- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
تزايد دعم الاحتجاجات الجماهيرية في غزة والضفة الغربية
شهد مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان خلال الأسابيع القليلة الماضية صراعًا على السلطة بين الفصائل الفلسطينية المتنافسة، واستولى مؤخرًا في إطاره مقاتلون مدعومون من "حماس" على مدارس الأونروا. ومع بروز الانقسامات الداخلية بوضوح، تؤكد استطلاعات الرأي الجديدة شدة إحباط الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة تجاه كل من القيادتين، وعلى تزايد الدعم للاحتجاج الشعبي.
وفقًا لاستطلاع جديد لمعهد واشنطن أجراه "المركز الفلسطيني للرأي العام" في الفترة الممتدة من 8 إلى 27 تموز/يوليو، انقسم سكان غزة والضفة الغربية حول ما إذا كان "من الجيد أننا لا نشهد مظاهرات كبيرة في الشارع حاليًا، كما حصل في دول عربية أخرى". وفي حين أن 32% فقط من المستطلعين في غزة و38% من المستطلعين في الضفة الغربية لم يوافقوا على هذا الرأي في حزيران/يونيو 2022، ارتفعت نسبة رفض هذا البيان إلى 46% في المنطقتين.
سكان غزة يلجأون إلى السلطة الفلسطينية والقوى الخارجية للحصول على الدعم
تجلت هذه الآراء عندما احتج سكان غزة في جميع أنحاء القطاع في تعبير علني نادر عن غضبهم من حكم "حماس". في حين شملت الدوافع ارتفاع درجات الحرارة صيفًا وأزمة الطاقة التي تخفض التغذية الكهربائية في الصيف إلى ست ساعات يوميًا، ألقى المتظاهرون والبيانات الصادرة باللوم مباشرةً على حكم "حماس". وكما هي الحال مع الاحتجاجات السابقة في عام 2019، أفادت التقارير أن "حماس" سارعت إلى قمع الاحتجاجات وسجنت عددًا من المتظاهرين المعنيين، لكن استطلاعات الرأي تظهر أن نسبة كبيرة من سكان غزة يتشاركون هذا الإحباط.
عبّر حوالي نصف سكان غزة فقط عن رأي إيجابي تجاه "حماس" (58%). في الواقع، وافق 72% من سكان غزة على أن ""حماس" لم تكن قادرة على تحسين حياة الفلسطينيين في غزة"، وهي نسبة أعلى بكثير من سكان الضفة الغربية الذين يشعرون بالمثل تجاه السلطة الفلسطينية (46%). ويؤيد سكان غزة بشدة السماح بإجراء "انتخابات حرة ونزيهة"، وتؤيد الأغلبية مرة أخرى (70%) اقتراح أن "ترسل السلطة الفلسطينية مسؤولين وضباط أمن إلى غزة لتولي الإدارة هناك، وأن تتخلى "حماس" عن وحداتها المسلحة المنفصلة".
وتُعزى نسبة كبيرة من هذا الإحباط إلى الوضع الاقتصادي المتردي في قطاع غزة. فالتفاوت في الدخل بين سكان غزة والفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية أو القدس الشرقية يتضح جليًا. أفاد ثلاثة أرباع المستطلعين في غزة أن إجمالي دخل الأسرة يبلغ 1500 شيكل أو أقل، في حين تراوحت هذه النسبة بين 1 و2% في الضفة الغربية أو القدس الشرقية.
تدفع هذه الظروف ثلثي سكان غزة (مقابل نصف سكان الضفة الغربية) إلى الموافقة على أنه "في الوقت الحالي، يجب على الفلسطينيين التركيز على المسائل العملية مثل فرص العمل والرعاية الصحية والتعليم والاستقرار اليومي، وليس على الخطط السياسية الكبيرة أو خيارات المقاومة". ولا تعني هذه الآراء أن معظم سكان غزة سيرفضون دعم انتفاضة جديدة أو غيرها من خيارات المقاومة المسلحة عند سؤالهم عنها، ولكنها تؤكد ثقل المخاوف الاقتصادية لدى سكان غزة، وانفتاحهم الكبير على الفرص الاقتصادية والإغاثة خارج نطاق ما تستطيع "حماس" تقديمه.
على وجه التحديد، يوافق أكثر من ثلثي سكان غزة على أنه ينبغي على الفلسطينيين أن يتطلعوا إلى الحكومات العربية "للمساعدة على تحسين وضعنا"، وذكروا مصر والأردن كمثلَين. وكذلك، يرغب غالبية سكان غزة في توفّر المزيد من فرص العمل الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية. ولعل الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن حوالي نصف سكان غزة (47%) يوافقون على الطرح التالي: "سيكون من الأفضل لنا أن نكون جزءًا من إسرائيل وليس من الأراضي الخاضعة لحكم السلطة الفلسطينية أو "حماس"".
سكان الضفة الغربية يتوقعون انهيار السلطة الفلسطينية
في الضفة الغربية، تنخفض نسبة الدعم على نطاق واسع للتغيير مهما كانت كلفته. لكن معظم سكان الضفة الغربية لا يثقون في استقرار السلطة الفلسطينية خلال السنوات القليلة المقبلة. ويعتقد 24% فقط أن السلطة الفلسطينية ستكون قائمة بشكلها الحالي نوعًا ما، بينما تنقسم التوقعات الأخرى بشأن مستقبل الضفة الغربية بين حلول الفوضى أو القيادة المحلية أو سيطرة "حماس".
ولكن يبدو أن هناك تناقض متزايد بشأن البدائل المحتملة في الضفة الغربية. على سبيل المثال، في حين أن حوالي نصف سكان الضفة الغربية (54%) لا يزالون يعتقدون أن السلطة الفلسطينية يجب أن تسمح لـ"حماس" بالعمل بحرية داخل الضفة الغربية، تراجعت هذه النسبة منذ عام 2017، عندما وافق 68% من فلسطينيي الضفة الغربية على هذا الاقتراح. وعلى نحو مماثل، إن دعم الأغلبية لسماح السلطة الفلسطينية و"حماس" بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، والذي تبلغ نسبته حاليًا 61%، قد تراجع ببطء بمقدار عشر نقاط مئوية منذ عام 2020. وعلى عكس سكان غزة، ينقسم سكان الضفة الغربية أيضًا حول ما إذا كانت السلطة الفلسطينية لم تتمكن من تحسين حياة الفلسطينيين هناك، إذ يوافق 46% على أنها لم تفعل ذلك، بينما لا يوافق 54% على ذلك.
ويتفق فلسطينيو الضفة الغربية وقطاع غزة على أنه "يجب على الفلسطينيين أن يبذلوا جهدًا أكبر لاستبدال قادتهم السياسيين بقادة أكثر فعالية وأقل فسادًا". ولا يوافق 34% من سكان الضفة الغربية و17% من سكان غزة فقط على ذلك.
الآراء بشأن حركة الاحتجاج الإسرائيلية المجاورة
بخلاف القمع السريع للاحتجاجات في غزة، يراقب الفلسطينيون أيضًا حركة الاحتجاج التاريخية التي تهز إسرائيل منذ عدة أشهر على خلفية قضايا الحكم. بينما يعتقد غالبية سكان غزة والضفة الغربية (57% و61%) أن الاحتجاجات سيكون لها تأثير إيجابي على المنطقة، يرى عدد قليل منهم أن حكومة نتنياهو ستسقط في العام المقبل.
وفي ما يتعلق بكيفية تأثير هذه القضايا الداخلية على الرأي العام الفلسطيني بشأن الصراع مع إسرائيل، يعتقد نحو نصف سكان غزة (47%) و41% من سكان الضفة الغربية أنه يجب على الفلسطينيين "تصعيد المقاومة ضد إسرائيل، حتى لو جعل ذلك الحياة أكثر صعوبة الآن". ولكن النسبة المتبقية تنقسم بين "التفاوض على أفضل صفقة سياسية ممكنة الآن" (26% و24%) أو التركيز على القضايا العملية للحياة اليومية في ظل السيطرة الإسرائيلية (13% و18%) أو تفضيل الوضع الحالي على البدائل الأخرى (10% و16%).
ملاحظة منهجية
يعتمد هذا التحليل على نتائج استطلاع قائم على مقابلات شخصية أجريت في الفترة الممتدة بين 8 و27 تموز/يوليو 2023، مع عينة احتمالات جغرافية عشوائية حقيقية قوامها 1572 فلسطينيًا بالغًا الثامنة عشرة من سكان الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية. قام المؤلفون بمراجعة ترجمة الاستبيان شخصيًا، بالإضافة إلى إجراءات أخذ العينات، وضوابط الجودة، وضمانات السرية، وبقية بروتوكولات العمل الميداني بالتعاون مع الفريق المهني الفلسطيني بأكمله، المتواجد في بيت ساحور في الضفة الغربية. يبلغ هامش الخطأ الإحصائي لعينة بهذا الحجم والطابع حوالي4 ٪ لكل عينة فرعية، ويبلغ مستوى الثقة إلى 95٪.