- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
اهتمام الشعب المصري متجه نحو مشاكله الداخلية لا نحو إسرائيل؛ استياء من السياسات الحكومية ووجهات نظر متفاوتة حول الاحتجاج
تظهر بيانات جديدة ناتجة عن استطلاع رأي مصري نادر ومستقل أن الشعب أكثر اهتمامًا بالقضايا الداخلية، كمسألة الصحة العامة، من السياسة الخارجية. وفي موضوع الشؤون الخارجية والسياسة الأمريكية، لا يحظى الصراع بين إسرائيل وفلسطين بالأولوية سوى لدى ثلث المُستطلَعين.
وبالتالي تحظى هذه الجملة بتأييد 85 في المئة من المصريين: "الإصلاح السياسي والاقتصادي حاليًا أكثر أهمية حاليًا من أي قضية تتعلق بالسياسة الخارجية". فثلث الشعب "يوافق بشدة" على ذلك. وتتوافق هذه النسب إلى حدّ ما مع نتائج السنوات العدة الفائتة.
انخفاض نسبي في الاهتمام بالقضايا الإسرائيلية والفلسطينية وانخفاض أكبر في سقف التوقعات
ما يثير الدهشة في موضوع السياسة الخارجية أن "الدفع باتجاه حلّ الدولتين للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي" يحتل المركز الأول في قائمة أولويات ثلث المصريين فقط في ما يتعلق بالتدخل الأمريكي في المنطقة. وتمثّل إيران واليمن وسوريا وليبيا معظم الأجوبة على هذا السؤال. فيما يعتبر ثلث المصريين أن "الفلسطينيين والإسرائيليين هم المسؤولون عن استمرار الصراع".
ويُعزى ذلك إلى حدّ ما إلى تدني توقعات الشعب المصري بشأن إحراز تقدم في القضية الفلسطينية. فأولئلك الذين يملكون توقعات "إيجابية إلى حد ما" بشأن الحكومة الإسرائيلية الجديدة المنتخبة هذا الربيع لا تتعدى نسبتهم 16 في المئة. وتنخفض هذه النسبة لدى أولئك الذين يؤيدون خطة سلام ترامب لتبلغ 9 في المئة.
كما أن التأييد الشعبي لمسألة "التطبيع" مع إسرائيل منخفض جدًا. فأولئك الذين يوافقون على أنه "يجب السماح للأشخاص الذين يرغبون في إقامة علاقات تجارية أو رياضية مع الإسرائيليين بذلك" لا تتجاوز نسبتهم 6 في المئة. وبالمقابل، فإن نصف الشعب المصري "يعارض بشدة" هذا الكلام.
مخاوف داخلية وخارجية بشأن أزمة كورونا
يعتبر ثلاثة أرباع المصريين أن حكومتهم "لا تبذل ما يكفي من الجهد" بهدف "تأمين الرعاية الصحية والطبية". وفي الوقت نفسه، يُحمّل عدد كبير من المصريين جهات خارجية مسؤولية ذلك. ويوافق ما يقارب النصف (45 في المئة) على هذه العبارة: "فيروس كورونا افتعله أعداء الخارج".
تأييد الحكومة منخفض أيضًا في مجالات أخرى
يعتبر المصريون أيضًا، وبأغلبية أقلّ نسبة إلى حدّ ما، أن حكومتهم خذلتهم في المجالات الثلاثة الأخرى التي شملها الاستطلاع. فيعتبر 59 في المئة أن القاهرة "لا تبذل ما يكفي من الجهد" في موضوع "الحفاظ على القانون والنظام في أماكننا العامة". وكانت الإجابة نفسها لدى 64 في المئة منهم بشأن موضوع "مكافحة التطرف الديني في مجتمعنا". وفي سؤال بالغ الأهمية، ارتفعت النسبة إلى 68 في المئة لدى أولئك الذين يعتبرون أن الحكومة المصرية لا تبذل الجهد الكافي في موضوع "الاهتمام بالرأي العام بشأن سياساتها". كما أظهرت استطلاعات الرأي في السنوات القليلة الماضية شكاوى كثيرة بشأن الفساد والظروف الاقتصادية وعدم الإنصاف في تقاسم الالتزامات المدنية.
لماذا لا تندلع إذًا انتفاضة شعبية في مصر؟
مقارنةً باستياء الأغلبية المصرية من سياسات حكومتها في الآونة الأخيرة، فقد انخفضت رغبة الشعب في الاحتجاج ضدها. وتنقسم الآراء حول ذلك: فيعتبرون بنسبة 42 في المئة أنه "من الجيد أن شوارعنا لا تشهد الآن مظاهرات كما في بعض البلدان العربية الأخرى"؛ ولكن ما يثير الدهشة أن نسبة الذين يعارضون هذا الرأي مرتفعة وتبلغ 54 في المئة.
وفي الوقت نفسه، توافق غالبية ضيقة تبلغ نسبتها 54 في المئة على الفكرة التالية أيضًا: "عندما أفكر في ما يحدث في اليمن أو سوريا، أشعر بأن وضعنا ليس سيئًا جدًا". ولا يتوقع سوى الثلث أي نتائج إيجابية من "الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العراق ولبنان".
لا يزال نصف المصريين يصفون العلاقات مع الولايات المتحدة بأنها مهمة، قبل روسيا ولكن بعد الصين مباشرة
على الرغم من أن هناك قلة قليلة من المصريين وافقت على خطة ترامب للسلام، إلا أن الكثير منهم (49 ٪)، كما في السنوات السابقة، ما زالوا يرون أن العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة مهمة لبلدهم. كما تندرج الصين الآن في نفس الفئة (53٪). ومن المثير للاهتمام أن روسيا تخلفت إلى حد ما في هذه الفئة (39٪)، وذلك على الرغم من صفقات الأسلحة والعلاقات التجارية الأخيرة بينها وبين القاهرة والتنسيق الأوثق بشأن الحرب الأهلية الليبية عبر الحدود.
بعض المخاوف الشعبية بشأن ليبيا، مع اختلاف وجهات النظر حول تركيا
عند سؤالهم عن أولويتهم القصوى لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، اختار ربع المصريين الآن "إيجاد تسوية دبلوماسية للحروب في اليمن وليبيا" –وجاء حل القضية الفلسطينية في المركز الثاني (35٪). وفي الوقت عينه، انقسمت الآراء بشكل غير متوقع حول تركيا، الخصم الخارجي الرئيسي لمصر في ليبيا، حيث تقول الأغلبية (58٪) أن العلاقات الجيدة مع تركيا ليست مهمة بالنسبة لمصر. لكن أقلية كبيرة (39٪) من المصريين لا توافق على ذلك، ووصفت العلاقات الجيدة مع أنقرة على الأقل بأنها "مهمة إلى حد ما" لبلدهم.
وجهات نظر متفاوتة بشأن مقتل قاسم سليماني وإيران
يعتبر ثلث المصريين تقريبًا أن لمقتل القائد الإيراني، قاسم سليماني، في شهر كانون الثاني/يناير الفائت آثار إيجابية على المنطقة، في حين تتوقع النسبة نفسها تقريبًا آثارًا سلبية. ترى نسبة مرتفعة بشكلٍ استثنائي من المستطلعين، أي 30 في المئة، أنهم لا يملكون المعلومات الكافية عن هذا الموضوع للتعبير عن رأيهم. وعندما طُلب منهم اختيار أولويتهم بشأن السياسة الأمريكية في المنطقة، اختاروا بنسبة 19 في المئة فحسب "العمل لاحتواء إيران"، مقابل القيام بمساعٍ دبلوماسية في مواضيع النزاع الأخرى: موضوع فلسطين وإسرائيل (35 في المئة) أو موضوع ليبيا واليمن (24 في المئة) أو موضوع سوريا (15 في المئة). وفي ما يتعلق بإيران وميلشياتها في المنطقة بشكل عام، أثبتت استطلاعات رأي سابقة أن معظم المصريين يؤيدون حكومتهم في معارضتها لهم وهم: إيران و"حزب الله" و"الحوثيون" وحتى آية الله الخامنئي بنفسه.
الشعب يريد التقارب مع قطر وليس مع سوريا
ولكن في قضيتين إقليميتين أكثر حساسية، يبدو الشعب المصري في الغالب معارضًا موقف حكومته. ويعبّر ثلاثة أرباعهم عن أنه "لحلّ خلافاتنا مع قطر، يجب على الطرفين تقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق". وهذه النسبة المرتفعة مماثلة لتلك التي تم تسجيلها في استطلاع العام 2017، بعدما نشب النزاع مباشرةً.
ويختلف الأمر تمامًا في ما يتعلق بسوريا، فإن 10 في المئة فقط من المصريين يوافقون على ما يلي: "يجب أن نقبل حقيقة أن بشار الأسد سيبقى حاكمًا في سوريا ونعيد العلاقات الكاملة مع حكومته". أما على الصعيد الرسمي فلم تفعل الحكومة المصرية ذلك حتى الآن... وإذا أولت المزيد من الاهتمام لرأي شعبها – أكثر مما يُخيّل لها - فستبقي بعيدة عن الأسد في المستقبل أيضًا.
ملاحظة منهجية
تصدر هذه النتائج عن استطلاع تجاري أجرته شركة إقليمية ذات مصداقية عالية في أواخر أيار/مايو وأوائل حزيران/يونيو 2020، بين عينة وطنية تمثيلية تتألف من ألف مصري. وتضمن الاستطلاع مقابلات شخصية، تم اختيارها وفقًا للإجراءات الاحتمالية الجغرافية العشوائية القياسية. ويتمتع المؤلف بخبرة شخصية واسعة في ما يخص معايير الشركة العالية للنزاهة والكفاءة الفنية ومراقبة الجودة. ويبلغ هامش الخطأ الإحصائي لهذه العينة حوالي 3 في المئة. وتتوفر تفاصيل منهجية إضافية عند الطلب.