- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
الكويتيون يبغضون ترامب، إنما يفضلون الولايات المتحدة على إيران رغم المزيج الطائفي
من بين كافة الأنظمة الملكية الخليجية، تتميز الكويت باعتبارها النظام الذي يولي الاهتمام الأكبر للرأي العام بفضل البرلمان المنتخب بشكل ناشط وبجماعات المعارضة. وتظهر استطلاعات نادرة أجريت مؤخرًا أن قسمًا كبيرًا من الشعب الكويتي يصطف إلى جانب حكومته في الكثير من القضايا الرئيسية (لكن ليس جميعها)، رغم المزيج السنّي/الشيعي في البلاد والمخاوف الشعبية الواسعة النطاق حيال الفساد.
وبشكل عام، قلما تبدلت المواقف داخل الكويت خلال السنوات الخمس الماضية بالمقارنة مع الاستطلاعات السابقة. وتشير هذه الاستنتاجات إلى استقرار مستمر في السياستين الخارجية والمحلية – في ظل تقبل مفاجئ حديث لاضطلاع البلاد بدور في عملية صنع السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وفي أوساط المواطنين الكويتيين الذين يناهز عددهم 1.5 مليون نسمة، لا تتخطى نسبة تأييد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب 5 في المئة – متساويًا بذلك تمامًا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن كان في ذلك أي عزاء. وفي تناقض صارخ، يحظى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتأييد 64 في المئة من الكويتيين. كذلك، فإن نسبة تأييد الرئيس الصيني شي جين بينغ جيدة بالقدر نفسه تقريبًا حيث تصل إلى 49 في المئة.
لكن عندما سُئل الكويتيون عما إذا كانت بلادهم بحاجة إلى إقامة علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، ردت شريحة أكبر بكثير منهم إيجابًا: 49 في المئة، حيث اعتبر 27 في المئة منهم هذه العلاقات "مهمة للغاية". في المقابل، رأت نسبة 7 في المئة فقط أن إقامة روابط جيدة مع إيران "مهمة للغاية"، وسط وصف نسبة 10 في المئة فحسب هذه الروابط بأنها مهمة "إلى حدّ ما". غير أن هذا المجموع يخفي وراءه انقسامًا طائفيًا كبيرًا: فبين الأقلية الشيعية التي تناهز ثلث سكان البلاد، قالت نسبة 52 في المئة تمامًا إنه يجب تقدير العلاقات الطيبة مع إيران.
في الوقت نفسه، يحظى حلفاء إيران في المنطقة بتصنيفات سلبية عمومًا حتى من شيعة الكويت. فيرى 11 في المئة فقط من شيعة الكويت "حزب الله" اللبناني بصورة إيجابية، وهو ينتمي إلى الطائفة الشيعية أيضًا. أما حصة حوثيي اليمن فهي أفضل بقليل، رغم أنهم لا يحظون بتأييد أكثر من ربع شيعة الكويت تقريبًا. وبالنسبة للأغلبية السنّية في البلاد، فهي ترفض بشكل كبير هاتين الحركتين الأجنبيتين المدعومتين من إيران.
ولدى سؤالهم عن أولوياتهم في ما يخص السياسة الأمريكية في المنطقة، انقسم الرأي العام الكويتي بشكل شبه متساوٍ حول مجموعة كبيرة من المسائل: مكافحة الإرهاب أو احتواء إيران أو الحرب الأهلية في اليمن أو الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. لكن الأهم هو أن نسبة 15 في المئة فحسب ترغب في أن "تخفض الولايات المتحدة تدخلها في المنطقة". وتتماشى هذه النسبة المتدنية إلى حدّ ما مع نتائج استطلاعات أجريت في سبع دول عربية أخرى خلال السنتين الماضيتين، على الرغم من رفض شعبي واسع النطاق لسياسة الولايات المتحدة الحالية ككل.
وفي نتيجة أخرى مشجعة على نحو غير متوقع، وافقت أغلبية كبيرة من الكويتيين – 63 في المئة – على أحدث اقتراح قدمته الولايات المتحدة بأنه "يتعين على الدول العربية الاضطلاع بدور جديد في محادثات السلام الفلسطينية-الإسرائيلية، مانحةً الجانبين محفزات لاتخاذ مواقف أكثر اعتدالًا". وتتشابه هذه النسبة أيضًا مع نتائج استطلاعات أجريت في دول عربية أخرى، بصرف النظر عن السياسة الرسمية الأكثر تحفظًا التي تعتمدها الكويت وسمعتها كأكثر دولة معادية لإسرائيل اليوم في "مجلس التعاون الخليجي".
غير أن بعض الملاحظات التحذيرية في هذا الخصوص تتأتى من الإجابة على سؤالين مترابطين. فنسبة 14 في المئة فقط من الكويتيين، وهي النسبة الأدنى بين الدول الثمانية جميعها المستطلعة مؤخرًا، رأت أنه يجدر بالدول العربية أن "تتعاون أساسًا مع إسرائيل في مسائل على غرار التكنولوجيا ومكافحة الإرهاب واحتواء إيران"، حتى قبل التوصل إلى أي اتفاق بشأن القضية الفلسطينية. من جهة أخرى، يؤيد 52 في المئة من الشعب الكويتي - وهي من بين النسب الأعلى في المنطقة - حركة "حماس" الفلسطينية الإسلامية التي ترفض أي اتفاق سلام مع إسرائيل بشكل قاطع.
أما على صعيد الشؤون الداخلية، فتعتقد أغلبية ساحقة من الكويتيين، تمامًا كما هي الحال في كافة الدول الأخرى المستطلعة، أن حكومتهم "مقصرة للغاية" في مسألة واحدة: مكافحة الفساد. أما على صعيد مسائل أخرى – بدءًا بحقوق المرأة، مرورًا بخصوصية الأفراد، ووصولًا إلى عبء الضرائب والموجبات المدنية الأخرى – فتتفاوت الآراء بشكل أكبر بكثير، حيث تقول نسبة تتراوح بين 30 و40 في المئة إن الجهود التي تبذلها الحكومة "مجدية نسبيًا". وعلى نحو مماثل، يوافق 36 في المئة من الكويتيين على أنه "علينا الاستماع إلى أولئك من بيننا الذين يحاولون تفسير الإسلام بطريقة أكثر اعتدالًا وتسامحًا وحداثة"". في حين يخالفهم 60 في المئة الرأي، رغم أن الربع فقط يعبّرون عن معارضة "شديدة" في هذا الصدد.
وعلى نطاق أوسع، يرى 60 في المئة من الكويتيين أنه "في الوقت الراهن، تكتسي السياسة الداخلية والإصلاح الاقتصادي أهميةً أكبر بالنسبة لبلدنا من أي قضية متعلقة بالسياسة الخارجية". وفي حين تشكل هذه النسبة الأغلبية، إنها أصغر من تلك المسجلة في أي من الدول العربية السبعة الأخرى المستطلعة خلال العامين الماضيين. كما أن اختلافات الآراء الطفيفة فقط بين الأغلبية السنّية والأقلية الشيعية في البلاد تدعم فكرة وجود تناغم محلي في الكويت حيال كافة هذه المسائل. ومن هذا المنطلق، لا يزال المجتمع الكويتي يقدّم مثالًا واضحًا غير اعتيادي على التوافق بين الطوائف.
مع ذلك، ثمة اختلاف طائفي واسع جدًا بشأن مسألة داخلية واحدة مهمة. فعند سؤال المستطلعين عن رأيهم حيال جماعة "الإخوان المسلمين"، وهي حركة سياسية سنّية متطرفة تلقى قبولًا في الكويت في وقت تعتبرها فيه بعض الدول العربية الأخرى خارجة عن القانون، أعرب نحو نصف الكويتيين السنّة (45 في المئة) عن تأييدهم لها، علمًا بأنها النسبة الأعلى التي سجلها أي استطلاع رأي أجري مؤخرًا في المنطقة.
وفي تناقض صارخ، حظيت جماعة "الإخوان المسلمين" بدعم 3 في المئة فقط من شيعة الكويت. مع ذلك، فإن هذا الانقسام يصبّ على الأرجح في مصلحة الحكومة الكويتية: إذ يبيّن أنه يُسمح لبعض السنّة بالتعبير نسبيًا عن معارضة شعبية، وأن بعض الشيعة يريدون حمايةً منها، وأن الأغلبية الساحقة تميل إلى النظر إلى الحكومة باعتبارها حكمًا بين الاثنين.
وبالتالي، في إطار هذا التفسير المخالف للأفكار السابقة، يُعتبر انقسام اجتماعي كبير كشفت عنه بيانات هذا الاستطلاع تحديدًا أحد العوامل الكامنة خلف الاستقرار السياسي الذي تنعم به الكويت.
إنّ هذه النتائج هي من استطلاع تجاري موثوق أجرته شركة إقليمية في تشرين الثاني/نوفمبر 2018. وانطوى الاستطلاع على مقابلات وجهًا لوجه مع عيّنة تمثيلية على الصعيد الوطني ضمّت ألف كويتي تمّ اختيارهم بشكل عشوائي، باستخدام تقنيات أخذ عينات معيارية متعددة الاحتمالات الجغرافية. وتستند المقارنات إلى استطلاعات مماثلة أجريت في أواخر عام 2017 وأواخر عام 2018 في كل من السعودية والإمارات وقطر والبحرين ومصر والأردن ولبنان. يمكن الحصول على التفاصيل المنهجية الكاملة، بما فيها النصوص الميدانية الخاصة بأداة الاستطلاع، والتقسيمات الديموغرافية، وأطر المعاينة، ومعدلات الإجابة بالرفض وبـ"لا أعرف"، وغيرها من المعلومات من الكاتب عند الطلب.