- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
استطلاع جديد للرأي يُظهر أن سكان غزة يتحلّون بحس عملي الآن، لكنه لن يدوم على المدى الطويل
يُظهر استطلاع جديد للرأي العام أُجري في غزة بعض الاعتدال العملي القصير المدى في المواقف تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل في خلال العام الماضي، بما في ذلك معارضة سياسات حركة "حماس". إلا أن وجهات النظر على المدى الطويل لا تزال متشددة، ولم تحدث سوى تغييرات قليلة في خلال الفترة نفسها في هذا الصدد.
الروابط مع إسرائيل والإجراءات القصيرة المدى
مع دعوة بايدن إلى تحقيق "سلام دائم يجري التفاوض عليه بين إسرائيل والشعب الفلسطيني" في خلال زيارته الحالية إلى إسرائيل، يشير استطلاع جديد للرأي يعود إلى شهر حزيران/يونيو إلى أن عددًا متزايدًا من سكان غزة منفتح على إجراء بعض التحولات العملية في السياسات - ولكن ليس على حل الدولتين. وعلى سبيل المثال، فيما تلوم أكثرية سكان غزة (44 في المئة) إسرائيل على مشاكلهم الاقتصادية، يصبح وجود الشركات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية أكثر شعبية. فحاليًا، يؤيد 31 في المئة "بالتأكيد" رؤية المزيد من الشركات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، ويرغب 35 في المئة "على الأرجح" في ذلك، وهي زيادة قدرها ثلاث عشرة نقطة منذ شباط/فبراير 2020.
كما أن دعم سكان غزة القوي للحُكم الفلسطيني على القدس كلها يتضاءل إلى حدٍ ما. فسُجّل انخفاض طفيف في الاعتراض على مشاركة القدس مع إسرائيل في خلال السنوات الثلاث الماضية - من 82 في المئة في تموز/يوليو 2019 إلى 74 في المئة في حزيران/يونيو. ويتناقض هذا التوجه مع انخفاض عدد سكان غزة الذين يؤيدون التدخل الخارجي في مستقبل القدس. فيعتقد المزيد من سكان غزة (32 في المئة) الآن أن المملكة العربية السعودية لا ينبغي أن تضطلع بأي دور في مستقبل القدس، مسجلين زيادة قدرها 10 نقاط منذ شباط/فبراير 2020. كما لوحظ انخفاض مماثل في تأييد أي تدخل من الأردن أو تركيا.
سكان غزة يريدون أن تبذل الولايات المتحدة والدول العربية المزيد من الجهود للتوسط في النزاع
مع احتمال أن تتخذ إسرائيل والمملكة العربية السعودية بعض الخطوات نحو التطبيع في خلال زيارة بايدن إلى المنطقة، إن وجهات نظر سكان غزة بشأن "اتفاقيات إبراهيم" الحالية ملتبسة أيضًا بشكلٍ غير متوقع. فينظر ثلث سكان غزة إلى "اتفاقيات إبراهيم" بشكل إيجابي إلى حدٍ ما على الأقل، في حين أن آراء 39 في المئة هي سلبية إلى حدٍ ما على الأقل. ويقول الباقون – الذين يشكلون أقلية كبيرة تبلغ 27 في المئة - إنهم "لم يسمعوا ما يكفي عن المسألة" لإبداء رأيهم فيها.
في المقابل، يوافق 79 في المئة من سكان غزة "إلى حدٍ ما" على الأقل على العبارة الآتية: "يجب أن تضطلع الحكومات العربية بدورٍ أنشط في عملية صنع السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فتُقدّم الحوافز لكلا الجانبين من أجل اتخاذ مواقف أكثر اعتدالًا". وعلى الرغم من مزاعمالإمارات المتمثلة في أن "اتفاقيات إبراهيم" ستساعد الفلسطينيين وتعود بالفائدة عليهم، من الواضح أن سكان غزة يؤيدون المزيد من الانخراط العربي لتحسين وضعهم.
كما يريد الكثيرون من سكان غزة أن تبذل إدارة بايدن المزيد من الجهود. فيعبّر حوالى نصف سكان غزة (52 في المئة) عن آراء سلبية حول مقاربة إدارة بايدن للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي. ويعتقد ثلثاهم تقريبًا، إلى حدٍ ما على الأقل، أنهم لا يستطيعون الاعتماد على الولايات المتحدة وعليهم اللجوء إلى روسيا أو الصين بدلًا منها.
مع ذلك، يوافق 61 في المئة من سكان غزة على أهمية الحفاظ على علاقة جيدة مع الولايات المتحدة، ويودّ معظم سكان غزة أن تؤدي الولايات المتحدة دورًا أكبر في القضية الفلسطينية. وعلى وجه التحديد، تودّ أكثرية سكان غزة (36 في المئة) أن تزيد الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل من أجل تقديم المزيد من التنازلات للفلسطينيين، وبلغت زيادة نسبتهم ست نقاط منذ شباط/فبراير 2020.
تختلف وجهات نظر باقي المستطلَعين حول الطريقة التي يجب أن تتدخل الولايات المتحدة بها في النزاع. فيريد 21 في المئة من سكان غزة على الأغلب أن تزيد الولايات المتحدة مساعداتها الاقتصادية، ويريد 15 في المئة أن تضغط الولايات المتحدة على الدول العربية لزيادة انخراطها في حل القضية الفلسطينية، ويتوقع 14 في المئة أن تمارس الولايات المتحدة "الضغط على "السلطة الفلسطينية" وحركة "حماس" حتى تكونا أكثر ديمقراطية وأقل فسادًا".
من الجدير بالذكر أيضًا أن سكان غزة يواصلون التعبير عن رفضهم لسياسات حركة "حماس" تجاه إسرائيل. فيوافق حوالى النصف (53 في المئة) إلى حدٍ ما على الأقل على أن "حركة "حماس" يجب أن تتوقف عن الدعوة إلى تدمير إسرائيل، وأن تقبل بدلًا من ذلك حل الدولتين الدائم على أساس حدود عام 1967"، وهي نسبة ظلّت ثابتة على مدى السنوات الثلاث الماضية. كما يوافق 59 في المئة من سكان غزة على تخلي حركة "حماس" عن وحداتها المسلحة لصالح ضباط "السلطة الفلسطينية" في غزة. وعلى نحوٍ مماثل، يوافق نحو ثلثي سكان غزة إلى حدٍ ما على الأقل على حاجة حركة "حماس" إلى الحفاظ على وقف إطلاق النار في كلٍ من غزة والضفة الغربية.
ينقسم سكان غزة كذلك في مواقفهم تجاه إيران، وهي داعم رئيسي لحركة "حماس". فيعتقد 63 في المئة أن الحفاظ على علاقات جيدة مع إيران هو أمر مهم – وهذه النسبة هي الأعلى داخل الأراضي الفلسطينية. ومن ناحية أخرى، يعتقد نصف سكان غزة (55 في المئة) أن تَدخُّل إيران في الدول العربية "يؤذي العرب ولا يساعد الفلسطينيين".
استمرار تفوُّق شعبية الدولة الواحدة على حل الدولتين
مع ذلك، لا يرتبط الحس العملي على المدى القصير بتراجُع دعم سكان غزة للنزعة المتطرفة على المدى الطويل. على سبيل المثال، 56 في المئة من سكان غزة يعترضون "إلى حدٍ ما" على الأقل على العبارة الأتية: "نحن [سكان غزة] يجب أن ندرك أننا لن نهزم إسرائيل أبدًا، وأن القتال لا يؤدي سوى إلى زيادة الأمور سوءًا". وفي ما يتعلق بالعلاقات الحالية مع إسرائيل، يتفق ثلثا سكان غزة إلى حدٍ ما على الأقل على أن "السلطة الفلسطينية" يجب أن توقف أي تعاون أمني مع إسرائيل، على عكس وجهات النظر الملتبسة بشكلٍ متزايدٍ لدى سكان الضفة الغربية.
في ما يتعلق بالأهداف الوطنية الفلسطينية المباشرة بشكلٍ عام، يصنّف المزيد من سكان غزة "دعم المقاومة لإنهاء الاحتلال" (27 في المئة) كأولوية قصوى مقابل المقترَح الذي احتل المرتبة الثانية في التصنيف، وهو إجراء انتخابات وطنية جديدة (23 في المئة). وسبق أن حصل هذا الخيار الأخير على دعم الأكثرية في عامَي 2019 و2020.
كما لم يبدّل سكان غزة وجهات نظرهم حول الأولويات الوطنية عندما تعلّق الأمر بالسعي إلى إقامة دولة فلسطينية. فعندما سُئلوا عن أهم أولوية وطنية فلسطينية في السنوات الخمس المقبلة، ظلّت الأغلبية (55 في المئة) تعطي التصنيف الأعلى للمطالبة بـ"كامل فلسطين التاريخية، من النهر إلى البحر" على حساب الخيارات الأخرى، مثل إعطاء الأولوية لحل الدولتين. ويقول حوالى ثلث سكان غزة فحسب (37 في المئة) إنهم سيقبلون "مبدأ الدولتين لشعبين"، حتى لو كانت هذه هي الخطوة الأخيرة التي تؤدي إلى إنهاء الاحتلال. ويتناقض هذا التركيز القصير المدى على استعادة فلسطين التاريخية مع التحولات في وجهات النظر في الضفة الغربية، حيث يصرّح الآن 37 في المئة من السكان فحسب أن ذلك يجب أن يكون على رأس الأولويات الوطنية في السنوات الخمس المقبلة.
تستمر نسبة مماثلة من سكان غزة (58 في المئة) على النحو نفسه في التأكيد على أن النزاع مع إسرائيل يجب ألا ينتهي إذا تَحققَ حل الدولتين، ويجب أن يستمر حتى تحرير فلسطين التاريخية بالكامل. وتُوافقُ أغلبية أكبر بعد (73 في المئة) إلى حدٍ ما على الأقل على تأكيد أن أي تسوية مع إسرائيل يجب أن تكون مؤقتة حتى استعادة فلسطين التاريخية، وهو رقمٌ ظلّ على حاله تقريبًا في خلال السنوات الثلاث الماضية.
عند النظر إلى المدى الأبعد، تبقى مواقف سكان غزة تجاه النزاع متطرفة. فيعتقد 46 في المئة من سكان غزة أن "الفلسطينيين سيسيطرون على كامل فلسطين تقريبًا، لأن الله ينصرهم"، وهو رقمٌ لم يتغير كثيرًا في السنوات الثلاث الماضية.
عدم شعبية حركة "حماس" في غزة، والرغبة في إجراء انتخابات، والتخبط الاقتصادي
على الرغم من الدعم المستمر للمقاومة والآراء المتطرفة بشأن الدولة الفلسطينية المستقبلية، يشعر سكان غزة بالإحباط من حُكم حركة "حماس". فوافقَ 84 في المئة من سكان غزة على أن الإصلاح السياسي والاقتصادي الداخلي أهم من مسائل السياسات الخارجية، وهي أغلبية أكبر بنسبة 20 في المئة مقارنةً بالضفة الغربية أو القدس الشرقية. ويعرب حوالى نصف سكان غزة أيضًا عن وجهات نظر سلبية إلى حدٍ ما على الأقل تجاه حركة "حماس" بسبب الفساد والرغبة في إجراء انتخابات.
على وجه التحديد، يعتقد سكان غزة أن الفلسطينيين يجب أن يضغطوا بشكلٍ أكبر ضد الفساد في "السلطة الفلسطينية" وحركة "حماس". ويرغب معظم سكان غزة (87 في المئة) أيضًا في أن تسمح حركة "حماس" و"السلطة الفلسطينية" بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وسجّلت نسبتهم فارقًا ملحوظًا يبلغ 20 نقطة مقارنةً بالضفة الغربية (65 في المئة) والقدس الشرقية (66 في المئة). وقد يؤدي الاجتماع الذي عقده محمود عباس وإسماعيل هنية الأسبوع الماضي في الجزائر - وهو الاجتماع الأول بينهما منذ عام 2016 - إلى زيادة ترقُّب سكان غزة لإجراء انتخابات وطنية جديدة.