- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
الشعب المصري يعارض تدخل روسيا في أوكرانيا، ولكن نصفه ما زال يقدّر العلاقات مع موسكو
رغم معارضاتهم لحرب بوتين على أوكرانيا، يُظهر استطلاع حديث للرأي أن المصريين ينظرون الى العلاقات مع موسكو على أنها أكثر أهمية من العلاقات مع الولايات المتحدة.
يُظهر استطلاع جديد ونادر للرأي في مصر أجرَتهُ في آذار/مارس 2022 شركة محلية موثوق بها بتكليفٍ من "معهد واشنطن"، أن أغلبية كبرى مفاجئة من المصريين تنظر سلبًا إلى "العمل العسكري الروسي في أوكرانيا". فضلًا عن ذلك، يلوم أيضًا عدد مماثل تقريبًا (64 في المئة) سياسة روسيا على "ارتفاع أسعار المواد الغذائية مؤخرًا في بلدهم". وتتماشى هذه الأرقام إلى حدّ كبير مع نتائج أخرى أُعلن عنها سابقًا من الأردن وأربع دول من الخليج العربي (السعودية والإمارات والكويت والبحرين).
مع ذلك، لا يزال نحو نصف مواطني مصر وأفراد المجتمعات العربية الأخرى أعلاه يعتقدون أن العلاقات الجيدة مع روسيا "مهمة" لبلدهم. وفي أوساط المصريين، تأتي هذه النسبة مباشرة خلف الولايات المتحدة عند 56 في المئة. أما الصين، فأصبحت الآن الأولى عند 60 في المئة فقط متخطيةً بذلك روسيا وأمريكا على السواء. علاوةً على ذلك، لم تُسجَّل اختلافات تُذكر في المواقف بين المصريين الراشدين ممن هم دون سن الثلاثين والجيل الأكبر سنًا في الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها من أسئلة الاستطلاع.
وقع الخيار بشكل مفاجئ على روسيا وليس الولايات المتحدة أو الصين "لحماية" مصر
أما النتيجة غير المتوقعة على الإطلاق فهي التالية: لقد اختار نحو نصف المصريين (46 في المئة) روسيا "كالدولة الأفضل لحمايتنا من أعدائنا الخارجيين". وفي المقابل، حصلت الصين على 26 في المئة فقط من الإجابات على هذا السؤال – في حين أتت الولايات المتحدة في مرتبة متأخرة جدًا، حاصدةً 12 في المئة ليس إلا. ويُذكر أنه في دول الخليج العربي الأربع المستطلعة، انعكس هذا الترتيب تمامًا، إذ أتت الولايات المتحدة في المرتبة الأولى وتلتها روسيا ومن ثم الصين.
وتستدعي هذه النتيجة غير المتوقعة تفسيرًا يتمثل جزئيًا في أن أكثرية ضيقة من المصريين (29 في المئة) اختارت "تزويد قواتنا المسلحة بالأسلحة المتطورة" باعتباره "الجانب الأهم من سياسات روسيا إزاء بلدنا". بالإضافة إلى ذلك، يؤيد نصف الشعب المصري تقريبًا (43 في المئة) هذا التصريح: "لا يمكننا الاعتماد على الولايات المتحدة في هذه الأيام، لذا علينا التطلع أكثر إلى روسيا أو الصين كشريكيْن". وحصلت أيضًا روسيا على أكثرية ضيقة (32 في المئة) باعتبارها "الدولة التي ستكون الأكثر تأثيرًا على الأرجح في منطقتنا بعد عشر سنوات من الآن"، متخطيةً الولايات المتحدة (28 في المئة) والصين (24 في المئة).
وبعيدًا عن البيانات، وانطلاقًا من التغطية الإعلامية والتعليقات في مصر عمومًا، يقدّر ربما البعض الدعم العسكري الروسي للجنرال خليفة حفتر، شريك مصر المفضل في الحرب الأهلية التي تشهدها ليبيا المجاورة. وقد يعتبر بعض المصريين روسيا "عامل توزان" ضروريًا من أجل التخفيف من "الهيمنة الأمريكية العالمية المزعومة". وقد يعتبر البعض حتى الولايات المتحدة كأحد "أعداء مصر الخارجيين"، نظرًا إلى الشكوك المستمرة بشأن الدعم الأمريكي لحركة جماعة "الإخوان المسلمين" المعارضة التي فقدت حاليًا مصداقيتها. وأخيرًا، "التقى بوتين بشكل منتظم مع [الرئيس المصري] السيسي، في حين لا يزال بايدن يرفض مقابلته"، كما أفاد محلل مصري أمريكي فطن للمؤلف.
تأييد اتفاقات إبراهيم/تراجع التواصل مع إسرائيل إلى 10 في المئة فقط، في نسبة متدنية جدًا بالمقارنة مع العرب الخليجيين
في الوقت عينه، شهد الرأي العام المصري تحولًا سلبيًا للغاية إزاء "التطبيع" مع إسرائيل. واعتبرت نسبة 13 في المئة فقط أن اتفاقات إبراهيم للسلام بين إسرائيل وأربع دول عربية أخرى ستخلف أثرًا إيجابيًا على المنطقة حيث تراجعت هذه النسبة من 25 في المئة خلال تشرين الثاني/نوفمبر 2020، بعيْد الإعلان عن هذه الاتفاقات. ويؤكّد هذا التراجع الملحوظ نتائج مماثلة سجّلها استطلاع أُجري في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، ويعزى السبب ربما إلى حرب غزة الوجيزة بين إسرائيل و"حماس" في أيار/مايو من هذا العام.
وردًا على سؤال ذي صلة، عارض المصريون أيضًا بشكل كبير (85 في المئة) التصريح التالي: "يجب السماح للأشخاص بالتواصل مع إسرائيل على الصعيديْن التجاري أو الرياضي إذا رغبوا في ذلك". فقد أيدت نسبة 11 في المئة فقط هذا التصريح، في تناقض صارخ مع نسبة 40 في المئة تقريبًا في دول الخليج العربي، أي السعودية والإمارات والبحرين. ولم تتغير هذه النسب منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2020، ولا تزال سلبية بشكل ملحوظ في مصر على الرغم من اتفاق السلام الرسمي الذي يجمعها بإسرائيل منذ عام 1979 وتوطيد العلاقات السياسية والاقتصادية الرسمية في العام الفائت.
تأييد إيران متدنٍ أيضًا في صفوف المصريين
بالتوافق مع استطلاعات أخرى أُجريت في السنوات القليلة الماضية، تعتبر أقلية محدودة للغاية من الشعب المصري أن العلاقات الجيدة مع إيران مهمة "بعض الشيء" لبلدهم. وفي المقابل، تؤيد الأغلبية الكبيرة (60 في المئة) هذا التصريح المستفز عمدًا: "أينما تتدخل إيران تضرّ بالعرب المحليين ولا تساعد الفلسطينيين".
مع ذلك، ينقسم المصريون بالتساوي (45 في المئة مقابل 47 في المئة) حيال احتمال إبرام اتفاق نووي جديد مع إيران. وفي هذا الصدد، تعكس المواقف الشعبية المصرية بشكل كبير نتائج الاستطلاعات الأخيرة الموازية في الأردن ودول الخليج العربي.
ملاحظة حول المنهجية المتّبعة
يقوم هذا التحليل على مقابلات استطلاعية شخصية مع عينة تمثيلية وطنية شملت 1000 مواطن مصري وعلى استطلاعات متزامنة في خمسة مجتمعات عربية أخرى. وقد أجرت هذه الاستطلاعات شركة تجارية إقليمية عالية الكفاءة باستخدام إجراءات الأرجحية الجغرافية المعيارية، مع ضوابط صارمة بشأن الجودة والصحة العامة وضمانات الخصوصية. ويناهز هامش الخطأ الإحصائي لاستطلاع من هذا النوع ثلاثة في المئة تقريبًا. ويمكن إيجاد تفاصيل إضافية متعلقة بالمنهجية، بما في ذلك أسئلة الاستطلاع الكاملة والمعلومات الديموغرافية، على موقع "معهد واشنطن" الإلكتروني.