- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
ما بين تقاسم السلطة وتوطيدها: أثر نتائج انتخابات مجالس المحافظات على الأمن والسياسة في العراق
تتجلى النجاحات الانتخابية الشاملة التي حققها الإطار التنسيقي في انتخابات مجالس المحافظات في العراق، في قرارات تعيين المحافظين في معظم أنحاء البلاد، بما في ذلك محافظتي بغداد والبصرة. ومع ذلك، فإن المنافسة المستمرة في كركوك تسلط الضوء على مدى التعقيد الذي يمكن أن تصل إليه ديناميات تقاسم السلطة.
في 18 كانون الأول /ديسمبر 2023، أجري العراق أول انتخابات محلية له منذ عقد من الزمن، ومن المرجح أن يكون لهذه الانتخابات، التي أجريت في خمسة عشر محافظة، آثار ملموسة على السياسة المحلية والوطنية على حد سواء، حيث أن الحكومة المحلية في العراق مسؤولة عن تعيين المحافظين وتحديد ميزانية المحافظة، والتخطيط المحلي للبنية التحتية، وفي نفس الوقت تُعتبر مجالس المحافظات بؤرة نشطة للفساد والمحسوبية، حيث ينظر العديد من الناخبين العراقيين إليها بازدراء وإحباط.
تعتبر انتخابات مجالس المحافظات في العراق خطوة مهمة للغاية نظرا لما يمنحه الدستور العراقي لتلك المجالس من صلاحيات إدارية ومالية هائلة، حيث تعد بمثابة السلطة التشريعية والرقابية لكل محافظة، ولمجلس المحافظة السلطة في إصدار التشريعات المحلية وإقرار الميزانية المحلية تماشيا مع القوانين الاتحادية.
يتكون مجلس المحافظة الواحد من 10 أعضاء على الأقل، ويمكن أن يزيد العدد ليصل إلى 35 عضوا، في كل مجلس، والمجلس الواحد له عدة فروع تسمى بمجالس الأقضية التابعة لكل محافظة، وتجرى انتخابات مجالس الأقضية بشكل فرعي في مرحلة ثانية بعد مرور 6 أشهر من تاريخ إجراء انتخابات مجالس المحافظات، ويتكون مجلس القضاء من 7 أعضاء على ألا يزيد إجمالي الأعضاء عن 13. وتكون هذه المجالس مسئولة عن انتخاب المحافظ ونائبيه بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس خلال مدة 30 يوما من تاريخ انعقاد أول جلسة للمجلس بعد الانتخابات المحلية.
وبحسب قانون مجالس المحافظات العراقي، تتكون مجالس المحافظات من 285 مقعدا، وتنافس في الانتخابات الأخيرة حوالي 6000 مرشح من 134 قائمة انتخابية، و 39 تحالف انتخابي، بالإضافة إلى حوالي 60 مرشحا مستقلا. شملت هذه الانتخابات 15 محافظة من أصل 18، حيث هناك 3 محافظات ضمن إقليم كردستان العراق المتمتع بالحكم الذاتي غير مشمولة بالانتخابات.
وتتمثل أهمية أخرى لهذه الانتخابات إلا وهي تحديد مصير المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية في بغداد وإقليم كردستان، لذلك من شأن هذه الانتخابات أن تغير ميزان القوى السياسية في هذه المناطق، فالمناطق مثل كركوك وأجزاء من المحافظات الشمالية الأخرى (تلعفر، الحمدانية، سنجار، خانقين، زمار، ومخمور)، هي من ضمن المناطق المتنازع عليها لذلك سيكون اختيار مجلس المحافظة والمحافظ تأثير كبير على مصير هذه المناطق سواء كانت ستبقى ضمن سيطرة حكومة بغداد أو ستصبح جزءا من حكومة إقليم كردستان. لذلك فإن الجدل سوف يستمر مع انتهاء الانتخابات ولحين اختيار مجلس محافظة ومحافظ هذه المناطق لتحديد مصيرها سواء كان فتح بابا جديدا للصراع بين بغداد وأربيل أو تحقيق الاستقرار النسبي في هذه المناطق.
وعلى الرغم من أن مجالس المحافظات تمثل جانبًا مهمًا للغاية من السياسة العراقية، إلا أن السلطات دأبت على تأجيل الانتخابات المحلية أو إلغائها. كانت آخر انتخابات محلية أُجريت في العراق في مايو 2013، وتم تأجيلها في عام 2017 لعام 2018 بجانب الانتخابات البرلمانية الوطنية، لكن تم تأجيلها مرة أخرى، وفي عام 2019 تم تجميد عمل المجالس المحافظات في استجابة من الحكومة العراقية لمطالب المتظاهرين في حركة "تشرين" الاحتجاجية، والتي اعتبرها المحتجون بؤر للفساد والمحسوبية. وبعد سنوات من الانتكاسات، حددت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق الموعد النهائي للانتخابات في 18 كانون الأول/ديسمبر.
فوز كبير ومتوقع لحلفاء إيران
في الانتخابات المحلية الأخيرة هذه، تنافس حوالي 6000 مرشح من جميع الأحزاب السياسية العراقية على 285 مقعدا في 15 محافظة ما عدا إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي شبه المستقل، وبحلول العام الجاري، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النتائج النهائية، والفوز الكبير للأحزاب السياسية العراقية المقربة من طهران، ليُكمل هذا الفوز انتصارهم في الانتخابات البرلمانية في عام 2021 وسيطرتهم على الحكومة الحالية.
كان تحالف "نبني" التابع للإطار التنسيقي الشيعي الحاكم، بقيادة هادي العامري وهو رئيس منظمة بدر أقدم الميليشيات الشيعية المسلحة المدعومة من إيران، صاحب النصيب الأكبر في الانتخابات المحلية الأخيرة، وحصل على 43 مقعدا في 10 محافظات شيعية.
وجاء في المرتبة الثانية ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء العراقي السابق وأبرز قادة الإطار التنسيقي الشيعي نوري المالكي، وحصل على 25 مقعدا بإجمالي 567 ألف صوت منهم 144 ألف صوت في العاصمة بغداد، مما يؤهله لكسب سيطرة كبيرة على مجلس المحافظة.
أما بالنسبة للمرتبة الثالثة، فحصل عليها تحالف قوى الدولة بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، ورجل الدين الشيعي والسياسي البارز عمار الحكيم، وحصل على 24 مقعدا.
واتسمت الانتخابات المحلية الأخيرة في العراق بالإقبال الانتخابي الضعيف، فمن بين 23 مليون ناخب مؤهل في البلاد لم يسجل سوى 26 مليون فقط، ولم يذهب للتصويت سوى 6.6 مليون فقط، وقد أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بأن نسبة المشاركة بلغت 41%.
مقاطعة التيار الصدري وغياب المعارضة
أعلن رجل الدين الشيعي والسياسي مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري مقاطعته للانتخابات المحلية، بعد أن أعلن انسحابه من الحياة السياسية بشكل نهائي كما قال في أغسطس الماضي، بعد صراع امتد لعام بينه وبين الإطار التنسيقي الشيعي للسيطرة على الحكومة، وقد فسر البعض نسبة الإقبال المنخفضة في الانتخابات لمقاطعة التيار الصدري، لكن هذا لا يمنع من أن عدد كبير من أنصاره قاموا بالتصويت لمرشحي موالين للتيار الصدري. وفي نفس الوقت فقد استفاد خصوم مقتدى الصدر من هذه المقاطعة مما سُيزيد من فرض سيطرته على مجالس المحافظات.
علاوة على ذلك، استفادت الأحزاب المتحالفة مع إيران من مقاطعة أحزاب المعارضة للانتخابات. في الانتخابات البرلمانية التي تم إجراؤها في أكتوبر 2021، شهدنا ظهور لأحزاب المعارضة التي انبثقت من حركة "تشرين" الاحتجاجية، ووصلت هذه الأحزاب الشابة إلى البرلمان لتشكل كتلة معارضة لأول مرة في تاريخ البرلمان العراقي تقريبا، وفي خضم الصراع السابق بين مقتدى الصدر وخصومه لتشكيل الحكومة في عام 2021، حاول كلا الطرفين استمالة هذه الأحزاب لضمها إلى كتلته البرلمانية، لكن انسحاب الصدر واستقالة نوابه من البرلمان غيرت المشهد، ومكنت الإطار التنسيقي الشيعي من السيطرة على تشكيل الحكومة والقضاء على أي تقدم حقيقي قد تحققه الأحزاب المستقلة.
وفي الانتخابات المحلية الأخيرة، غابت أحزاب المعارضة فأعلن حزب "امتداد" المنبثق من حركة "تشرين الاحتجاجية"، بعدم خوضه الانتخابات المحلية بسبب انقسامات وخلافات داخل الحزب. ولذلك، فإن غياب البدائل للناخبين العراقيين - خاصة في المناطق ذات الأغلبية الشيعية - في صناديق الاقتراع قد مكّن الأحزاب الشيعية التقليدية من تحقيق انتصار كبير في انتخابات مجالس المحافظات.
تقاسم السلطة والتأثير الأمني
بعد الفوز الكبير للأحزاب السياسية الشيعية المقربة من إيران في العراق، يتساءل الكثيرون عن الكيفية التي ستحكم بها كتلة الأغلبية، ويبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الأحزاب ستتقاسم السلطة مع منافسيها السياسيين من المكون الشيعي، أم ستحاول بسط نفوذها على الساحة السياسية العراقية. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف من أن النجاح الانتخابي الأخير سيشجع هذه الأحزاب ويؤدي إلى زيادة تهميش المكونات العرقية والطائفية الأخرى.
الصراع على منصب المحافظ في بغداد
هناك شكوك كبيرة حول مستقبل تقاسم السلطة في العراق بعد الانتخابات المحلية الأخيرة، حيث أظهر قادة الإطار التنسيقي الشيعي أنهم مهتمون بترسيخ سلطتهم وتهميش المعارضة السياسية، سواء كانت سنية أو شيعية. ويعد مصير رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، السياسي السني الأبرز في العراق أبرز الأمثلة على ذلك.
الحلبوسي الذي دخل في صراع مع الإطار التنسيقي الشيعي في الآونة الأخيرة، بعد تحالفه مع مقتدى الصدر بعد الانتخابات البرلمانية في عام 2021، فوجئ في أثناء إدارته لجلسة برلمانية بقيام المحكمة الاتحادية العليا بإقالته من منصبه بدعوى تزوير أوراق رسمية، لكن هذه النهاية كانت متوقعة بالنظر إلى مسار الصراع بينه وبين قيادات الإطار التنسيقي الشيعي الذين لم ينسوا له تحالفه مع خصمه القوى مقتدى الصدر.
ورغم الانتكاسات السياسية التي تعرض لها الحلبوسى، إلا أن قائمة حزب تقدم الذي يترأسه نجحت في تحقيق فوز كبير بحصولها على 8 مقاعد في محافظة بغداد بالتحديد، ليصل إجمالي مقاعد المكون السني في العاصمة إلى 19 مقعدا مقابل 30 مقعدا للمكون الشيعي. وهذا يُثير الاحتمالات بشأن صراع محتمل بين السنة والشيعة على مجلس محافظة بغداد.
وبالنظر إلى المستقبل، فإن الوجود السني الكبير في المجلس سيُنظر إليه على أنه تهديد سياسي. لذلك فمن الطبيعي أن يكون لدى الإطار التنسيقي الشيعي الرغبة في إزاحة الحلبوسي وحزبه من مجلس محافظة بغداد، خاصة وأن تحالف "نبني" ينافس بقوة على منصب المحافظ.
وفقا للمتعارف عليه في العملية السياسية العراقية، فإن منصب رئيس مجلس محافظة بغداد يذهب للمكون السني، لذلك من المحتمل أن تحاول الأحزاب الشيعية المناورة للسيطرة على مجلس المحافظة من خلال عقد الصفقات السياسية مع المنافسين الشيعة من التحالفات الأخرى، لإزاحة التحالفات السنية من مجلس المحافظة. إذا حدث ذلك، فسيكون له تأثير سلبي على السياسية السنية في العراق مما يهدد استقرار الحياة السياسية في البلاد، والدخول في صراعات جديدة بعد سنوات من تقاسم السلطة بشكل يُرضي جميع الأطراف.
التنافس بين المكون الشيعي في البصرة
مع ذلك، يبدوا أن طموحات الإطار التنسيقي الشيعي لن تقتصر على الأرجح على كبح القوة السنية. والاحتمال الآخر هو أن تدخل الأحزاب الشيعية المتحالفة مع إيران في المنافسة مع خصومها الشيعة، وتحديداً مقتدى الصدر، على محافظة البصرة الغنية بالنفط. ومن الجدير بالذكر أن محافظة البصرة -التي هي بمثابة العاصمة الاقتصادية للعراق- تشهد صراعا منذ فترة طويلة بين عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي المقرب من إيران، وسرايا السلام التابعة للصدر من أجل السيطرة على موارد المحافظة الغنية.
وفي محافظة البصرة، حصل ائتلاف "تصميم" بزعامة المحافظ الحالي وحليف الصدر أسعد العيداني، على 12 مقعداً، يليه ائتلاف "نبني" بخمسة مقاعد، وائتلاف دولة القانون بثلاثة مقاعد، وائتلاف دولة القانون بخمسة مقاعد، ومقعد واحد لتحالف الدولة الوطنية الدولة.
كتلة الصادقون التابعة لعصائب أهل الحق هي جزء من تحالف "نبني" والتي تصارع الآن من أجل السيطرة على المحافظة وإزاحة المحافظ الحالي اسعد العيداني، الذي قامت الأحزاب الموالية لإيران قبل أشهر من الانتخابات المحلية بشن حملة مناهضة ضده ووصفه بالخائن بزعم بيع لأراضي عراقية لدولة الكويت.
التنافس على محافظة البصرة يهدد الأمن والاستقرار في العراق، لذلك طلب رئيس الوزراء العراقي الحالي محمد شياع السوداني المدعوم من الإطار التنسيقي الشيعي وبشكل خاص من قيس الخزعلي، بطلب ترك المحافظة للتيار الصدري من خلال إبقاء اسعد العيداني محافظا، منعا للاصطدام مع مقتدى الصدر، وخوفا من إثارة المشاكل والاحتجاجات المحتملة لأنصار مقتدى الصدر ضد حكومة السوداني. لكن إلى الآن يصر نوري المالكي وقيس الخزعلي على استبدال جميع أعضاء مجلس محافظة البصرة.
معضلة كركوك
في الانتخابات المحلية الأخيرة كانت جميع الأنظار تتجه صوب محافظة كركوك، المحافظة العريقة متعددة الأعراق والتي تشهد أول انتخابات محلية لها منذ عام 2005، تنافس فيها العرب والتركمان والأكراد للسيطرة على المدينة الغنية بالنفط والمليئة بالديناميكيات المعقدة.
تنافس في كركوك الحزبين الكرديين الرئيسيين في العراق وهما: الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، على 16 مقعدا في مجلس المحافظة وحصل الأول على مقعدين، بينما حصل الثاني على خمسة مقاعد، وفازت الأحزاب العربية بستة مقاعد، والتركمان على مقعدين وذهب مقعد الكوتا المسيحية إلى حزب مسيحي مقرب من الأحزاب الشيعية الموالية لإيران.
يسعى الأكراد العراقيون إلى السيطرة على منصب محافظ كركوك، بعد أن فقدوا هذا المنصب في عام 2017 بعد إجراء الاستفتاء على استقلال كردستان العراق، مما دفع الحكومة الاتحادية العراقية إلى طرد قوات البيشمركة التابعة للأكراد والتي كانت تسيطر على كركوك منذ عام 2014، وقامت الحكومة المركزية في بغداد بالإطاحة بالمحافظ الكردي للمحافظة وتعيين آخر من المكون العربي وهو راكان الجبوري كقائم بأعمال المحافظ حتى الانتخابات المحلية الأخيرة.
وفقا للمادة 122 من الدستور العراقي يتطلب تشكيل حكومة كركوك المحلية مشاركة من العرب والأكراد والتركمان والمسيحيين بعض النظر عن نتائج الانتخابات المحلية، وتنص المادة 35 من قانون الانتخابات لعام 2018 والمعدل في مارس 2023، بضرورة التمثيل العادل والمشاركة الشاملة لجميع المكونات العرقية في كركوك بغض النظر عن نتائج الانتخابات المحلية أيضا.
ومن هنا تأتي المعضلة، فكلا من الأكراد والعرب والتركمان يريدون السيطرة على الحكومة المحلية في كركوك، لكن الصراع يتسع بين الأكراد والعرب، خاصة وأن كركوك من ضمن المناطق المتنازع عليها بين حكومتي بغداد المركزية وأربيل الإقليمية.
قبل الانتخابات المحلية، قال زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني في كلمة ألقاها أمام أنصاره في كركوك "اليوم مستقبل كركوك بين أيديكم أنتم من تقررون من سيصبح محافظا لكركوك". لطالما كانت كركوك معقلا للاتحاد الوطني الكردستاني، لكن الخلافات والصراعات الداخلية للحزب أثرت على نفوذه في المحافظة.
وبالنظر إلى الوضع الدستوري الخاص بمحافظة كركوك، فإن الاتفاقات والصفقات السياسية بين المكونات الثلاث هي التي ستحدد مصير الحكومة المحلية في كركوك. لكن إلى الآن لم يتم عقد أي اجتماع بين الأحزاب السياسية الكردية والعربية والتركمانية في كركوك للتوصل إلى اتفاق سياسي وفي نفس الوقت ترى المكونات الثلاث أن منصب محافظ كركوك مطلب مشروع لكلا منهم.
أضافة الى ذلك، من المحتمل أن تحصل صفقة يتحالف فيها الحزبين الكرديين الرئيسين مقابل العرب والتركمان، أو يحاول العرب والتركمان التوصل إلى صفقة مع أي الحزبيين، سواء الحزب الديمقراطي الكردستاني أو الاتحاد الوطني الكردستاني، لذلك فإن الوضع معقد للغاية في كركوك، واي صفقة سيتم عقدها يجمع أن تمنح المزيد من المصالح لجميع الأطراف، ويجب عدم إغفال التدخلات الإقليمية من قبل إيران وتركيا والجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى التي من الممكن أن تُزيد الأمور تعقيدا.
ختاما وبالنظر إلى نتائج الانتخابات سواء المحلية أو البرلمانية يتضح لنا أن الإطار التنسيقي الشيعي كان قادرا في الفترة الأخيرة على الاستحواذ على السلطة بشكل كبير وسريع، وبالتالي سيكون لهذا الاستحواذ آثار على علاقات العراق بدول مجلس التعاون الخليجي، فعلى سبيل المثال إذا نجح الإطار التنسيقي الشيعي في السيطرة على الحكومة المحلية في محافظة البصرة، فالأمر لن يخلو من تهديدات لدولة الكويت وأزمة الحدود المتجددة مع العراق، وبالتالي ستؤثر هذه التهديدات بالتبعية على علاقة العراق بدول الخليج. ومع ذلك، كما هو الحال في كركوك، لا تزال العديد من ترتيبات تقاسم السلطة حول الدور الرئيسي للمحافظ غير معروفة، وسيكون لها آثار سياسية مضاعفة فور اكتشافها.
وإذا قام الإطار التنسيقي الشيعي بفرض هيمنته على المشهد السياسي العراقي وخاصة مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في عام 2025 فاحتمالات تهميش السنة والأكراد ستزداد مما يهدد استقرار العراق، وُيزيد من نفوذ إيران وسينعكس ذلك بالتأكيد على علاقة بغداد بالغرب والولايات المتحدة خاصة وسط صراع إقليمي.