- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
السياسيون يعتّمون نور الشباب
من الصعب جدًا أن نتمنى التغيير في ثقافةٍ تخشى التحول. فعلى مدى ثلاثة عقودٍ تقريبًا، شهدت كردستان العراق الحكومة نفسها والوجوه نفسها والأفكار نفسها، من دون أي تغييرات ملحوظة في القيادة أو السياسات. فمن هو المسؤول عن الأزمة في المنطقة اليوم؟ وأيًا كانت الإجابة، يعرّض الوضع الراهن السياسيين الأكراد للانتقاد اللاذع. فلم تتمكن "حكومة إقليم كردستان" حتى الآن من بناء مؤسسة موثوق بها يتبعها المجتمع ويؤمن بها. وقد كان للشرخ المتزايد بين الشباب والأحزاب السياسية الكردية بسبب السياسات الفاشلة والقادة المحبِطين وغياب اعتبار الشباب في الأجندة السياسية أثرًا كبيرًا على هذا الجيل الأصغر سنًا. وقد علق السياسيون الأكراد في حربٍ متطورة من المصالح الذاتية. ومع أخذ ذلك في الاعتبار، يتراجع الشباب ويخسرون الثقة في الحكومة والحكام.
ولكل حزب سياسي أجندة مختلفة، لكن الأحزاب كلها تلتقي عند هدفٍ واحدٍ، ألا وهو تحقيق الحلم بكردستان مستقلة. وإن وجود حزبٍ جديدٍ وقائدٍ قوي ضروري لتحقيق هذا الحلم. وتتلخص التوترات والنهج المضللة التي اتبعت عبر التاريخ هي بكيفية استفادة كل حزب. ونتيجةً لذلك، فإن احتياجات المجتمع ومسؤولياته ومشاركة الشباب على المحك. ولا تختلف الحكومة الحالية عن تلك التي مرت في العقدين أو العقود الثلاثة الأخيرة من حيث الأشخاص والاستراتيجيات وجداول الأعمال، وتحتاج إلى إصلاح شامل وكامل. ومنذ عام 1992، لم يتحسن سوى القليل.
ومن المحزن أن نرى عددًا كبيرًا من الشباب المؤهلين الذين يرغبون في دخول مجال السياسة في المنطقة يُهمَلون. ويعود غياب الشباب الذين يدخلون في الأحزاب السياسية ورفضهم التصويت إلى الاستراتيجيات السيئة التي تعتمدها الحكومة.
ويواجه الشباب الكردي عددًا من الحواجز عند محاولة المشاركة في السياسة في المقام الأول، الأمر الذي يعكس الواقع الاجتماعي السياسي والحاجة إلى توجيه المشاريع بحسب احتياجات الشباب ومشاركتهم في جدول الأعمال السياسي. فعلى سبيل المثال، قال سوران حقي البالغ من العمر29 عامًا من السليمانية: "زرت مركز أحد الأحزاب السياسية ثماني مرات للعمل معهم طوعًا نظرًا لاهتمامي الكبير بالسياسة، لكنهم لم يفتحوا لي الباب. فقررت عدم مشاهدة الأخبار أو التكلم في السياسة أو حتى التصويت".
ويعود جزء من بناء السياسات المعاصرة إلى إشراك الشباب في الحكومة من خلال سماع أفكارهم ومنحهم المجال لاستكشاف معتقداتهم وتحديد نقاط الفشل التي لا يمكن للأحزاب تحديدها. واستكشفت امرأة تبلغ من العمر 33 عامًا من أربيل رحلتها على النحو الآتي: "عملت لمدة 11 شهرًا لدى أحد الأحزاب السياسية في كردستان. وقررت الاستقالة لأن كل ما سُمح لي بالقيام به هو الترجمة، في حين تم تعييني كمحللة. ومع خبرة من خمس سنوات في العمل في الولايات المتحدة وإتقان أربع لغات - الكردية والعربية والإنجليزية والتركية - لم يستخدموا مهاراتي لأنهم رأوا أنني يافعة للغاية لتبادل الأفكار والتعامل مع المتاعب والمنافسة القذرة التي كانت في ما بينهم ".
وفي معظم البلدان المتقدمة، تولي الأحزاب السياسية قدرًا كبيرًا من التركيز للمجموعات الأصغر سنًا عندما في وقت الحملات. فتستخدم طاقتها للعمل التطوعي والحركات السياسية. ومع ذلك، في الشرق الأوسط، إن الشباب هم آخر من يؤخذ بعين الاعتبار عمومًا. وصرح بانو ياسيسن البالغ من العمر 32 عامًا من كركوك خلال استطلاعٍ للرأي: "لم أصوّت قط لأي حزب لأنني لا أثق بأي منهم".
فإلى أين يتجه السياسيون الأكراد مع توتراتهم الدائمة؟ وإذا بقي الوضع على حاله، ستزرع الأيديولوجيات الفاسدة نفسها داخل الحكام القادمين. وسوف يتقاتلون على المصالح نفسها، في حين يهملون المجتمع والشباب والأخلاقيات، تمامًا كما فعل أسلافهم الذين لم يشكلوا مثالًا يحتذى به.
وإن غياب العمل والمساءلة من جيل الشباب خبر سار بالنسبة للسياسيين، إذ ما من شيء يضعهم على المحك. ويظهِر الشباب المتيقظ ورؤيته الجديدة في المشاركة السياسية نطاقًا يتطلب تعديلاتٍ كبيرةٍ في النظام. وعلى مشاركة الشباب أن تضم مشاركة المجتمع المدني حتى يتمكنوا من تلبية الاحتياجات وتحديد أوجه القصور في جدول الأعمال السياسي.