- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
ثلثا الأردنيين يخشون مخططات أمريكا وإسرائيل؛ غير أن المشاكل المحلية تأتى في المرتبة الأولى
يشعر "الشارع" الأردني حاليًا بالرضا نسبيًا حيال وضع حكومته، على الرغم من – أو بالفعل تحديدًا بسبب – كل الاضطرابات المحيطة بها.
تُظهر نتائج استطلاع نادر للرأي العام الأردني أجرته شركة تجارية إقليمية رائدة في حزيران/يونيو قلقًا شعبيًا واسع النطاق حيال النقاش القائم بشأن ضمّ إسرائيل لأراضٍ في الضفة الغربية في سياق "خطة السلام" التي أعدّها الرئيس ترامب. فنسبة 68 في المائة من الأردنيين تعتبر أنه "يجب أن نقلق بسبب رغبة بعض الإسرائيليين والأمريكيين في تحويل بلدنا إلى الدولة الفلسطينية البديلة" – رغم أن هذا الأمر ليس في الحقيقة جزءًا من الخطة على الإطلاق. وينتاب ما يقرب من نصف الشعب الأردني هذا الشعور "إلى حدّ كبير". وما يثير الدهشة على نحو مماثل هو غياب أي اختلاف في توزيع المواقف هذا بين المناطق بشكلٍ كلي تقريبًا، بما في ذلك المنطقة الوسطى حيث الأغلبية من أصل فلسطيني والمنطقة الجنوبية حيث معظم السكان يتحدرون من الضفة الشرقية.
ابحث عن أحدث البيانات من الأردن هنا.
وفي ما يتعلق بخطة ترامب على وجه التحديد، تعبّر نسبة 5 في المائة فقط من الأردنيين عن رأي إيجابي "بعض الشيء" حتى حيالها. ومع ذلك، ترى نسبة أعلى بكثير من الأردنيين، (44 في المائة) أنه من المهم لبلدهم الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة. كما تعبر نحو نسبة 10٪ فقط من الأردنيين عن وجهة نظر إيجابية إلى حد ما تجاه "الانتخابات الإسرائيلية التي عقدت في أذار/ مارس الماضي" - أو توافق على أن من يرغب من الشعب في أن تربطه علاقات عمل أو روابط رياضية مع الإسرائيليين يجب أن يُسمح له بذلك.
لكن المفاجئ أن ثلث الأردنيين يقولون إن "مسؤولية استمرار الصراع تقع على عاتق الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء". وفي شأن متصل، وردًا على طلب ترتيب رغباتهم المرجوة من سياسة أمريكا حيال المنطقة بحسب الأولوية، اختارت أكثرية (38 في المائة) "الضغط من أجل التوصل إلى حل الدولتين لوضع حدّ للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي".
غير أن هذه المسألة برمتها ليست بأي شكل من الأشكال أولى أولويات الشعب. فأغلبية ضيّقة من الأردنيين تضع خطوات أمريكية أخرى في المقام الأول: "العمل على احتواء نفوذ إيران وأنشطتها" (25 في المائة)؛ "حماية الشعب السوري من أي هجمات" (19 في المائة)؛ أو "التوصل إلى تسوية دبلوماسية للحربين الدائرتين في اليمن وليبيا (10 في المائة)". فضلًا عن ذلك، تقول الأغلبية الساحقة – 82 في المائة – إنه "في الوقت الراهن، تُعتبر الإصلاحات السياسية والاقتصادية الداخلية أهم لبلدنا من أي مسألة سياسة خارجية".
وحيال هذه المسائل الداخلية، يؤيد نصف الأردنيين تقريبًا – وهي نسبة أكبر بكثير من تلك التي سجلها المصريون في إطار استطلاع ذي علاقة أجري هناك – عمومًا سياسات حكومتهم المطبقة في الوقت الراهن. على سبيل المثال، ووسط أزمة فيروس كورونا، تعتبر نسبة 43 في المائة من الأردنيين أن السلطات تبذل "الجهد المطلوب" من أجل "ضمان صحة شعبها وحصوله على الرعاية الطبية". وتلقي نسبة أعلى بقليل (49 في المائة) فعليًا اللوم على جهات خارجية لتسببها بهذا الوباء مجمعةً على أن "فيروس كورونا هو فيروس أطلقه عمدًا أعداؤنا في الخارج".
كما يشعر نصف الأردنيين بالرضا عن مقاربة حكومتهم الحالية إزاء تحديين رئيسيين آخرين: الحفاظ على القانون والنظام؛ والحؤول دون التطرف الديني. غير أن أحد المجالات التي تشهد نسبة موافقة شعبية متدنية للغاية هو مسألة "أخذ [الحكومة] الرأي العام في الحسبان حيال سياساتها" – حيث 39 في المائة فقط ترى أن الحكومة الأردنية تبلي بلاء حسنًا.
واستنادًا إلى هذه الإحصاءات، يمكن تفهّم قول نصف الشعب الأردني إنه "من الجيد أننا لا نشهد أي تظاهرات كبيرة في الشارع حاليًا كما هي الحال في بعض الدول العربية الأخرى". وعلى نحو مماثل، يتفق أكثر من النصف بقليل (54 في المائة) على هذا الرأي: "حين أفكر في ما يجري في كل من اليمن أو سوريا، أشعر بأن الوضع هنا ليس سيئًا للغاية".
إذًا في الإجمال، يشعر "الشارع" الأردني حاليًا بالرضا نسبيًا حيال وضع حكومته، على الرغم من – أو بالفعل تحديدًا بسبب – كل الاضطرابات المحيطة بها. فمعارضة العاهل الأردني العالية النبرة إزاء خطط إسرائيل لضمّ الضفة الغربية تستجيب للقلق الواسع النطاق ولكن ليس الملّح الذي يشعر به شعبه حيال توقعات الأردن على المدى الطويل في إطار هذا السيناريو. ويبدو أن التركيز الشعبي الحالي على المشاكل الداخلية يمنح عمّان هامشًا سياسيًا كبيرًا نوعًا ما للمناورة.
استُخلصت هذه النتائج من استطلاع أجرته وجهًا لوجه في حزيران/يونيو 2020 شركة تجارية موثوقة للاستطلاعات تتمتع بمؤهلات وخبرة واسعة، مع عينة تمثيلية وطنية شملت ألف مواطن أردني. فقد تمّ اختيار المستطلعين بحسب أساليب الأرجحية الجغرافية المعيارية الصارمة. يُذكر أن للكاتب تجربة شخصية مباشرة تمتد على 30 سنة مع هذه الشركة وهو على ثقة تامة بمؤهلاتها الفنية ونزاهتها وضوابط الجودة التي تعتمدها. ويناهز هامش الخطأ الإحصائي للعينة الإجمالية 3 في المائة؛ وهو أكبر بعض الشيء بالنسبة للعينات الثانوية الرئيسية بحيث يبلغ حوالي 5 في المائة.