في أعقاب هجوم الثاني والعشرين من أيلول/سبتمبر في الأهواز، في إقليم خوزستان الإيراني، أشار الكثيرون إلى السكان العرب في المنطقة. لكن على خلاف الأقليات العرقية الأخرى في البلاد - على سبيل المثال، الأكراد في الشمال الغربي والبلوش في الإقليم الشرقي سيستان وبلوشستان ومحافظة كردستان الغربية - فإن هؤلاء العرب هم في الغالب من الشيعة. ومنذ عقد من الزمن، قامت مجموعة كبيرة من الإيرانيين في المنطقة باعتناق الإسلام السني، وذلك رداً على التمييز المنهجي ضد المواطنين العرب ورغبتهم بأن يتم الترحيب بهم من قبل الحركة القومية العربية، ولكن سرعان ما تبدّد هذا المسار. وربما حدث ذلك لأن الهوية القبلية تعلو على النزعة الدينية في التركيبة الاجتماعية للمجتمع العربي في الأهواز.
وقد شكلتْ هذه القاعدة القبلية عقبة رئيسية أمام التوحيد والتجدد على الصعيد الوطني في ظل حكم رضا شاه بهلوي، الذي حاربت حكومته ضد قوات الشيخ خزعل الكعبي، الرجل القوي الذي ترأس المنطقة. ومع الانتصار النهائي للحكومة المركزية عام 1925، تولّت السيطرة الكاملة على خوزستان. ومع ذلك، سعى رضا شاه إلى التوفيق بين أهالي المنطقة، من خلال اتخاذه تدابير مثل حظر التعليم المدرسي في اللغات المحلية ومنع طباعة المنشورات بأي لغة غير الفارسية - اللغة الرسمية للبلاد. ومنذ ذلك الحين، أثارت مثل هذه الإملاءات الخلافات والاحتكاكات.
وبعد الثورة الإسلامية عام 1979، اتبعت القيادة الإسلامية نهج قيادة سلالة بهلوي من خلال الاستمرار في تقويض مطالب الأقليات العرقية. ففي عهد البهلويين، أصبحت خوزستان الغنية بالنفط، والتي تعج بالشركات النفطية ومعامل التكرير، إحدى أكثر المحافظات الإيرانية تطوراً وازدهاراً، لكن حرب الثماني سنوات مع العراق ألحقت دماراً واسعاً بالإقليم.
أمّا الروابط بين العرب الإيرانيين - الذين يتركزون بشكل كبير في خوزستان - والعرب في الخارج، فيمكن تفسيرها باحتمالين على وجه التقريب:
- العلاقة القبلية التاريخية بين عرب خوزستان والعرب في محافظة البصرة المجاورة، في العراق. في الواقع، أدّت الحدود التي رُسمت في القرن العشرين إلى إحداث تقسيم في كل من القبائل والعشائر، مثل بني كعب وبني سعيد وبني طرف وبني خالد وبني تميم وبني أسد وكنانة. وعلى مدى العقد الماضي، سهّل فتح الحدود قيام تفاعل وعلاقات على نطاق واسع ضمن الأُسر والقبائل، مما خلق بدوره مخاوف أمنية للحكومة الإيرانية. ويظهر ذلك بشكل خاص من خلال قدرة العناصر المناهضة للحكومة مثل جماعة "مجاهدي خلق" والجماعات السلفية على العبور إلى البلاد. وبالنظر إلى مكانة البصرة كمركز تاريخي للشيعة الأخبارية، فإن العرب في خوزستان لا يثقون كثيراً في المؤسسة الدينية الشيعية الرسمية. ولا يشاطر الأخباريون - أو "الحرفيون" [الذين يؤولون إلى تفسيرات حرفية للنصوص المقدسة]- وجهات نظر المدرسة الأصولية المهيمنة في إيران، ويتسمون بالهدوء سياسياً. كما أنهم لا يؤمنون بشرعية "الاجتهاد" وليس لديهم أي "مرجع تقليد"، كما تقتضيه الأصولية الشيعية. بالإضافة إلى ذلك، تعزز العلاقات القبلية وأوجه التقارب اللاهوتية المشاعر المعادية للحكومة داخل عرب خوزستان والمشاعر المعادية لإيران داخل المجتمع الشيعي في جنوب العراق.
- دور النخب العربية الإيرانية، التي أصبحت عصرية على الطراز الغربي نتيجة لتحديث عصر البهلوية، وتميل إلى أن تكون علمانية وداعية للوحدة العربية. منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية، شكّلت القومية العربية مصدر قلق أمني للنظام، ووصل ذلك ذروته أثناء الحرب بين إيران والعراق وظهور جماعات مؤيدة لصدام. وأدت العروبة المتضافرة مع الطموحات الانفصالية إلى ظهور جماعات معارضة منظمة وصراع مستمر بين الحكومة والنشطاء العرب. ويتهم هؤلاء النشطاء الجمهورية الإسلامية بتنفيذ سياسات تمييزية ضد العرب، بتعمدها إبقاء الإقليم متخلفاً وفقيراً، ومنعها المواطنين العرب من شغل مناصب حساسة أو رفيعة المستوى في المكاتب الحكومية.
وبشكل عام وغير محدد، يوضح المجتمع العربي في خوزستان السبل التي غالباً ما تتجاوز فيها الانقسامات في الشرق الأوسط تلك القائمة بين السنة والشيعة، أو بين العرب والفرس. وبالنسبة للنظام الإيراني على وجه الخصوص، وفي ضوء الاعتداء الإرهابي الأخير، قد تكون الطموحات العرقية والقبلية المعقدة في خوزستان مصدر مشاكل مستقبلية، إن لم تكن مصدر أزمات.
مهدي خلجي هو زميل "ليبيتزكي فاميلي" في معهد واشنطن.