- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
وفاة السلطان: عُمان مهمة، فلماذا هذا الرد الأمريكي البطيء؟
من موقعها عند محيط شبه الجزيرة العربية، قد تكون سلطنة عُمان بعيدةً جداً عن الولايات المتحدة من الناحية الجغرافية، ولكنها - أو ينبغي أن تكون - محورية في المخاوف الأمريكية بشأن أمن الخليج. صحيحٌ أن تلك المنطقة لا تشهد أحداثاً تُذكر - فالعاصمة مسقط خاملةٌ خمولاً عذباً - إلّا أن هذا الواقع يُعزى جزئياً إلى الصرامة التي يحكم بها السلطان تلك البلاد.
بيد أن مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني والهجوم الصاروخي الإيراني على قواعد أمريكية في العراق طغيا على خبرٍ يمكن القول إنّ له الأهمية نفسها، وهو وفاة السلطان قابوس الذي حكم سلطنة عُمان لمدة خمسين عاماً، وتولّي أحد أبناء عمه عرش السلطنة العُمانية، وهو السلطان الجديد هيثم بن طارق.
ومما يؤكد أهمية عُمان بالنسبة للغرب هو مسارعة بريطانيا إلى إرسال الأمير تشارلز ورئيس الحكومة بوريس جونسون إلى السلطنة لتقديم التعازي. وقد لا يكون لدى الأمير تشارلز أمورٌ أفضل للانشغال بها (باستثناء معالجة الأزمة الملكية المتعلقة بالأمير هاري وزوجته ميغان)، ولكن ليس هذا هو الحال مع جونسون. لذلك، فمن الواضح أن هذه المبادرة هي أكثر من مجرد مناسَبة يعرب فيها النظامان الملكيّان عن دعمهما لبعضهما البعض.
وفي المقابل، كان ردّ واشنطن أكثر بطئاً. فقد تحدث وزير الخارجية مايك بومبيو يوم الاثنين عبر الهاتف مع نظيره العُماني يوسف بن علوي بن عبدالله، الذي يدير الدبلوماسية الخليجية منذ عقود، ليقدّم له التعازي، وانتهى البيان بعبارة: "سيزور وفدٌ أمريكي رفيع سلطنة عمان للتعزية [بوفاة السلطان]". ثم أعلن البيت الأبيض في 13 كانون الثاني/يناير أن وزير الطاقة الأمريكي دان بروييت سيترأس الوفد الذي يُرتقب وصوله يوم الأربعاء بعد انتهاء فترة الحداد التي تستمر ثلاثة أيام.
ومما يثير دهشة المتابعين للشؤون الخليجية، أن عُمان هي الآن - أو كانت على الأقل - طرفاً مهماً في مجموعة من القضايا. فقبل عام، سافر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى السلطنة، وقيل إنه خطف الأضواء من السعودية والإمارات اللتان ربما كانتا تعتبران نفسيهما الحَكم الذي يقرر متى يجوز دعوة إسرائيل علنياً. وفي عهد إدارة أوباما، قامت عُمان بتسهيل الحوار المبكر بين إيران والولايات المتحدة والذي أصبح لاحقاً الاتفاق النووي المعروف بـ «خطة العمل الشاملة المشتركة». ومنذ أربعين عاماً، استضافت عُمان مساعي المحاولة الفاشلة في النهاية لإنقاذ رهائن السفارة الأمريكية في طهران.
ولا يزال هذا الدور مستمراً. فميناء الدقم المطل على بحر العرب في سلطنة عُمان ينمو باطراد ليجعل من السلطنة طرفاً هاماً في التجارة الدولية، كما أنه يسهّل التعامل مع حاملات الطائرات والغواصات النووية الأمريكية الوافدة. ويفتقر الدقم إلى الأضواء الساطعة على الشاطئ التي تتمتع بها دبي داخل مضيق هرمز، لكنه يعطي البحرية الأمريكية المزيد من الخيارات في التعامل مع التهديدات البحرية الإيرانية مع الحفاظ على صادرات النفط من الخليج.
وفي الشرق الأوسط اليوم، لا تزال واشنطن بحاجة إلى عُمان - والسلطان هيثم، الغير مجرّب تقريباً، بحاجة إلى أصدقاء. وعلى الرغم من أنه خدم كدبلوماسي ومسؤول بوزارة الخارجية في وقت سابق من مسيرته المهنية، إلا أن أحدثْ اختبار له هو حين كان وزيراً للتراث والثقافة. وفي وقت سابق من عهد إدارة ترامب، شعر العُمانيون بالاستياء عندما زار الرئيس الأمريكي الرياض في عام 2017 لحضور قمة خليجية، ولكن المسؤولين على جدول مواعيده لم يجدوا وقتاً كافياً للقائه بالممثل العماني.
ومن المرجح أن تقوم الأطراف الفاعلة الإقليمية باختبار عُمان في الأشهر القليلة القادمة. يتعين على الولايات المتحدة، ومن أجل مصالحها الخاصة، أن تضمن الاستمرارية في حُكم السلطانَين.
سايمون هندرسون هو زميل "بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن.
"ذي هيل"