- تحليل السياسات
- مذكرات سياسية 151
المصادر المجهولة في تغطية حرب غزة: "واشنطن بوست" مقابل أقرانها
في مثل هذا البيئة الصعبة، يجب على المؤسسات الإعلامية أن تعمل جاهدة لإقناع القراء بأن المصادر صادقة وشرعية وجديرة بالثقة.
منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، برز جدل كبير حول تغطية وسائل الإعلام الرئيسية للحرب بين "حماس" وإسرائيل. فالبعض يعتبر أنها مؤيدة للفلسطينيين أكثر من اللازم، بينما يعتبر آخرون أنها مؤيدة لإسرائيل أكثر من اللازم، ويشير آخرون إلى واقع أن عبارة "مؤيد للفلسطينيين" قد تعني أو لا تعني "مؤيداً لحماس"، مما يزيد الأمور تعقيداً. *
للخروج من هذا المستنقع المسيس إلى حد كبير والاستمرار مع ذلك في تقييم تغطية حرب غزة في وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى، قد يكون من المفيد التركيز على مسائل الاحتراف، وليس التحزّب. وتتمثل إحدى الطرق للقيام بذلك بتقييم استخدام المصادر المجهولة في تقارير الحرب في غزة. وكما يظهر هذا التحليل، تبرز إحدى وسائل الإعلام، وهي صحيفة "واشنطن بوست"، من بين جميع وسائل الإعلام الأخرى.
إن أحد الجوانب الأكثر إشكالية في تغطية الحرب بين "حماس" وإسرائيل هو أن إسرائيل تمنع دخول الصحفيين الأجانب إلى غزة، باستثناء أولئك المتواجدين دورياً مع القوات الإسرائيلية، مما يدفع وكالات الأنباء الدولية إلى الاعتماد إما على تقارير الصحفيين الفلسطينيين المحليين، أو بدلاً من ذلك، على التقارير الهاتفية أو الإلكترونية التي يقدمها موظفوها المتواجدون خارج غزة.
ونتيجة ذلك، تواجه المؤسسات الإخبارية التي لديها عدد قليل من الموظفين المحليين أو ليس لديها أي موظفين محليين على الإطلاق، صعوبات كثيرة في نقل تفاصيل النزاع، ولكن أكثرها خطورة هو مشكلة الاستشهاد بمصادر مجهولة (أو سرية). فلكل وسيلة إعلامية قواعدها الخاصة لاستخدام مثل هذه المصادر، ولكنها تتّبع مبادئ مشتركة، يمكن اختصارها في الصميم بخمسة مبادئ على النحو التالي:
- يجب أن يكون استخدام المصادر غير المحددة نادراً، ومخصصاً للحالات التي لا تستطيع فيها الوسيلة الإعلامية نشر المعلومات التي تعتبرها جديرة بالنشر وموثوقة من دون هذه المصادر
- يجب أن تكون المادة الواردة من مصدر مجهول واقعية وأساسية للمقال ولا يمكن الحصول عليها بأي طريقة أخرى.
- يجب أن تكون المادة معلومات وليست رأياً أو ملاحظة أو تكهنات.
- ينبغي دائماً رفض طلبات عدم الكشف عن الهوية في البداية. ويجب بذل جهود حسنة النية لتسجيل تصريحات المصدر أو، على الأقل، لتأكيد المعلومات المقدمة من خلال مصادر أخرى أو تقارير مستقلة.
- يجب أن تتم الموافقة على كل استخدام لمصدر مجهول من قبل محرر أو مدير. وعندما يكون استخدام مثل هذا المصدر هو محور (أو مقدمة) المقال، فإن ذلك يتطلب موافقة أحد كبار المحررين.
تنطبق هذه القواعد في أفضل الظروف، وهو ما لا ينطبق على غزة بالتأكيد. فـ"عبء الثقة"، أي ما هو مطلوب لإقناع القراء بأن المصدر صادق وشرعي وجدير بالثقة، يكون أكبر بكثير عندما تفتقر وسيلة إعلامية إلى مراسلين على أرض الواقع ليلتقوا وجهاً لوجه مع المصادر المحلية من أجل تقييم صحة أقوالها وتأكيد المعلومات التي تقدمها، عبر وسائل مستقلة. ومن المنطقي إذاً أن يكون استخدام مصادر مجهولة من قبل وسائل الإعلام الأمريكية التي تغطي الوضع في غزة نادراً للغاية (تجدر الإشارة إلى أن هذا يختلف عن عدم الكشف عن هوية المسؤولين الحكوميين الذين لديهم معلومات متخصصة مرتبطة بهذا النزاع، سواء أكانوا أمريكيين أو إسرائيليين أو فلسطينيين أو عرباً أو أوروبيين أو أولئك المرتبطين بالأمم المتحدة ووكالاتها).
وبالتالي، لاختبار مدى احترافية وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى التي تغطي حرب غزة، أنشأ معهد واشنطن قاعدة بيانات لجميع القصص التي تضمنت مصادر مجهولة خلال الأشهر الستة الأولى من النزاع والتي نشرتها سبع وسائل إعلامية أمريكية رائدة هي "نيويورك تايمز"، و"واشنطن بوست"، و"وول ستريت جورنال"، إلى جانب "إي بي سي نيوز" و"سي بي أس نيوز" و"سي إن إن" (بالنسبة لوسائل الإعلام التلفزيونية، استخدم المعهد القصص المنشورة على الإنترنت، وليس نصوص مقاطع الفيديو).
انظر "التقرير" الكامل "عن حرب غزة من قاعدة بيانات المصادر المجهولة".
في نهاية المطاف تضمنت قاعدة البيانات 436 مقالاً، لكن الغالبية العظمى منها، أي 379 مقالاً، استندت إلى مصدر مجهول أو سري كان عبارة عن مسؤول حكومي أو تنظيمي أو شخص يوصف بأنه مطّلع على القضايا السياسية أو العسكرية أو الدبلوماسية الحساسة. وعند فصل هذه القصص عن بعضها البعض، لم يبقى في قاعدة البيانات سوى 57 مقالاً استشهد بسكان محليين كمصادر مجهولة. وهذا رقم منخفض جداً، لا سيما عندما نأخذ في الاعتبار آلاف القصص التي نُشرت عن حرب غزة. لكن توزع النسب بين وسائل الإعلام الإخبارية السبعة يكشف قصته الخاصة (انظر الشكل 1). وعلى وجه التحديد، كانت صحيفة "واشنطن بوست" مسؤولة عن 72 في المائة من جميع حالات الاستشهاد بالمصادر المجهولة غير الرسمية المتعلقة بغزة، أي أكثر من خمسة أضعاف ما استشهدت به صحيفة "نيويورك تايمز" (8) وجميع المنصات الإعلامية الأمريكية الرئيسية الأخرى مجتمعةً (8).
وإذا ألقينا نظرة فاحصة على تلك المقالات التي يبلغ عددها 41 مقالاً، نجد أنها توفر لمحة عن كيفية تغطية صحيفة "واشنطن بوست" للحرب. وعلى وجه التحديد، لم يُكشف عن هوية أكثر من نصف المصادر المحلية غير الرسمية المتعلقة بغزة لحماية سلامة المصدر أو أمنه أو خصوصيته، على الرغم من أن الصحيفة لم توضح بأي حال من الأحوال طبيعة التهديد، سواء أكان مصدره "حماس" أو إسرائيل أو أي طرف آخر، أو حتى لو كان صحيحاً إلى حد يمكن التحقق منه.
وفي حوالي ربع الحالات، لم تكشف الصحيفة عن هوية مصادر غير حكومية شملت عادةً عمال إغاثة أو فنيين طبيين أو أطباء، لأنهم قالوا إنهم غير مخولين بالتحدث علناً أو إلى وسائل الإعلام، وإن كان من النادر جداً أن يؤدي الاستشهاد إلى ربط مصدر بمؤسسة معينة. وكانت بعض التفسيرات الأخرى للسماح بعدم الكشف عن الهوية غريبة بكل بساطة، مثل التفسير الذي يزعم حماية "عامل اجتماعي محلي" من إغراقه بطلبات المساعدة.
وتظهر مراجعة تفصيلية لتغطية صحيفة "واشنطن بوست" لغزة أن أكثر من 80 في المائة من إجمالي التغطية كانت مواضيع ثانوية، وكثيراً ما كانت تقدم اقتباسات أو تشويق لاستكمال ملاحظات أدلت بها مصادر محددة. ويمثل هذا الاستخدام لحالات عدم الكشف عن الهوية إشكالية كبيرة بحد ذاته، بما أنه ينتهك مبدأ "الضرورة"، والذي بموجبه يجب على وسائل الإعلام حصر المصادر المجهولة بالحالات التي لا تتوفر فيها طريقة أخرى للإبلاغ عن المعلومات الأساسية. وكما تنص المعايير الخاصة بالصحيفة: "يجب أن نتجنب الاقتباسات العمياء التي يكون غرضها الوحيد إضفاء التشويق على المقال". ومن الناحية العملية، يعني ذلك أن عدداً قليلاً من هذه الاستخدامات للمصادر المجهولة كان ينبغي أن يُسمح بها في الصحيفة.
وتقوم مشكلة أخرى على الاستخدام المتكرر للمصادر المجهولة التي يتم تحديدها فقط كعامل إغاثة في غزة أو فني طبي أو طبيب محلي على سبيل المثال، إذ لا يمكن للقراء معرفة ما إذا كان يتم الاستشهاد بالشخص ذاته بشكل متكرر. وهذه مشكلة خطرة بشكل خاص في النزاع بين "حماس" وإسرائيل بما أنه ليس لدى المراسلين قدرة مباشرة على إيجاد مصادر جديدة. وفي هذا السيناريو، سيفترض القارئ النبيه أنه يتعين على الصحفيين الاعتماد على الأشخاص الذين يعرفونهم أصلاً. ولا يؤدي الاستخدام المتكرر لمصادر مجهولة تبدو متشابهة إلا إلى تفاقم انعدام الثقة لدى القراء لناحية بحث الصحفيين باستمرار عن أصوات جديدة يمكن أن يكون لها مساهمات فريدة، بدلاً من المصادر المعتادة التي يعودون إليها مراراً وتكراراً للحصول على اقتباسات.
وفي خمس مناسبات، كان المصدر المجهول في صحيفة "واشنطن بوست" هو الموضوع الرئيسي لمقالة. ووفقاً لمعايير الصحيفة، يعني ذلك أن أحد كبار المحررين يجب أن يوافق على استخدام المصدر. ومثلت كل واحدة من هذه القصص بحد ذاتها إشكالية:
- يبدأ مقال بتاريخ 13 تشرين الأول/أكتوبر 2023 بشرح "مها" سبب إخلائها مدينة غزة، مع أكثر من مليون فلسطيني آخر: "يمكنك أن تموت في أي مكان هنا"، قالت مها في مقابلة عبر الهاتف، شرط أن يتم التعريف عنها باسمها الأول فقط حفاظاً على سلامتها. "لكن إذا طلبوا منا المغادرة، فهذا يعني أنهم سيعاملون الناس بطريقة سيئة". وكانت مها واحدة من ثلاثة مصادر مجهولة تم ذكرها في هذا المقال، إلى جانب فلسطينيَين تم ذكر اسمهما. ومع إجلاء حوالي مليون شخص، لم يقدَم أي تفسير يوضح سبب اختيار مها، وليس شخصاً ذُكر اسمه، لتكون مصدر هذا الاقتباس العاطفي.
- تم تحديث مقال بتاريخ 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 في 28 كانون الأول/ديسمبر، يزعم وجود سياسة إسرائيلية متعمدة لفصل أمهات غزة عن أطفالهنّ الخدج المسموح لهم بأن يولدوا في مستشفيات إسرائيلية أو مستشفيات الضفة الغربية.
- كان هذا المقال أيضاً موضوع نقد مطوّل من قبل المؤلف، زعم فيه تعرض الممارسات الصحفية لانتهاكات كثيرة، مما أدى إلى إعادة نشر المقال في صحيفة "واشنطن بوست" وإصدار اعتذار وتصحيح.
- تمحور مقال بتاريخ 3 كانون الأول/ديسمبر 2023 حول ممرض في "مستشفى النصر" بمدينة غزة أُجبر على اختيار أي من الأطفال الخدج يمكنه إنقاذهم، بينما زُعم أن الباقين تُركوا ليموتوا ويتحللوا. كان هذا المقال موضوع نقد مطول آخر من قبل المؤلف الذي ادّعى أن صحيفة "واشنطن بوست" انتهكت قواعدها بشكل متكرر وفشلت في دحض أدلة مقنعة على أن هذا العنصر الأساسي من القصة كان كاذباً.
- دار مقال بتاريخ 24 فبراير/شباط 2024 حول طبيب تخدير فلسطيني فر من المستشفى الذي يعمل فيه في خان يونس "بقلب مثقل" لأنه قال إنه يخشى مواجهة "أحد الأقدار الثلاثة في غزة في زمن الحرب وهي التهجير أو الاعتقال أو الموت". وروى قصة مروعة ومثيرة للاهتمام عن نجاته من سلسلة من نقاط التفتيش فقط لأنه "كان يحمل طفلاً وجده متروكاً وسط فوضى عملية الإخلاء". إلّا أن أي مصادر أخرى لم تؤكد ذلك، باستثناء التعليقات العامة التي قدمها مسؤول منذ فترة طويلة في وزارة الصحة التابعة لـ"حماس"، مما أثار علامات حمراء كان ينبغي بأحد كبار المحررين التنبه لها.
- تحدث مقال بتاريخ 8 نيسان/أبريل 2024 عن عودة مدنيين إلى أنقاض خان يونس التي دمرتها الحرب، ويبدأ بعامل إغاثة فلسطيني لم يذكر اسمه يشكو من أن منزله "اختفى" لتحل محله "أكوام من حديد التسليح والإسمنت". ولم يتم شرح سبب اضطرار صحيفة "واشنطن بوست" إلى اللجوء إلى مصدر مجهول عندما واجه عشرات الآلاف من سكان غزة هذا المأزق عند عودتهم إلى خان يونس.
في ثلاثة من هذه المقالات الخمسة، كانت المراسلة الرئيسية هي ميريام بيرغر المقيمة في القدس. وفي المقالَين الآخرَين، كان المراسل الرئيسي حازم بعلوشة، وهو مساهم منذ فترة طويلة في "واشنطن بوست"، وصحيفة "ذي غارديان"، و"دويتشه فيله"، وانتقل من غزة إلى عمّان مع عائلته في وقت مبكر من الحرب. وبشكل عام، وردت أسماء 48 من مراسلي صحيفة "واشنطن بوست" أو مساهميها في قصص عن غزة نقلاً عن مصادر مجهولة، لكن هذين الاثنين كانا الأكثر تكراراً، إذ ظهر اسم بيرغر في 39 في المائة من هذه المقالات واسم بعلوشة في 22 في المائة منها. وفي أربع مناسبات، تشارك بيرغر وبعلوشة قصة مجهولة المصدر، مما يعني أن أحدهما أو كليهما كانا مدرجين في أكثر من نصف هذه المقالات (51 في المائة، 21 من أصل 41) مجتمعةً.
ويختلف المقال تماماً بالنسبة لوسائل الإعلام الإخبارية الأمريكية الرئيسية الأخرى المدرجة في قاعدة بيانات المعهد. وبالنسبة لتلك الوسائل الإعلامية الست الأخرى، تراوح استخدام المصادر المجهولة في تقارير حرب غزة بين النادر والمعدوم.
وخلافا ً لـ"واشنطن بوست"، التي اعتمدت في الكثير من الأحيان على مصادر مجهولة للاقتباسات المشوقة أو الملاحظات المتعلقة بوصف المشهد، حصرت وسائل الإعلام الإخبارية الأخرى عموماً هذا الاستخدام بتقديم معلومات واقعية غير متوفرة في أي مصادر إخبارية أخرى. أما بالنسبة لصحيفة "نيويورك تايمز" على وجه التحديد، فقد استشهدت بأشخاص محليين لم تذكَر أسماؤهم أكثر من أي وسيلة إعلامية أخرى باستثناء صحيفة "واشنطن بوست"، ولكن جميع المقالات الثمانية استشهدت بهم لسرد معلومات واقعية. على سبيل المثال، مسعف من الهلال الأحمر يؤكد عدد القتلى في غارة جوية إسرائيلية؛ أحد أفراد أسرة يؤكد هوية رهينة إسرائيلية في مقطع فيديو أنتجته "حماس"؛ فلسطينيون في رفح يؤكدون أعمال الهندسة العسكرية المصرية على طول الحدود مع غزة. ولم يُمنح المصدر المجهول في أي من مقالات "نيويورك تايمز" منصة لتقديم رأي أو ببساطة إضفاء التشويق. وإجمالاً، تتضمن هذه المقالات الثمانية أسماء سبعة عشر مراسلاً مختلفاً، مع عدم ظهور أي منهم أكثر من مرتين. باختصار، يبدو أن "نيويورك تايمز" قامت بعمل جدير بالثناء باتباع قواعدها الداخلية بشأن استخدام المصادر المجهولة في تقاريرها عن حرب غزة، وعلى وجه التحديد، "استخدام المصادر غير المحددة مخصص للحالات التي لا تستطيع فيها الصحيفة نشر المعلومات التي تعتبرها جديرة بالنشر وموثوقة من دون هذه المصادر".
وتشمل الأمثلة في وسائل إعلامية أخرى تقرير "سي إن إن" في 28 آذار/مارس 2024، والذي استشهد بشاهد عيان لم يذكر اسمه يخشى الانتقام لأنه أخبر الشبكة أن 400 إلى 500 من أعضاء "حماس" و"الجهاد الإسلامي في فلسطين" وصلوا إلى "مستشفى الشفاء" في منتصف آذار/مارس، وتقرير "أن بي سي نيوز" في 19 نيسان/أبريل 2024 الذي استشهد بأحد أقارب أمريكي محتجز كرهينة في غزة، تناقش مع قوات الأمن الإسرائيلية بشأن وضع الرهائن ومكان تواجدهم "بشرط عدم الكشف عن هويته لتجنب تعريض مصير قريبه للخطر". ومن الواضح أنه في كلتا الحالتين، كانت هناك أسباب وافية للسماح بعدم الكشف عن هوية المصدر. وفي الواقع، لا تتوفر سوى أمثلة قليلة جداً على استخدام وسائل الإعلام غير صحيفة "واشنطن بوست" لمصادر مجهولة لتعليقات وصفية محضة.
ما العبرة التي يمكن استخلاصها من هذه العملية؟ بصرف النظر عن الاتهامات بالمناصرة أو التحيز أو التحزّب، تشير هذه النتائج إلى إخفاقات صحفية مهنية خطيرة تسلط الضوء على صحيفة "واشنطن بوست" من بين المؤسسات الإعلامية الست الأخرى التي تعمل انطلاقاً من الولايات المتحدة والمدرجة في قاعدة البيانات. وفي الواقع، يبدو أن إساءة استخدام المصادر المجهولة في صحيفة "واشنطن بوست" تمثل مشكلة نظامية، حيث تمتد المسؤولية من المراسلين في الميدان إلى كبار المحررين في الصحيفة. وقد لا يكون هذا هو السبب وراء خضوع صحيفة "واشنطن بوست" حالياً لتغييرات ضمن أجواء متشنجة، ولكن لا يسعنا إلا أن نأمل أن يتم حل هذه المشكلة في معرض هذه التغييرات.
* كايل روبرتسون، مساعد باحث في معهد واشنطن، أنشأ "قاعدة بيانات المصادر المجهولة لتقارير حرب غزة"، والتي تستمد منها هذه المقالة تحليلها.
الدكتور روبرت ساتلوف هو المدير التنفيذي لمعهد واشنطن منذ عام 1993. ونظراً لكونه خبيراً في السياسات العربية والإسلامية بالإضافة إلى سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، فقد كان للدكتور ساتلوف العديد من الكتابات والخطابات حول عملية السلام العربي الإسرائيلي، والتحدي الذي يمثله الإسلاميون تجاه النمو الديمقراطي في المنطقة، والحاجة إلى دبلوماسية عامة تتميز بالجرأة والابتكار بالنسبة للعرب والمسلمين.