- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
جنوب سوريا في حاجة ماسة للمساعدات
يومٌ بعد يوم، تطبّق قوات الاحتلال الروسية والإيرانية التي تدعم النظام الطائفي سياسة الأرض المحروقة العنيفة، مدمرةً مناطق في سوريا غير خاضعة لسيطرة النظام ومتسببةً بتشريد المدنيين الذين صمدوا في وجه الهجمات السابقة التي شنها النظام على مرّ السنوات. وقد استخدمت في هذا الهجوم الأخير، الذي بدأ منتصف حزيران/يونيو، أسلحةً أرضية وجوية محظورة دوليًا لضمان عدم وجود أي منطقة آمنة بعد الآن في جنوب سوريا للشعب السوري، سواء كانوا من المعارضة أو من المدنيين.
والآن، نحن نرفع الصوت ليصل إلى مسامع المجتمع الدولي، بحثًا عن بعض الراحة من الهجمات التي تستهدفنا في ظل تقدّم القوات نحو القنيطرة ودرعا. وخلال الأسبوع الماضي، توجّه المزيد من اللاجئين إلى الحدود السورية بحثًا عن ملاذ في إسرائيل والأردن، عابرين الطرقات السريعة سيرًا على الأقدام لحماية أنفسهم. وفي الوقت الراهن، ينتظر أكثر من 350 ألف شخص على الحدود السورية-الإسرائيلية، طالبين حماية إسرائيل ومناشدين إنسانية مواطنيها.
كما يتطلعون إلى حماية المجتمع الدولي الذي تأسس بهدف منع مثل هذه الفظائع، أي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والأمم المتحدة عمومًا، والدول التي تتمتع بنفوذ دولي لوضع حدّ للعدوان الروسي والإيراني جنوب سوريا. ولغاية الآن، خاضت قوات المعارضة مفاوضات بوساطة روسيا، التي من الواضح أنها مشارك متحيز.
وفي الوقت الذي دعت فيه قوات المعارضة، بما فيها "الجبهة الجنوبية"، في الأساس إلى اتفاق وقف إطلاق نار بوساطة جهات فاعلة خارجية، أرغمتها الضغوطات الناجمة عن الهجمات على التفاوض مع النظام تحت رعاية روسية، لم تكن تهتم بمساءلة النظام عن أي وعود تمّ التوصل إليها في إطار اتفاق وقف إطلاق النار. وفي حين توصّل النظام وقوات المعارضة إلى اتفاق في 19 تموز/يوليو، تثبت التجربة أن النظام لا يفي بوعوده تجاه من هزمهم. وفي ظل استعادة النظام للأراضي، فقد المدنيون الذين بقيوا فيها أهم أساسيات حمايتهم وتم اعتقال كل سوري يُعتبر غير مؤيّد للنظام.
وبصفتي مدنيًا لديه تاريخ في معارضة النظام وتقديم المساعدة إلى المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، لا أتوقّع أن تطبق هذه الاتفاقات المزعومة عليّ أو على عدد كبير من اللاجئين الآخرين القابعين حاليًا على الحدود. فقد وصل هؤلاء اللاجئون إلى هناك لأنهم يعتقدون أن أمامهم خيارين: إما عبور الحدود وإما التعرض للقتل. ومع ذلك لا تزال الحدود مقفلةً في وجههم.
وليس لدينا نحن السوريون حكومة تدافع عنا، لذا ندعو إلى فتح الممرات الإنسانية تحت إشراف الأمم المتحدة إلى إسرائيل كي يُعالج المصابون ويجد المشردون ملجأ. وندعو الأمم المتحدة إلى إعادة وحدات "قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك" إلى منطقة انتشارها السابقة في سوريا بغية توفير بعض الحماية لمن علقوا وحوصروا على الحدود. كما ندعو منظمات حقوق الإنسان إلى التدخل وإيواء المتشردين الذين غادروا منازلهم وباتوا يعيشون في خيم لحماية أنفسهم من قوات النظام المتقدمة. ونناشد "أطباء بلا حدود" التدخل من أجل توفير المساعدة الصحية إلى ضحايا هذه الحرب المصابين. فالغاية من وجود هذه المنظمات هي الحفاظ على سلامة وأمن من لا يحظون بحماية حكوماتهم. ومع ذلك، تفشل في دعم المواطنين السوريين المشردين.
وفي الموازاة، لا ينفك تدفق اللاجئين السوريين على الحدود الإسرائيلية يزداد، وسيواصل ازدياده في ظل إحكام قوات النظام سيطرتها على جنوب سوريا. وبصفتي منشقًا عمل على توفير مساعدة آمنة من إسرائيل، يمكنني أن أشهد أننا ممتنون لهذه المساعدة رغم سخطنا من استمرار إقفال الحدود أمامنا بينما نواجه قدرة النظام المدمرة من الجانب الآخر.