- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
المصريون لا يزالون يتعاملون بفتور مع احتجاجات الشوارع الجماهيرية؛ والولايات المتحدة تتخلف عن روسيا والصين كشريك عام، ولكنها تتفوق عليهما كشريك أمني
أظهر استطلاع جديد للرأي العام المصري أجرته إحدى الشركات التجارية الإقليمية بتفويض من "معهد واشنطن" في آذار/مارس ونيسان/أبريل، أن احتجاجات الشوارع ما زالت لا تحظى بشعبية على الرغم من الركود الاقتصادي الذي تشهده البلاد حاليًا.
استمرت غالبية المصريين في الاعتقاد بأن "اتفاقيات إبراهيم" لها تأثير سلبي على المنطقة وفي رفضهم للعلاقات مع إسرائيل، فيما نظر أكثر من الثلث بسلبية إلى الصواريخ التي تطلقها حماس باتجاه إسرائيل. والجدير بالذكر، أن الاستطلاع لم يُظهر اختلافات تُذكر بين إجابات المصريين تحت سن الثلاثين والجيل الأكبر سنًا، في ما يتعلق بهذه المسألة وغيرها من الأسئلة.
يواصل نصف المصريون رفضهم احتجاجات الشارع- لكن 47 في المئة لا يتفق مع هذا الطرح
على الرغم من التدهور المستمر للوضع الاقتصادي والاستياء المتزايد من سياسة الحكومة، يوافق أكثر من نصف المصريين إلى حد ما، أو يوافقوا بشدة، على "إنه من الجيد أننا لا نشهد احتجاجات شوارع جماهيرية ضد الفساد، كما يحصل في بعض الدول العربية الأخرى"، في حين لا يوافق ما يقرب من نصف المصريين (47%) على هذا الطرح. وتتماشى هذه النتائج مع نتائج استطلاع عام 2022 والتحليلات التي تشير إلى أن أي احتجاجات ناتجة عن الأزمة الاقتصادية الحالية في مصر ستكون متقطعة وغير منتظمة.
تتفوق روسيا على الولايات المتحدة والصين كشريك مفضل
على الرغم من أن ثلاثة أرباع المصريين الذين شملهم الاستطلاع في خريف عام 2022 رأوا أن للعمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا تأثيرًا سلبيًا على المنطقة، يشهد باعتقادهم بأهمية العلاقات مع روسيا ازديادًا منذ السنوات الماضية. والجدير بالذكر أن غالبية كبيرة من المصريين، 95% في آخر استطلاع في ربيع 2023، صنفوا روسيا "شريكًا اقتصاديًا" (48%) أو "صديقًا" (24%) أو "شريكًا أمنيًا" (23%). وتماشيًا مع هذا الموقف، وافقت أغلبية كبيرة (76%)، إلى حد ما، على أن أفضل نتيجة للحرب في أوكرانيا ستكون انتصار روسيا، بما في ذلك ضم أراض أوكرانية واسعة إلى روسيا، بينما رفض أقل من الربع (21%) هذه النظرة.
أما المواقف تجاه الصين، فلم تكن أقل إيجابية، إذ اعتبر 91% من المصريين الصين شريكًا وليس منافسًا أو عدوًا، ومالوا إلى وصف الصين "بالشريك الاقتصادي" (60%)، في حين وصفها 19% "بالصديق" أو "بالشريك الأمني" (12%).
أمّا بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فقد اعتبرها غالبية المستطلعين (84%) شريكًا، حيث قال 34% منهم إنها "شريك اقتصادي"، وقال 28% إنها "شريك أمني" واعتبرها 22% "صديقًا". وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تأتي بعد روسيا والصين كشريك مفضل، فهي لا تزال تتفوق على عليهما كشريك أمني.
وعلى نفس المنوال، عندما سُئل المصريون عن أولوياتهم بالنسبة إلى السياسة الأمريكية في المنطقة، أراد 38% من الولايات المتحدة "أن تفعل المزيد من أجل إيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي"، بينما قال 24% منهم إن عليها "بذل جهود أكبر لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في البلدان العربية". وشدد 23% على أهمية "تقديم المزيد من المساعدات الاقتصادية ودعم الاستثمار في الدول العربية" وأراد 12% فقط أن تبذل "جهدًا أكبر في مواجهة تهديدات إيران ووكلائها".
الأغلبية تعتبر إيران عدوًا، لكن التقارب السعودي الإيراني الأخير يحظى ببعض الدعم
يرى أغلبية المصريين (89%) أن إيران بلد "منافس" لهم (46%) أو أنها "عدوة" (43%). وعلى الرغم من هذه المواقف السلبية الواسعة النطاق تجاه إيران، وافق ثلثا المصريين، إلى حدٍ ما على الأقل، على أن "ضربة عسكرية أمريكية أو إسرائيلية كبيرة ضد إيران ستكون خطيرة للغاية وأنها ستضر ببلدهم"، بينما لم يوافق أقل من الثلث على هذا الطرح. وانقسم المصريون، بشكل مفاجئ، حول "استعادة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة السعودية وإيران"، حيث ترى أقلية طفيفة (45%) من المصريين أنها خطوة إيجابية إلى حد ما، أو إيجابية جدًا، في حين اعتبر حوالي النصف (51%) أنها خطوة سلبية، إلى حد ما، أو سلبية جدًا.
وعلى نحو مماثل، لم يوافق غالبية المصريين (58%) على الاقتراح القائل بأنه "بما أن إيران تقترب الآن من امتلاك قنبلة نووية، فقد حان الوقت لبلد عربي للحصول على واحدة أيضًا". وقد تعتمد ردود الفعل تجاه هذا التصريح على وجهات النظر السياسية للمستجيبين. فالبعض قد يعتقد أن امتلاك قنبلة نووية هو مخاطرة، في حين يرى والبعض الآخر أن امتلاكها هو من متطلبات الأمن القومي للبلدان.
"اتفاقيات إبراهيم" والعلاقات مع الإسرائيليين والحكومة الإسرائيلية ما زالت لا تحظى بالشعبية
مع أن مصر كانت أول دولة عربية تنخرط في معاهدة سلام مع إسرائيل وتطبّع العلاقات معها، ما زال غالبية المصريين يقاومون فكرة إقامة علاقات غير رسمية معها ويعتقدون أن لاتفاقيات إبراهام تأثيرًا سلبيًا على المنطقة. ويعتقد 12% فقط من المصريين أن "لاتفاقيات إبراهيم" التي عُقدت بين إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب والسودان آثار إيجابية إلى حد ما على المنطقة، وهي نسبة لم تتغير منذ الاستطلاع الأخير في خريف عام 2022. ويشير هذا الموقف تجاه السلام مع إسرائيل إلى وجود انفصام بين الرأي العام والسياسة العامة، وإلى أن التطبيع لم يحدث إلا على المستوى الرسمي.
كما أن عامة المصريين لا يزالون يظهرون القليل من الدعم لإقامة اتصالات غير رسمية مع الإسرائيليين فرغم الازمة الاقتصادية الحادة، يوافق 15% فقط من المصريين على التصريح التالي: "من المفيد عقد بعض العلاقات التجارية مع الشركات الإسرائيلية في حال ساعدت اقتصادنا". وفي السياق نفسه، يوافق أقل من ربع المصريين (22%) على فكرة تلقي مساعدات إنسانية طارئة من إسرائيل في حال وقوع كارثة طبيعية.
وعلى الرغم من أن أكثر من نصف المصريين لا يؤيدون فكرة احتجاجات الشوارع في بلدهم، اعتبر ما يقرب من الثلثين أن الاحتجاجات في إسرائيل ضد حكومة نتنياهو الجديدة إيجابية إلى حد ما، أو إيجابية للغاية. كان هذا الموقف السلبي تجاه حكومة نتنياهو واضحًا أيضًا في استطلاع خريف عام 2022، عندما أعرب 5% فقط من المصريين عن ارتياحهم بنتائج الانتخابات التي أتت بنتنياهو إلى السلطة.
نظرة إيجابية تجاه إسرائيل تلوح في الأفق
حظي الاتفاق بشأن الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان ببعض الدعم من قبل المصريين، حيث ينظر ما يقارب ثلث المصريين إلى الصفقة بنظرة إيجابية. علاوة على ذلك، أظهر الاستطلاع الحالي أن التعاون الأمني المحتمل بين إسرائيل والدول العربية لمواجهة إيران أمر معقول بالنسبة إلى البعض. وفي هذا الصدد، يوافق أكثر من ربع المصريين (29%) على الاقتراح القائل بأنه "على الرغم من خلافاتنا مع إسرائيل حول قضايا أخرى، يجب على بعض الدول العربية التعاون مع إسرائيل ضد التهديدات الإيرانية التي نواجهها". وكانت هذه النسبة أعلى مّما أظهره الاستطلاع في الخليج.
والمثير للدهشة أن المزيد من المصريين يميلون إلى معارضة انخراط "حماس" في صراع مسلح مع إسرائيل. وفي هذا السياق، يؤكد أكثر من الثلث (40%) أن "إطلاق "حماس" للصواريخ ضد إسرائيل من غزة" له "آثار سلبية على المنطقة".
غالبية المصريين يعارضون السياسة الرسمية في ما يتعلق بالعلاقات مع الأسد والإصلاح الديني
أما على المستوى الإقليمي، فعند السؤال عن "تحركات بعض الحكومات العربية لاستعادة العلاقات مع الأسد في سوريا"، يرى 39% من المصريين أن الاقتراح إيجابي إلى حد ما، أو إيجابي جدًا، بينما يرى 56% أنه سلبي. ويُظهر الموقف الشعبي هذا أن نسبة ملحوظة من المصريين لا يتبعون المسار الحكومي الرسمي في ما يتعلق بالتطبيع مع الأسد.
أما بالنسبة لمسألة الإصلاح الديني، وهي نقطة خلاف بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والأزهر- المركز الديني التعليمي الأكبر في مصر- الذي يقاوم التغيير، فإن ربع المصريين فقط، وهذا العدد لم يتغير منذ استطلاع آب/أغسطس 2022، يوافقون على التصريح التالي: "علينا الاستماع إلى الذين يحاولون تفسير الإسلام بطريقة حديثة أكثر اعتدالًا وتسامحًا". ومن اللافت للنظر أن المصريين لا يؤيدون تغيرًا كهذا، نظرًا للدور الذي تلعبه فكرة الإصلاح الديني في خطاب النظام المصري ضد الشخصيات المؤيدة لجماعة الإخوان المسلمين. في هذه الحالة، ربما يكون توقيت إجراء الاستطلاع في الغالب خلال شهر رمضان قد تسبب في انحراف بعض الردود في هذا الاتجاه.
ملاحظة منهجية
يعتمد هذا التحليل على نتائج استطلاع قائم على مقابلات شخصية مع عينة وطنية تمثيلية عشوائية قوامها 1000 مواطن مصري. اتبع اختيار العينة إجراءات الاحتمالية الجغرافية القياسية، ما أسفر عن هامش خطأ إحصائي يبلغ حوالي 3 في المئة. تم إجراء الاستطلاع من قبل شركة تجارية إقليمية تتمتع بدرجة عالية من الكفاءة وذات خبرة وطابع غير سياسي على الإطلاق. تم توفير ضوابط صارمة للجودة وضمانات للسرية في كافة مراحل العمل الميداني. يمكن الاطلاع على تفاصيل الإضافية، بما في ذلك أسئلة الاستطلاع الكاملة، والتصنيفات الديمغرافية، على منصة بيانات الاستطلاعات التفاعلية لمعهد واشنطن.