- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
الشعب الأردني لا يزال يركّز على المشاكل الاقتصادية لكنّ المعارضة لا تحظى إلا بدعم ضئيل
لقد كانت الحكومة الأردنية بارعة في تحقيق التوازن بين المطالب المحلية والضغوط الدولية لتبقى قوة معتدلة في الشرق الأوسط، وسيتعيّن عليها مواصلة اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان هذا التوازن الهشّ. في الوقت الراهن، وعلى الرغم من التململ الشعبي المستمر من المصاعب الاقتصادية، فإن جماعة الإخوان المسلمين، وهي الحركة المعارضة الرئيسية، تحظى بدعم من خمس الشعب الأردني (19 في المئة) فقط.
عمومًا، تعكس النتائج رغبة مستمرة في التركيز على الاهتمامات المحلية، حيث يؤيد ثلاثة أرباع الناس (77 في المئة) الطرح التالي: "يُعد الإصلاح السياسي والاقتصادي الداخلي أهم بالنسبة إلى بلدنا من أي مسألة تتعلق بالسياسة الخارجية، لذلك يجب أن نبقى بعيدًا عن أي حروب خارج حدودنا". وبالكاد تغيّر هذا الإجماع في استطلاعات الرأي التي جرت على مدى السنوات الثلاث الماضية.
ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالقضايا المحلية التي ينبغي أن تركز عليها الحكومة، غالبا ما تتباين آراء الأردنيين. وتماشيًا مع ترويج الملك عبد الله للوئام بين الأديان، فإن أغلبية ضئيلة (55 في المئة) من الرأي العام الأردني تتفق على أنه "يتعيّن علينا أن نبدي المزيد من الاحترام لمسيحيي العالم وأن نحسّن علاقاتنا معهم". ولكن 3 في المئة فقط يقولون الشيء نفسه عن اليهود.
أمّا في ما يتعلّق بالاجتهاد في الإسلام، فتُعرب أغلبية ضئيلة من الأردنيين عن رفضها للاتجاه الأكثر "اعتدالاً وتسامحًا وحداثة"- حيث يختلف 60٪ منهم على الأقل "إلى حد ما" مع هذه الرسالة. وعند تقييم نجاح تعامل حكومتهم مع قضية اجتماعية أخرى، ألا وهي تعزيز تكافؤ الفرص للمرأة، فإن نصف الأردنيين يشعرون بالرضاــ كما كان الحال العام الماضي.
وفي ما يتعلق بالقضايا الاقتصادية، قال نصفهم (53 في المئة) إن الأردن يبذل جهودًا "أقل من اللازم" لحل المشاق التي يواجهها المواطن العادي. وعلى نحو مماثل، عندما سُئِلوا عما إذا كانت الحكومة تتشاطر عبء الضرائب والالتزامات المدنية الأخرى بطريقة عادلة، صرّح 58 في المئة أن الحكومة لا تفعل إلا القليل. وفي الواقع، يُعد أداء حكومة الأردن أفضل حالاً في التصورات الشعبية حيال "مكافحة الفساد في حياتنا الاقتصادية والسياسية". ويقول 42 في المئة منهم أن الأردن لا يفعل الكثير لمكافحة الفساد، بينما يقول 40 في المئة أنه "يقوم بما يلزم"ـ فعليًا، لم تتغير النسبة مقارنةً مع العام الماضي.
وفي ما يتعلّق بالقضايا الإقليمية الرئيسية، فإن إحدى النتائج المشجّعة على نحو غير متوقع هي أن أغلبية الأردنيين لا تزال تؤيد محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية. ويتفق واحد وستون في المئة منهم على الأقل "بعض الشيء" على أن الدول العربية "يجب ان تلعب دورًا جديدًا في محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، وأن تقدم الحوافز للجانبين من أجل اتخاذ مواقف أكثر اعتدالا". ولكن انخفض هذا المستوى من الاتفاق بمقدار 15 نقطة منذ العام الماضي.
ومع ذلك، فإن المواقف الأردنية تجاه "حماس"، وهي الحركة الفلسطينية التي ترفض بشدة السلام مع إسرائيل، ظلت إيجابية نسبيًا. إذ ينظر ما يزيد قليلاً عن النصف إلى حماس بشكل إيجابي، على الأقل بعض الشيء منذ أواخر عام 2017. وعلى سبيل المقارنة، أضيف هذا العام سؤال جديد لقياس مشاعر المستجيبين تجاه "الإدارات المحلية الكردية في سوريا أو العراق". فكشفت النتائج عن مواقف ممانِعة بشكل ملحوظ: حيث أعرب 86٪ منهم على الأقل عن مشاعر "سلبية إلى حد ما" تجاه هيئات الحكم الذاتي الكردية.
وفي الوقت نفسه، فإن المواقف الشائعة في الأردن حيال إيران وزعيمها ووكلائها الإقليميين لا تزال سلبية. ويقول 86 في المئة إنه "ليس من المهم" أن يحافظ الأردن على علاقات طيبة مع إيران. بل إن نسبة أعلى من 96 في المئة قد عبّرت عن رأي سلبي حيال كل من آية الله خامنئي الإيراني وحليفه اللبناني "حزب الله".
أمّا المواقف تجاه العلاقات مع الولايات المتحدة، التي كانت سلبية أيضًا بشكل عام في السنوات الأخيرة، فقد شهدت تحسنًا طفيفًا خلال العام الماضي. ففي عام 2018، أفاد 14 في المئة فقط من الأردنيين بأنه من "المهم إلى حد ما" إقامة علاقات جيدة مع الولايات المتحدة. واليوم، يصل هذا الرقم إلى نحو 20 في المئة. وعلى سبيل المقارنة، فإن أقلية أعلى نسبة إلى حد ما (30 في المئة) ترى اليوم أن العلاقات مع سوريا مهمة بالنسبة إلى الأردن خلال عام 2019.
وفي ما يتعلق بسياسات محددة في الشرق الأوسط، فإن ما يقارب نصف الأردنيين اختاروا أنّ "الشيء الأكثر نفعًا" الذي يمكن أن تفعله الولايات المتحدة هو "البقاء خارج منطقتنا تمامًا، أو على الأقل الانسحاب من معظمها". أمّا الرد الثاني الأكثر شعبية، بما يقارب ثلث الردود، فهو "زيادة المعارضة الأمريكية لنفوذ إيران وأنشطتها في المنطقة". وفي العام الماضي، عندما تم تقديم "جهد أمريكي أكبر لحل المشكلة الفلسطينية" كخيار، اختارته الأكثرية (37 في المئة) كاختيار أول لها– بينما فضّلت نسبة أقل بكثير (15 في المئة) انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة.
وعند سؤالهم عن القادة الأجانب الأفراد، تواصل أغلبية الأردنيين في التعبير عن وجهة نظر إيجابية تجاه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ولكن، في العام الماضي، كانت النتائج أعلى بنحو 10 نقاط ـ حيث أعرب ثلاثة أرباع الأردنيين عن وجهة نظر إيجابية تجاهه إلى حد ما على الأقل. وفي المقابل، يعبّر الشعب الأردني عن مواقف سلبية للغاية تجاه زعماء العالم الآخرين. وعند سؤالهم عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإن 4 في المئة فقط من الأردنيين تنظر إلى سياساته باعتبارها جيدة. وإن كان في ذلك أي عزاء، فإن نسبة ضئيلة على نحو مماثل تقريبًا تعبّر عن موقف إيجابي تجاه الرئيس الروسي بوتين.
لقد أجري هذا الاستطلاع في تشرين الثاني/ نوفمبر عن طريق شركة تجارية محلية لأبحاث السوق تتمتع بدرجة عالية من الكفاءة والخبرة وهي غير سياسية بتاتًا. وتضمّن الاستطلاع عيّنة وطنية تمثيلية من ألف مواطن أردني مع ضمانات مشدّدة للحفاظ على السرية. فقد سافر أحد الكتاب شخصيًا إلى المنطقة للتشاور مع مدراء المشروع خلال مسار العمل الميداني.
وأجريت المقابلات وجهًا لوجه، مع مستطلعين مختارين بحسب أساليب الأرجحية الجغرافية المعيارية. ويناهز هامش الخطأ الإحصائي للعينة الإجمالية 3 في المائة. يشار إلى أنه يمكن الحصول على أي تفاصيل إضافية متعلقة بالمنهجية، بما فيها بروتوكولات أخذ العيّنات والتقسيمات الديموغرافية وأداة الاستطلاع باللغة العربية كاملةً من الكاتب عند الطلب.