- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
الشعب المصري يدعم تسوية إسرائيلية-فلسطينية ويرغب بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة
في ظل استعداد القاهرة لاستضافة اجتماع طارئ لـ"جامعة الدول العربية" نهاية الأسبوع، الذي تمّت الدعوة إليه من أجل تناول خطة السلام الإسرائيلية-الفلسطينية الجديدة التي طرحتها الولايات المتحدة، تُظهر نتائج استطلاع نادر للرأي العام المصري أُجري في الآونة الأخيرة أن ثلثيْ الشعب يؤيد "تقديم محفزات إلى الطرفين لاتخاذ مواقف أكثر اعتدالًا". وتعتبر أغلبية أصغر بكثير، وهي من بين الأعلى في أي دولة عربية مستطلعة، أيضًا أن العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة مهمة بالنسبة لبلدها. ولم تتغير هاتان النتيجتان كثيرًا خلال العام الماضي. وتتعارض هذه النتائج، الصادرة عن مستطلعين تجاريين محترفين مستقلين وموثوقين إلى حدّ كبير، بشدّة مع المفاهيم النمطية للرأي العام المصري باعتبارها مناهضة لأمريكا وإسرائيل على نحو كبير.
ويتماشى هذا الدعم الشعبي المصري لنوع من التسوية الفلسطينية-الإسرائيلية – ولو ليس لتلك المعلن عنها بالتحديد في واشنطن هذا الأسبوع – مع مواقفهم إزاء حركة "حماس" الفلسطينية التي ترفض السلام مع إسرائيل. فنسبة 71 في المائة من المصريين لا تؤيد "حماس"، في ارتفاع عن 63 في المائة قبل عام مضى. كما يتماشى مع رغبة الشعب المصري الكبيرة بتجنب التورط بنزاعات أجنبية. وتوافق نسبة 84 في المائة على هذا البيان: "في الوقت الراهن، يكتسي الإصلاح السياسي والاقتصادي الداخلي أهمية أكبر بالنسبة لبلادنا من أي مسألة سياسة خارجية، لذا علينا ألا نتدخل بأي حروب خارج حدودنا".
ومقارنةً بدول أخرى، يقدّر الشعب المصري نسبيًا الولايات المتحدة. وتعتبر نسبة 54 في المائة أن العلاقات الجيدة مع واشنطن مهمة بالنسبة لمصر، في حين أن 40 في المائة فقط تقول الشيء نفسه بالنسبة لروسيا. ولم تتغير هذه الأرقام من الناحية الإحصائية منذ أواخر 2018. وفي ما يتعلق بدولتين عربيتين رئيسيتين أخريين، تقدّر نسب أقل حتى من المصريين علاقات ثنائية جيدة معهما: 33 في المائة بالنسبة للعراق و20 في المائة فقط لسوريا.
وعند سؤالهم عما يفضلونه تحديدًا في سياسة الولايات المتحدة، تاريخيًا تصدّر التوسط لإبرام اتفاق إسرائيلي-فلسطيني القائمة في أوساط الرأي العام المصري. وفي استطلاع تشرين الثاني/نوفمبر 2018، اختارت أكثرية (33 في المائة) من المصريين هذا الخيار، ليأتي قبل محاربة "داعش" وإيران والحوثيين في اليمن أو ببساطة "تقليص تدخلها في المنطقة". لكن في أحدث استطلاع، حين تمّ حذف خيار الرد الإسرائيلي-الفلسطيني عمدًا من القائمة، أفاد نصف المصريين أنه على الولايات المتحدة تقليص وتيرة أو حتى الحدّ نهائيًا من تدخلها في المنطقة.
غير أن كل ذلك لا يشير إلى أن المصريين يوافقون على سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل عام، أو أنهم يتطلعون إلى علاقات أعمق مع جيرانهم اليهود. في المقابل؛ 6 في المائة فقط، وهي نسبة لم تتغير عمليًا منذ العام الفائت، تعبّر عن خيار يميل لصالح سياسات ترامب. (بينما تحصد سياسات الرئيس الصيني تأييد حوالي 30 في المائة من المستطلعين، رغم أن ارتفاعًا غير مسبوق وصل إلى 15 في المائة من المستطلعين يقرّون بأنهم لا يعرفون ما يكفي حوله). هذا وتوافق نسبة ضئيلة قدرها 4 في المائة على هذا التأكيد: "يجب أن نظهر احترامًا أكبر لليهود حول العالم ونحسّن علاقاتنا معهم".
وتعزز مصداقية هذه الإجابات المحصلة التي تشير إلى أن العديد من المصريين المستطلعين يرغبون في معارضة الخط الرسمي بشأن بعض المسائل المحلية الحساسة للغاية. ويقول النصف أو أكثر إن الحكومة لا تبذل "الكثير" في سبيل كل من المجالات التالية: خفض مستوى الفساد في حياتنا الاقتصادية والسياسية، والتعامل مع مشاكلنا الاقتصادية المتنامية والمشقات اليومية التي يعيشها الشعب، ومشاركة عبء الضرائب وغيرها من الموجبات المستحقة للحكومة بطريقة عادلة.
وما يثير الجدل على نحو أكبر، هو أن نظرة 30 في المائة تقريبًا من الشعب إيجابية إزاء "الإخوان المسلمين" المحظورة باعتبارها "منظمة إرهابية" من قبل حكومة مصر نفسها. وعلى الرغم من نداء الحكومة لإجراء إصلاحات دينية، يوافق خمس المصريين فقط على هذا الاقتراح: "يجب أن نصغي لأولئك الذين يحاولون تفسير الإسلام بطريقة أكثر اعتدالاً وتسامحًا وحداثة". وهذه الأرقام أيضًأ لم تتغير كثيرًا خلال السنة الماضية.
في الوقت نفسه، ثمة مجموعة من المسائل التي لا يزال الشعب المصري يتفق بشأنها وبصدق مع موقف الحكومة: معارضة إيران ووكلائها في المنطقة. وتعتبر نسبة 87 في المائة أنه من غير المهم لمصر أن تربطها علاقات جيدة مع إيران. كما أن نظرة 90 في المائة سلبية إزاء المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي. وتعبر النسبة المئوية نفسها المرتفعة بشكل استثنائي عن وجهة نظر غير مؤاتية إزاء "حزب الله"، أبرز حليف لإيران في لبنان والمنطقة.
وأكثر من ذلك حتى، عبّرت نسبة 94 في المائة عن وجهة نظر سلبية إزاء حليف إيران في اليمن، أي الحوثيين، حين طُرح عليها هذا السؤال آخر مرة في تشرين الثاني/نوفمبر 2018. وتشير هذه الأرقام إلى أن التعاون المصري-الأمريكي ضدّ نفوذ إيران في المنطقة قائم على أساس متين من التأييد الشعبي داخل مصر وكذلك كافة الدول العربية الأخرى المستطلعة باستثناء لبنان.
هذه النتائج هي حصيلة دراسة استقصائية أجرتها وجهًا لوجه شركة تجارية إقليمية محترمة على نطاق واسع ومحترفة على عيّنة وطنية تمثّل 1000 مواطن مصري في تشرين الثاني/نوفمبر2019. وتمّ اختيار المستطلعين عشوائيًا وفق تقنيات العينات العشوائية الجغرافية المعيارية، مع ضوابط جودة وضمانات شديدة للسرية. فقد سافر الكاتب شخصيًا إلى المنطقة للتشاور مع مدراء مشاريع خلال مسار العمل الميداني، بغية ضمان أعلى معايير ممكنة من النزاهة المهنية والموضوعية. ويشار إلى أنه يمكن الحصول على أي تفاصيل منهجية إضافية، بما فيها التقسيمات الديموغرافية وكامل الاستبيان والنتائج الهامشية إضافةً إلى بروتوكولات وإجراءات أخذ العينات، بناءً على الطلب.