- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
البحرينيون يدعمون التركيز على السياسة الداخلية، لكنهم يختلفون إلى حد ما حول أولويات السياسة الخارجية.
استطلاعات رأي جديدة تكشف عن وجود توافق بين الأجيال وخلافات طائفية طفيفة بين البحرينيين.
يوفر استطلاع جديد جرى في حزيران/يونيو 2021 معطيات قيّمة حول أولويات البحرينيين. فقد تمّ تقسيم البيانات المجموعة وفق السن – فئة تضم الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة وأخرى تشمل الذين يبلغون من العمر 30 عامًا وما فوق – والطائفة: شيعة وسنّة. وكما كانت الحال في استطلاع سابق، يبرز اختلاف ضئيل جدًا بين الأشخاص دون سن الثلاثين والأشخاص فوق سنّ الثلاثين. وللمفاجأة، تدعم نسبة تناهز 40 في المائة فقط ضمن كل مجموعة تطبيع العلاقات مع إسرائيل – علمًا أن هذه النسبة لم تنخفض بعد الصراع الذي اندلع بين إسرائيل و"حركة حماس" في أيار/مايو من هذا العام.
تجدر الإشارة إلى أن غالبية شيعة البحرين تختلف مع الطبقة السنّية الحاكمة على صعيد وجهات النظر بشأن عدة مسائل، ولا سيما إيران. ولكن بالمقارنة مع الانتفاضة الجماعية التي شهدتها الجزيرة في بداية الربيع العربي قبل عقد من الزمن، يبدو أن المواقف لانت. والآن، ترفض الغالبية الساحقة من الطائفتين "الخروج في احتجاجات جماعية إلى الشوارع... كما يحصل في العراق ولبنان وبعض الدول العربية الأخرى. كذلك، فإن معظم شيعة البحرين – الذين شكلوا هامشًا أكبر من أي شريحة أخرى مستطلَعة – يريدون "تفسير الإسلام بطريقة أكثر اعتدالًا وتسامحًا وحداثةً".
رأي البحرينيين بدور الولايات المتحدة في المنطقة وبالقضية الإسرائيلية-الفلسطينية
يؤيد الكثير من البحرينيين انخراط الولايات المتحدة في "السعي للتوصل إلى حل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي". وعندما طُلب منهم ترتيب أولويات السياسة الأمريكية في المنطقة، وضع نحو ثلث المستطلعين هذا الصراع في المرتبة الأولى – متخطين بذلك المستطلعين السعوديين أو الإماراتيين بنسبة 10 في المائة على الأقل. والجدير ذكره أن هذا الاهتمام يتشاركه على ما يبدو غالبية الشيعة البحرينيين، إذ وضع 35 في المائة منهم هذا الخيار في المرتبة الأولى بالمقارنة مع 27 في المائة من السنّة.
ويمكن أن يعزى جزء من هذا التفاوت على الأقل إلى عدم رغبة الشيعة نسبيًا في أن تُقدم الولايات المتحدة على "احتواء نفوذ إيران وأنشطتها". فقد صنّف 21 في المائة من الشيعة فقط هذا الأمر كأولوية أولى أو ثانية، بالمقارنة مع 46 في المائة من البحرينيين السنّة. ولكن ما من اختلاف إحصائي بين الطائفتين لجهة دعمهما لـ"تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية"، كما أنهما سجلتا فرقًا بنسبة 10 في المائة فقط على صعيد منح الأولوية لمسألة "إيجاد تسوية دبلوماسية للحربين الدائرتين في اليمن وليبيا".
هذا وازداد الاهتمام بانخراط الولايات المتحدة في حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بشكل طفيف منذ الاستطلاع الأخير في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، ومنذ المواجهة بين إسرائيل و"حماس" في أيار/مايو. وتُظهر إجابات إضافية أنه في حين لا تحظى القيادة الفلسطينية بشعبية، لا تدعم سوى أقلية ثابتة من البحرينيين سياسة المملكة الرسمية بالتطبيع مع إسرائيل.
وبغض النظر عن التجزئة الديموغرافية، أعربت غالبية البحرينيين المستطلعين عن وجهة نظر سلبية أقله إلى حدّ ما إزاء إدارة "حماس" في غزة والسلطة الفلسطينية في رام الله. ولكن عند مقارنة الحركة والسلطة، يبدو أن الآراء السلبية تجاه "حماس" هي الأقل ترجيحًا، وأن التأييد البحريني لـ"حماس" (44 في المائة) يتخطى بكثير دعم الإماراتيين (22 في المائة) أو السعوديين (23 في المائة) للحركة.
علاوةً على ذلك، برز تأييد من غالبية ضئيلة للهجمات التي نفذتها "حماس" مؤخرًا ضد إسرائيل، حيث أعرب 53 في المائة من البحرينيين عن وجهة نظر إيجابية إلى حدّ ما أو بشكل كبير إزاء "إطلاق الصواريخ على إسرائيل لمدة 10 أيام في خلال أيار/مايو". كذلك، يعارض 62 في المائة من المستطلعين نوعًا ما فكرة أنه يجب السماح للأفراد بمزاولة الأعمال أو إقامة علاقات رياضية مع إسرائيليين – رغم أن وجهة النظر هذه تتماشى مع آراء شعوب خليجية أخرى ولا تزال على حالها فعليًا منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
يُذكر أنه في ما يخص مسألة التواصل مع إسرائيليين و"اتفاقات أبراهام"، يتشارك البحرينيون وجهات النظر مع دول خليجية أخرى أجريت فيها استطلاعات. وكما في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أعربت غالبية ضئيلة عن رأي سلبي إزاء "اتفاقات أبراهام"، في حين أن 41 في المائة تؤيدها إلى حدّ ما.
المواقف الداخلية والعلاقات الخارجية
ثمة توافق آراء بشأن الإصلاحات المحلية والسياسية. وعند السؤال عما إذا كان التركيز على هذه القضايا الداخلية أهم من أي مسألة سياسة خارجية أو حرب خارجية، أكّد 40 في المائة من البحرينيين على ذلك. وعلى نحو مماثل، أيّد نحو ثلاثة أرباع البحرينيين أقلّه إلى حدّ ما هذه الفكرة.
كذلك، يبدو أن الميل نحو تأييد حدوث اضطرابات أهلية ضئيل. فقد فضّلت نسبة 71 في المائة عدم تنظيم احتجاجات في الشوارع كما شهدنا مؤخرًا في لبنان والعراق ودول أخرى، علمًا بأن المستطلعين يتأثرون ربما بالمراقبة الدائمة التي يتعرّض لها قادة المجتمع المدني في البلاد والاستهداف الذي يطالهم.
وينعكس هذا الشعور أيضًا في إجابات البحرينيين لدى سؤالهم عن جهات فاعلة أخرى على الصعيدين الإقليمي والعالمي. فعند سؤالهم عن أهمية الحفاظ على علاقات جيدة مع الدول العربية الأخرى – مصر أو الأردن أو العراق أو سوريا أو قطر – حظيت مصر والأردن فقط بغالبية ضئيلة.
أما عندما يتعلق الأمر بالقوى الإقليمية – بما فيها روسيا والصين وإيران والولايات المتحدة وتركيا – فتتباين الآراء. لقد أجاب 49 في المائة من البحرينيين أنه من المهم، نوعًا ما على الأقل، إقامة علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، وهي نسبة أعلى بقليل من أولئك الذين اعتبروا العلاقات مع الصين مهمة (47 في المائة). فضلًا عن ذلك، تؤيد غالبية أكبر بقليل (56 في المائة) من البحرينيين استبدال الرئيس دونالد ترامب بجو بايدن، فيما تدعم غالبية أكبر بعد "إعادة إحياء الاتفاق النووي" بين إيران ودول الخمسة زائد واحد، ومن بينها نسبة 69 في المائة من البحرينيين الشيعة.
مع ذلك، يرى أقل من ثلث البحرينيين (28 في المائة) عمومًا العلاقات مع إيران مهمة، رغم أن الآراء تتفاوت في هذا الخصوص بحسب العوامل الديموغرافية: 11 في المائة فقط من السنّة مقابل 37 في المائة من الشيعة يؤيدون هذه العلاقات.
وعلى الرغم من ذوبان الجليد حاليًا بين قطر والرباعي، يعتبر أقل من ربع البحرينيين أن قطر مهمة نوعًا ما، وتسبقها تركيا بنسبة ضئيلة. ولكن الملفت أن آراء ربع البحرينيين السنّة لا تزال مؤيدة لجماعة "الإخوان المسلمين" أقلّه إلى حدّ ما (وهي نسبة أعلى بقليل من التي سجلها السنّة المستطلعون في الإمارات أو السعودية). وفي المقابل، كان رأي الشيعة الذين تمّ استطلاعهم بالجماعة سلبيًا "نوعًا ما" أو "كثيرًا".
والجدير بالملاحظة أيضًا أن الكثير من البحرينيين – ولا سيما البحرينيين الشيعة – يدعمون الرأي القائل بأنه "يجب أن نصغي إلى الذين يريدون تفسير الإسلام بطريقة أكثر اعتدالًا وحداثةً وتسامحًا". فبالنسبة إلى 46 في المائة من السنّة و55 في المائة من الشيعة في البحرين، هذا رأي جذاب ويحظى بالدعم الأكبر في أوساط الدول الخليجية المستطلعة.
على الرغم من وجود بعض الخلافات الطائفية، ولا سيما على صعيد التركيز الذي يصبه الشيعة على إيران والسنّة على الولايات المتحدة أو الشركاء العرب، تُظهر البيانات ميلًا عامًا في أوساط البحرينيين للانخراط أكثر في الشؤون المحلية – من دون مواجهات. وهذا ما يبشر بالحفاظ على استقرار الدولة الجزيرة. ولكن عدم تأييد "اتفاقات أبراهام" النسبي مع إسرائيل، والشعبية التي تحظى بها "حماس"، يشيران إلى مصدر قلق محتمل في المرحلة القادمة.