شهر سيء لهادي العامري، رئيس "منظمة بدر"
وقعت بعض الأحداث خلال شهر شباط/فبراير، وأصبحت نتائجها مؤلمة لهادي العامري و"منظمة بدر"، من خلال استغلال الميليشيات الأخرى المدعومة من إيران الاختلال الوظيفي والانقسامات الداخلية في "منظمة بدر".
تتأرجح الحظوظ السياسية للرئيس المفترض "للإطار التنسيقي"، هادي العامري، وبانتظام، حيث قام بعض المراقبين بشطبه من المعادلة في وقت مبكر جداً، إلا أن الثعلب العجوز الماكر عاد ليُظهر فائدته ومرونته المستمرة. ومع ذلك، فمن الواضح أن هذا الشهر كان صعباً للغاية بالنسبة لهادي حيث حاول تعظيم سيطرته على المحافظين المعينين بعد انتخابات مجالس المحافظات في كانون الأول/ديسمبر، ولكنه فشل إلى حد كبير في القيام بذلك.
الضربة الأولى : محافظ صلاح الدين
يشتهر هادي العامري بقدرته على التعامل مع أي شخص، كما يُعرف بعلاقاته التجارية مع العديد من السياسيين ورجال الأعمال السنة. ومؤخراً، ألقى بثقله وراء أحمد الجبوري (أبو مازن) لإعادة تعيينه محافظاً لصلاح الدين، مما ساهم في مصادقة مجلس المحافظة على تعيين أبو مازن في 4 شباط/فبراير بأغلبية 9 أصوات من أصل 15 صوتاً. وقد أثار ذلك رد فعل سلبي قوي جداً من جانب "عصائب أهل الحق"، التي غضب نائبها في مجلس النواب محمد البلداوي (من بلد، محافظة صلاح الدين) من التعيين، وأصدر بيان جاء فيه:
"من يأكل حقنا سيتألم كثيراً… والله لن تهنئوا بها وهو وعد غير مكذوب... شكراً لكل الكرام أصحاب المواقف المشرفة. شكراً لشيخنا الأمين العزيز [أي قيس الخزعلي]، شكراً لزعيم القانون [أي نوري المالكي]، شكراً للشيخ الهمام [أي همام حمودي] . مواقفكم المناصرة الداعمة دين في أعناقنا. لا عزاء للخونة. غداً ستكشف الأوراق وتسود الوجوه" (الشكل 1).
وفي هذا البيان، من الواضح جداً أن "عصائب أهل الحق" لم تذكر هادي العامري و"منظمة بدر"، "الخونة" المعنيين. ويبدو أن "عصائب أهل الحق" والمالكي قد ذهبا إلى أبعد من مجرد الإدلاء بتصريحات. فمن خلال الارتكاز على الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، تم منع المصادقة على تعيين أبو مازن في 15 شباط/فبراير على أساس أن أبو مازن أدين بالفساد في ظل نظام صدام ومجدداً في عام 2017. وقد يستأنف أبو مازن (الذي أدرجته أيضاً الولايات المتحدة على لائحة العقوبات بموجب "قانون ماغنيتسكي العالمي" بتهمة الفساد في خدمة الميليشيات المدعومة من إيران) قرار المنع، لكن القضية أدت مع ذلك إلى توتر العلاقات بشدة بين "منظمة بدر" و"عصائب أهل الحق".
الضربة الثانية: مبارزة شبل الزيدي في واسط
يبدو أن هادي العامري سعى أيضاً إلى تعيين وكيل في محافظة واسط (وفشل في ذلك)، مما أدى إلى تجدد الخلاف مع زعيم "كتائب الإمام علي" شبل الزيدي (الذي فرضت عليه الولايات المتحدة أيضاً عقوبات لتقديمه الدعم المادي للجماعات الإرهابية مثل "فيلق القدس" التابع "للحرس الثوري الإسلامي" الإيراني و"حزب الله" اللبناني). ولطالما كانت واسط نقطة قوة بالنسبة لشبل، الذي رفض بشدة جهود "منظمة بدر" لدس مرشح لمنصب المحافظ هناك. وفي حديثه يوم 9 شباط/فبراير عن قائمة "الإطار التنسيقي" في انتخابات المحافظات (أي تحالف "نبني")، أشار شبل بشكل لاذع إلى أن "حصة «تحالف نبني» أربع محافظات هي: ديالى والديوانية [القادسية] وميسان وبابل. وقد قسمها المعني بالقسمة بإنصاف، فجعل وجبة الإفطار له في الديوانية، واختار لنفسه ميسان كوجبة غداء، وسوف يتعشى في في محافظة ديالى" (الشكل 2).
ويشير شبل هنا إلى الطريقة التي سيطرت بها "منظمة بدر" على محافظتي ميسان والقادسية، لكنها حاولت الخروج من هذه المنطقة للسيطرة أيضاً على واسط، حيث المحافظ المفضل لدى شبل هو محمد جمال المياحي. وينظر أعضاء آخرون في "الإطار التنسيقي" إلى هادي العامري على أنه استخدم اثنين من "المستقلين" المزعومين في مجلس النواب، هما رئيس مجلس النواب بالنيابة محسن المندلاوي وعضو اللجنة المالية يوسف الكلابي، وكلاهما يميل إلى "منظمة بدر"، للطعن في مصادقة مجلس محافظة واسط على المياحي. واتهم المياحي المندلاوي بإساءة استغلال دوره النيابي لتقويض التصديق، ولمياحي تاريخ سيء مع الكلابي، الذي اتهمه مرتين في قضايا أمام المحكمة بالتهديد باغتياله واستخدام طائرات مسيّرة ضده (الشكل 3).
الضربة الثالثة: طرد محافظ ديالى الذي يدور في فلك هادي
قد يرتكب هادي العامري أخطاء في السياسة على المستوى الوطني، ولكنه يضمد جراحه ويمضي قدماً. وتتزايد التوقعات بأنه يستطيع إدارة التوترات داخل "منظمة بدر" بشكل فعال، وخاصة داخل محافظة ديالى، مسقط رأسه، ولكن العكس صحيح بشكل متزايد. فـ "منظمة بدر" بدأت تفقد نفوذها ببطء في ديالى لصالح "عصائب أهل الحق" منذ ما يقارب عقد من الزمن، حيث تبرز خطوط التصدع هذه بصورة أكثر. وكان هادي العامري قد دعم في السابق محافظ ديالى مثنى التميمي طوال ذلك العقد بأكمله تقريباً، حتى أنه هدد باستخدام القوة ضد زعماء العشائر الآخرين من "منظمة بدر" مثل صباح التميمي عندما تمردوا ولجأوا إلى "عصائب أهل الحق" للحصول على الدعم. (تعرضت عائلة صباح لهجوم في كمين نُصب لها في ديالى بتاريخ 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، مما أدى إلى مقتل أحد عشر شخصاً من أفراد العائلة).
ويبدو أن هادي العامري أخطأ في حساباته عندما سعى إلى نزع فتيل التوترات القائمة منذ فترة طويلة من خلال إقالة مثنى وترشيح بديل عنه هو محمد جاسم العميري، نجل أحد القضاة المفضلين لهادي، رئيس "المحكمة الاتحادية العليا"، القاضي جاسم محمد عبود العميري (الشكل 4). وأثار هادي حالياً غضب مثنى التميمي وكذلك أعضاء "بدر" الذين لجأوا إلى "عصائب أهل الحق"، ولم يتمكن مرشحه ذو الوجه الطفولي من الترشح لمنصب المحافظ لأنه من الواضح أنه لا يستوفي الحد الأدنى للسن وهو 30 عاماً. وقد تراجع هادي سريعاً عن موقفه في 17 شباط/فبراير، مدعياً عدم معرفته بسن المرشح، وهو أمر مستبعد (الشكل 5).
في 18 شباط/فبراير، وفي نزاع على الأرض ليس له علاقة على ما يبدو بأي من الأحداث المذكورة أعلاه، اغتيل واحد على الأقل من أقارب هادي العامري في الراشدية، على الطريق المؤدي إلى ديالى في شمال بغداد. وكان هذا أحد أصهرته (صبري العامري) وابن عم آخر. ويمكن للمزيد من الخلافات والانتهاكات الأمنية داخل دوائر هادي القبلية، وإن كانت عرضية، أن تعطي الانطباع بتراجع قيادته والحماية التي يؤمنها عما كانتا عليه في السابق. وفي ظل تنافس "عصائب أهل الحق" بقوة مع هادي على قيادة "الإطار التنسيقي"، والتي يمكن القول إنها تتفوق بالفعل على هادي على الساحة الوطنية، يبدو الآن أن "عصائب أهل الحق" ستهاجم هادي و"منظمة بدر" في قاعدتها الرئيسية ديالى أيضاً.