- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
الشعب القطري يؤيد التسوية بشأن الخلاف الخليجي، ولكن الكثيرون يدعمون تركيا؛ انقسام الآراء حول إسرائيل والإخوان المسلمين وحماس وإيران
في حين كشفت الاستطلاعات الأخيرة أن الجمهور القطري كان مؤيدًا للتسويات التي تسعى لتخفيف الحصار الرباعي العربي، لا تزال الخلافات الحقيقية في الرأي العام بين الدول حول قضايا السياسة الخارجية قائمة.
إن الإعلان عن الانفراج في المحادثات التي تتم بوساطة كويتية لإنهاء الحصار المفروض على قطر من قبل الرباعي العربي (الإمارات والسعودية ومصر والبحرين) منذ فترة طويلة، يشير إلى أن هذه الدول تستمع إلى جماهيرها؛ على المستوى الشعبي، حيث تريد الأغلبية الساحقة في جميع هذه البلدان التوصل إلى تسوية مع قطر عوضاً عن القطيعة المستمرة.
والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن حوالي 300 ألف مواطن قطري عبروا عن نفس المستوى من الدعم لاتفاقات السلام العربية الجديدة مع إسرائيل بنسبة وصلت إلى (40 في المائة). وفى الوقت عينه، بيّن استطلاع للرأي العام أُجري في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 بتكليف من "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" أن دعم الجمهور القطري لتركيا والإخوان المسلمين وحماس وإيران، لا يزال يتجاوز نسبة الدعم في الدول الأخرى التي تم استطلاعها.
القطريون يدعمون المصالحة مع الرباعي العربي لكن الخلافات لا تزال قائمة
بشكل عام، أظهر القطريون معدلًا مماثلًا من حيث التوافق مع الجمهور العربي المعنى إلى حدّ كبير، حيث يدعم (61 في المائة) من القطريين فكرة أن الخلاف العربي الداخلي يجب أن ينتهي من خلال الوصول إلى تسوية بين كل الأطراف. ومن بين دول الرباعي العربي، لا تختلف أي منها مع رأي قطر حول هذه المسألة بأكثر من 10 نقاط مئوية.
وبالتالي، تكشف هذه البيانات أن خلاف قطر مع دول عربية أخرى غير مرحب به في الدول المعنية كافة، رغم أن أسبابه الأساسية متجذرة في اختلافات فعلية في الرأي العام. وإذا ما كان نفوذ تركيا و"الإخوان المسلمين" يقضّ حقًا مضجع قادة الرباعي العربي، فإن لديهم سبب وجيه للقلق بشأن الجمهور القطري.
40٪ من القطريين يؤيدون اتفاقيات إبراهيم مع إسرائيل، فيما يؤيد النصف حماس.
جاءت نسبة التأييد القطري لاتفاقيْ السلام الموقعيْن بين الإمارات والبحرين وإسرائيل منخفضة نوعا ما (40 في المائة)، كما وصلت نسبة التأييد " لإقامة روابط في مجال الأعمال أو الرياضة مع إسرائيليين" إلى (30 في المائة)، وهي الأدنى من أي دولة خليجية مستطلَعة أخرى مثل السعودية والإمارات والبحرين. ويُعتبر دعم قطر النسبي للتطبيع مثيرًا للاهتمام أيضًا نظرًا إلى شجب تركيا و"الإخوان المسلمين" القاطع لهذا الدعم.
وعليه، جاءت نسبة التأييد التي أظهرها القطريون لحركة "حماس" أكبر من تلك المسجلة في أي دولة مستطلَعة، باستثناء لبنان. وبالتالي فإن القطريين منقسمون بشكل حاد مع نسب تأييد متشابهة لكل من اتفاقيْ السلام المبرمين بين الإمارات والبحرين وإسرائيل (40 في المائة) وحركة "حماس" (47 في المائة) التي ترفض السلام مع إسرائيل. من غير المستغرب أن تدعم قطر حركة "حماس" نظرًا إلى أصول الحركة المتأصلة في جماعة "الإخوان المسلمين" والمساعدات الأجنبية المستمرة المقدمة من قطر إلى قطاع غزة الذي يسيطر عليه حركة حماس.
كما هو الحال في جميع الدول العربية السبع التي شملها الاستطلاع، كان هناك غياب شبه تام لأي انقسام طائفي أو بين الأجيال حيال هذه المسائل في قطر. وصحيح أن القطريين فوق سنّ 30 عامًا مالوا عمومًا بشكل أكبر نحو دعم "حماس"، إلا أن الاختلافات بين الأجيال حيال اتفاقيْ السلام اللذين أبرمتهما الإمارات والبحرين مع إسرائيل لم تكن كبيرة.
من بين سبع دول، القطريون يظهرون دعمًا لتركيا
اختلفت المشاركون القطريون بشكل خاص عن آراء دول الخليج الأخرى بشأن تركيا والإخوان المسلمين وحماس، ولم تكن تلك الاختلافات السياسية مفاجئة بالنظر إلى علاقات قطر المستمرة مع الكيانات الثلاثة جميعها، لكن هذه النتائج تظهر أن الاختلافات مستمرة على المستوى الشعبي وكذلك على المستوى الرسمي.
تُعتبر روابط قطر بجماعة "الإخوان المسلمين" وتركيا من العناصر الرئيسية للشقاق بين قطر والرباعي العربي. فدول هذا الرباعي صنّفت جميعها جماعة الإخوان علنًا بأنها منظمة إرهابية وهي تواجه توترات مع تركيا حول مجموعة من المسائل، بما فيها الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط (رغم احتمال وجود مؤشرات على حلحلة بين السعودية وتركيا). وعليه، فإن إقفال قاعدة عسكرية تركية في قطر وقطع العلاقات القطرية مع "الإخوان المسلمين" هما اثنان من الشروط الثلاثة عشر التي حددها الرباعي العربي في 2017 من أجل تجديد العلاقات مع قطر.
مع ذلك، أولى القطريون أهمية لعلاقاتهم مع تركيا (80 في المائة) أكثر مما فعل المستطلعون في أي دولة أخرى شملها الاستطلاع. ففي النهاية، تجمع بين قطر وتركيا علاقات متينة للغاية – إذ استثمرت كيانات قطرية رسمية بشكل كبير هذا العام في شركات تركية ودعمت قطر في الوقت عينه التدخل التركي في ليبيا.
لكن ثلث القطريين فقط يدعمون الإخوان المسلمين الآن.
في تناقض حاد، وبشكل مفاجئ يتعارض مع السياسة الرسمية، يُعبر غالبية القطريين على الأقل عن وجهة نظر سلبية "إلى حد ما" تجاه جماعة الإخوان المسلمين. ومع ذلك، لا يزال تأييد القطريين لهذه الجماعة الإسلامية العابرة للحدود (36 في المائة) أكبر من أي دولة أخرى مستطلَعة. وفي هذا السياق، دعمت قطر علنًا حكومة مرسي المرتبطة بالجماعة في مصر في خلال عاميْ 2012-2013، وهي تأوي الكثير من فروع "الإخوان المسلمين" النافذة.
دعم محدود لإيران أو كلائها ولو أن أهمية العلاقات مع إيران تحظى بثاني أكبر نسبة تأييد.
أعرب القطريون عن وجهة نظر سلبية عمومًا حيال إنهاء حظر الأسلحة الذي كان مفروضًا على إيران، إذ اعتبرته نسبة 63 في المائة سلبيًا بعض الشيء. ولم يختلف المستطلَعون الشيعة عمومًا عن السنّة في هذه المسألة، كما لم يُسجّل أي اختلاف ملحوظ بين الأجيال.
وعلى نحو مماثل، لم تُعر قطر أهمية كبيرة للعلاقات مع إيران إذ اعتبرت نسبة 72 في المائة من المستطلَعين أن هذه العلاقة غير مهمة. وأبدى المستطلَعون الشيعة اهتمامًا أكبر بعض الشيء بالعلاقة مما فعل المستطلَعون السنّة، ولم يُسجّل أي اختلاف ملحوظ بين الأجيال.
إضافة إلى ذلك، أظهر القطريون نسب تأييد متدنية عمومًا لوكيليْ إيران: "حزب الله" (5 في المائة) والحوثيون (6 في المائة). ففي حين أعرب الشيعة القطريون عن تأييد أكبر لهاتين الجماعتين (29 في المائة للحزب و17 في المائة للحوثيين)، لم تختلف إجاباتهم عن تلك التي أدلى بها المستطلَعون الشيعة في الدول الخليجية الثلاثة أخرى. وبشكل عام، أتت آراء قطر مشابهة لوجهات نظر الدول الخليجية الأخرى المستطلَعة بشأن وكلاء إيران. غير أن الجدير بالملاحظة هو أن القطريين أولوا أهمية لعلاقتهم مع إيران أكبر مما فعل مستطلَعون من أي دولة أخرى شملها الاستطلاع، باستثناء لبنان. كما أن العلاقات القطرية مع إيران تشكّل نقطة خلاف تساهم في استمرار الشقاق بين قطر والرباعي العربي إذ تواصل الأولى تعاونها مع طهران في مسائل تتعلق بالطاقة والتجارة.
القطريون لا يؤيدون ترامب، لكن ما يقرب من النصف يقدر أهمية للعلاقات مع أمريكا، وأولوية منخفضة لفلسطين
أبدى القطريون اهتمامًا إزاء العلاقات مع الولايات المتحدة (44 في المائة)، وهو ما يتساوى نسبيًا مع اهتمام المستطلعين في معظم الدول العربية الأخرى التي شملها الاستطلاع. كما أظهر القطريون اهتمامًا متساويًا بالعلاقات مع الصين. ومع ذلك، وعلى وتيرة المستطلعين في الدول الأخرى، عبر القطريون عن وجهة نظر سلبية تجاه الرئيس دونالد ترامب، إذ لا توافق نسبة 80 في المائة على فكرة أن إعادة انتخابه تعود بالفائدة على بلدهم.
فضلًا عن ذلك، وفى ما يخص مسائل السياسة الخارجية، انقسم القطريون بشكل متساوٍ تقريبًا في ما يتعلق بأولويات سياسة الولايات المتحدة الأربعة في الشرق الأوسط. حيث جاء "الضغط من أجل التوصل لحل للمشكلة الفلسطينية "على رأس التصنيف (23%)، يليه "العمل على احتواء نفوذ إيران وأنشطتها"، أو "إيجاد تسوية دبلوماسية للحرب في اليمن وليبيا". وصنّف القطريون "تقديم المزيد من المساعدات والاستثمارات الاقتصادية إلى الدول العربية" في أدنى مرتبة بين الخيارات المحتملة، وذلك على عكس نظرائهم في الدول الفقيرة بالنفط والغاز مثل مصر أو الأردن.
انقسامات محدودة بين الأجيال حيال مسائل اجتماعية
أبدى القطريون نظرة إيجابية حيال الإصلاحات الاجتماعية التي تشهدها السعودية في الآونة الأخيرة (افتتاح دور سينما والسماح للنساء بقيادة السيارات). والمثير للاهتمام أن إجابات الفئتين العمريتين (ما دون/فوق سنّ 30 عامًا) أتت متشابهة تقريبًا في هذا الخصوص. وعلى نحو مماثل، لم يظهر أي اختلاف بين الأجيال القطرية عمليًا في ما يتعلق برأيهم القائل إن وباء "كوفيد-19" هو "فيروس أطلقه أعداؤنا الأجانب عمدًا". (52 في المائة).
غير أن الانقسام بين الأجيال القطرية تجلى في تأييدهم للاحتجاجات المناهضة للفساد في لبنان والعراق. ففي حين دعم القطريون عمومًا هذه الاحتجاجات، كانت نسبة تأييد المستطلَعين فوق 30 عامًا أدنى بفارق 10 نقاط من النسبة المسجلة في أوساط المستطلَعين الأصغر سنًا.
ملاحظة منهجيةاستُخلصت هذه النتائج من استطلاع تم أجراؤه في الفترة ما بين 17 تشرين الأول/أكتوبر و9 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 عن طريق شركة أبحاث تجارية موثوقة ومستقلة وغير سياسية إطلاقًا في المنطقة مع عينة تمثيلية وطنية شملت ألف مواطن قطري. وعلى عكس معظم الاستطلاعات الأخرى التي إجريت، تمت مقابلة المستطلعين في منازلهم. وقد تمّ اختيار المستطلعين بحسب أساليب الأرجحية الجغرافية المعيارية الصارمة التي تتماشى تمامًا مع أعلى المعايير المهنية الدولية. ويشمل ذلك ضوابط صارمة تتعلق بالجودة، وبروتوكولات الصحة والسلامة، وضمانات السرية.
تعتبر المقارنات التي تم إجراؤها هنا موازية لاستطلاعات أخرى إجريت خلال نفس الإطار الزمني في ستة دول عربية أخرى: المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، ومصر، والأردن، ولبنان. ويبلغ هامش الخطأ الإحصائي لهذه العينة نحو 3 في المائة. يمكن توفير التفاصيل المنهجية الشاملة، بما فيها إجراءات أخذ العينات وضوابط الجودة والاستبيان الكامل وغيرها من المعلومات ذات الصلة، عند الطلب.