- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
تأثير ترامب في البحرين
في 21 أيار/مايو، وعلى هامش قمة متعددة الأطراف في المملكة العربية السعودية، قال الرئيس ترامب لعاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة: "العلاقات بين بلدينا رائعة وإن كان قد شابها بعض التوتر.. لكن لن يكون هناك توتر مع هذه الإدارة". وربما تعكس "العلاقة الرائعة" استعداد الملك منذ زمن طويل لاستضافة مقر الأسطول الخامس الأمريكي. ومن المرجح أن يكون "بعض التوتر" بمثابة إشارة إلى مخاوف الإدارات الأمريكية المتتالية من معاملة البحرين لأغلبية مواطنيها الشيعة الذين يعانون من نقص التمثيل في الجمعية الوطنية ومهمشين اقتصادياً من قبل عائلة ملكية سنية تعتبرهم متعاطفين جداً مع إيران. وفي عام 2014، على سبيل المثال، طُرد مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية من الجزيرة بعد اجتماعه مع مجموعة من السياسيين الشيعة الذين تم حظر حزبهم في وقت لاحق.
وفي اليوم ذاته، أعلنت محكمة بحرينية حكماً بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ على الزعيم الروحي الشيعي الشيخ عيسى قاسم الذي وصفت الحكومة جهوده لجمع التبرعات الخيرية (أو "الخُمس") بأنها غسل الأموال. وفي حزيران/ يونيو الماضي أبطلت السلطات جنسيته بتهمة الترويج للعنف، ومنذ ذلك الحين ظل في قريته محاطاً بأنصار في مواجهات غير مستقرة.
وفي صباح يوم 23 أيار/مايو، اقتحمت قوات الأمن المنطقة، ثم اندلعت اشتباكات وأفادت بعض التقارير عن مقتل أحد المتظاهرين. ووفقاً للحكومة، كان الهدف من العملية هو اعتقال الهاربين؛ وقد اكتُشف بعضهم مختبئين في منزل الشيخ عيسى، لكنه لا يبدو أنه قد تم احتجازه. وادّعت وزارة الداخلية أيضاً ان "أعضاء خلية ارهابية" هاجموا الشرطة بالقنابل النارية وأصابوا عدداً من الضباط بجراح مما اضطرهم الى "الرد بشكل متناسب". وبالإضافة إلى ذلك، أشارت الحكومة إلى أن بعض الذين اعتقلوا في 23 أيار/مايو كانوا من بين عشرة من المدانين الإرهابيين الشيعة الذين فروا من السجن في كانون الثاني/يناير. وقد لقي اثنان من الهاربين مصرعهما فى شباط/فبراير الماضي عندما تم اعتراض قاربهما بينما كانوا فى طريقهما إلى إيران. ويُعتقد أن آخرين قد وصلوا إلى إيران، ولكن ما زال أربعة منهم يُعتبرون مُطلقي السراح أثناء القيام بالعملية في 23 أيار/مايو.
وتفيد بعض التقارير أن الارتفاع الأخير في التوترات يؤثر على القرى الشيعية في شمال الجزيرة. ففي الثالث والعشرين من أيار/مايو وحده تم اعتقال 286 شخصاً، وحذرت وزارة الداخلية جميع السائقين الذين ينوون استخدام طريق البديع السريع بأن عليهم "البحث عن طرق بديلة إلى أن تعود حركة المرور الى طبيعتها". وفي الوقت نفسه، ما زالت الحكومة تعالج مشكلة أصغر مع المتطرفين السنة، وبعضهم خدم في قواتها الأمنية وانضم بعد ذلك إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا. وفي الواقع، إن المستشار الديني الأكبر للتنظيم هو مواطن بحريني.
لقد شعرت واشنطن بالقلق منذ بعض الوقت حول سجل ايران في توفير الأسلحة الصغيرة والمتفجرات للشيعة البحرينيين، بما فى ذلك معدات لصنع أجهزة متفجرة مرتجلة. وكثيراً ما يضغط «حزب الله»، الوكيل الإقليمي الرئيسي لطهران، من أجل التدخل في التوترات الطائفية في الجزيرة. وفي أعقاب أعمال العنف التي وقعت في 23 أيار/مايو، حذر الحزب من "عواقب لا يمكن التنبؤ بها" إذا تعرض الشيخ عيسى للأذى. أما الآن، فقد رأى المسؤولون الأمريكيون أن البحرين ليست محور التركيز الرئيسي للتدخل الإقليمي من جانب إيران أو حلفائها. وهم ينتهجون رؤية مماثلة للوضع فى "المنطقة الشرقية" الغنية بالنفط فى السعودية حيث اندلعت اشتباكات في الأسبوع الماضى بين نشطاء شيعة وقوات أمنية فى بلدة العوامية بالقرب من محطة تصدير النفط العملاقة فى رأس تنورة.
وفي الوقت الراهن، يرحب معظم السنة والشيعة البحرينيين على حد سواء بوجود القاعدة البحرية الأمريكية بسبب بُعدها عن الأضواء وتأثيرها الإيجابي على الاقتصاد المحلي. إلّا أنّ العناصر الملكية المتشددة التي تفضل اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الاحتجاجات الشيعية قد تَعتبر تعليق الرئيس ترامب في الرياض كـ [منْح] إذن للتصعيد، واكتشاف الهاربين من السجن كمبرر للقيام بذلك. وقد تكون هناك عواقب وخيمة لأحداث الثالث والعشرين من أيار/مايو على كل من البحرين والسعودية.
سايمون هندرسون هو زميل "بيكر" ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن، ومؤلف مشارك في مذكرات المعهد السياسية لعام 2017 "إعادة بناء التحالفات ومكافحة التهديدات في الخليج".