- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
استطلاع للرأي في البحرين يُظهِر انشقاقًا حول السلام مع إسرائيل، لكنّ الانقسام بين السنة والشيعة ضئيل
عند استطلاع الآراء، تشابهت وجهات نظر السنة والشيعة في البحرين بشكلٍ لافتٍ حول عددٍ من المسائل الأساسية المتعلقة بالسياسة الخارجية، والمتراوحة من إسرائيل إلى إيران.
يَكشف استطلاعٌ جديدٌ للرأي العام أُنجِز الشهر الماضي في البحرين نيابةً عن "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" أنّ مواطني البلاد البالغ عددهم 700000 نسمة منقسمون بالتساوي تقريبًا حول اتفاق السلام الجديد الذي أبرمته البحرين مع إسرائيل: فيوافق عليه حوالي نصف العدد، فيما يعترض عليه النصف الآخر. إلّا أنّ الربع فحسب يعارض بشدّة "اتفاقات أبراهام". وتتشابه البيانات كثيرًا في الدراسات الاستقصائية المتزامنة التي أُجريَت في السعودية والإمارات وقطر، مشيرةً بشكلٍ فعلي إلى استبعاد احتمال حدوث توتّر داخلي كبير في دول الخليج العربي بشأن هذه المسألة التي كانت محرّمة سابقًا.
ما يهمّ أيضًا، على الرغم من الاضطرابات السياسية والاجتماعية الداخلية بين الأقلية السنية الحاكِمة والأغلبية الديموغرافية الشيعية في البحرين، هو أنّ مواقفهما على التوالي إزاء إسرائيل وإيران ومسائل حساسة أخرى متعلقة بالسياسة الخارجية متشابهة بشكلٍ مفاجئ. وتُبشّر هذه النتيجة غير المتوقَّعة أيضًا بأمن هذه الجزيرة الصغيرة واستقرارها، حتى في الفترة الراهنة التي تشهد تغيّرًا سياسيًّا إقليميًّا.
انقسام للرأي العام البحريني حول السلام مع إسرائيل– إنما ليس وفق الخطَين الطائفيَين
تتباين آراء كلٍّ من السنة والشيعة في البحرين حول اتفاقات السلام و"التطبيع" الأخيرة بين إسرائيل والإمارات والبحرين. فضمن الشريحة السنية الحاكِمة من المجتمع، يقول 45% إنّ هذه الاتفاقات إيجابية، فيما يعتبرها 50% سلبية. والأرقام القابلة للمقارنة بين الأغلبية الشيعية البحرينية هي نفسها تقريبًا: فـ 44% منها إيجابية؛ و50% منها سلبية. وغياب الفرق بين آراء المواطنين السنة والشيعة حول هذه المسألة ينعكس أيضًا في إجابات السعوديين والإماراتيين على هذا السؤال عند مقارنة الطائفتَين.
في سياقٍ مماثلٍ، يُعرب حوالي 40% من كلا السنة والشيعة في البحرين عن رأيٍ إيجابيٍّ "نوعًا ما" على الأقل بشأن حركة "حماس"، وهي الحركة الفلسطينية الأصولية التي تحكم غزة وترفض السلام مع إسرائيل. ومع ذلك، تُعرب الأغلبية الضئيلة (55%) من كلا الطائفتَين البحرينيتَين عن رأيٍ سلبي بشأن الحركة.
أقل من الثلث يرون أنّ النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي يشكّل أولويةً إقليميةً أساسيةً بالنسبة إلى الولايات المتحدة
من أصل الخيارات الأربعة المُتاحة، قالت أكثرية المجيبين الشيعة (32%) وقال 24% من المجيبين السنة إنه يتوجب على الولايات المتحدة أن تدفع نحو إيجاد حلٍّ للنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي كبندٍ ذي أولوية قصوى على جدول الأعمال. وما يهمّ في الدرجة الثانية بالنسبة إلى المجيبين الشيعة هو إيجاد حل دبلوماسي للحرب في كلٍّ من ليبيا واليمن. وبالنسبة إلى السنة، تمثلت الإجابة الأكثر شعبية في توفير المزيد من المساعدات الاقتصادية والاستثمارات في البلدان العربية. وما لا يثير الدهشة هو ظهور بعض الاختلاف الطائفي بين المجيبين السنة (23%) والشيعة (10%) حول أولوية الخيار الرابع: أي "العمل على احتواء أنشطة إيران الإقليمية".
الأغلبية الضئيلة تريد التوصل إلى تسوية مع قطر
في ما يخص إحدى المسائل الإقليمية الجدلية الأخرى الأكثر صلة، يقول 55% من البحرينيين إنّ "السبيل إلى حل الخلافات بين قطر والدول العربية الأخرى هو أن يتنازل كلا الطرفين للتوصل إلى اتفاق". وتُوافق على ذلك أغلبية القطريين أيضًا – بحسب استطلاعٍ موازٍ للآراء أُجري في قطر – إلى جانب أغلبية السعوديين (65%) والإماراتيين (59%).
الشيعة في البحرين يؤيّدون إيران أو "حزب الله" أو الحوثيين بنِسَب أكبر قليلًا فحسب
يعتقد مجرد 10% من السنة أنّ إيران هي شريكة مهمة في العلاقات الخارجية البحرينية، وهو أمرٌ يلقى دعمًا أكبر بكثير من الشيعة ولو تشكل نسبة المؤيدين الأقلية (21%). ويظهر اختلاف طائفي بسيط مشابه تقريبًا في مسألة أخرى وهي إنهاء حظر الأمم المتحدة للأسلحة التقليدية على إيران ابتداءً من منتصف تشرين الأول/أكتوبر، وهذه مسألة ذات صلة ومحددة وحادثة فعلًا في أوانها. فيرى 39% من الشيعة البحرينيين ذلك بمثابة تطوّرٍ إيجابي، مقارنةً بمجرّد 27% من السنة في البلاد.
إنّ النِسَب المؤيدة لحلفاء إيران الإقليميين أعلى نوعًا ما بين الشيعة: فيحظى "حزب الله" بنسبة 28% والحوثيون بنسبة 21%، مقارنةً بمجرّد 2% لـ"حزب الله" و4% للحوثيين بين البحرينيين السنة. وعلى سبيل المقارنة، لا يؤيد أي مشارك شيعي في الاستطلاع جماعة "الإخوان المسلمين" السنية الأصولية – التي يؤيدها 28% من المشاركين السنة في الاستطلاع.
الاختلاف بين الجيلَين ضئيل أيضًا بشكلٍ مدهش
تشير إحدى النتائج الأخرى التي قد لا تبدو بديهية إلى أنّ الراشدين البحرينيين البالغين من العمر أقل أو أكثر من 30 عامًا يعربون عن مواقف لا تختلف إلا قليلًا – حتى في ما يخص المسائل التي تبدو مرتبطة بالعمر. فعلى سبيل المثال، تؤيد نسبة 70% من المجموعة الأصغر عمرًا التي جرى استطلاع الآراء فيها "القواعد الجديدة التي تسمح بالأفلام والحفلات الموسيقية وقيادة النساء للسيارات في السعودية" المجاورة جدًا للبحرين؛ وتعرب النسبة ذاتها تقريبًا (63%) من الجيل الأكبر عن حس التأييد نفسه.
على نحوٍ مماثلٍ، في ما يتعلق بإسرائيل، تضيق الفجوة بين الجيلَين في البحرين فعليًّا إلى حدٍّ كبير. فيوافق 40% من الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا مثلًا على أنّه "يجب السماح لمَن يرغب في مزاولة الأعمال أو إنشاء علاقات رياضية مع الإسرائيليين بالقيام بذلك". والنسبة المقابلة من الراشدين الذين يفوق عمرهم 30 عامًا هي عينها تقريبًا وتبلغ 37%.
تُعتبَر الصين معادلة للولايات المتحدة على صعيد العلاقات البحرينية؛ ولم يرغب سوى الثلث في فوز ترامب
ينظر حوالي نصف كلٍّ من البحرينيين السنة والشيعة الذين جرى استطلاع آرائهم إلى الولايات المتحدة كدولة أجنبية "مهمة". وكان الانقسام بين السنة والشيعة متساويًا أيضًا (45% و47%) حول أهمية العلاقات مع الصين. وعلى سبيل المقارنة، اعتبر27% من السنة و24% من الشيعة فحسب أنّ تركيا مفيدة لعلاقات البلد الخارجية.
على صعيد إحدى المسائل ذات الصلة المرتبطة بالعلاقات مع الولايات المتحدة، يبدو أنّ عامة البحرينيين يختلفون نوعًا ما مع حكامهم. فلا يوافق سوى ثلث البحرينيين على أنه "من الأفضل إجمالًا لبلدنا أن يُعاد انتخاب دونالد ترامب كرئيسٍ للولايات المتحدة". وفي المقابل، اعتُبر عمومًا أنّ النخبة الحاكمة في البحرين تفضّل النهج القاسي الذي انتهجه ترامب إزاء إيران وتَودُّد إدارته الناشط إلى الحكومات الملكية في الخليج العربي.
ملاحظة حول المنهجية
تم استخلاص هذه النتائج من استطلاع أجرته شركة إقليمية لأبحاث السوق التجارية مرموقة السمعة ومستقلة وغير سياسية بين 17 تشرين الأول/أكتوبر و9 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، مع عينة وطنية تمثيلية من 1000 مواطن بحريني. وبخلاف معظم الاستطلاعات الأخرى، تضمّن هذا الاستطلاع مقابلات فردية أُجريَت وجهًا لوجه مع عينة عشوائية فعلية (الأرجحية الجغرافية) من مجموع السكان، وأفضى بذلك إلى نتائج موثوقة تتماشى تمامًا مع أعلى المعايير المهنية الدولية.
يوازي هامش الخطأ الإحصائي لمثل هذه العينة نحو 3 في المائة؛ في حين يناهز 4.5 في المائة بالنسبة إلى العينتَين الفرعيتَين من الجيلَين والطائفتَين. إن التفاصيل الشاملة عن المنهجية، بما في ذلك إجراءات أخذ العينات وضوابط الجودة والاستبيان الكامل وغيرها من المعلومات ذات الصلة، متاحة عند الطلب.