- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
الإماراتيون ينقسمون بشأن القوى العالمية ويتشبثون برأيهم حول "اتفاقات أبراهام"
عند استطلاع آرائهم، أظهر الإماراتيون دعمهم لاتفاق نووي متجدد مع إيران، ومعارضة للجماعات الإسلامية.
بعد أن كانوا أول من افتتح "اتفاقات أبراهام" المبرمة العام الفائت، شكّلت نظرة الإماراتيين إلى هذا السلام الجديد بين الإمارات وإسرائيل سؤالًا مفتوحًا. وكشف الاستطلاع الذي أجراه "معهد واشنطن" بين حزيران/يونيو وتموز/يوليو 2021، أنه في حين لا تؤيد أغلبية الإماراتيين اتفاقات السلام، إلا أن نسبة الذين لديهم نظرة إيجابية إزاء هذه المسائل لا تزال ثابتة، حتى أنها ازدادت في بعض الحالات. غير أن الموضوع الأكثر رواجًا هو احتمال العودة إلى الاتفاق النووي بين إيران ودول الخمسة زائد واحد. في المقابل، انقسمت الآراء بشأن أهمية العلاقات مع قوى على غرار الولايات المتحدة والصين – حيث أن نصف المستطلعين تقريبًا يقيّمون العلاقات مع كل من هذين البلدين، في حين الأغلبية الكبيرة تقدّر العلاقات مع شركاء إقليميين كمصر والأردن.
الإماراتيون يدعمون "اتفاقات أبراهام" أكثر مما يفعل السعوديون والبحرينيون
من بين الأسئلة البارزة التي أعقبت التصعيد في أيار/مايو بين إسرائيل وحركة "حماس" كان كيف يمكن لهذا الصراع أن يؤثر على آراء العرب إزاء "اتفاقات أبراهام" الحديثة العهد. بالنسبة للإماراتيين، على الأقل، يبدو أن هذا الصراع لم يترك أثرًا يُذكر.
تجدر الملاحظة أن أيًا من "السلطة الفلسطينية" في رام الله أو "حماس" في غزة يُنظر إليهما بشكل إيجابي على نحو خاص، حيث يحظيان بنسبة 22 في المائة و24 في المائة على التوالي. فضلًا عن ذلك، تراجع فعليًا التأييد لحركة "حماس" بواقع 8 نقاط مئوية منذ تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، ونصف الآراء الإيجابية المستطلعة التي بلغت 48 في المائة في 2017. والملفت أن أكثرية الإماراتيين (41 في المائة) أصبحوا ينظرون إلى "حماس" بسلبية – النسبة الأكبر من أي دولة خليجية أخرى شملها الاستطلاع. كذلك، يبدو أنه ثمة اختلاف بين الأجيال من حيث تأييد الحركة. فدعم "حماس" في أوساط الإماراتيين دون سنّ الثلاثين هوى بواقع 12 نقطة مئوية – من 22 في المائة إلى 34.
ويتجلى التراجع في الآراء إزاء الجماعات الإسلامية في الاستطلاع حول تأييد "الإخوان المسلمين" – وهي جماعة محظورة رسميًا في الإمارات. وعلى هذا الصعيد أيضًا يتواصل المنحى التراجعي في التأييد من 31 في المائة عام 2018 إلى 16 في المائة في أحدث استطلاع.
على نحو مماثل، كان الإماراتيون الأقل ترجيحًا من بين مواطني الدول الخليجية المستطلعة لدعم إطلاق "حماس" صواريخ باتجاه إسرائيل خلال التصعيد بين الطرفين في أيار/مايو. ومقابل نسبة 41 في المائة التي تدعم هذه الخطوة، تحظى اتفاقات السلام بين إسرائيل والدول العربية بدعم متساوٍ تقريبًا عند 44 في المائة. في الموازاة، يدعم أكثر من الثلث بقليل (أي 37 في المائة) "الاتصالات التجارية أو الرياضية مع الإسرائيليين" – في زيادة ملحوظة عن 14 في المائة ممن كانت نظرتهم إيجابية حين أجابوا على الاستطلاع قبل عام في حزيران/يونيو 2020.
تعليق أهمية أكبر على الشركاء الإقليميين من القوى العالمية
من حيث ترتيب العلاقات بحسب الأولوية، يعتبر ثلثا الإماراتيين العلاقات مع بعض الشركاء الإقليميين –وبخاصةٍ مصر والأردن– مهمة إلى حدّ ما على الأقل. ورغم أن العلاقات مع العراق لا تحظى بالنسبة الكبيرة نفسها، إلا أن 45 في المائة من الإماراتيين يعتبرونها مهمة. في المقابل، وفي حين اتخذت الحكومة الإماراتية خطوات لتطبيع العلاقات مع سوريا وانتهى الحصار على قطر، لا يقدّر معظم الإماراتيين العلاقات مع أي من هاتين الدولتين. وحوالى الربع (أي 23 في المائة) يعتبرون العلاقات مع سوريا مهمة إلى حدّ ما على الأقل، في وقت تثمّن فيه نسبة 28 في المائة العلاقات مع قطر.
وحين يتعلق الأمر بالمنافسة بين القوتين العظمتين –الولايات المتحدة والصين– فإن الآراء بشأن أهمية العلاقات مع هاتين الدولتين تبقى متقاربة، ولكنها تنقسم في أوساط الإماراتيين، حيث أن 51 في المائة و47 في المائة على التوالي يولون بعض الأهمية لهذه العلاقات. غير أن تغيير الإدارات لا يبدو أنه لعب دورًا كبيرًا: فلم يتغير عدد المستطلعين الذين اعتبروا العلاقات مع الولايات المتحدة مهمة بشكل كبير بين إدارتي ترامب وبايدن. وعند استطلاعهم، رأت أغلبية محدودة (53 في المائة) من الإماراتيين أن التغيير من ترامب إلى بايدن إيجابي. وعليه، من المرجح أن يدعم المزيد من الإماراتيين المضي بإبرام اتفاق نووي بين إيران والقوى العظمى، حيث تعتبر نسبة 61 في المائة أن العودة إلى الاتفاق هي تطوّر إيجابي بعض الشيء.
الإصلاحات المحلية والعوامل الديمغرافية
ثمة شبه إجماع بين معظم الإماراتيين عندما يتعلق الأمر بالتركيز على الإصلاحات الاقتصادية - 74 في المائة يتفقون على أن الإصلاحات السياسية والاقتصادية الداخلية أهم من مسائل السياسة الخارجية، ويقولون إنه "يجب ألا نشارك بأي حروب تدور خارج حدودنا". غير أن معظمهم أيضًا يُسرّ بواقع أن بلادهم لا تشهد احتجاجات كما يحصل في لبنان والعراق – رغم أن 23 في المائة لا تزال تعارض فكرة أنه "من الجيد" أن شوارع الإمارات لا تشهد احتجاجات مماثلة. ومن الأقل ترجيحًا أن يدعم الإماراتيون "إسلامًا أكثر اعتدالًا" مقارنة مع السعوديين أو البحرينيين، حيث أن 33 في المائة فقط من الإماراتيين يدعمونه مقابل 39 في المائة من السعوديين و51 في المائة من البحرينيين. غير أن الأقلية الشيعية من الإماراتيين أكثر ميلًا بقليل إلى دعم هذا الاقتراح الذي يحظى بموافقة 42 في المائة.
مع ذلك، فإن الاختلافات في الآراء بين إجابات الأغلبية السنية والأقلية الشيعية من الإماراتيين ضئيلة عمومًا. فهي يمكن أن تتباين بشأن مسائل تتعلق بإيران والقوى العالمية. على سبيل المثال، في حين تؤيد أكثر من الربع بقليل من أصوات الشيعة "حزب الله"، لا يبدِ المستطلعون السنّة أي تأييد على الإطلاق. على نحول مماثل، وعلى غرار الأقليات الشيعية الأخرى، من المرجح إلى حدّ كبير أن يعتبر الشيعة الإماراتيون العلاقات مع إيران مهمة، رغم أنه في هذه الحالة الاختلاف ليس صارخًا بشكل كبير، حيث إن 19 في المائة فقط من الشيعة مقابل 8 في المائة من السنّة المستطلعين يعبرون عن هذا الرأي. علاوةً على ذلك، لا يتجاوز الفرق في الآراء التسع نقاط حين يتعلق الأمر بالنظر بإيجابية إلى مفاوضات دول الخمسة زائد واحد مع إيران، رغم أن 70 في المائة من الشيعة يعتبرون هذه المساعي إيجابية.
ظهرت أيضًا اختلافات بسيطة حول أهمية القوى العالمية الأخرى. وبشكل خاص، يقدّر الشيعة العلاقات مع الصين بحيث تحظى هذه الأخيرة بتأييد 53 في المائة منهم مقابل 46 في المائة من المستطلعين السنّة. في الموازاة، يثمّن عدد أقلّ نسبيًا من الشيعة (42 في المائة) العلاقات مع الولايات المتحدة مقابل الأغلبية السنّية (51 في المائة).
حتى أن الاختلافات في الرأي بين الأجيال محدودة. فباستثناء الحالات المشار إليها أعلاه، ما من اختلاف ملحوظ في رأي الجيل الأصغر سنًا من الإماراتيين (بين 18 و29 عامًا) عمّن يتخطون الثلاثين.