رسالة مفتوحة من شاب سعودي إلى الأمير الشاب محمد بن سلمان
March 21, 2017
قرأت لقاء الأمير محمد بن سلمان في المجلة الأمريكية "Foreign Affairs"، وفي أعقاب الإعلان عن زيارته الأخيرة ولقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رغبت بكل صراحة وشفافية أن أطرح وجهة نظري والتي تعكس أيضاً ما يراه الكثير من السعوديين من أبناء جيلي. إن قدر الأمير محمد بن سلمان يشبه قدر "الملك طالوت أو شاؤول" كما جاء ذكره في التوراة المقدسة. حيث أن شاؤول أو طالوت كما جاءت تسميته في القرآن الكريم تحمَّل مسؤولية إنقاذ مجتمعه اليهودي من عدو شرس يريد تدمير قومه. وقد اختار القدر الأمير محمد بن سلمان لقيادة ومواجهة التحديات التي تهدد السعودية سواء على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المنطقة. تهدف هذه الرسالة إلى عرض بعض الاقتراحات التي من الممكن أن تقدم لسمو الأمير الشاب ما هو مفيد.
مجموعة القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية
إن أحداث الربيع العربي أنتجت فراغاً سياسياً للدور العربي في المنطقة استغله النظام الإيراني لتحقيق أطماعه التوسعية- سواء بشكل مباشر أو غير مباشر- فنشر الفوضى الدموية في ثلاثة عواصم عربية "دمشق، بغداد، صنعاء". وجعل من بيروت أسيرة لقرار طهران عن طريق خادمه في الضاحية الجنوبية "حزب الله" بالإضافة إلى دخول مصر عهد جديد من الضعف يشبه حالة الغيبوبة نتيجة الصراعات الداخلية فأصبحت سياسات النظام الإيراني التوسعية تشكل خطراً حقيقياً على السعودية. ولا بد من مواجهتها بحزم وحسم.
وعلى الصعيد الاقتصادي يواجه الأمير محمد بن سلمان تحديات كبيرة نتيجة انخفاض أسعار النفط "المورد الأساسي للدخل القومي" وحتمية الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج الذي يعتمد على موارد أخرى وأهمها تهيئة الإمكانيات البشرية لخلق اقتصاد على أسس إنتاجية والتخلص من ثقافة الاستهلاك التي كانت نتيجة ميراث من السياسات الاقتصادية الخاطئة. وسوف يتطلب تصحيح هذا الوضع بعض القرارات الشجاعة والتي ستكون مزعجة لأجزاء كبيرة من السكان السعوديين، وبالتأكيد على المدى القصير.
أدرك الأمير الشاب أن أهمية قرار الانتقال من ثقافة المجتمع المعزول عن العالم إلى المجتمع المدني المنفتح على جميع ثقافات العالم ليصبح جزء من العالم يؤثر ويتأثر بشكل إيجابي مع ثقافات العالم لذلك كانت رؤية الأمير الشاب لعام 2030 البوابة لعهد سعودي جديد قادم.
الحوار بمثابة فرصة ذهبية
يعتبر العامل الديموغرافي من أكثر العوامل أهمية في المجتمع السعودي والذي تشكل فيه نسبة الشباب الغالبية العظمى. حيث إن ما يقارب 70% من نسبة السكان تقل أعمارهم عن 25 سنة، معظمهم هاجر وسائل الإعلام القديم واعتنقوا ثقافة الإعلام الجديد المتمثل في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه فرصة ذهبية للأمير الشاب بأن يكون الداعم الحقيقي لرؤيته بإنقاذ المجتمع السعودي من شريحة الشباب وذلك بالتواصل معهم مباشرةً عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة "تويتر وسناب شات".
إن تعزيز مثل هذا النوع من الاتصال والتبادل سيعزز في المقابل إطارا من الاحترام المتبادل بين القادة والأشخاص، الأمر الذي سيثبت أهميته مع إدخال التغييرات المقبلة في النظام السعودي.
ولتطوير وتنمية هذا التواصل المباشر بين الشباب والقيادة، اقترح أن يعقد الأمير الشاب "ملتقى الأجيال لعام 2030" يلتقي فيه الشباب كل 3 أشهر أو شهرين. ويمكن لهذا الملتقى أن يوفر منصة فعلية وافتراضية تدعو الشباب إلى التعبير عن آرائهم حول مستقبل بلادهم. ومن المتوقع أن يصبح هذا الحوار أداة جيدة تسمح للشباب المهتم بمستقبل بلاده بأن يشارك بشكل فعال في وضع رؤية 2030. وهذا من شأنه أن يجعل من الشباب الداعم الحقيقي في مواجهة أي صعوبات قد تواجه رؤية 2030 أهمها مقاومة الحرس القديم لثقافة التشدد والممانعة للتغير والتطوير. وهنا ستكون الوسيلة هي في الواقع الرسالة: ففي السياق السعودي الحالي، ستساهم تلك القنوات الجديدة للاتصال في تمكين قوى التقدم والتغيير.
أهمية السعودية كونها قبلة المسلمين
يعتبر الدين من أهم مكونات ثقافة المجتمع السعودي، ففي مقاله في مجلة Foreign Affairs، كتب بلال صعب أن الأمير محمد بن سلمان قد "فوجئ" بالاتهامات التي تنعت الوهابية السائدة بالإرهاب، وسوء فهم الأمريكيين لتلك النزعة من الإسلام. ومع ذلك، عاش محمد عبد الوهاب، مؤسس الحركة الوهابية، قبل 300 عام وذلك قبل وقت طويل من بروز ظاهرة الإرهاب العالمي. ولإحداث تغير حقيقي في هذا التصور الخاطئ، يجب على الأمير أن يجد وسيلة مجدية لإشراك المؤسسة الدينية في شئون البلاد. ومن ثم، يمكن أن يؤدى ذلك إلى تحقيق إنجازين على درجة كبيرة من الأهمية.
الأمير الشاب تقع عليه مهمة تجديد دعوة محمد بن عبد الوهاب وإعادة تأكيد الوهابية مع دحضن التطرف الديني بجميع أنواعه. لذلك اقترح إنشاء "حاضنة دينية لرؤية 2030” تضم نخبة من رجال الدين والمثقفين وعلماء الاجتماع وعلماء النفس، تعمل على وضع الخطوات اللازمة لتحقيق التحول في المجتمع السعودي من خلال وضع الخطوات اللازمة لاعتناق المجتمع السعودي ثقافة الوحدة الوطنية والمشاركة والوطنية وإنصاف المرأة السعودية، وضمان الحقوق المتساوية لجميع المكونات الإسلامية سواء من المكون السني، الشيعي، الإسماعيلي والأباضي، وحتى العلماني. وبنفس القدر من الأهمية، فإن تجديد الوهابية بما يتلاءم مع مقتضيات العصر والحداثة، سيعزز مكانة المملكة العربية السعودية ويدعم دورها في قيادة العالم الإسلامي. كما ستؤكد تلك العملية على السلطة الأخلاقية للسعودية كـ "قبلة" أي مرجعية للصلاة وقيادة لجميع المكونات الإسلامية سواء الشيعة أو السنة أو الإسماعيلية أو الأباضية أو المذاهب الأخرى. وبحكم وجود الحرمين الشريفين، سيجعل ذلك السعودية بمثابة جسرا لحلول جميع النزاعات الطائفية المتفشية في مجتمعات المنطقة، مما يكسبها مكانة وقوة سياسية تساعد على إحلال السلام في المنطقة. ومن شأن هذا التجديد أن يلعب دورا محوريا في نجاح رؤية عام 2030. وأعتقد أن القدر اختار الأمير محمد بن سلمان لهذه المهمة.
رسالة إلى الشعب الإسرائيلي ولجميع اليهود في العالم
وبعد وضع الخطوط العريضة للإمكانيات المحتملة والهائلة لدور الأمير محمد بن سلمان والقيادة السعودية في العالم الإسلامي، أود أن أثير قضية أخرى ذات أولوية كبيرة. أحب أن أوجه رسالة للشعب الإسرائيلي ولجميع اليهود في العالم أن كتابنا المقدس "القرآن الكريم" يؤكد أنكم جزء أصيل من المنطقة، فحضارتكم وتاريخ أجدادكم كان وما زال من تاريخ هذه المنطقة ودولتكم هي نتاج لهذا التاريخ والحضارة، الذي نلمسه أيضاً في العراق وسوريا ومصر واليمن ونجران وخيبر والمدينة المنورة.
إن سياسات النظام الإيراني تشبه إلى حد كبير سياسات النازية التي استهدفت إبادة شعبكم. فالنظام الإيراني والنازية وجهان لعلمة واحدة في العداء والكراهية لكم. ومع ذلك، يرجى أن تتأكدوا من أن السلام يمكن تحقيقه، وأن دوركم التاريخي في منطقتنا سيتأكد وذلك في إطار مبادرة السلام العربية. وستعزز هذه العملية أيضا تحقيق السلام مع إسرائيل في ظل المبادرة السعودية للسلام (العربية). وإذا ما تحقق ذلك، فإنه سيوفر المنطقة من النيران التي يغذيها النظام الإيراني، ويسمح أيضا للمملكة العربية السعودية أن تتشارك علنا مع التقدم التكنولوجي الكبير الذي تقدمه إسرائيل.
ومن أهم أولويات الأمير الشاب الأمير محمد بن سلمان مواجهة إيران للحفاظ على تاريخ ومصير المنطقة، فالواقع السياسي في المنطقة يؤكد أنكم ونحن في خندق واحد ضد الإرهاب الإيراني والتعصب الذي تدعمه طهران وتصدره إلى العالم. فليس من الوفاء لتاريخ أجدادكم وحضارتكم أن يكون موقفكم لا يتعدى المشاهدة بل يجب أن نتحد ونكون صوتا واحدا لمواجهة هذا الشر وإنقاذ ثقافتنا وحضارتنا من التهديد النازي الجديد في زعمها الإيراني، من أجل السلام.