- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
بقاء عناصر "داعش" الفارين من سجن الصناعة ، يقلق سكان الحسكة
رغم إعلان قوات سورية الديمقراطية السيطرة الكاملة على سجن الصناعة في السادس والعشرين من شهر كانون الثاني / يناير، إلا أن الوضع الأمني في شمال شرق سوريا مازال غير مستقر بشكل كلي.
يمثل تواجد السجن مصدر قلق بالنسبة لسكان المدينة، وتحديدا أولئك الذين يقطنون في الأحياء المجاورة له، حيث لا يشعر أهالي الأحياء الجنوبية من المدينة والأحياء الأخرى كحي غويران وتحديدا غويران شرقي، بالأمان و الراحة. وبعيدا عن تواجد السجن في منطقتهم، فقد تمكن بعض من أعضاء تنظيم "داعش" من الهروب من السجن بعد أن هاجمت مجموعات تابعة للتنظيم سجن الصناعة الواقع في الجهة الجنوبية لمدينة الحسكة أقصى شمال شرق سورية في العشرين من شهر كانون الثاني/ يناير الماضي.
ومما يثير الذعر بين سكان المنطقة هو انه رغم قيام قوات سورية الديمقراطية بتفتيش المنازل بشكل دوري بحثا عن من تبقوا خارج سجن غويران/الصناعة، إلا أن قوات قسد رصدت قيام بعض عناصر التنظيم الفارين بالاختباء في منازل بعض المدنيين في بعض الأحياء التي وجدوها أكثر أمانا في المناطق المجاورة للسجن. وقد ظنت عناصر التنظيم أن المناطق الجنوبية من المدينة ستكون بمثابة حاضنة شعبية لهم، وعندما تحدث عملية أمنية بين قوات قسد وبين عناصر التنظيم، يقف أهالي الحي مرتجفين من هول الحدث وأصوات المدفعية و الاشتباكات، خصوصا الأطفال و كبار السن الذين لم يعتادوا على مثل هذه الأحداث منذ أكثر من ثلاث أعوام من الهدوء و الأمان المطلق. ومن ثم، وبعد لجوء العديد من عناصر التنظيم الفارين إلى الأحياء الجنوبية للمدينة، يتوقع سكان تلك المناطق ظهور أي سجين فار في منزل أحدهم أو منزل لجار لهم، وأن تتحول المنطقة إلى ساحة قتال لا يدري المواطن متى سينتهي وما ستكون عواقبه.
ومع ذلك، ورغم الرعب الذي يبثه التنظيم في السكان إلا أن ذلك لم يثنهم عن مواجهته وتخييب ظنه، حيث ساعدت معظم سكان تلك الأحياء التي يقطنها غالبية عربية، قوات سورية الديمقراطية على إيجاد هؤلاء العناصر الفارة بأسرع وقت ممكن أملين أن يعود الأمن إلى مناطقهم مرة أخرى والا تتحول الى مناطق نزاع، و تعود الحياة الطبيعية أدراجها. وفى السياق ذاته، يقول سليمان محمد و هو من سكان الحي: "نحاول جاهدين أن تنتهي هذه الحرب الذي شردت وقتلت الكثير بأقرب وقت ممكن، فنحرس الحي ليلا و نهارا و ما أن نرى شخص ذا وجه غريب علينا أو حركة غريبة نعلم السلطات المختصة، وهي بدورها وإن أطالت الاستجابة لخوفها من أن نكون متعاونين مع داعش إلا أنها تستجيب وتطوق المكان وتقضي عليهم".
جميع من قابلتهم تقريبا في حي غويران عبروا عن خوفهم من فرار عناصر التنظيم دون استطاعة الجميع أن يجدوهم بسرعة بالغة، فوجود عناصر فارة من التنظيم يعني بطبيعة الحال أن هناك خطرًا يلوح في الأفق على المواطنين المحليين. و يخشى الآخرون من عمليات انتحارية قد يقوم بها الفارين مسببين الأذى لعامة الناس.
لم يقتصر هذا الخوف العام إن صح التعبير فقط على سكان الأحياء المجاورة للسجن، بل يشمل كافة أحياء الحسكة و المدن المجاورة في جميع أنحاء شمال شرق سوريا، بما في ذلك مدينة الرقة عاصمة التنظيم سابقًا. وفى السياق ذاته، قال صديق لي من سكان مدينة الرقة: " نحن نخشى من وصول هؤلاء الفارين إلينا، فالرقة شبعت من الموت و الرعب و الحياة التي تشبه كل شيء إلا الحياة إثر سيطرة ما يسمى بتنظيم الدولة على المنطقة لسنوات عديدة". ولم تكن مدينة عامودا الحدودية التي أسكن فيها بعيدة عن تلك الأحداث، حيث قالت لي صديقتي هنا "أن لم أعد أستطيع الخروج بعد مغيب الشمس، أتوقع أن أجد عنصرا فارا من التنظيم ها هنا و تتحول حياتي لجحيم كأن يأخذني سبية أو أن يقتلني فأنا لست محجبة و أعتبر كافرة بالنسبة لهم"
لا يزال الهجوم على سجن الصناعة وهروب عناصر تنظيم " داعش" يؤثر على سكان الحسكة وريفها ومحيطها، فهناك تهديد شديد بشكل خاص لمن يقطنون المناطق الجنوبية ممن التقيت بهم وتحدثت معهم عن الوضع، حيث يأملون أن يعود الوضع إلى ما قبل هذا الحدث الذي قلب حياتهم رأسا على عقب. وبالطبع، يمثل هذا الوضع انتكاسة كبيرة للمواطنين في شمال وشرق سورية الذين عاشوا حالة من الاستقرار الأمني على الأقل لعدة سنوات، حيث عادت الحياة إلى طبيعتها إلى حد ما، ورجعت العادات الاجتماعية التي إعتادها سكان تلك المناطق لعشرات السنين و أصبح السفر في ساعات الليل المتأخرة أمر شبه عادي، فالذي حدث بشكل مفاجئ و غير متوقع كان مدمرًا نفسيًا، وقضى على ما تبقى من أحلام السوريين وتطلعهم لحياة أمنة ومستقرة.