- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
أغلبية الأردنيين يعارضون الحرب الروسية على أوكرانيا ويفضلون الروابط مع الولايات المتحدة
يوثق استطلاع جديد للآراء في الأردن، أُجري في آذار/مارس بتكليف من "معهد واشنطن"، رفضًا شعبيًا كبيرًا على نحو مفاجئ "لأعمال روسيا العسكرية" في أوكرانيا.
في المقابل، تحصد روابط الأردن مع الولايات المتحدة تأييدًا أكبر، وبخاصةٍ في المجال الأمني. فضلًا عن ذلك، كانت الاختلافات بين الأجيال من حيث المواقف في أوساط الأردنيين الراشدين ممن هم فوق سن الثلاثين وما دونه ردًا على هذه الأسئلة وغيرها في الاستطلاع محدودة للغاية.
ونظرًا إلى أن استطلاعات الرأي السياسية علنية نسبيًا ومقبولة في الأردن، ولأنه يُعتقد أن النظام الحاكم يوليها بعض الاهتمام، تشير هذه النتائج إلى أن عمّان تدرك وجود هامش مريح للمناورة في توجه سياستها الخارجية عمومًا. كذلك، على صعيد المسألة المحلية الأكثر أهمية، أبدت أغلبية ضئيلة على الأقل (53 % من الأردنيين موافقتها على البيان التالي: "إنه لأمر جيد ألا نشهد احتجاجات حاشدة في الشارع ضد الفساد هذه الأيام كما يحصل في دول عربية أخرى أو كما حصل في الماضي". إلا أن الاستثناء لهذا التأييد الشعبي السائد هو احتمال توسيع نطاق التطبيع مع إسرائيل، الذي لا يزال مسألة لا تحظى بشعبية في أوساط الأردنيين.
وعند سؤالهم عن "الخطوات العسكرية الروسية في أوكرانيا"، عبّر نحو ثلاثة أرباع الأردنيين (72 %) عن رأي سلبي عمومًا. وعلى وجه الخصوص، يعتبر الثلثان أن هذه الأفعال الروسية "هي السبب وراء الارتفاع الذي شهدته أسعار المواد الغذائية في المملكة مؤخرًا". ورأت نسبة 14 % فقط أن إقامة روابط جيدة مع روسيا "مهمة للغاية" بالنسبة للأردن، في وقت يعتبر فيه ربع آخر (27 %) هذه الروابط "مهمة بعض الشيء".
في المقابل، تعتبر شريحة أكبر نسبيًا من الأردنيين أن العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة إما مهمة للغاية (18 %) أو مهمة إلى حدّ ما (34 %). وتتماشى هذه النسب تقريبًا مع الردود حول العلاقات مع الصين، كما كانت عليه الحال في استطلاعات أخرى جرت في الآونة الأخيرة. غير أن للولايات المتحدة أفضلية واضحة على روسيا أو الصين أو أي دولة أجنبية أخرى، في العديد من الفئات الفرعية الرئيسية. فالأكثرية (43 %) اختارت الولايات المتحدة "كأفضل دولة يمكنها تقديم المساعدة في حمايتنا من الأعداء الخارجيين". كما ترى أكثرية أصغر أن الولايات المتحدة هي القوة الخارجية "التي يمكنها تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية في بلدنا بأفضل طريقة" (37 %).
أما النتيجة المفاجئة نظرًا إلى السردية الإعلامية السائدة حول تراجع الاهتمام أو النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، فهي أن أكثرية من الأردنيين (39 %) تعتقد أن الولايات المتحدة لا تزال "الدولة التي ستكون الأكثر تأثيرًا في منطقتنا بعد عشر سنوات من الآن". وردًا على هذا السؤال، تأتي روسيا والصين بشكل متعادل إحصائيًا في المركز الثاني، حيث حصلت كل واحدة منهما على نسبة 25 % و26 %.
علاوةً على ذلك، وبشكل جدير بالاهتمام، لا توافق أغلبية من الأردنيين 56 %) على هذا الاقتراح الجازم: "لا يمكننا الاعتماد على الولايات المتحدة في هذه الأيام، لذا علينا التطلع أكثر إلى روسيا أو الصين كشريكين". وفي هذا الخصوص، تختلف آراء الأردنيين بعض الشيء عن نظرائهم في الخليج العربي، حيث أظهرت أحدث استطلاعات أن أغلبية ضئيلة من السعوديين والإماراتيين والكويتيين تؤيد هذا الاستنتاج المتشائم حيال عدم الموثوقية الأمريكية.
أما بالنسبة لأكثر ما يريده الأردنيون من الولايات المتحدة، فكانت الإجابات متباينة، حيث اختارت أكثرية ضئيلة (33%) "مساعدتنا على حل النزاعات التي تشهدها المنطقة بشكل ديمقراطي". وتلاها خياران آخران عن كثب، حصل كل منهما على نحو ربع الإجابات: "أسلحة متطورة لقواتنا المسلحة"، أو "مشاريع استثمارية وتجارية وإنشائية". في المقابل، حصد خيار رابع نسبة متدنية بشكل غير متوقع، وهي15 % فقط، وهو "إظهار الاحترام لديانتنا وثقافتنا".
وفي تناقض صارخ مع أي من هذه القوى الخارجية، حصلت إيران على تأييد متدنٍ للغاية من حيث الأهمية المنظورة. فنسبة 17 % فقط تعتبر الروابط مع طهران "مهمة نوعًا ما" حتى بالنسبة للأردن. كذلك، توافق أغلبية (60 %) الأردنيين على هذه المقولة المستفزة عمدًا: "متى تدخلت إيران، فهي تضرّ العرب المحليين ولا تساعد الفلسطينيين". مع ذلك، ينقسم الشعب الأردني بالتساوي حول ما إذا كان "تجديد الاتفاق النووي مع إيران" سينعكس إيجابًا أو سلبًا على المنطقة، وسجل كل رأي 47 %.
إلا أن إسرائيل لا تزال حتى أقل شعبيةً من إيران في أوساط الأردنيين اليوم. فنسبة 10 % فقط تقريبًا، من الشباب والكبار في السن على السواء، تؤيد "إلى حد ما" اتفاقات إبراهيم المبرمة أواخر 2020 بين إسرائيل وأربع دول عربية أخرى (الإمارات والبحرين والمغرب والسودان). وهذه النسبة المتدنية نفسها من الأردنيين تؤيد، بعد مرور ربع قرن على توقيع المملكة معاهدة سلام رسمية مع إسرائيل، مقولة "إن الأشخاص الذين يريدون التواصل مع إسرائيل على الصعيدين التجاري أو الرياضي يجب السماح لهم بذلك". من الواضح أن توطيد العلاقات الأردنية-الإسرائيلية الرسمية في الآونة الأخيرة لم ينعكس على المستوى الشعبي.
ملاحظة حول المنهجية المتّبعة: يستند هذا التحليل إلى استطلاع قائم على مقابلات شخصية مع عينة وطنية تمثيلية من 1000 مواطن أردني، أجرته شركة تجارية محلية موثوقة وليس لها أي انتماء سياسي على الإطلاق. اختيرت هذه العينة باستخدام الإجراءات المعيارية للأرجحية الجغرافية، بحيث يناهز هامش الخطأ الإحصائي الناتج للعينة الإجمالية نحو 3.5%. وقد حرصت الشركة المنظِّمة للاستطلاع على إعطاء ضمانات صارمة بالخصوصية واتباع بروتوكولات الصحة العامة والسلامة، والأطر المفصلة للمعلومات الديمغرافية وضوابط الجودة خلال إجراء العمل الميداني ذات الصلة. ويمكن توفير معلومات إضافية متعلقة بالمنهجية عند الطلب، بما فيها تفاصيل الاستبيانين العربي والإنكليزي الأصلي، وإجراءات أخذ العيّنة، وأي تفاصيل أخرى.