- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
استطلاع جديد للرأي العام يكشف أن الأردنيون يفضّلون خفض التصعيد في المنطقة، لكن المشاعر المعادية لإسرائيل لا تزال قائمة
في استطلاع جديد للرأي العام أجرته شركة إقليمية مستقلة في آذار/مارس ونيسان/أبريل بتكليف من "معهد واشنطن"، أظهر المواطنون الأردنيون نفورًا قويًا من إسرائيل، ولكنهم ما زالوا يفضّلون خفض التصعيد في المنطقة.
على الرغم من التوصل رسميًا إلى السلام مع إسرائيل منذ ثلاثة عقود تقريبًا، تُعارض أغلبية كبيرة (84 في المئة) من الأردنيين من الفئات العمرية كافة عقد صفقات تجارية مع الشركات الإسرائيلية، حتى لو كان ذلك سيساعد اقتصادهم. وتتوافق هذه البيانات مع المواقف الأردنية الموثَّقة في استطلاعات الرأي السابقة التي أُجريت بين تموز/يوليو 2020 وآذار/مارس 2022.
كما لا يزال الأردنيون يعارضون بشدة التعاون مع إسرائيل بأوجهه الأخرى، بما في ذلك تلقي المساعدات الإنسانية من إسرائيل حتى في ظل الظروف الصعبة. فعندما سئلوا عما إذا كان "يجب أن ترفض الدول العربية أي مساعدات إنسانية من إسرائيل في حال حدوث زلزال أو كارثة طبيعية أخرى، كما حصل في سوريا وتركيا"، وافقَ ثلاثة أرباع الأردنيين (76 في المئة) على هذا الطرح.
علاوةً على ذلك، تنظر أغلبية الأردنيين (60 في المئة) إلى قيام حركة "حماس" بإطلاق الصواريخ على إسرائيل بشكل إيجابي إلى حدٍ ما على الأقل، فيما تعتبر أقلية نسبتها 37 في المئة من الأردنيين أن هذه الأعمال سلبية بالنسبة إلى المنطقة. كما يؤيد المستطلَعون الأردنيون بشدة تنظيم الاحتجاجات الجماهيرية ضد حكومة نتنياهو اليمينية، إذ يعتبر 72 في المئة منهم هذا التطور إيجابيًا إلى حدٍ ما على الأقل. ومقارنةً بالرأي السائد في معظم دول الخليج، تنظر حوالي نصف هذه النسبة فقط من الأردنيين (12 في المئة) بشكل إيجابي إلى "اتفاقيات إبراهيم".
الأردنيين يرحبون بخفض التصعيد في المنطقة، لكن إيران لا تزال دولة عدوّة أو منافِسة
أسفرت المواقف الأردنية تجاه إيران عن نتائج متباينة، إذ أكدت على التهديد الذي تُشكله إيران، لكنها كشفت أيضًا عن دعمٍ محدودٍ للإجراءات المتَّخَذة ضدها. على سبيل المثال، يرحب الأردنيون عمومًا بموجة خفض التصعيد الإقليمي الأخيرة، إذ ينظر 53 في المئة بشكل إيجابي إلى عودة العلاقات بين السعودية وإيران. لكن هذه النتائج يقابلها واقع أن أقلية كبيرة (44 في المئة) تقيّم هذا الانفراج السعودي الإيراني بشكل سلبي. وعلى النحو نفسه، ترى أغلبية عظمى من الأردنيين إيران كدولة منافِسة (45 في المئة) وعدوّة (42 في المئة). ومع ذلك، ما زالوا يأبون شن أي هجوم أمريكي أو إسرائيلي كبير ضد إيران، إذ يعتقد ثلثاهم تقريبًا أن ذلك سيكون خطيرًا للغاية وسيشكل فكرة سيئة. وهذه المواقف شائعة أيضًا في الاستطلاعات الأخرى التي يجريها "معهد واشنطن" للرأي العام العربي بشكل متزامن. كذلك، يعتقد 13 في المئة فقط أن الولايات المتحدة يجب أن تعطي الأولوية لبذل "المزيد من الجهود بهدف المساعدة في مكافحة التهديدات التي نواجهها من إيران"، عند مقارنة ذلك بأولويات أخرى متعلقة بالسياسات.
ينسحب تأييد خفض التصعيد على تطبيع الحكومات العربية العلاقات مع الأسد مؤخرًا، إذ شعر 58 في المئة من الأردنيين أن ذلك كان إيجابيًا إلى حدٍ ما على الأقل. وتجلّى أيضًا تأييد خفض التصعيد بترحيب 53 في المئة من الأردنيين بالاتفاق البحري بين إسرائيل ولبنان باعتباره تطورًا إيجابيًا، فيما اعتبرته أقلية كبيرة (44 في المئة) سلبيًا.
بالإضافة إلى ذلك، كانت المواقف الأردنية إزاء التعاون العربي مع إسرائيل لمحاربة إيران سلبية إلى حدٍ كبيرٍ، إذ عارض 69 في المئة احتمال التعاون. وعلى نحو مماثلٍ، عارضت أغلبية الأردنيين أيضًا (59 في المئة) فكرة حيازة دولة عربية لقنبلة نووية من أجل مواجهة إيران، على الرغم من طموحات إيران النووية.
الآراء لا تزال منقسمة جدًا بشأن الاحتجاجات الجماهيرية، حتى بعد مقتل أربعة ضباط
بينما تشير مؤشرات "البنك الدولي" إلى حدوث انتعاش اقتصادي، لا تزال آراء الأردنيين منقسمة بشأن التصريح التالي: "إنه لأمر جيد ألا نشهد احتجاجات جماهيرية في الشوارع ضد الفساد، كما يحصل في دول عربية أخرى"، إذ تؤيد ذلك أغلبية ضئيلة (51 في المئة) وتعارضه نسبة 47 في المئة، إلى حدٍ ما على الأقل. وتتوافق هذه النتيجة إلى حدٍ ما مع بيانات ثلاثة استطلاعات سابقة للرأي أجريت بين تموز/يوليو 2020 وآذار/مارس 2022، إذ بقيت المواقف ثابتة فعليًا حتى بعد أن أدت الاحتجاجات التي عمّت البلاد في كانون الأول/ديسمبر من عام 2022 والتي أثارها ارتفاع أسعار الوقود إلى مقتل أربعة ضباط.
الولايات المتحدة وروسيا تتعادلان كشريكين والاردنيين يعتبرون الصين حليف اقتصادي
يتشاطر الأردنيون وجهات نظر مشابهة بشأن الصين مع نظرائهم الإقليميين ويعتبر أغلبيتهم (65 في المئة) أن الصين هي شريك اقتصادي. وتُسجّل الصين نقاطًا أدنى بكثير من الدولتين المنافستين لها، أي الولايات المتحدة وروسيا، على جبهاتٍ أخرى، إذ يرى 18 في المئة فقط من الأردنيين أن الصين هي دولة صديقة لبلدهم، بينما يعتبرها 10 في المئة شريكًا أمنيًا. وتتناقض آراء الأغلبية بشأن الصين من الناحية الاقتصادية مع وجهات النظر حول روسيا والولايات المتحدة، التي هي أكثر تنوعًا.
بالنسبة إلى الدول التي اعتبرها الأردنيون صديقة لبلادهم، سجّلت الولايات المتحدة وروسيا نسبتين متقاربتين وقال 24 في المئة إن واشنطن هي دولة صديقة، بينما قال 22 في المئة الأمر عينه عن موسكو. ولا يتسع الفارق فعلًا عندما يتعلق الأمر بالتصورات حول الشراكات الأمنية. فقد رأى ربع المستطلَعين روسيا كشريك أمني، مقارنةً بـ31 في المئة ممن اعتبروا أن الولايات المتحدة تؤدي هذا الدور في المقام الأول. ووفقًا لهذا الاستطلاع ولاستطلاعٍ سابقٍ أُجري في آذار/مارس 2022، حين سُئل الأردنيون عن أي دولة "هي الأفضل للمساعدة في حمايتنا من الأعداء الأجانب"، بقيت الولايات المتحدة متقدّمة قليلًا على روسيا في ما يخص تصورات الأردنيين حول الشراكات الأمنية الثنائية.
تنقلب المواقف حين يتعلق الأمر بالآراء حول الدولتين من حيث الشراكة الاقتصادية في المقام الأول. فيعتقد 37 في المئة فقط من الأردنيين أن الولايات المتحدة هي شريك اقتصادي، بينما اختار 47 في المئة روسيا. وتمثّلت إحدى النتائج المحيِّرة في موافقة 78 في المئة من الأردنيين على التصريح التالي: "في الحرب الجارية بين روسيا وأوكرانيا، ستتمثل أفضل نتيجة بانتصار روسيا، بما في ذلك ضم أراض أوكرانية واسعة إلى روسيا". وقد يشير ذلك إلى تأثير وسائل الإعلام الروسية في المنطقة، فضلًا عن ضعف جاذبية السردية الغربية. كما قد يرتبط ذلك بواقع أن 41 في المئة من الأردنيين يرغبون في أن تعطي الولايات المتحدة الأولوية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مقارنةً بالقضايا الأخرى. تُعتبَر ربما حرب أوكرانيا صراعًا بعيدًا، في حين أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يدور في الجوار، ما يؤدي بالتالي إلى التركيز على إعطاء الأولوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وقبول الضم المحتمل للأراضي الأوكرانية.
ثلث الأردنيين فقط يؤيدون حاليًا التفسير الأكثر اعتدالًا للإسلام
حين سُئل الأردنيون عما إذا كان "علينا الاستماع إلى الذين يريدون منا تفسير الإسلام على نحوٍ أكثر اعتدالًا وتسامحًا وحداثةً"، وافق ثلث الأردنيين فقط على هذه الفكرة، وهذه أدنى نقطة تُسجَّل منذ طرح هذا السؤال للمرة الأولى في تشرين الأول/أكتوبر 2017. وفي الوقت الراهن، لا يوافق 63 في المئة إلى حدٍ ما على الأقل على هذه الفكرة. غير أن هذا التراجع قد يكون ناتجًا عن توقيت الاستطلاع الذي أُجري في شهر رمضان من هذا العام، خلافًا للاستطلاعات السابقة حول هذا السؤال.
ملاحظة منهجية
يعتمد هذا التحليل على نتائج استطلاع قائم على مقابلات شخصية مع عينة وطنية تمثيلية عشوائية قوامها 1000 مواطن أردني. اتبع اختيار العينة إجراءات الاحتمالية الجغرافية القياسية، ما أسفر عن هامش خطأ إحصائي يبلغ حوالي 3 في المئة. تم إجراء الاستطلاع من قبل شركة تجارية إقليمية تتمتع بدرجة عالية من الكفاءة وذات خبرة وطابع غير سياسي على الإطلاق. تم توفير ضوابط صارمة للجودة وضمانات للسرية في كافة مراحل العمل الميداني. يمكن الاطلاع على تفاصيل الإضافية، بما في ذلك أسئلة الاستطلاع الكاملة، والتصنيفات الديمغرافية، على منصة بيانات الاستطلاعات التفاعلية لمعهد واشنطن.