- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
نصف الإماراتيين يوافقون على السياسات المحلية للحكومة، لكن 20 في المائة فقط يرغبون في إقامة علاقات مع إسرائيل
ينقسم الشعب الإماراتي بشأن المساعي التي يتعين على الحكومة أن تبذلها في سبيل الصحة العامة.
تكشف بيانات لاستطلاع رأي أُجري حديثًا في المنطقة أن الإماراتيين مهتمون بمسائل السياسة المحلية أكثر من تلك الخاصة بالسياسة الخارجية – رغم أن أغلبية منهم تعتبر أن الحكومة تقوم "بالكثير" من أجل ضمان الصحة العامة في هذه الأيام، ما يعكس على الأرجح بعض الاستياء بسبب الحجر الذي يفرضه فيروس كورونا. وعلى الصعيد الدولي، لا يزال حوالي نصف الإماراتيين يعتبرون أن العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة مهمة، أي النسبة نفسها تقريبًا التي تحصدها الآن العلاقات مع الصين. ويبدو أن انخراط الإمارات العربية المتحدة في النزاع الليبي المتصاعد ينعكس في مواقف متناقضة حيال القوتين العظمتين اللتين تتدخلان في البلاد، أي روسيا وتركيا.
ابحث عن أحدث البيانات من الإمارات هنا.
تعتبر أغلبية الإماراتيين (73 في المائة) أنه على الحكومة إيلاء أهمية أكبر إلى الإصلاحات الداخلية بدلًا من أي مسألة خاصة بالسياسة الخارجية، وهو ما يتماشى مع نتائج استطلاعات السنوات العديدة الماضية. وفي هذا السياق، تحصل الحكومة الإماراتية عمومًا على علامات مرتفعة نسبيًا بشأن أدائها على صعيد عدد من المسائل المحلية. فأكثر من نصف الشعب الإماراتي راضٍ على أداء الحكومة وقدرتها على الحفاظ على القانون والنظام في الأماكن العامة ومنع التطرف. مع ذلك، تشكّك نصف الأصوات تقريبًا فيما إذا كانت الحكومة تولي ما يكفي من الاهتمام بالرأي العام حيال سياساتها.
وعمومًا، يميل الشعب الإماراتي نحو الرضا أكثر منه نحو الاحتجاج. ولدى سؤالهم عن رأيهم في الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العراق ولبنان، أجاب ما يقرب من النصف أن هذا الأمر سيكون له تداعيات سلبية على المنطقة. كما يقول حوالي النصف أيضًا إنه "من الجيد أننا لا نواجه مظاهرات كبيرة في الشوارع هنا الآن، كما يحدث في بعض الدول العربية الأخرى". كما تتفق أغلبية كبيرة من الإماراتيين (67 في المائة) على النقطة التالية: "حين أفكر فيما يجري في اليمن أو سوريا، أشعر أن وضعنا ليس سيئًا".
عندما أفكر في ما يحدث في اليمن أو سوريا ، أشعر أن وضعنا هنا ليس سيئًا للغاية
الجدل بشأن فيروس كورونا: إجراءات الإغلاق ونظريات المؤامرة
أما بخصوص أزمة فيروس كورونا على وجه التحديد، وفيما تعيد الإمارات فتح البلاد في وقت ترتفع فيه أعداد الإصابات، ينقسم الشعب الإماراتي بشأن المساعي التي يتعين على الحكومة أن تبذلها في سبيل الصحة العامة. ولدى الطلب منهم تقييم هذه المسألة، اعتبرت أكثرية من الإماراتيين (40 في المائة) أن حكومتها تقوم "بالكثير" في هذا الخصوص. وفي الوقت عينه، وبشكل ملحوظ، يميل هذا الجمهور الذي يُفترض أنه جمهور متطور إلى تبنى نظريات المؤامرة في تفسير تفشي فيروس كورونا المفاجئ، حيث تقول نسبة 70 في المائة تقريبًا إن فيروس كورونا "هو شيء بدأه أعداؤنا الأجانب عن عمد". ومن بين الشعوب المستطلعة (السعوديون، الأردنيون، المصريون، الإماراتيون والفلسطينيون)، كان الشعب السعودي الوحيد الذي تجاوز النسبة المسجلة في الإمارات.
شركاء السياسة الخارجية: تعادل الصين والولايات المتحدة تقريبًا؛ بينما لا تحظى إيران بشعبية حتى بين الأقلية الشيعية.
وفي الشأن الخارجي، وفرت أزمة فيروس كورونا على نحو مثير للجدل فرصًا إضافية للتعاون مع الصين، غير أن الإماراتيين منقسمون حيال أهمية مواصلة بناء علاقات معها حيث يعتبر النصف تقريبًا أن العلاقات مع الصين غير مهمة. وفي المقابل، لا تزال نسبة 45 في المائة من الشعب الإماراتي تعتبر أنه من المهم الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة. ويُذكر أن هذه النسبة لم تتغير كثيرًا خلال السنوات الثلاث الماضية.
وفي ما يخص تدخل الولايات المتحدة في المنطقة، ثمة انقسام طائفي بسيط فقط بين المجتمعات ذات الأغلبية السنّية والأقلية الشيعية، ففي أوساط الغالبية السنّية – التي تشكل 85 في المائة من إجمالي عدد السكان الإماراتيين – ترى نسبة 28 في المائة أن أجدى ما يمكن للولايات المتحدة أن تقوم به في المنطقة هو زيادة "معارضتها العملية لنفوذ إيران وأنشطتها" (28 في المائة). وقد حصد بذل الولايات المتحدة مساعي إضافية لحل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني نسبة إحصائية موازية بفارق نقطة مئوية واحدة (27 في المائة).
أما في أوساط الأقلية الشيعية، فالأهمية معكوسة بين الخيارين المذكورين أعلاه، إنما ليس بهامش كبير. فالقضية الإسرائيلية-الفلسطينية سجلت نسبة أعلى بقليل (29 في المائة) لكن التصدي للنفوذ الإيراني حلّ ثانيًا بفارق ضئيل (24 في المائة). كذلك، اكتست مسألتا اليمن وليبيا أهمية شبه مماثلة كما اتضح من نسبة 23 في المائة التي تصرّ على أن أبرز أولويات الولايات المتحدة يجب أن تتمثل في "بذل المزيد من الجهود لإيجاد حل دبلوماسي للأزمتين في اليمن وليبيا". على ما يبدو، فإن التركيز الشديد من قبل الولايات المتحدة على سياسة “الضغط الأقصى" ضد إيران، لا يتشارك فيها غالبية الجمهور الإماراتي، سواء كان سنيًا أو شيعيًا.
غير أنه يظهر انقسام طائفي واضح المعالم على صعيد حدث مهم حصل مؤخرًا، فحوالي نصف الإماراتيين السنّة اعتبروا أن اغتيال قاسم سليماني على يد الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير 2020 سيترك آثارًا إيجابية على المنطقة. في المقابل، بلغت نسبة المستطلعين الشيعة الذين يشاطرونهم الرأي 27 في المائة فحسب. وبالمثل، يظهر استطلاع للرأي تم إجراؤه في 20 تشرين الثاني /نوفمبر 2019، أن 6 في المائة فقط من الإماراتيين السنّة قد شعروا بأهمية الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع طهران - مقارنة بـ 47٪ بين الأقلية الشيعية في الإمارات.
تشاؤم حول القضايا الفلسطينية -الإسرائيلية رغم المبادرات الرسمية
وعمومًا، اكتست القضية الفلسطينية -الإسرائيلية أهمية محدودة بالنسبة للإماراتيين مؤخرًا، ويعزى ذلك على الأرجح إلى الجدال القائم حيال التطبيع وعملية الضمّ التي قد تنفذها إسرائيل في الضفة الغربية. وكان استطلاع للرأي أجري في وقت سابق في تشرين الأول/أكتوبر 2018 بشأن دور الولايات المتحدة في المنطقة، قد صنّف القضية الإسرائيلية-الفلسطينية في أدنى سلّم الأولويات – حيث اعتمدت نسبة 14 في المائة هذا الخيار. واليوم، تضاعفت هذه النسبة، حيث اختار ربع الإماراتيين “الضغط من أجل التوصل إلى حل الدولتين لتسوية لصراع الفلسطيني-الإسرائيلي" باعتباره الأولوية القصوى في إطار جهود الولايات المتحدة في المنطقة.
لكن لدى سؤالهم عن خطة السلام التي طرحتها إدارة ترامب مؤخرًا، اعتبرت نسبة 12 في المائة فقط أنها قد تترك أثرًا إيجابيًا على المنطقة- وهو ما يختلف بشكل ملحوظ عن الترحيب الحذر من قبل المسؤولين بالمقترح الأمريكي. كما لم يبدِ الإماراتيون تفاؤلًا كبيرًا حيال الحكومة الإسرائيلية الجديدة المنتخبة في فصل الربيع الفائت، حيث ذكرت نسبة 66 في المائة أن الانتخابات ستخلّف تداعيات سلبية على المنطقة.
أما بالنسبة للعلاقات مع الإسرائيليين أنفسهم، فلا يوافق نحو 80 في المائة من الإماراتيين على مقولة "أن من يرغب من الشعب في أن تربطه علاقات عمل أو روابط رياضية مع الإسرائيليين يجب أن يُسمح له بذلك". ومرة أخرى، تباينت الآراء ما بين الغالبية الشعبية وبين السياسة الرسمية الإماراتية الحالية. غير أن هذه الأغلبية أصغر من النسب المسجلة في السعودية والأردن ومصر التي ترفض بدورها أي علاقات مع الإسرائيليين. ويوافق 40 في المائة من الإماراتيين -وهي نسبة أكثر من الدول الأخرى التي تم استطلاعها للتو - على أن "الفلسطينيين والإسرائيليين هم المسؤولون عن استمرار الصراع".
دعم الجمهور لسياسة تركيا، إنما ليس إزاء قطر أو سوريا
وردًا على تصاعد أعمال العنف في ليبيا، يبدو أن الشعب يعكس دعم حكومته للقائد المتحالف مع روسيا خليفة حفتر في صراعه المستمر ضد الحكومة الليبية التي ترعاها الأمم المتحدة وتدعمها تركيا. ولا ترى أغلبية كبيرة من الإماراتيين (70 في المائة) أن العلاقات مع تركيا مهمة؛ في حين تؤيد نسبة 50 في المائة تقريبًا الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا.
وفى ما يتعلق بقضيتين إقليميتين جديرتين بالملاحظة، يختلف معظم مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة مع نهج حكومتهم، ففي حين شكّل شهر حزيران/يونيو الذكرى السنوية الثالثة للخلاف بين دول "مجلس التعاون الخليجي"، من دون أي أمل بالتوصل إلى حلّ في المستقبل القريب، لا تزال أغلبية ضيقّة من الإماراتيين (56 في المائة) توافق على المقولة التالية: "لحلّ خلافاتنا مع قطر، يجب على الطرفين تقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق".
وعلى النقيض من ذلك، فإن المواقف الشعبية نحو سوريا كانت أقل تصالحية بشكل حاد من سياسة حكومة الإمارات الحالية، التي قامت باستئناف العلاقات مع نظام الأسد. وفى هذا الصدد، يوافق 8 في المائة فقط من الإماراتيين على الاقتراح التالي: "يجب أن نقبل بحقيقة بقاء بشار الأسد في السلطة في سوريا، وان نعمل على استعادة العلاقات الكاملة مع حكومته"، بينما يرى 16 % من الإماراتيين إن الأولوية القصوى لسياسة الولايات المتحدة يجب ألا تكون إيران أو فلسطين أو اليمن أو ليبيا، بل "حماية الشعب السوري" من هجمات نظام الأسد وحلفائه.
بشكل عام، واستنادًا إلى هذه النتائج، تتمتع حكومة الإمارات العربية المتحدة بفرصة شعبية كبيرة في بعض القضايا الداخلية الرئيسية، والتي تمثل الشغل الشاغل للجمهور في السياسة الخارجية. ومع ذلك، فإن العديد من المبادرات الرسمية الأخيرة - بشأن خطة ترامب للسلام، والتطبيع مع إسرائيل، والتقارب مع سوريا، والتعنت تجاه قطر – جميعها تتعارض بشكل عام مع المشاعر والتوجهات الشعبية. ومع ذلك، واستنادا لنتائج هذا الاستطلاع، فمن غير المرجح أن يؤدى هذا التباين في الآراء إلى اندلاع احتجاجات عامة، لكنه قد يساعد في تفسير لماذا يقول نصف المواطنين الإماراتيين الآن أن حكومتهم "لا تولي سوى القليل من الاهتمام للرأي العام بشأن سياساتها".
ملاحظة منهجية
استُخلصت هذه النتائج من استطلاع أجرته وجهًا لوجه في حزيران/يونيو 2020 شركة تجارية موثوقة للاستطلاعات تتمتع بمؤهلات وخبرة واسعة، مع عينة تمثيلية وطنية شملت ألف مواطن إماراتي. وقد تضمنت منهجية الاستطلاع اختيار المشاركين وفقًا للتقنيات النموذجية للاختيار الجغرافي العشوائي، مع هامش خطأ إحصائي 3 في المائة. كما أن المؤلف على دراية شخصية وثقة كاملة بالكفاءة التقنية والنزاهة المهنية والضمانات الصارمة شديدة السرية التي يوفرها مديرو الاستقصاء وفريق العمل الميداني. ويمكن توفير تفاصيل منهجية إضافية عند الطلب.