- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
انفجار البصرة يهدد باندلاع العنف في المستقبل في العراق
في أعقاب الانتخابات العراقية، قد يكون الانفجار الذي هز مدينة البصرة يوم الثلاثاء الماضي نذير بمزيد من عدم الاستقرار في جميع أنحاء البلاد.
بعد عدة سنوات من الأمن النسبي في مدينة جنوب العراق الغنية بالنفط، هزًّ انفجار عجلة دراجة نارية، مدينة البصرة في صباح يوم الثلاثاء الماضى7 كانون الأول/ديسمبر، وقد أدى الانفجار الذي هز مدينة البصرة إلى مقتل أربعة مواطنين وإصابة 20 أخرون بجروح حادة، بحسب مصادر رسمية. ووقع التفجير الإرهابي في شارع الصمود، بالقرب من مستشفى الجمهوري، وسط مدينة البصرة، في منطقة تعتبر مزدحمة نسبيًا بالمواطنين بسبب تواجد الدوائر الحكومية والمحال التجارية.
وردا على ذلك، أعلنت القوات الأمنية في البصرة فرض إجراءات أمنية مشددة في شوارع المدينة عقب الحادث وذلك لمنع حدوث خروقات أمنية مماثلة، فيما شددت القوات إجراءات وتدقيق على حركة سيرة المركبات والدراجات النارية غير المحتوية على أرقام أو وثائق تسجيل رسمية.
لم يكن الهجوم على البصرة بمثابة حادثة منعزلة كونه يعكس حالة متزايدة من انعدام الأمن العام في العراق، حيث تشهد المناطق الرخوة في شمال العراق، هجمات إرهابية يقوم بها تنظيم داعش الإرهابي، آخرها طال قضاء مخمور، جنوب أربيل، ما اسفرَ عن مقتل 10 من قوات البيشمركة و3 مدنيين آخرين. وبحسب وسائل إعلام حكومية، تمكنت القوات الأمنية المشتركة، الاثنين الماضي، سيطرتها بالكامل على القرية.
فيما أعلنت خلية الإعلام الأمني العراقية استعادة "لهيبان" يوم الاثنين 6 /كانون الأول/ديسمبر، على أي حال، ينظر المحللون للمشهد السياسي تلك الهجمات على أنها جرس إنذار يزيد من احتمالية عودة سيطرة التنظيم على المناطق التي طُرد منها، والتي تعتبر محلّ نزاع بين بغداد وأربيل.
ومع ذلك ، فمن المرجح أن تكون التطورات الأخرى في العراق وراء هجوم البصرة، حيث يرى مراقبون في الشأن العراقي، أن تكون الخلافات السياسية التي أعقبت الانتخابات العراقية، وراء تلك العمليات الإرهابية، وذلك من أجل الضغط على الحكومة من أجل مكاسب سياسية ترضي جميع الأطراف، فيما نشر الزعيم الشيعي مقتدى الصدر تغريدة له وصف فيها التفجيرات في البصرة بـ"التفجيرات السياسية"، ذاكرًا أن هذه الهجمات تعرض الأرواح للخطر من أجل بعض المقاعد، مؤكدًا على حصر السلاح بيد الدولة والعمل الجاد لحل كل الميليشيات المنفلتة التي تسيء استعمال السلاح بحجة "المقاومة" أو أي ذريعة أخرى.
ويقول المحلل السياسي علي البيدر، لكاتب التقرير، أن حادث تفجير البصرة هو جزء من الصراع الحاصل بين الأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة. "تحاول الأحزاب الخاسرة إرباك الملف الأمني من أجل الحصول على مغانم سياسية تتعلق بالانتخابات، مستبعدًا وقوف تنظيم داعش وراء التفجير في البصرة.
ويضيف البيدر: "لا يمكن لتنظيم داعش الوصول إلى المناطق الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية التي هي في صدام مباشر مع التنظيم، ولكن من الممكن أن تستمر هذه الأحداث في الأيام القادمة لطالما ليس هناك نية لقمع الجماعات الإرهابية، وأن الأزمة السياسية في البلاد تعتمد على الاستقرار الأمني والعكس صحيح."
وفي مقابلة على قناة العراقية، التلفزيون الرسمي في العراق، أشارَ اللواء يحيى رسول، وهو الناطق العسكري باسم القائد العام للقوات المسلحة، أن تفجير البصرة كان يستهدف واحد من ضباط التحقيق في قضية "فرق الموت" المتهمة بمقتل الصحفي أحمد عبدالصمد والمصور صفاء غالي في الأول من تشرين الأول 2021/أكتوبر. وكان كل من الصحفيين عبدالصمد وغالي، يعملان على تغطية الاحتجاجات الشعبية في مدينة البصرة.
وحكمت محكمة جنايات البصرة في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2021 حكما بالإعدام بحق أحد المتورطين بقتل الصحفيين أحمد عبدالصمد وصفاء غالي، بعد مطالبات شعبية وتظاهرات شهدتها مدن عراقية طالبت الجهات الحكومية بالكشف عن قتلة الصحفيين والناشطين في عموم البلاد.
ووفقا للمكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء، ذكر الكاظمي: "مثلما اعتقلنا قتلة (هشام الهاشمي) وأحمد، وصفاء، سنأتي بالمجرمين واحدً تلو الآخر، وسيقفون أمام القضاء العادل، وأمام الشعب لتُفصح جرائمهم. واهم جدًا من يظنّ في نفسه أنه
فوق الدولة والقانون، ومنطق القوة سيرتد على أصحابه بالتأكيد".
يُظهر هجوم البصرة وهجمات تنظيم داعش في الشمال الأهمية المستمرة للجهود المبذولة لتعزيز تدابير أمنية أفضل في العراق، مع التأكيد على أن المساعدة الدولية المحدودة قد ترهق القوات الأمنية. وقد أعلنت قوات التحالف الدولي، أمس الخميس 9 ديسمبر/كانون الأول، إنهاء عملياتها القتالية في العراق، وبقاء وجودها لأغراض الاستشارة والتمكين، وفقًا إلى الاتفاق الاستراتيجي المبرم بين بغداد وواشنطن، في الوقت نفسه، لازال يشكل داعش خطرًا من خلال نشاط خلاياه التي تحاول بين وقت وآخر شنّ هجمات في مناطق متفرقة من شمال البلاد، تستهدف فيها المدنيين ورجال الأمن.
وكان للتحالف دور هام في محاربة تنظيم داعش أبان سيطرة على ثلث مساحة العراق عام 2014، وبدء نشاطه القتالي مع القوات المشتركة العراقية آنذاك حتى إعلان هزيمة التنظيم عام 2017، ألا أن ذلك لا يعني هزيمة داعش بالكامل، وهذا ما يتطلب جهود أكبر على عاتق القوات العراقية في مواصلة قتالها ضد التنظيم.
ووسط عدم الاستقرار الأمني والفوضى السياسية التي تشهدها البلاد في ظل عدم تشكيل الحكومة بعد مرور أشهر من انتخابات عملية الانتخابات، ينتظر العراقيون من الحكومة خطوات جادة للمضي قدمًا نحو تسوية الخلافات وبدء فصل جديد من العمل ينقذ البلاد من دوامة القتل والترهيب وتخليص البلاد من العمليات الإرهابية والخروقات الأمنية التي تتعمده جهات خارجة عن القانون تسعى إلى زعزعة أمن العراق واستقراره.