"كتائب حزب الله" وأزمة غزة (الجزء الأول): العمليات الخاصة في الطليعة
جاءت ردود الفعل الأولى لـ "كتائب حزب الله" على الحرب من قبل جناح "العمليات الخاصة" التابع للكتائب تحت قيادة أبو حسين واثنين من المتحدثين باسم تنظيمه.
منذ أن اغتالت الولايات المتحدة مؤسس "كتائب حزب الله"، أبو مهدي المهندس، بغارة جوية استهدفته في 3 كانون الثاني/يناير 2020، تحاول شخصيات مختلفة من "الكتائب" أن تملأ نواحٍ مختلفة من الفراغ الذي تركه، أو على الأقل اكتساب النفوذ في غياب المهندس (والقائد القتيل الآخر قاسم سليماني). وفي ظل الأزمة الحالية، أدى ذلك إلى تعدد مربك في المتحدثين بلسان "كتائب حزب الله"، مما يؤكد أن المستوى الأعلى للتنظيم لا يزال نوعاً من الأخوة المسطحة نسبياً وليس الهرمية - مع جميع المنافسات وتقسيم الأدوار النموذجية بين الأشقاء.
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، يصدر كل فصيل من فصائل المقاومة الرئيسية في العراق البيانات، إلا أنها لم تبدأ مع "كتائب حزب الله". فقد كان قيس الخزعلي، قائد حركة "عصائب أهل الحق"، أول من علّق في 7 تشرين الأول/أكتوبر، مما يؤكد حرصه على استغلال أي تطور سياسي وإظهار أنه يتمتع بحرية التحدث قبل تحديد "الخط الحزبي" بالاتفاق مع إيران. وانتظرت الفصائل الأخرى، ومن بينها "كتائب حزب الله"، أياماً قبل أن تعلق على الأمر. وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر، علّقت حركة "حزب الله النجباء" أولاً وأعقبتها منظمة "بدر" و"كتائب حزب الله" في 10 تشرين الأول/أكتوبر.
أول تصريح لأبو حسين بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر
صدر أول بيان لتنظيم "كتائب حزب الله" على لسان أمينه العام ورئيس عملياته الخاصة في العراق، أحمد محسن فرج الحميداوي (المعروف أيضاً بأبو حسين)، الذي أفاد في 10 تشرين الأول/أكتوبر قائلاً: "نبارك للشعب الفلسطيني الأبي، وأمتنا الإسلامية، ومجاهدي المقاومة الإسلامية في فلسطين، انتصاراتهم العظيمة لليوم الرابع على رغم أنف إجرام الكيان الصهيوني وداعميه... إن الواجب الشرعي يحتم وجودنا في الميدان، امتثالاً لأمر الباري عز وجل: (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة)، وعليه فإن صواريخنا، ومسيراتنا، وقواتنا الخاصة، على أهبة الاستعداد، لتوجيه الضربات النوعية للعدو الأمريكي في قواعده، وتعطيل مصالحة، إذا ما تدخل في هذه المعركة" (الشكل 1). وطلب بعد ذلك من أنصار المقاومة المشاركة في احتجاجات يوم الجمعة، 13 تشرين الأول/أكتوبر.
أول بيان بعد الضربة للمتحدث باسم أبو حسين
في الأسبوع الذي تلا يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر، وجه تنظيم "كتائب حزب الله" تهديدات واستعد لتوجيه ضربات حركية. ولم يأتِ على ذِكر خطاب آية الله علي السيستاني الذي ألقاه في 11 تشرين الأول/أكتوبر والذي اعتبرته بعض حركات المقاومة كمبرّر للعمل العسكري، مما يؤكد أن "كتائب حزب الله" تصب تركيزها على قيادة ولاية الفقيه برئاسة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي. وفي هذا الإطار، بدأت قناة "كاف"، التي تديرها "كتائب حزب الله"، على وسائل التواصل الاجتماعي، بتوجيه تهديدات للولايات المتحدة.
وفي أعقاب تفجير "المستشفى الأهلي" في غزة في 17 تشرين الأول/أكتوبر، كانت خلايا من "كتائب حزب الله" في منطقة الأنبار مسؤولة (وفقاً للأدلة) عن الضربة الأولى في الموجة الحالية المناهضة للولايات المتحدة، إذ نفذت هجوماً بثلاث طائرات من دون طيار على قاعدة "عين الأسد" الأمريكية في 18 أكتوبر/تشرين الأول. وفي اليوم نفسه، صرّح جعفر الحسيني، الناطق العسكري باسم "كتائب حزب الله العراق"، عملاً بتوجيهات أبو حسين، لقناة "الميادين" اللبنانية قائلاً: "الأميركيون شركاء أساسيون في قتل أبناء غزة وبالتالي عليهم تحمل عواقب ذلك. المقاومة في العراق حققت اليوم أولى الإصابات والعمليات ستستمر بوتيرة أعلى. منذ اليوم بدأت عملياً المقاومة في العراق بتوجيه ضربتها إلى القواعد الأمريكية" (الشكل 2).
حسين مؤنس يدعو لإخراج القوات الأمريكية
كان المسؤول التالي في "كتائب حزب الله" الذي تحدث - وفي هذه المرحلة على خلفية الضربات المنتظمة التي تشنها "كتائب حزب الله" ضد قاعدتي "عين الأسد" و"التنف" - هو حسين مؤنس جبار الحجامي (المعروف أيضاً باسم أبو علي العسكري، أبو موسى)، رئيس حركة "حقوق"، وهي كتلة "كتائب حزب الله" في مجلس النواب العراقي وأحد الفصائل التي عيَّنت رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وتتحكم به. وفي 23 تشرين الأول/أكتوبر، دعا مؤنس إلى إخراج القوات الأمريكية، قائلاً: "ندعو الحكومة… إلى عدم تكرار أخطاء الحكومات السابقة، التي تهاونت في تصويب وضع التواجد العسكري الأجنبي في البلاد، من خلال إنهاء وجودهم في القواعد العراقية كافة، تنفيذاً لقرار مجلس النواب في 5 كانون الثاني/يناير 2020، واقتصار ذلك على بقاء ملحق عسكري" (الشكل 3). وفي 24 تشرين الأول/أكتوبر، هددت "ألوية الوعد الحق"، وهي جماعة عبر الإنترنت تتحكم بها "كتائب حزب الله"، القواعد الأمريكية في الكويت والإمارات العربية المتحدة.
ويتناول الجزء الثاني من هذه المقالة كيفية تعامل كتلة "حقوق" السياسية التابعة لـ"كتائب حزب الله" وقيادتها في "قوات الحشد الشعبي" مع الأزمة واستغلالها لها.