- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
تقرير "وكالة المخابرات المركزية" يعقّد رد الولايات المتحدة على مقتل خاشقجي
بالنسبة لأولئك الذين حاولوا الاستراحة من الأخبار خلال عطلة نهاية الأسبوع المنصرم، حدث الكثير في القصّة المستمرة للصحفي السعودي المقتول جمال خاشقجي. ومن المحتمل حدوث المزيد من التطورات هذا الأسبوع لأن الرئيس ترامب وعد "بتقرير كامل للغاية" حول "من تسبب في ذلك" و "من فعل ذلك" على الأرجح يوم الثلاثاء التاسع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر. ومن غير الواضح ما إذا كان سيتم نشر هذا التقرير علناً أم لا.
وكشف الرئيس الأمريكي أيضاً أنه تلقى تقريراً كاملاً عن التسجيل الصوتي السرّي لكاتب صحيفة الـ "واشنطن بوست" في القنصلية السعودية في اسطنبول في 2 تشرين الأول/أكتوبر. وعلى الرغم من عدم سماع ترامب لذلك التسجيل، لكنه قال: "إنه شريط معاناة. إنه شريط رهيب للغاية. ... كان عنيفاً جداً وشرساً للغاية".
ويوم الجمعة المنصرم، ذكرت وسائل الإعلام الرئيسية أن "وكالة المخابرات المركزية" الأمريكية توصّلت إلى نتيجة مفادها أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أمر باغتيال خاشقجي. ويبدو أن هذا [الموضوع] كان على ما يبدو جوهر جلسة الإحاطة الاستخباراتية التي قُدّمت لأعضاء في الكونغرس الأمريكي في اليوم السابق. ولم يكن هناك "دليل قاطع على الجريمة"، لكن لدى "وكالة المخابرات المركزية" "ثقة عالية" بأن الأمر بقتل خاشقجي لا بدّ وأن صدر من قبل محمد بن سلمان، نظراً إلى هيكل السلطة في المملكة.
ويتناقض هذا التقرير مع بيان النائب العام السعودي يوم الخميس بأن [جريمة] القتل كانت عملية مارقة، هدفها في الأصل إنفاذ حكم قضائي، اتُهم به 11 رجلاً منهم خمسة اشخاص يواجهون عقوبة الإعدام. ونفى المسؤول السعودي أي تورط لمحمد بن سلمان. ومن خلال استعادة الأحداث، وما تم تنسيقه مع واشنطن بشكل واضح، صادقت وزارة المالية الأمريكية على معاقبة 17 سعودياً لتورطهم في عملية قتل خاشقجي، من بينهم سعود القحطاني، المستشار السابق بالديوان الملكي السعودي والمساعد لشؤون الإعلام لمحمد بن سلمان، ولكن ليس محمد بن سلمان نفسه.
ومن خلال رؤية الأحداث عن بُعد حول ما يجري (على الأقل في الأسبوع الماضي) تُظهر [التطورات] أن إدارة ترامب تحاول على ما يبدو إيجاد سبل للمضي قدماً. وكَوْن المملكة، أكبر مصدّر للنفط في العالم، فهي تُعتبر شريكاً استراتيجياً بالغ الأهمية بالنسبة للغرب، وضرورياً لضمان اقتصاد عالمي مستقر. ووفقاً لهذا المنطق، قد نعتقد أن محمد بن سلمان ربما كان ضالعاً بشكل مباشر، ولكن دون قيام دليل على ذلك من الضروري من ناحية السياسة الواقعية أن نضغط على أنفسنا ونمضي قدماً. وحيث أعرب مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون ضمناً عن وجهة النظر هذه، أشار إلى أن التسجيل الصوتي لم يربط على ما يبدو ولي العهد بعملية الاغتيال.
وبالنظر إلى الميل الواضح لمحمد بن سلمان لاتخاذ قرارات سياسية سيئة - حرب اليمن، الشقاق مع قطر، الاختطاف المؤقت لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، النزاع مع كندا حول تغريدة في آب/أغسطس - سيكون من الأمور الجدية، إن لم يكن الضرورية، إذا كان بإمكاننا السيطرة على بعض خطواته غير المدروسة. ومن الواضح أن الهدف من [القرار الذي صدر] الأسبوع الماضي بترشيح الجنرال المتقاعد جون أبي زيد، قائد "القيادة المركزية" الأمريكية السابق، سفيراً في الرياض، هو العمل على إصلاح الأمور.
وأدّت النتيجة التي توصلت إليها "وكالة المخابرات المركزية" إلى تعكير سياسة البيت الأبيض، على الأقل مؤقتاً. أما أعضاء من كلا الحزبين في الكونغرس الأمريكي فقد كانوا غاضبين بسبب ما قيل لأعضائه البارزين. ففي تغريدة للسيناتور بوب كوركر (جمهوري من ولاية تينسي)، ذكر: "كل شيء يشير إلى أن ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، أمر بقتل الصحفي جمال #خاشقجي الذي يعمل في صحيفة @washingtonpost [واشنطن بوست]". وفي برنامج "لقاء مع الصحافة"، وصف السيناتور ليندسي غراهام [جمهوري من ولاية كارولينا الجنوبية] محمد بن سلمان بأنه "غير عقلاني" و "مُشوش". وقال السيناتور مارك وارنر (ديمقراطي من ولاية فرجينيا): "كل الأدلة تشير إلى أن الأمر مخطط له بإحكام".
ولا تبشّر هذه المشاعر بخير بالنسبة لإمدادات الأسلحة الأمريكية المستقبلية للسعودية، خاصة وأن الكونغرس عبّر عن قلقه وانزعاجه علناً حول هذا الموضوع بسبب الوضع الإنساني في اليمن حتى قبل دخول خاشقجي إلى القنصلية في اسطنبول حيث لقي مصيره المفجع. ولكن سواء كان أي وقف للإمدادات العسكرية ليس أكثر من صفعة على الرسغ أمر مشكوك فيه. وفي الواقع، قد يؤدي إلى رد فعل سلبي من قبل محمد بن سلمان.
إن أي تهديد لمبيعات الأسلحة المستقبلية للمملكة سوف لا يكون على الأرجح موضع تقدير من قبل الرئيس ترامب، الذي لا يزال يركّز على الطلبات التجارية بقيمة 110 مليارات دولار التي أعلنها عند زيارته للرياض في العام الماضي، في أول رحلة قام بها [كرئيس] خارج الولايات المتحدة (حتى لو أن معظم المحللين اعتبروا هذا الرقم مبالغاً فيه).
لقد غابت عن الخلاصة أعلاه بعض العناصر الأخرى، وربما المهمة أيضاً. فيوم السبت، أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" أن مديرة منطقة الخليج في "مجلس الأمن القومي" الأمريكي، استقالت من منصبها، على ما يبدو بسبب خلاف حول السياسة العامة تجاه السعودية. كما أن وزير الدفاع التركي أكد أن أجزاء من جثة خاشقجي ربما أُعيدت إلى المملكة. أما محطة "سي إن إن" فقد أفادت أن محمد بن سلمان "أثار ضجة" عندما اجتمع مع وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت لمناقشة خطة بريطانية مقترحة لقرار من قبل مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن.
وعلاوة على ذلك، يبدو أن الأتراك مستعدين لتسريب المزيد من التفاصيل رويداً رويداً عما سجلته عمليّتهم الاستخباراتية حول ما جرى داخل القنصلية السعودية في اسطنبول، تلك التفاصيل التي تتناقض على الأرجح مع رواية الرياض المتغيّرة مرة أخرى.
سايمون هندرسون هو زميل "بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن.