- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3859
المرحلة المحفوفة بالمخاطر في الشرق الأوسط: التداعيات السياسية ومخاطر التصعيد
مسؤولة أمريكية سابقة ومسؤول إسرائيلي سابق يشاركان خبير في الشؤون الأمنية لدراسة الهجوم الإيراني غير المسبوق، والرد الإسرائيلي المحتمل، والخيارات الأمريكية لمنع اندلاع حرب إقليمية واسعة النطاق.
"في 16 نيسان/أبريل، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع دانا سترول، وزوهار بالتي، والدكتور فرزين نديمي. وسترول، هي مديرة الأبحاث و"زميلة أقدم في زمالة شيلي ومايكل كاسن" في المعهد، وشغلت مؤخراً منصب نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط في الفترة 2021-2023. وبالتي هو "زميل فيتربي الدولي" في المعهد والرئيس السابق لـ "مكتب السياسات والسياسة العسكرية" بوزارة الدفاع الإسرائيلية. والدكتور نديمي هو زميل أقدم في المعهد ومؤلف دراسته الأخيرة بعنوان "الجيل القادم من الصواريخ الباليستية الإيرانية. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم".
دانا سترول
في أعقاب هجوم "حماس" في 7 تشرين الأول/أكتوبر، أمر الرئيس بايدن باتخاذ سلسلة من الإجراءات لدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. كما قام بتعزيز الموقف العسكري الأمريكي في المنطقة في إشارة إلى إيران ووكلائها بأنه لا ينبغي عليهم تصعيد الأزمة. ومنذ ذلك الحين، انخرطت الإدارة الأمريكية في الدبلوماسية العلنية ووراء الكواليس لتمكين إسرائيل من تحقيق هدفها العسكري المتمثل في هزيمة "حماس" وتفكيكها، في حين عملت بشكل متزامن على منع امتداد النزاع إلى جبهات أخرى. وفي الوقت نفسه، أمر الرئيس الأمريكي بتوجيه ضربات عسكرية في الشرق الأوسط خلال الأشهر الستة الماضية أكثر مما فعل في السنوات الثلاث الأولى من رئاسته. ونفذت "القيادة المركزية الأمريكية" ضربات أحادية الجانب في العراق وسوريا رداً على أكثر من 180 هجوماً شنته الميليشيات المدعومة من إيران، إلى جانب ضربات متعددة الأطراف استهدفت قدرات الحوثيين وبنيتهم التحتية في اليمن.
أما إيران فلم تغير من جانبها أهدافها الاستراتيجية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر. وكما كان هو الحال على مر تاريخ الجمهورية الإسلامية، تسعى طهران إلى طرد القوات الأمريكية من الشرق الأوسط، وفرض نفسها كالقوة المهيمنة الإقليمية، وتحدي وجود إسرائيل. وبعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، رأى القادة الإيرانيون فرصة لتحقيق هذه الأهداف بقوة أكبر من خلال تفعيل وكلائهم في جميع أنحاء المنطقة، مع التركيز على الإجراءات التي يعتقدون أنها ستضغط على إسرائيل، وتفرض تكاليف على الولايات المتحدة على خلفية دعمها لشريكتها، وتدق إسفيناً في التحالف الأمريكي الإسرائيلي. ومؤخراً، شنت إيران هجوم دولة ضد دولة على إسرائيل في 13 نيسان/إبريل.
ومع ذلك، لم تحقق إيران أياً من هذه الأهداف، فقد قلل قادتها من قدرة واشنطن على الصمود وأساءوا قراءة التوترات الأمريكية الإسرائيلية بشأن حرب غزة. وعزز الرئيس بايدن الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة بشكل أكبر خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث نشر المزيد من المدمرات ومنظومات الدفاع الجوي/الصاروخي وقوات أخرى. على سبيل المثال، تم نشر مجموعتين هجوميتين من حاملات الطائرات في المنطقة حتى نهاية عام 2023، وهو أول تواجد من نوعه في الشرق الأوسط منذ عام 2021، عندما تم نشر مجموعة حاملة طائرات واحدة لدعم الإجلاء من أفغانستان. واليوم، أصبح عدد الطائرات المقاتلة الأمريكية التي تحلق فوق المنطقة أكبر مما كان عليه قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر. وفي الواقع، ظل التزام بايدن بالدفاع عن إسرائيل ثابتاً وقوياً. وقد ركزت الخلافات الثنائية على الوضع الإنساني في غزة والإصابات في صفوف المدنيين، ولم يتقلص التحالف الاستراتيجي ضد إيران.
كما أن الفشل الذريع للهجوم بالصواريخ والطائرات بدون طيار في 13 نيسان/إبريل على إسرائيل ألقى بظلال الشك على الردع الإيراني. فقد تعرضت طهران للإدانة الدولية باعتبارها المعتدي، وتم تكريس المزيد من الاهتمام الدبلوماسي لانتهاكها المجال الجوي للكثير من البلدان. بالإضافة إلى ذلك، حفز الهجوم الولايات المتحدة وإسرائيل والحلفاء في أوروبا والشرق الأوسط على العمل معاً لاعتراض الكثير من الطائرات بدون طيار والصواريخ المستخدمة في الهجوم.
ويُعد هذا الرد الذي نظمته الولايات المتحدة أيضاً دليلاً على أن الجهود التي استمرت لسنوات لدمج قدرات الدفاع الجوي والصاروخي العربية والإسرائيلية يمكن أن توفر حماية فعالة ضد العدوان الإيراني. وكانت هذه الجهود ممكنة بفضل ثلاثة عوامل رئيسية: (1) تقييم التهديد المشترك بأن إيران هي الجهة الفاعلة الرئيسية المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، وأن الأمن الإقليمي يتحقق بشكل أفضل من خلال التعاون، (2) قرار عام 2021 بنقل إسرائيل من منطقة مسؤولية "القيادة العسكرية الأمريكية في أوروبا" إلى منطقة مسؤولية "القيادة المركزية الأمريكية"، (3) تطوير وتوفير التكنولوجيا التي تجعل الابتكار أسرع وأكثر فعالية من حيث التكلفة. وفي المرحلة القادمة، تحتاج واشنطن والقدس إلى تأطير هذا التكامل ليس كتحالف "مؤيد لإسرائيل" أو "مناهض لإيران"، بل كجهد موحد للدفاع عن سيادة كل شريك إقليمي وأمنه.
زوهار بالتي
يمثل الهجوم المباشر والواضح على إسرائيل في نهاية الأسبوع الماضي تصعيداً كبيراً في التوترات الإقليمية ومرحلة جديدة في العدوان الإيراني. فقد كان وابل الطائرات المسيّرة والصواريخ أول هجوم علني للجمهورية الإسلامية على إسرائيل، حيث تجاوز الاشتباكات بالوكالة التي ميّزت الاشتباكات الماضية. وهناك دوافع محتملة متعددة وراء هذا التحوّل:
- ربما شعر المرشد الأعلى علي خامنئي بالحاجة إلى رد مدروس على الغارة التي شنتها إسرائيل في الأول من نيسان/أبريل على كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين في دمشق، سواء لأنه اعتبر أن تلك الضربة تهدد بتدهور الوضع، أو لأنه انزعج من الأحداث الداخلية الأخيرة في إيران، أو الاحتمالين معاً.
- قد يعكس هذا التحوّل سوء تقدير طهران للعلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل في ظل القيادة الحالية. وبدا أن وسائل الردع الإسرائيلية والأمريكية لم تردع النظام، بما في ذلك التحذير الصريح الذي وجهه الرئيس بايدن في 12 نيسان/أبريل بعدم الهجوم.
- والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن هذا التحوّل لدى طهران قد يشير إلى ثقة اكتسبتها حديثاً نتيجة التقدم الذي أحرزته في قدراتها النووية.
وفي الواقع، يسلط الهجوم الضوء على ضرورة استراتيجية حيوية، وهي أنه لا ينبغي السماح لإيران بالحصول على سلاح نووي. وحرصاً على الاستقرار العالمي، يتطلب عدوان طهران غير المقيد تحركاً دولياً فورياً لوضع حد لطموحاتها النووية.
وعلى الرغم من خطورة الوضع، إلّا أن المجتمع المدني الإسرائيلي أظهر مرونة تستحق الثناء وأعاد التأكيد على الحاجة إلى إعادة تقييم استراتيجيات الأمن القومي القائمة منذ فترة طويلة في البلاد. وتم تأكيد قوة شراكات إسرائيل الخارجية أيضاً، بدءاً من التحالف مع الولايات المتحدة ووصولاً إلى "اتفاقيات إبراهيم". وقد أظهرت ليلة 13 نيسان/أبريل قيمة الجهود الأمنية التعاونية مع الدول العربية، الأمر الذي طمأن إسرائيل بأنها ليست وحدها.
وتوفر العلاقة المتنامية مع المملكة العربية السعودية وسيلة واعدة بشكل خاص لإطار أوسع للسلام والأمن الإقليميين، مما قد يسهل عملية إعادة كبيرة لترتيب الصفوف لعزل إيران دبلوماسياً والحد من نفوذها في الخارج. وفي الواقع، سيكون التوصل إلى اتفاق سلام مع الرياض بمثابة انتصار على إيران.
وتنطوي أولويات إسرائيل الاستراتيجية الأكثر إلحاحاً على شقين: منع إيران من اكتساب قدرات نووية، وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. ولتحقيق هاتين الغايتين، تعمل إسرائيل على حشد المجتمع الدولي للرد على التهديد الإيراني ليس فقط كقضية إقليمية، بل كمسألة تتعلق بالأمن العالمي. وبالإضافة إلى التعاون الدولي، سيُبرز رد إسرائيل متعدد الأوجه على هذا المستوى الجديد من التهديد صبرها الاستراتيجي وكذلك استعدادها لاتخاذ إجراءات حاسمة عند الضرورة. فالمشهد الاستراتيجي في الشرق الأوسط يتطور بسرعة، مما يستلزم اتباع تقاربات نشطة ومتبصرة في التعامل مع الدبلوماسية والأمن القومي.
الدكتور فرزين نديمي
كان الهدف من الهجوم الإيراني المباشر غير المسبوق هو تحدي التفوق العسكري النوعي لإسرائيل وإرساء سابقة جديدة للانتقام من الضربات الإسرائيلية المستقبلية على الأصول الإيرانية في أي مكان من العالم. بعبارة أخرى، سعت طهران إلى تعطيل توازن القوى الإقليمي وإعادة تأسيس الردع ضد إسرائيل.
وتضمنت عملية 13 نيسان/أبريل عدداً كبيراً من الطائرات بدون طيار وصواريخ "كروز" وصواريخ باليستية استهدفت بشكل رئيسي المنشآت العسكرية الإسرائيلية المرتبطة بضربة 1 نيسان/أبريل على دمشق. فقد تم إطلاق الصواريخ الباليستية، وهي محور القدرات الهجومية للنظام، من قواعد متعددة في جميع أنحاء إيران. وتم اعتراض الكثير منها بنجاح من قبل دفاعات إسرائيل وحلفائها، ولم يتمكن سوى عدد قليل منها من إصابة أهدافها المقصودة. ومع ذلك، فقد تم إرسال برقية مسبقة حول الهجوم، وبالتالي لم يكن الهدف منه تحقيق مفاجأة تكتيكية، بل ربما كان المقصود منه، جزئياً على الأقل، اختبار التكنولوجيا الإيرانية في مواجهة أنظمة الدفاع المتطورة للحلفاء.
وفي الوقت الحالي، لا تزال طهران حذرة بشأن احتمال التصعيد حتى مع إبقاء قواتها في حالة تأهب قصوى وتصعيد خطابها العدائي. وعلى المدى الطويل، قد يقرر النظام عدم الاعتماد على قواته بالوكالة وإعادة توجيه الأموال التي يدخرها إلى برامج الأسلحة المتقدمة الخاصة به، وربما بمساعدة روسية متزايدة. ويمكن أن تشمل هذه الاستراتيجية تعزيز القدرات في المجالات المتخصصة مثل صواريخ "كروز" الأسرع من الصوت والصواريخ الباليستية وصواريخ "كروز" التي تفوق سرعتها سرعة الصوت بخمسة أضعاف.
وعلى الرغم من النجاح الشامل في مواجهة الهجوم الإيراني، تسلط الحادثة الضوء على ضرورة تعزيز التعاون الدفاعي الإقليمي لمواجهة التهديدات الجوية والصاروخية الأكثر خطورة بشكل فعال. في الوقت نفسه، يتعين على الولايات المتحدة وإسرائيل وغيرهما من الشركاء الإقليميين التركيز على توسيع التحالفات الدفاعية الإقليمية وتعزيزها. ويستلزم ذلك بناء شبكات دفاع جوي وصاروخي قوية وتأكيد أهمية التحالفات مثل تلك التي تعطيها الولايات المتحدة الأولوية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وفي الوقت نفسه، من الضروري الإشارة إلى أن تصرفات النظام الإيراني لا تعكس رغبات الشعب الإيراني بشكل عام، والذي يسعى معظمه إلى التعايش بشكل سلمي مع دول أخرى في المنطقة. وهذا التمييز، الذي يسلط الضوء على اتساع الهوة بين النظام وشعبه، أمر بالغ الأهمية لفهم الدوافع والجداول الزمنية لاستراتيجيات طهران العسكرية واستثمارها في القدرات الهجومية. وفي أغلب الاحتمالات، سوف يستمر النظام في الابتعاد عن شعبه، مستخدماً المغامرات العسكرية كأداة لفرض هيمنته الإقليمية وحجب إخفاقاته الداخلية الكارثية.
أعدّ هذا الملخص عبدالله الحايك. أصبحت سلسلة منتدى السياسات ممكنة بفضل كرم "عائلة فلورنس وروبرت كوفمان".