- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
استطلاع سعودي جديد: اعتبار الولايات المتحدة والصين وروسيا شركاء مهمين
مع نظرة السعوديين لأهمية العلاقات مع القوى العظمى، يظل الجمهور السعودي معاديا لإيران بينما يكون معاديا بدرجة أقل تجاه إسرائيل أو تركيا.
يُظهر استطلاع نادرٍ للرأي العام السعودي، أُنجز بطلبٍ من "معهد واشنطن" وأجرته شركة تجارية إقليمية مستقلة خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2021- رابطًا افتراضيًا ثلاثي الاتجاهات بين القوى الكبرى يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة للسعودية. وتتقدم الصين بهامش ضيّق للغاية، حيث نصف الشعب تمامًا يعتبر أن العلاقات الجيدة معها "مهمة". وتأتي الولايات المتحدة وروسيا وراءها بحيث كانت متقاربة إحصائيًا وحصدت 44 و45 في المائة. وتؤكّد هذه الأرقام نمطًا بقي مستقرًا عمومًا خلال السنوات العديدة السابقة.
ويتأتى دليل إضافي ضمن هذه النتائج من سؤال مقارن صريح تمّ طرحه للمرة الأولى. فقد سُئل المستطلعون عن رأيهم بهذه المقولة: "لم يعد بإمكان بلدنا الاعتماد على الولايات المتحدة هذه الأيام، لذا يجب أن نتطلع أكثر فأكثر إلى روسيا أو الصين لتكونا شريكتين". وينقسم السعوديون بشكل متساوٍ تمامًا حول هذا الرأي: 49 في المائة يؤيدونه و49 في المائة لا يوافقون.
وتعكس المواقف حيال سياسات محددة تعتمدها القوى العظمى هذه الصورة المتباينة. فنصف السعوديين ينظرون باستحسان إلى "زيادة الاستثمارات الصينية في العديد من الدول العربية". كما أن ما دون النصف تقريبًا (أي 45 في المائة) يؤيدون أيضًا "الازدياد في مبيعات الأسلحة الروسية إلى العديد من الدول العربية في الآونة الأخيرة".
أولويات إزاء سياسة الولايات المتحدة: انقسام متساو بين إيران وفلسطين والديمقراطية وغيرها
بالنسبة للسياسات الأمريكية في الشرق الأوسط، تعتبر نسبة مفاجئة بلغت ثلثيْ السعوديين انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان بمثابة ميزة إضافية للمنطقة. وعلى نحو مماثل، عند سؤالهم عن "موافقة الولايات المتحدة على إبقاء نحو ألف مستشار عسكري في العراق"، كان رأي 73 في المائة من السعوديين سلبيًا. ولدى طلب رأيهم بشأن أبرز أولويات السياسة الأمريكية في المستقبل، أظهرت بيانات الاستطلاع انقسامًا رباعي الاتجاهات شبه متساوٍ بين الخيارات التالية: احتواء إيران أو حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي أو إنهاء الحروب الأهلية في اليمن وليبيا أو "تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في الدول العربية". هذا ولم يتغير هذا التنوع بين الأولويات الشعبية كثيرًا بالمقارنة مع أسئلة مشابهة تمّ طرحها خلال السنوات العديدة الماضية.
شعبية إيران لا تزال متدنية للغاية رغم تأييد 40 في المائة للانفتاح الدبلوماسي
تُعتبر إيران مسألة رئيسية أخرى في السياسة الخارجية تستقر الآراء السعودية بشأنها عمومًا – وهي آراء سلبية إلى حدّ كبير. فنسبة 13 في المائة فقط تعتبر أن العلاقات الجيدة مع إيران "مهمة نوعًا ما" بالنسبة للسعودية. أما الأغلبية (61 في المائة)، فتعتبر انتخاب إبراهيم رئيسي رئيسًا لإيران في حزيران/يونيو الفائت تطوّرًا سلبيًا.
توافق أغلبية أكبر حتى (71 في المائة) من السعوديين على هذا الاقتراح الاستفزازي المتعمد: "حيث تتدخل إيران، تلحق الضرر بالعرب المحليين ولا تساعد الفلسطينيين". وتعبّر أغلبية أصغر (57 في المائة) عن تقييم سلبي لـ"المحادثات الدبلوماسية السعودية-الإيرانية حول بعض التفاهمات بينهما"؛ في حين تعرب نسبة 39 في المائة عن رأي إيجابي. وعلى سبيل المقارنة، يدعم نصف الشعب السعودي التقارب مع تركيا؛ بينما تشعر نسبة 22 في المائة فقط بالمثل إزاء نظام الأسد في سوريا. وناهيك عن أهميتها الأساسية، تبيّن هذه الآراء المنقسمة أن الكثير من السعوديين على استعداد للتعبير عن آراء خاصة تختلف عن الموقف الرسمي.
40 في المائة تقبل بالتواصل مع إسرائيل وسط اعتراض واسع النطاق على التطبيع الرسمي
في ما يتعلق بإسرائيل، أصبح موقف الشعب السعودي أقلّ سلبية نوعًا ما، رغم أن الأغلبية لا تزال تعارض التطبيع. وتوافق نسبة 38 في المائة على أنه "يجب السماح للراغبين في إقامة علاقات مع الإسرائيليين في مجال الرياضة أو الأعمال بذلك". ويعتبر ثلث السعوديين أن "استبدال نتنياهو كرئيس للوزراء" تغيير إيجابي؛ وكانت المفاجأة أن نسبة متساوية تعبّر عن المثل إزاء "الصفقات الاقتصادية الجديدة بين الأردن ومصر وإسرائيل".
مع ذلك، لا يزال الجمهور السعودي معترضًا عمومًا على التطبيع الكامل والرسمي للعلاقات مع الدولة اليهودية. فنسبة 16 في المائة فقط تنظر بإيجابية إلى "اتفاقات السلام بين إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب والسودان"؛ وهو ما يعتبر انخفاض مفاجئ وغير مبرر منذ آخر استطلاع تم في تموز/يوليو 2021، عندما أعرب 36٪ عن دعمهم للاتفاقيات.
وعبّرت نسبة منخفضة على نحو مماثل (13 في المائة) في هذا الاستطلاع الأحدث، عن نظرة إيجابية إزاء "المؤتمر الذي عُقد في الآونة الأخيرة في إربيل، العراق الذي دعا إلى السلام مع إسرائيل". ويساعد التناقض بين الأقلية الكبيرة التي تؤيد الصفقات العملية مع إسرائيل والأقلية الصغيرة التي تؤيد العلاقات الرسمية المفتوحة على فهم السياسات الحذرة على نحو متساوِ للحكومة السعودية إزاء هذه المسألة الحساسة.
نصف السعوديين يرون أن خطوات محاربة الفساد والمحسوبية غير ملائمة ومع ذلك قلّة تدعم الاحتجاجات
في ما يتعلق بالمسائل المحلية، فإن الفساد يقضّ مضجع السعوديين أكثر مما تفعل الظروف الاقتصادية عمومًا – ويهتمون إلى درجة أقل بالخصوصية أو الحريات الفردية. وترى أغلبية ضيّقة (56 في المائة) أن حكومتهم "لا تقوم بالكثير" من أجل "خفض معدل الفساد في حياتنا الاقتصادية والسياسية". وتعبّر نسبة أقل بعض الشيء (47 في المائة) عن وجهة النظر نفسها إزاء الخطوات الرسمية الرامية إلى "مشاركة عبء الضرائب وغيرها من الموجبات تجاه الحكومة بطريقة عادلة". غير أن الأهم من وجهة نظر السياسة هو أن ثلاثة أرباع السعوديين يوافقون على المقولة التالية: "من الجيد أننا لا نشهد احتجاجات كبيرة في الشارع ضد الفساد، كما يحصل في دول عربية أخرى".
في المقابل، 38 في المائة فقط من الشعب يرى أن السلطات السعودية تقوم "بالقليل" من أجل "التعامل مع المشاكل الاقتصادية المتنامية والمشقات اليومية في حياة الناس". حتى أن نسبة أقل (29 في المائة) تعبّر عن رأي سلبي إزاء موقف حكومتها من "حماية الحريات وخصوصية المواطنين الأفراد". وتشير هذه النتائج إلى تفاوت كبير بين وجهات النظر السعودية والأجنبية حول أهمية هذه المخاوف.
والحال أن هذا الاستطلاع يكشف – كما في الماضي القريب في ما يتعلق بكل هذه المسائل – اختلافات ضئيلة فقط في المواقف بين من هم فوق سنّ الثلاثين ومن هم دون هذا العمر – أو بين السعوديين السنّة ونسبة العشرة في المائة فقط من الأقلية الشيعية في المملكة. ويصح الأمر نفسه إلى حدّ كبير في ما يتعلق بالمواقف بين الأجيال أو الطوائف إزاء مسائل السياسة الخارجية، سواء حيال إيران، أو العراق، أو إسرائيل، أو الولايات المتحدة.
ملاحظة حول المنهجية
استُخلصت هذه النتائج من مقابلات أجرتها وجهًا لوجه في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 شركة موثوقة للاستطلاعات تتمتع بمؤهلات وخبرة واسعة، مع عينة تمثيلية وطنية شملت ألف مواطن سعودي. فقد تمّ اختيار المستطلعين بحسب أساليب الأرجحية الجغرافية المعيارية الصارمة، بحيث يناهز هامش الخطأ الإحصائي للعينة الإجمالية 3 في المائة تقريبًا. يمكن توفير التفاصيل الإضافية عن المنهجية، بما فيها تفاصيل الاستبيان الكامل والمعلومات الديمغرافية، عند الطلب.