن قضية الصحراء لا تحتاج إلى الصهاينة لتأكيد مغربيتها، مشيرًا إلى أنها حقيقة تاريخية واجتماعية وثقافية. كما لفت إلى أن اعتبار قضية الصحراء مبررًا للتطبيع أمر غير مقبول ويؤكد أن الدولة تتعرض للابتزاز.
فضلًا عن ذلك، حذّر ويحمان من التداعيات الخطرة للتطبيع على المغرب العربي والمنطقة. فهو يرى أن التطبيع هو بمثابة كارثة؛ فهو يمهد الطريق أمام توسع الصهاينة في المغرب العربي وأمام زعزعة استقرار المغرب من خلال تأجيج فتيل الانقسامات والمواجهات الداخلية. وندّد بما أسماه بـ"بالذباب الإلكتروني" على شبكات التواصل الاجتماعي الذي تمّ توظيفه للترويج لعملية التطبيع. هذا وشجب ناشطون آخرون وأصدقاء لفلسطين التطبيع باعتباره انحيازًا إلى جانب قوات تقسيمية ومدمرة تقودها الولايات المتحدة والصهاينة. وبدوره، رفض منسق "لجنة التضامن مع الشعب الفلسطيني في الدار البيضاء" عبد المجيد راضي التطبيع مع الكيان الصهيوني واصفًا إياه بأنه لحظة قاتمة في تاريخ المغرب وضربة لتقاليد المغرب بالتضامن مع القضية الفلسطينية.
فضلًا عن ذلك، انتقدت اتحادات تربوية الجهود الرامية إلى إقامة تبادل ثقافي بين المغرب وإسرائيل. كما تشمل هذه الجهود على عدة اتفاقيات بين المؤسسات التعليمية.. وقد وقعت جهة بني ملال خنيفرة، و"الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين" و"جمعية الصويرة موكادور" اتفاق شراكة مع مؤسسات إسرائيلية في 20 آذار/مارس في بني ملال. وبالمثل أبرم مستشار الملك محمد السادس والرئيس المؤسس لـ"جمعية الصويرة موكادور" أندريه أزولاي اتفاق شراكة بين جمعيته و"مركز الدراسات والأبحاث حول القانون العبري بالمغرب" و"الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين" من أجل تعزيز التنوع الثقافي المغربي.
في المقابل، أعربت بعض الاتحادات التربوية عن رفضها القاطع لأي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل، مؤكدة أن التطبيع التربوي هو أحد أخطر أشكال التطبيع، وأنه سينشر إيديولوجيا موالية لإسرائيل ستحل في نهاية المطاف محل تلك التقليدية الموالية لفلسطين والتي تركز على الحقوق المشروعة لأرض محتلة. كما حذرت من الترويج لقيم التسامح والتنوع الثقافي الجذابة من أجل إخفاء حقيقة إسرائيل الاستعمارية وحرمان الفلسطينيين من حقوقهم.
وقد دفع تهافت بعض الدول العربية على التطبيع بناشطين مناهضين له وموالين للقضية الفلسطينية من 20 دولة إلى إنشاء "الهيئة العليا لتنسيقية مناهضة الصهيونية ومقاومة التطبيع". وانتخبوا أحمد ويحمان منسقًا لها.
ويتماشى موقف ويحمان من التطبيع مع تنديد رئيس الوزراء والإعلام الجزائري به. ومن دون أي دليل قاطع، رفض رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز جراد هذه الخطوة باعتبارها محاولة من الدولة المجاورة لزعزعة استقرار بلاده والتسبب باضطرابات في المنطقة، مشددًا على أن هذه الأحداث تستهدف الجزائر. ودعا الجزائريين إلى توخي الحذر والتضامن لمواجهة التحديات والتهديدات المحدقة بالأمن القومي. ويعتبر بعض المحللين هذه الادعاءات أنها محاولة لتشتيت انتباه الشعب عن المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الداخلية والتي تشمل تولي رئيس مريض السلطة وعودة الحراك الشعبي للمطالبة بإجراء المزيد من الإصلاحات السياسية والديمقراطية. وبالنسبة لبعض الناشطين في الحراك، فإن تصريحات الحكومة الجزائرية العدوانية ليست سوى محاولة أخرى لتشويه سمعة المغرب وكذلك انتفاضة الجزائريين الشعبية السلمية للمطالبة بتغيير ديمقراطي، ما يعزز السرديات الوطنية المتضاربة التي رسمت معالم الحوار بشأن التطبيع بين المغرب وإسرائيل.
معاناة "حزب العدالة والتنمية" للردّ
يجد "حزب العدالة والتنمية" ورئيس الوزراء حاليًا نفسه في وضع لا يُحسد عليه بعد التطبيع. فالقرار يشكك بالخط السياسي الذي أرساه منذ فترة طويلة برفض كافة أشكال التطبيع مع إسرائيل وأمطربوابل من الاتهامات بعدم الترابط الإيديولوجي والغموض السياسي، ولا سيما أن فئته من الشباب وجناحه الديني ("حركة التوحيد والإصلاح") لا تزال ترفض هذه الخطوة. من جهتهم، ندّد ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي بموقف الحزب من التطبيع مع إسرائيل معتبرين أنه يبرر احتلالها لفلسطين وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني. كما لفت محللون إلى أن هذا الموقف قد يترك أثرًا سلبيًا على طموحات الحزب السياسية خلال الانتخابات المرتقبة في وقت لاحق من هذا العام. غير أن رئيس الوزراء وقائد "حزب العدالة والتنمية" السابق عبد الإله ابن كيران أظهر تضامنًا مع العثماني، رافضًا أي دعوات إلى تقديمه استقالته من منصبه كرئيس للوزراء وأمين عام للحزب. فابن كيران يرى أنه على الحزب أن يتماشى مع الخيارات الاستراتيجية للدولة.
وردًا على الانتقادات القاسية التي وجهها إليه ناشطون في "حزب العدالة والتنمية"، شدّد العثماني على أن حزبه لا يمكنه الاعتراض على أو مخالفة خيارات الدولة المتخذة بإيعاز من الملك، مهاجمًا "إخوانه" الذين قدموا استقالتهم أو جمدوا عضويتهم. وأشار إلى أن خصومهم السياسيين سيستغلون التوترات الداخلية في الحزب وقد يؤدي ذلك إلى شرخ في أوساطه. في المقابل، حذّرت نبيلة منيب، الأمينة العامة لـ "الحزب الاشتراكي الموحد"، من مسألة التطبيع برمتها، واصفةً إياها بالخيانة. وأوضحت أنها لا تثق بالرئيس ترامب، مشيرةً إلى أن المغاربة وحدهم سيضمنون المحافظة على هوية الصحراء المغربية.
المرحلة المقبلة
رغم الحجج التي قدمها الطرفان، تبقى الحقيقة الأكثر ترجيحًا أن معظم المغاربة الشباب سيركزون على قضايا أساسية أخرى غير التطبيع. فانتفاضة "الربيع العربي" التي هزت المنطقة العربية جعلت الحشود تصبّ اهتمامها وتركيزها على مشاكلها الخاصة، بما فيها التوظيف والتعليم والكرامة والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق النساء وعلى مكافحة الفقر والفساد. وقد حلّت الميادين الشعبية – بما فيها ميدان التحرير وميدان رابعة العدوية وساحة التغيير – محل الشخصيات السياسية أو الدينية التي كانت تحظى بشعبية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي ظل غياب شخصيات جذابة يسارية أو إسلامية كانت تقود الخطاب السياسي والاجتماعي في ما مضى، من المستبعد جدًا أن تصبح مناهضة التطبيع في المغرب حركة شعبية.
هذا وكان لجائحة "كوفيد-19" أثر على هذا التغيّر المفاجئ مؤخرًا في الأحداث؛ فمن الصعب تصوّر أن تدعو فئات من الأحزاب السياسية والحركات الدينية والمنظمات غير الحكومية المؤيدة لفلسطين إلى مسيرات في الرباط لحشد الناس اعتراضًا على التطبيع. فهذه المسيرات قد لا تستقطب حشودًا ضخمة بما أن المقابل في الاتفاق يمثّل قضية وطنية حساسة للغاية، أي الصحراء المغربية. وبالتالي، سيصعب على الأحزاب والحركات الدعوة إلى المسيرات في ظل هذه الظروف.
بما أنه قد يكون من المستبعد أن تبرز حركة شعبية مناهضة للتطبيع، فإن المغرب الآن أمام فرصة للدفع بمسلسل السلام إلى الأمام . فهو الآن جهة فاعلة محايدة في الصراع العربي-الإسرائيلي بما أنه يبعد آلاف الكيلومترات عن موقع الصراع الفعلي. ومن هذا المنطلق ونظرًا إلى وجود مجتمع مغربي يهودي كبير في إسرائيل، قد يستفيد المغرب من قراره الحالي ويسعى ليكون وسيطًا بحيث يلعب دورًا للتوصل إلى حل عادل ودائم وشامل بين العرب والإسرائيليين.