- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
استطلاعات الرأي لعام 2022 تضع الولايات المتحدة وقوى العالم الأخرى في المرتبة عينها من حيث العلاقات معها في الشرق الأوسط
تكشف استطلاعات الرأي الإقليمية في أذار/مارس وأب/أغسطس عن تغير ديناميات السلطة، حيث تستمر الظروف الاقتصادية والعلاقات مع إسرائيل في التأثير على أذهان المواطنين.
في الجولتين اللتين أجرتهما إحدى شركات الاستطلاع التجارية الإقليمية في عام 2022 بتكليف من "معهد واشنطن" لاستطلاع الرأي العام في سبع دول هي البحرين ومصر والأردن والكويت ولبنان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بقي الدعم الشعبي للعلاقات مع الولايات المتحدة مستقرًا نسبيًا، بينما ازدادت أهمية العلاقات مع القوى العالمية الأخرى مثل روسيا والصين.
مع أن غالبية المواطنين العرب الذين شملهم الاستطلاع عارضوا بشدة الأعمال العسكرية الروسية في أوكرانيا في شهر آذار/مارس أولًا، أي في أعقاب الغزو مباشرةً، ومرة أخرى في شهر آب/أغسطس بعد عدة أشهرٍ من الحرب، بدا أن المزيد من المواطنين في البحرين ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أصبحوا يقدّرون العلاقات مع روسيا بحلول آب/أغسطس. وأظهر الدعم للعلاقات مع الصين قفزة مماثلة في بعض الدول مثل مصر والبحرين، في حين أن تدخل الولايات المتحدة في المنطقة، بما في ذلك الزيارة التي قام بها بايدن في تموز/يوليو و"اتفاقيات إبراهيم" التي بدأت منذ عامين، لم يحظَ بتأييدٍ يُذكَر.
الاعتماد الإقليمي على الولايات المتحدة يتضاءل، والآراء حول أهمية العلاقات مع الولايات المتحدة لا تزال منقسمة
في الدول السبع التي شملها الاستطلاع في آذار/مارس 2022، حتى الدعم الشعبي القوي للعلاقات مع الولايات المتحدة، مثل نسبة 57 في المئة في مصر، كان منقسمًا في أحسن الأحوال. وبلغ تصنيف أهمية العلاقات الأمريكية أدنى مستوياته في لبنان، حيث قال 37 في المئة فقط إن العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة هي على الأقل "مهمة إلى حدٍ ما". ولم يكن المواطنون السعوديون (41 في المئة) والبحرينيون (42 في المئة) متقدمين كثيرًا في تأييدهم للولايات المتحدة.
عند طرح السؤال نفسه بعد خمسة أشهر، تحسنت الآراء في البحرين بشكل طفيف، فارتفع التأييد بنسبة أربع نقاط ليبلغ 46 في المئة. ومع ذلك، ظلت الأهمية المتصوَّرة للعلاقات مع الولايات المتحدة منقسمة في الحالات كلها. وفي الواقع، لم يبدل المستطلَعون السعوديون آراءهم على الإطلاق، إذ اعتبر 41 في المئة فقط أن هذه العلاقات مهمة "إلى حدٍ ما" أو "مهمة جدًا". وفي الاستطلاع نفسه، احتل المواطنون السعوديون المرتبة الأولى بين الدول الأربع التي شملها الاستطلاع في عدم تأييدهم زيارة الرئيس جو بايدن إلى المنطقة في آب/أغسطس، إذ قال 70 في المئة إن هذه الرحلة كانت "سلبية إلى حدٍ ما" أو "سلبية جدًا".
بينما ظلت الآراء الإقليمية حول العلاقات مع الولايات المتحدة ذات نسب متوسطة في آذار/مارس وآب/أغسطس، يبدو أن الاعتماد على الولايات المتحدة آخذ في التراجع. ففي آذار/مارس، أيّد أكثر من نصف المستطلَعين في البحرين والكويت ولبنان والسعودية والإمارات "إلى حدٍ ما" على الأقل العبارة الآتية: "لا يمكننا الاعتماد على الولايات المتحدة هذه الأيام، لذا علينا أن نتطلع إلى روسيا والصين كشريكتين".
علاوةً على ذلك، بدا أن المزيد من المواطنين في السعودية ومصر والإمارات وافقوا على هذا الرأي عندما سئلوا عنه مرة أخرى بعد خمسة أشهر فحسب. ففي آب/أغسطس، أظهرت استطلاعات الرأي في المملكة العربية السعودية ومصر زيادةً بنسبة أربع نقاط لدى أولئك الذين وافقوا على الزعم المشار إليه.
مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، يزداد الدعم للصين وروسيا
تعزيزًا لفكرة أن الشرق الأوسط ينظر بشكل متزايد إلى روسيا والصين كشريكتين، أظهر الاستطلاع الذي أُجري في عام 2022 أن أغلبيات متواضعة في البلدان السبعة كافة تقدّر "العلاقات الجيدة مع الصين" على أنها إما "مهمة إلى حدٍ ما" وإما "مهمة جدًا". والجدير بالذكر أن لبنان أظهر أعلى نسبة دعم للعلاقات مع الصين بلغ قدرها 68 في المئة في آذار/مارس.
عندما طُلب من مواطني الإمارات والسعودية والبحرين ومصر تصنيف الصين مرة أخرى في آب/أغسطس، لم تتبدل آراؤهم. وقد يعكس هذا التقدير للعلاقات، لا سيما عند مقارنته بالنسب المئوية التي تقدّر العلاقات مع الولايات المتحدة، سعي الصين إلى ترسيخ العلاقات الاقتصادية في المنطقة.
في مصر على سبيل المثال، أكدت الصين مجددًا في حزيران/يونيو أنها ستعمل على "مواءمة" "مبادرة الحزام والطريق" مع استراتيجية التنمية الاقتصادية الخاصة بـ"رؤية مصر 2030". وفي أوائل آب/أغسطس، وقّعت "الشركة الصينية للبترول والكيميائيات" ("ساينوبك") اتفاقية طاقة مع شركة "أرامكو السعودية" في إطار جهد مماثل لتنسيق العلاقات الاقتصادية الطويلة الأمد، مع مراعاة "مبادرة الحزام والطريق" و"رؤية السعودية 2030".
في ما يتعلق بأهمية العلاقات الجيدة مع روسيا، كانت الآراء أكثر تباينًا. ففي آذار/مارس 2022، صنفت نسبة مشابهة من المستطلَعين العلاقات مع روسيا على أنها مهمة مقارنةً بالولايات المتحدة. وفي الأردن، رأى 41 في المئة فقط أن العلاقات مع روسيا "مهمة إلى حدٍ ما" على الأقل، لكن في لبنان، قال 54 في المئة الأمر نفسه. وفي خمس دول من أصل سبع شملها الاستطلاع في آذار/مارس، وهي البحرين والكويت ولبنان والسعودية والإمارات، أعرب المزيد من المستطلَعين أن العلاقات الجيدة مع روسيا هي على الأقل "مهمة إلى حدٍ ما" مقارنةً بأولئك الذين قالوا الأمر عينه عن الولايات المتحدة.
بعد خمسة أشهر فحسب، ازداد عدد المستطلَعين الذين قدّروا العلاقات مع روسيا زيادةً طفيفة، وذلك بنسبة أربع نقاط في البحرين، وثلاث في مصر والسعودية، واثنتين في الإمارات، مع أن النسب الثلاث الأخيرة تقع ضمن هامش الخطأ. ويبرز الدعم المستمر الذي يبديه نحو نصف المواطنين في كل بلد على الرغم من عدم تأييد غزو روسيا لأوكرانيا الذي عبرت عنه الأغلبية في جولتَي الاستطلاع اللتين أُجريتا في آذار/مارس وآب/أغسطس.
إلى ذلك، وافقت الأغلبية في كل دولة في آذار/مارس وآب/أغسطس على أن "الأعمال العسكرية الروسية في أوكرانيا هي مسؤولة عن الارتفاع الأخير في أسعار المواد الغذائية هنا". وتؤكد هذه النتائج المتضاربة على أن عدم تمتع التحركات العسكرية الروسية بالشعبية لم يُحدث أثرًا يُذكر في إضعاف التقدير الشعبي للعلاقات مع روسيا، وهو موقف اتبعه أيضًا الكثير من حكومات هذه الدول.
تباين الآراء بشأن العلاقات مع إسرائيل
عند ذكر العبارة الآتية: "يجب السماح للأشخاص الذين يرغبون في إقامة علاقات تجارية أو رياضية مع الإسرائيليين بالقيام بذلك"، وافق نصف المستطلَعين تقريبًا في البحرين والسعودية والإمارات على الأقل "إلى حدٍ ما" في آذار/مارس. وعند مقارنتهم مع الغالبية العظمى من المستطلَعين في لبنان والكويت والأردن ومصر الذين عارضوا ذلك "إلى حدٍ ما" أو "بشدة"، تبرز هذه الأرقام كعناصر جديرة بالملاحظة في إطار الحوار الجاري بين العرب والإسرائيليين. وفي آب/أغسطس، زاد فعليًا عدد المستطلَعين في المملكة العربية السعودية الذين وافقوا على الأقل "إلى حدٍ ما" على هذا التأكيد، وذلك بنسبة أربع نقاط من 38 في المئة إلى 42 في المئة.
غير أن المواطنين في جميع أنحاء الشرق الأوسط ظلوا يعبّرون عن ترددهم بشأن "اتفاقيات إبراهيم" التي تقودها الولايات المتحدة، ما يعزز تباين الآراء بشأن الولايات المتحدة بشكل عام. ففي آذار/مارس، قالت أغلبيات ساحقة في البلدان السبعة كافة إنها تعتبر هذه الاتفاقيات "سلبية إلى حدٍ ما" أو "سلبية جدًا". وحتى في البلدان الموقعة على الاتفاقيات، وبالتحديد البحرين والإمارات، تضاءل الدعم من الأقليات الكبيرة في الفترة التي أعقبت توقيع الاتفاقيات.
على الرغم من أن الإمارات كانت تضم أكبر عدد من المستطلَعين الذين عبّروا عن نظرة إيجابية في آب/أغسطس بشأن التطبيع مع إسرائيل، وجاءت بعدها البحرين بنسبة قريبة، لم يمثّل ذلك سوى ربع المستطلَعين الذين اعتبروا الاتفاقيات "إيجابية إلى حدٍ ما" أو "إيجابية جدًا."
ملاحظة حول المنهجية المتّبعة