- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
استطلاعات الرأي تُظهر أن أغلبية سكان غزة كانوا يعارضون خرق وقف إطلاق النار، وحركة "حماس" و"حزب الله" لا يحظيان بشعبية لدى الجماهير العربية الرئيسية
يتتبع استطلاع "معهد واشنطن" آراء سكان غزة بشأن حركة "حماس" ووقف إطلاق النار، إلى جانب تراجع شعبية "حماس" و"حزب الله" لدى الجماهير العربية.
وفقًا لاستطلاع الرأي الأخير الذي أجراه "معهد واشنطن" في تموز/يوليو 2023، لم يحظَ قرار حركة "حماس" بخرق وقف إطلاق النار بشعبية. في حين أن أغلبية سكان غزة (65%) اعتبروا أن من المحتمل حدوث "صراع عسكري كبير بين إسرائيل و"حماس" في غزة" هذا العام، أيدت نسبة مماثلة (62%) التزام "حماس" بوقف إطلاق النار مع إسرائيل. وعلاوةً على ذلك، وافق النصف (50%) على الطرح الآتي: "يجب أن تتوقف "حماس" عن الدعوة إلى تدمير إسرائيل، وأن تقبل بدلًا من ذلك بحل الدولتين الدائم على أساس حدود عام 1967." وإلى ذلك، فقدت حركة "حماس" شعبيتها مع مرور الوقت لدى الكثير من الشعوب العربية في مختلف أنحاء المنطقة. وشكل ربما هذا التراجع في الشعبية أحد العوامل المحفزة التي دفعت الجماعة إلى اتخاذ قرار شن الهجوم.
في الواقع، إن الإحباط في غزة من حُكم "حماس" واضح، وقد أعرب معظم سكان القطاع عن تفضيلهم لإدارة "السلطة الفلسطينية" ومسؤوليها الأمنيين بدلًا من "حماس." وأيدت أغلبية سكان غزة (70%) اقتراح قيام "السلطة الفلسطينية" بإرسال "مسؤولين وضباط أمن إلى غزة لتولي الإدارة هناك، مع تخلي "حماس" عن الوحدات المسلحة المنفصلة"، وتشمل هذه النسبة 47% من الذين وافقوا بشدة على ذلك. وهذا الرأي ليس جديدًا، إذ حظي الاقتراح بتأييد الأغلبية في غزة منذ أن أجرى "معهد واشنطن" استطلاع الرأي للمرة الأولى في عام 2014.
مع ذلك، تتمتع الفصائل الفلسطينية المسلحة المتنافسة، بما فيها تلك المشارِكة في الهجوم، بجاذبية شعبية واسعة النطاق. بشكلٍ عام، يعبّر 57% من سكان غزة عن رأي إيجابي إلى حدٍ ما على الأقل تجاه "حماس"، إلى جانب نِسَب مماثلة من الفلسطينيين في الضفة الغربية (52%) والقدس الشرقية (64%)، ولو أن نسبتهم أقل من الذين يدعمون حركة "فتح" (64%).
ولكن بعض المنظمات مثل "حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين" ومجموعة "عرين الأسود" هي التي تحظى بالدعم الشعبي الأوسع انتشارًا في غزة. ويعبّر نحو ثلاثة أرباع سكان غزة عن دعمهم للجماعتين، بما في ذلك 40% من الذين ينظرون إلى مجموعة "عرين الأسود" بشكل "إيجابي جدًا"، وهذا موقف تتشاركه معهم نسبة مماثلة من سكان الضفة الغربية. وعلاوةً على ذلك، حين يتعلق الأمر بإيران التي دعمت الهجوم بقوة وربما ساعدت في تنسيقه، يرى نحو نصف سكان غزة أن إيران هي إما "صديقة للبلاد" (29%) وإما شريكة أمنية (28%)، مقارنةً بأقل من ثلث سكان الضفة الغربية الذين لديهم الرأي عينه.
حركة "حماس" لا تحظى بشعبية في الدول العربية الرئيسية
في المقابل، تضررت سمعة "حماس" بدرجة أكبر بكثير في عددٍ من الدول العربية، وذلك على نحو بطيء في بعض الحالات وبوتيرة أسرع في حالاتٍ أخرى. اختفى تقريبًا الدعم لحركة "حماس" في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. ففي الاستطلاع الأول الذي أُجري عام 2014 (والاستطلاع الآخر الذي أُجري عام 2017)، أعرب نحو نصف المواطنين الإماراتيين (44% و48% على التوالي) عن آراء إيجابية تجاه "حماس." غير أن نسبة الإجابات الإيجابية انخفضت عند إجراء الاستطلاع في كل سنة لاحقة، لتبلغ 17% فقط في آب/أغسطس 2023. ويبرز المسار نفسه في السعودية، حيث يعبّر الآن 10% فقط من المواطنين عن وجهة نظر إيجابية، فيما يقول 48% منهم إن رأيهم سلبي جدًا تجاه الحركة.
وفي الدول العربية الأخرى حيث أُجري الاستطلاع الأخير في أواخر عام 2020، وتشمل قطر والبحرين ومصر، يظهر تراجع أدنى في الشعبية بلغَ عشر نقاط في خلال فترة أقصر. وفي هذه الحالة، سجّل الأردن بشكلٍ خاصٍ نتيجة بارزة: ففي حين أن نحو ثلاثة أرباع الأردنيين (72%) عبّروا عن موقف إيجابي تجاه "حماس" في عام 2014، انخفضت هذه النسبة إلى 44% في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2020.
"حزب الله" وإيران يفقدان شعبيتهما في الدول العربية
لا يحظى "حزب الله" أيضًا، باعتباره من المدافعين عن القضية الفلسطينية وعن "محور المقاومة"، بشعبية تُذكر في هذه الدول العربية إلا ضمن مجموعة أتباعه الأساسية في لبنان. ووصل إلى هذا الوضع على مدى السنوات المتعددة الماضية. لم تصل نسب الذين عبّروا عن وجهة نظر إيجابية تجاه الحزب إلى 10% منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2020 في مصر والأردن والكويت وقطر والسعودية والإمارات. ويقول ما لا يقل عن الثلثين في كل دولة، باستثناء الأردن، إن رأيهم بشأن الحزب هو "رأي سلبي جدًا." أما في البحرين، فنسبة الآراء الإيجابية أعلى بقليل وبلغت 17%، علمًا أن حتى في لبنان تتقلص هذه النسبة بثبات منذ عام 2017، وانخفضت من 50% إلى 34% في الاستطلاع الأخير عام 2020.
علاوةً على ذلك، تُظهر استطلاعات الرأي في معظم هذه الدول على مدى السنوات المتعددة الماضية أن أقليات صغيرة فحسب في معظم المناطق ترى أن العلاقات الجيدة مع إيران هي "مهمة إلى حدٍ ما" بالنسبة إلى دولها. ففي أحدث استطلاع للرأي أُجري في السعودية والإمارات مثلًا، تَبنّى 19% فقط من المواطنين السعوديين هذا الرأي، فيما بلغت هذه النسبة 17% لدى المواطنين الإماراتيين. وبالتالي، مع أن دعم القضية الفلسطينية منتشر في العالم العربي، يتضح أن المواقف تجاه المجموعات الإرهابية التي تحاول ادّعاء دعم هذه القضية لا تحظى بشعبية في عددٍ من الدول العربية.
لكن السعوديين والإماراتيين يرون أن إسرائيل منقسمة داخليًا
في الوقت نفسه، ترى الأغلبية في السعودية وفي الإمارات أن إسرائيل ضعيفة ومنقسمة داخليًا، وهذه وجهة نظر أثّرت ربما في حسابات حركة "حماس" أيضًا. عند طرح السؤال في آب/أغسطس، وافق 70% من السعوديين و72% من الإماراتيين، على الأقل "إلى حدٍ ما"، على أن "الاحتجاجات الجماهيرية التي ينظمها الإسرائيليون ضد حكومة نتنياهو تُظهِر أن إسرائيل هي في الواقع دولة ضعيفة ومنقسمة بشدة ويمكن هزيمتها يومًا ما." وعلى سبيل المقارنة، وافق نحو 17% في كلٍ من البلدين على أن الاحتجاجات تُظهِر إسرائيل كـ"دولة قوية وقادرة على الصمود، حيث يُحترَم الاختلاف في الآراء." ومع ذلك، كشف الاستطلاع نفسه الذي أُجري في السعودية أن نحو ثلث المواطنين هناك يريدون إقامة علاقات تجارية مع إسرائيل، حتى من دون إبرام اتفاق رسمي لتطبيع العلاقات.
يستند هذا التحليل إلى نتائج استطلاعاتٍ أجراها بتكليفٍ من "معهد واشنطن" "المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي" وشركة استطلاعات تجارية إقليمية مستقلة ذات خبرة ومؤهلات عالية. وشمل هذا الاستطلاع مقابلاتٍ أُجريت وجهًا لوجه مع عينات تمثيلية وطنية مؤلفة من ألف مواطن في الدول العربية التي خضعت للاستطلاع، و500 مواطن على الأقل في كلٍ من الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، وقد تمت عملية الاختيار وفقًا لإجراءات الاحتمالية الجغرافية المعيارية. وفّرت الجهة المقاوِلة ضوابط صارمة للجودة وضمانات شديدة للسرية في خلال العمل الميداني والترميز ومعالجة البيانات. أما التفاصيل الإضافية حول المنهجية، بما في ذلك الاستبيان الكامل والنتائج الهامشية والتصنيفات الديمغرافية، فهي متاحة بسهولة عند الطلب.